الأوتيزم.. مرض غامض يثير حيرة الأسرة.. والأم هي المعالج الأول قبل الطبيب

    • الأوتيزم.. مرض غامض يثير حيرة الأسرة.. والأم هي المعالج الأول قبل الطبيب


      حلم كل أم ان تسمع الكلمات الأولى لوليدها.. ان تتبادل معه الأغنيات والقبلات والنظرات، ولكن تفقد الأم هذا الحلم الجميل اذا زار الاوتيزم أو التوحد أو الذاتوية عقل طفلها.
      ولا عجب ان تجد المدارس كلها في الغرب تضيف مساعدين متخصصين ليعاونوا المدرسين على التعامل مع الاطفال المصابين بالاوتيزم في فصول الدراسة.
      كما تعكف مراكز البحوث على دراسة هذا المرض في محاولة لفك الشفرات السيولوجية المعقدة لهذا المرض المحير.
      فالاوتيزم أو التوحد أو الذاتوية كلها مترادفات لمرض من أخطر الأمراض التي قد تصيب أطفالنا ويكون نتيجته طفلا أعمى العقل فاقدا لأي نوع من أنواع التواصل الاجتماعي يسمع ويرى ويعيش دون ادراك.
      * طبيعة المرض
      * تقول الدكتورة منال عمر اخصائي الأمراض النفسية والعصبية والمتخصصة في الاوتيزم ان الاوتيزم هو مرض نفسي عصبي يصيب الاطفال الذين تتراوح أعمارهم من 18 شهرا الى 3 سنوات، وهو عبارة عن خلل في نمو الجزء المسؤول عن التطور السلوكي والاجتماعي لمخ الطفل مما يجعل الطفل يعيش.. حالة ذاتوية بمعنى انه يعيش فقط مع نفسه يحادث نفسه ولا يسمع إلا صوته يرى من حوله وكأنه لا يراهم أو كما يريد عقله ولا يشعر بمن حوله حتى أبويه أو أقرب الناس إليه.
      وتضيف الدكتورة منال ان بعض الباحثين يرون ان هذا المرض قديم عرفه الانسان منذ مئات السنين دون ان يحدد أحد هويته، ولكن عرفه بضع الباحثين مؤخرا بعد ان كان يصنف كأحد أعراض التخلف العقلي، في حين رأى آخرون أنه مرض جديد على مجتمعاتنا في هذا العصر، وقد ارتفعت نسبة الاصابة بهذا المرض على مستوى العالم من طفل في كل عشرة آلاف طفل الى مصاب في كل ألف طفل الآن ويرى العديد من الباحثين انه لو اجريت احصائيات دورية عن هذا المرض سنجد انها في تزايد مستمر وان النسبة مرتفعة جدا.
      * أهم الأعراض
      * ومن أهم أعراض هذا المرض التي يمكن للأم ملاحظتها: تأخر الطفل في النطق والتكلم حيث ان الطفل لا ينطق العديد من الكلمات في العمر الذي ينطق فيه أقرانه من نفس السن العديد من الكلمات أو تراجع في لغويات الطفل ومفرداته التي اكتسبها من قبل، فبدلا ما كان الطفل ينطق جملة من ثلاث كلمات تتراجع الى كلمتين ثم الى جزء من الكلمة الى ان يفقد القدرة على نطق الكلمات نهائيا.
      كذلك يقوم الطفل بأداء بعض الحركات التكرارية ويشبع فيها لساعات طويلة فمثلا يلجأ للحركات الدائرية، وهي سمة شائعة في الاطفال المصابين بهذا المرض، يعشقون كل شيء دائري مثل المراوح ولو أخذ أي لعبة لا يلعب بها بالكيفية الصحيحة فبدلا من ان يجعلها تسير بطريقة عادية يقلبها ويلفها بشكل دائري.
      ومن أهم الأعراض أيضا تأخر التواصل الاجتماعي حيث ان الطفل لا يشعر بأفراد المجموعات التي تعيش من حوله فهو ـ كما ذكرنا ـ لا يشعر بأحد ويرى الآخرين وكأنه لا يرى إلا نفسه أولا يريد أن يرى.
      * العواطف الوراثية
      * وعن أسباب الاصابة بهذا المرض ترى د منال ان الأب والأم أو المجتمع الذي يعيش فيه الطفل أحد أهم الأسباب التي تؤدي لاصابة الطفل بهذا المرض وبخاصة اذا كان الأب والأم يعا بعض الانطواء، ولا يملكان القدرة على التواصل مع طفلهما مما يؤدي الى انعزال الطفل تدريجيا حتى يصل لهذه المرحلة التي يطلق عيها الذاتوية أو التوحد.
      * دور الأم
      * وتلعب الأم دور مهماً وأساسياً في كل ما يتعلق بالطفل المصاب بالاوتيزم فالأم تصبح بمثابة كاميرا تراقب سلوك طفلها حتى يتسنى لها الكشف المبكر عن هذا المرض، وليس ذلك فقط ولكن تصبح الأم مثل المعالج بعد الطبيب حيث يقضي الطبيب مع الطفل بضع ساعات في الاسبوع ويكون على الأم أن تهتم بعلاج الطفل في الفترات التي لايزوره فيها الطبيب، ولهذا يقع على عاتقها الدور الأكبر في سرعة علاج طفلها ومدى استجابته لخطوات العلاج التي تكون أحد اعضائها.
      ويعتمد علاج الطفل الاوتيزمي والشفاء منه على الاكتشاف المبكر للمرض، فكلما اكتشفت الأم اصابة طفلها مبكرا ساعد ذلك على سرعة التحكم في المرض وسرعة استجابة الطفل لجلسات العلاج.
      وتقول الدكتورة منال عمر عن طرق علاج الاوتيزم هناك وسيلتان يتبعهما الاطباء في علاج هذا المرض، هما اسلوب العلاج بالدواء والعقاقير الطبية التي تستفز أماكن معينة في المخ وهي الأماكن المسؤولة عن تعديل سلوك الطفل الاجتماعي والنفسي، والطريقة الثانية تكون باستخدام جلسات التخاطب واللغة والتي تساعد الطفل على نطق أو اعادة استرجاع بعض الكلمات التي فقدها كلية أو جزئيا كنتيجة لهذا المرض وارشاد الأسرة عن كيفية مساعدة الطفل على النطق وتعديل سلوكه في الارتباط بالآخرين.

      تحياتي |e