بقلم- ويليام كيجان
حتى في ذروة المعجزة الاقتصادية في السبعينيات والثمانينيات، كان صناع السياسة اليابانيون واعين جدا لعوز الدولة الى ثروة الموارد الطبيعية. لذا، زادوا التصدير ليجدوا المال اللازم لشراء الطاقة.
ولقد أثمرت الكارثة الثلاثية في اليابان- الزلزال والتسونامي والتسريب الإشعاعي- أثمرت بالإضافة الى موجة التعاطف الإنساني الكبيرة التي اجتاحت العالم، فيضانا من التوقعات بخصوص التأثيرات المحتملة للكارثة على الاقتصاد العالمي.
ومع هذا، وكما بينت لنا حقا الأزمة المالية الأخيرة التي ضربت العالم، يجب على الاقتصادات والمالية أن يكونوا خدام العالم وليس أسياده. ومن كثرتها، تاه مني عدد التقييمات التي قرأتها عن تبعات حركة الين الياباني، وعن سلسلة الإمدادات العالمية.
لكن أحد الجوانب البارزة لردة الفعل من الكارثة هو إشارات المعلقين الى العام 1945، عام نهاية الحرب العالمية الثانية، وإسقاط القنبلة الذرية على هيروشيما و نجازاكي. وكل هذه الإشارات أشبه في رؤيتي الى تذكرة لنا، ولمن هم لا يعرفون الكثير عن اليابان، بمدى انكشاف اليابان على الكوارث منذ ذلك الحين.
ولقد استفادت أوروبا من خطة مارشال الاقتصادية المعروفة، واستفادت من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. واستفادت اليابان من جهود إعادة الإعمار التي بذلتها أمريكا، تكفيرا منها عن فعلتها الشنيعة. وعندما قمت بأول زيارة لي لليابان، في أواخر السبعينيات، كان هناك شكل من أشكال الأحجية التي ربطها الغرب باقتصاد اليابان وبالدولة نفسها. واكتسب الاقتصاد الياباني، والذي كان ينظر له على أنه منتج لآلات ومنتجات جيدة، اكتسب الكثير من الإعجاب العالمي.
وفي طريقها في بدايات عقد الثمانينيات كانت اليابان موضع حسد بقية دول مجموعة السبع الكبار، وأقر الجميع بامتلاك وزارة التجارة الخارجية اليابانية قوى سحرية. وأصبح السؤال:" كيف يفعل ذلك اليابانيون؟" سؤال كثير الورود والتكرار.
لكن في هذه الأثناء أيضا، كانت اليابان موضوعا للكثير من الانتقادات الحادة من بقية دول مجموعة السبع الكبار، بسبب نهجها فيما يتعلق بالتجارة الخارجية؛ ففي أمريكا، والتي ساعدت اليابان في أن تنهض بعد الحرب العالمية الثانية، كانت اليابان موضوع عداوة شديدة وخوف، بسبب صورة نجاحها الاقتصادي في ذهن الأمريكان.
لكن اتضح أن صناع السياسة اليابانيين لا يمتلكون أية عصا سحرية. هم عملوا بجد، وانتقلوا من التقليد الى الابتكار، و زودوا العالم بالكثير من المنتجات المألوفة المشهورة. بل إن هناك من يقول إن أساليب الإدارة اليابانية، والاستثمار الياباني في بريطانيا، على نفس القدر من الأهمية مقارنة بحكومة تاتشر نفسها فيما يخص تحسين الأداء الصناعي البرطياني بعد الدمار الذي تعرضت له السياسات النقدية البريطانية في بداية الثمانينيات.
ومع هذا، ظل صناع السياسة الاقتصادية اليابانيون يشعرون أنهم يديرون اقتصادا محاصرا، عرضة للتخبط بسبب ما حظيت به البلاد من فقر في الموارد الطبيعية وبسبب اعتمادها على النفط المستورد. لذا، بذلوا ما في وسعهم لتنمية الصادرات الى الخارج من أجل توفير المال اللازم لشراء مصادر الطاقة، والتمكن من الاستثمار في الطاقة النووية.
ثم وقعت بعض الزلات في سياسة الاقتصاد الكلي. وحاليا، تعقد المقارنات الأبرز بين زلزال كوبي الذي وقع العام 1995 وما تبعه من جهود إعادة إعمار والزلزال الأخير وما سيتبعه من جهود إعادة إعمار. لكن قبل زلزال كوبي كانت هناك نهضة في أسعارالأصول، تسبب انهيارها في نوع من "الركود المتوازن" والذي أصبحت الدول الأخرى في مجموعة السبع الكبار تألفه بعدها. وارتكبت آلة السياسة الاقتصادية ذلك الخطأ القاتل عندما ضاعفت تقريبا ضريبة القيمة المضافة ذلك العام الذي انفجرت فيه فقاعة أسعار الأصول، الأمر الذي كان له الدور الأكبر في مرور اليابان بما يعرف بالعقد الضائع، والذي مازال حديثا عنه يدور حتى الآن.
