
دخل مريض يدعى إسرائيل سنجر في غيبوبة بعد إصابته بجلطة. وبعد قدوم زوجته الى المستشفى، نصحها الأطباء بتوقيع طلب بعدم إنعاشه لأنه سيموت حتما، أو يصبح معاقا كليا. ولكن، ومع ذلك، وفي محاولة يائسة وأخيرة، قام الأطباء في المستشفى بخفض درجة حرارة جسد سنجر، بنفخ الهواء البارد عليه، وضخ المياه المالحة المثلجة في معدته. وكانت النتيجة ان نجا سنجر وهو يعيش في منطقة برونكس في نيويورك. وبعد ست سنوات من وقوع الجلطة، وفي سن السادسة والسبعين، ما يزال يقرأ التاريخ البريطاني، ويتمشى بمساعدة عصا.
لقد كان العلاج بخفض درجة حرارة الجسم تحت معدلاتها الطبيعية يستخدم ويترك على مدى الخمسين عاما الماضية. الا انه حصل على دعم كبير أخيرا عندما نشرت الجمعية الأميركية للقلب توصية، تقول انه يمكن تبريد بعض ضحايا النوبة القلبية. ويقول مايكل ديرنجير، البروفسور المشارك في طب الاعصاب بجامعة واشنطن في سانت لويس ان «تقنيات تبريد الجسم تعود للظهور من جديد».
وقد تتحول عملية التبريد الى تجارة مربحة، إذ قامت شركات تعتقد ان عوائدها ستزداد الى مليارات الدولارات، باستثمار مائتي مليون دولار، في تطوير أساليب تبريد جديدة. وقد تدعم توصية الجمعية الأميركية للقلب هذه التجارة كثيرا.
* تقنيات التبريد
* يقول ويليام ورثن كبير المديرين التنفيذيين في مؤسسة «ألسيوس» ان على المستشفيات أن تفكر ببدء برامج خفض درجة حرارة الاجسام. وقامت شركة «ألسيوس» بتطوير قسطرات يتم إدخالها في الشريان من خلال الأربية لتبريد الدم، وبالتالي تبريد الجسد من الداخل للخارج. وقامت أيضا شركتان في كاليفورنيا بتطوير أنظمة مشابهة. وتفضل الشركات الأخرى التبريد من الخارج للداخل.
وكان معروفا أن التبريد يحمي الدماغ بإبطاء الأيض (التمثيل الغذائي) وبالتالي يخفض الحاجة للأوكسجين، والمواد الغذائية. ومن الأمثلة على ذلك نجاة الأطفال الذين يغرقون في المياه الباردة، الذين يتم إنعاشهم بعد 20 دقيقة من دون إصابتهم بأي ضرر دماغي. وفي تجارب على الكلاب التي تم تبريدها لدرجات تقرب الصفر، تعافت الكلاب كليا بعد قضاء ساعتين من دون ان يدور الدم في اجسادها.
ويستخدم التبريد حاليا لاجراء أنواع معينة من جراحة الأعصاب، التي تتطلب قطع تدفق الدم للدماغ. ويتم أحيانا تبريد دماء مرضى عمليات تحويل اوعية القلب. لكن يندر العلاج بالتبريد خارج غرفة العمليات. وقد يسبب خفض حرارة الجسم بعضا من عدم الانتظام في القلب ويضعف الجهاز المناعي وقد يسبب أذى آخر. ولمنع الارتعاش فقد يحاول الجسد أن يدفئ نفسه ولذلك يجب أن يكون المريض تحت المخدر وموصولا بجهاز تنفس.
والأساليب التي تستخدم في التبريد مثل أكياس الثلج أو بطانيات التبريد أو ضخ المياه المثلجة في المعدة كلها صعبة وتتطلب ساعات حتى تنجح، ولذلك فقد لا تنفع. وتستخدم اليوم أساليب قاسية في عمليات التبريد. والأجهزة التي تطور وتجرب اليوم قد تساعد في إزالة بعض الآثار.
ويقول الدكتور ستيفن ماير الأخصائي في جراحة الأعصاب، الذي قام بتبريد سنجر، ان هذه الأجهزة ستتحكم بدرجة حرارة الجسد بشكل افضل بكثير مما تم في السابق. وأضاف أنه سيمكن الحد من أعراض التبريد الثانوية، بالتبريد لدرجات حرارة متوسطة أي ما بين 90 و93 فهرنهايت (32 ـ 34 مئوية).
ويقول مسؤولو الشركات المنتجة لتقنيات التبريد ان استخدام القسطرة التي تمر عبرها مياه مالحة باردة، يمكنه ان يقود الى خفض الحرارة بشكل بسيط في غضون ساعة لأن الحرارة لا تتسرب من خلال البشرة أو العضلات، أوالثياب. والتبريد من الداخل لا يسبب الارتعاش لأن البشرة لا تتعرض للتبريد. وفي بعض الحالات يعطى المرضى بطانيات أو قفازات ليحافظوا على دفء أطرافهم، بينما يتم تبريد دواخلهم.
تحياتي