ومع هذا، كانت فترة نهاية التسعينيات، وخلال زيارة لي لليابان، هي المرة الأولى التي سمعت فيها مصطلح " الكساد الذهبي": وهو تلك العقود التي اعتبرت عقودا ضائعة، لكن كانت مستويات المعيشة فيها مرتفعة.
وهذا يعود بي الى واحدة من النقاط الشائقة الكثيرة التي أثارها الرئيس السابق للبنك المركزي الألماني، الدكتور أكسل فيبر، في خطاب له في لندن مؤخرا، ألقاه أمام حفل العشاء السنوي لجمعية "اقتصاديو الشركات".
وبعد أن استطرق الدكتور الى بعض التناقضات الطريفة بين النمو ومعدل التضخم الألمانيين ومثيليهما البريطانيين في العام 2010- في المانيا: النمو 3.5 بالمئة والتضخم 1.25 بالمئة، وفي بريطانيا: النمو 1.25 بالمئة والتضخم 3.5 بالمئة- حاول أن يهدئ من حجم النصر الألماني، ملحا على مستمعيه أن يعيدوا النظر في "أرقام النمو". فألمانيا لن تعود الى مستويات ما قبل الأزمة حتى نهاية العام 2011، حسبما قال. لذا، ما تفعله المانيا ليس قصة نجاح. بل هي تشهد سنواتها الضائعة الآن. ثم جاء الرجل بالضربة القاتلة قائلا إن معدل النمو طويل الأجل للاقتصاد الألماني هو 1 بالمئة، وهذا المعدل، بحسب رأيه، ليس بقوة الدفع المناسبة للاقتصاد الأوروبي ككل.
وهذا بدوره يعود بنا الى الاقتصاد والمالية ودورهما كخدام للشعوب وليس كأسياد لها. ففي تقرير حمل عنوان "أوروبا ستنجح"، قال كل من جون لويلين وبيتر ويستواي، قالا يذكراننا إنه في وسط الاجتماعات الطارئة لبحث الوضع في منطقة اليورو، كان معروفا أن منطقة اليورو تتخللها عيوب خطيرة، من بينها نقص في الوحدة المالية، وغياب آليات للتعامل مع الصدمات غير المتناظرة أو مع تباين القدرة التنافسية للدول المختلفة الأعضاء في منطقة اليورو. ومع هذا، انتصرت العوامل السياسية على المخاوف الاقتصادية، ومن ثم يمكن القول أن العملة الموحدة في أساسها كانت مشروعا سياسيا.
الأوبزيرفر- ش
أكثر...
حتى في ذروة المعجزة الاقتصادية في السبعينيات والثمانينيات، كان صناع السياسة اليابانيون واعين جدا لعوز الدولة الى ثروة الموارد الطبيعية. لذا، زادوا التصدير ليجدوا المال اللازم لشراء الطاقة.
ولقد أثمرت الكارثة الثلاثية في اليابان- الزلزال والتسونامي والتسريب الإشعاعي- أثمرت بالإضافة الى موجة التعاطف الإنساني الكبيرة التي اجتاحت العالم، فيضانا من التوقعات بخصوص التأثيرات المحتملة للكارثة على الاقتصاد العالمي.
ومع هذا، وكما بينت لنا حقا الأزمة المالية الأخيرة التي ضربت العالم، يجب على الاقتصادات والمالية أن يكونوا خدام العالم وليس أسياده. ومن كثرتها، تاه مني عدد التقييمات التي قرأتها عن تبعات حركة الين الياباني، وعن سلسلة الإمدادات العالمية.
لكن أحد الجوانب البارزة لردة الفعل من الكارثة هو إشارات المعلقين الى العام 1945، عام نهاية الحرب العالمية الثانية، وإسقاط القنبلة الذرية على هيروشيما و نجازاكي. وكل هذه الإشارات أشبه في رؤيتي الى تذكرة لنا، ولمن هم لا يعرفون الكثير عن اليابان، بمدى انكشاف اليابان على الكوارث منذ ذلك الحين.
ولقد استفادت أوروبا من خطة مارشال الاقتصادية المعروفة، واستفادت من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. واستفادت اليابان من جهود إعادة الإعمار التي بذلتها أمريكا، تكفيرا منها عن فعلتها الشنيعة. وعندما قمت بأول زيارة لي لليابان، في أواخر السبعينيات، كان هناك شكل من أشكال الأحجية التي ربطها الغرب باقتصاد اليابان وبالدولة نفسها. واكتسب الاقتصاد الياباني، والذي كان ينظر له على أنه منتج لآلات ومنتجات جيدة، اكتسب الكثير من الإعجاب العالمي.
وفي طريقها في بدايات عقد الثمانينيات كانت اليابان موضع حسد بقية دول مجموعة السبع الكبار، وأقر الجميع بامتلاك وزارة التجارة الخارجية اليابانية قوى سحرية. وأصبح السؤال:" كيف يفعل ذلك اليابانيون؟" سؤال كثير الورود والتكرار.
لكن في هذه الأثناء أيضا، كانت اليابان موضوعا للكثير من الانتقادات الحادة من بقية دول مجموعة السبع الكبار، بسبب نهجها فيما يتعلق بالتجارة الخارجية؛ ففي أمريكا، والتي ساعدت اليابان في أن تنهض بعد الحرب العالمية الثانية، كانت اليابان موضوع عداوة شديدة وخوف، بسبب صورة نجاحها الاقتصادي في ذهن الأمريكان.
لكن اتضح أن صناع السياسة اليابانيين لا يمتلكون أية عصا سحرية. هم عملوا بجد، وانتقلوا من التقليد الى الابتكار، و زودوا العالم بالكثير من المنتجات المألوفة المشهورة. بل إن هناك من يقول إن أساليب الإدارة اليابانية، والاستثمار الياباني في بريطانيا، على نفس القدر من الأهمية مقارنة بحكومة تاتشر نفسها فيما يخص تحسين الأداء الصناعي البرطياني بعد الدمار الذي تعرضت له السياسات النقدية البريطانية في بداية الثمانينيات.
ومع هذا، ظل صناع السياسة الاقتصادية اليابانيون يشعرون أنهم يديرون اقتصادا محاصرا، عرضة للتخبط بسبب ما حظيت به البلاد من فقر في الموارد الطبيعية وبسبب اعتمادها على النفط المستورد. لذا، بذلوا ما في وسعهم لتنمية الصادرات الى الخارج من أجل توفير المال اللازم لشراء مصادر الطاقة، والتمكن من الاستثمار في الطاقة النووية.
ثم وقعت بعض الزلات في سياسة الاقتصاد الكلي. وحاليا، تعقد المقارنات الأبرز بين زلزال كوبي الذي وقع العام 1995 وما تبعه من جهود إعادة إعمار والزلزال الأخير وما سيتبعه من جهود إعادة إعمار. لكن قبل زلزال كوبي كانت هناك نهضة في أسعارالأصول، تسبب انهيارها في نوع من "الركود المتوازن" والذي أصبحت الدول الأخرى في مجموعة السبع الكبار تألفه بعدها. وارتكبت آلة السياسة الاقتصادية ذلك الخطأ القاتل عندما ضاعفت تقريبا ضريبة القيمة المضافة ذلك العام الذي انفجرت فيه فقاعة أسعار الأصول، الأمر الذي كان له الدور الأكبر في مرور اليابان بما يعرف بالعقد الضائع، والذي مازال حديثا عنه يدور حتى الآن.
ومع هذا، كانت فترة نهاية التسعينيات، وخلال زيارة لي لليابان، هي المرة الأولى التي سمعت فيها مصطلح " الكساد الذهبي": وهو تلك العقود التي اعتبرت عقودا ضائعة، لكن كانت مستويات المعيشة فيها مرتفعة.
وهذا يعود بي الى واحدة من النقاط الشائقة الكثيرة التي أثارها الرئيس السابق للبنك المركزي الألماني، الدكتور أكسل فيبر، في خطاب له في لندن مؤخرا، ألقاه أمام حفل العشاء السنوي لجمعية "اقتصاديو الشركات".
وبعد أن استطرق الدكتور الى بعض التناقضات الطريفة بين النمو ومعدل التضخم الألمانيين ومثيليهما البريطانيين في العام 2010- في المانيا: النمو 3.5 بالمئة والتضخم 1.25 بالمئة، وفي بريطانيا: النمو 1.25 بالمئة والتضخم 3.5 بالمئة- حاول أن يهدئ من حجم النصر الألماني، ملحا على مستمعيه أن يعيدوا النظر في "أرقام النمو". فألمانيا لن تعود الى مستويات ما قبل الأزمة حتى نهاية العام 2011، حسبما قال. لذا، ما تفعله المانيا ليس قصة نجاح. بل هي تشهد سنواتها الضائعة الآن. ثم جاء الرجل بالضربة القاتلة قائلا إن معدل النمو طويل الأجل للاقتصاد الألماني هو 1 بالمئة، وهذا المعدل، بحسب رأيه، ليس بقوة الدفع المناسبة للاقتصاد الأوروبي ككل.
وهذا بدوره يعود بنا الى الاقتصاد والمالية ودورهما كخدام للشعوب وليس كأسياد لها. ففي تقرير حمل عنوان "أوروبا ستنجح"، قال كل من جون لويلين وبيتر ويستواي، قالا يذكراننا إنه في وسط الاجتماعات الطارئة لبحث الوضع في منطقة اليورو، كان معروفا أن منطقة اليورو تتخللها عيوب خطيرة، من بينها نقص في الوحدة المالية، وغياب آليات للتعامل مع الصدمات غير المتناظرة أو مع تباين القدرة التنافسية للدول المختلفة الأعضاء في منطقة اليورو. ومع هذا، انتصرت العوامل السياسية على المخاوف الاقتصادية، ومن ثم يمكن القول أن العملة الموحدة في أساسها كانت مشروعا سياسيا.
الأوبزيرفر- ش
أكثر...
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions