خميس العلوي: رصف الشارع فأطاح به الشارع - مسيرة نجاح وانهيار (الأجزاء من 20 إلى 39) جديد بن دارس

    • خميس العلوي: رصف الشارع فأطاح به الشارع - مسيرة نجاح وانهيار (الأجزاء من 20 إلى 39) جديد بن دارس



      (20)





      رصف الشوارع - للمرة الثانية



      ذكرنا آنفا بأنه قد عهدت لوزارة البلديات الاقليمية والبيئة وموارد المياه رصف الشوارع الداخلية، وقد أبدع خميس العلوي في تسريع تلك العملية ونجح فيها. وبعد مروره بوزارة الإسكان فقد تفرغ لأمر آخر أسعد المواطن وأسعد الحكومة وأسعد أصدقائه وأقربائه ومديره مكتبه وسكرتيره الشخصي. وها هو مرة ثالثة يحمل حقيبة وزارية ثقيلة تتبع النقل والاتصالات، وبها وللمرة الثانية رصف للشوارع. على أن الشوارع التابعة لوزارة النقل والاتصالات تختص بالشوارع العامة والشوارع الرئيسية والشوارع السريعة. وكون الشوارع هي إحدى لبنات البنية التحتية للدولة فإن الحكومة قد أعدت العدة لها من خلال وزارة الاقتصاد الوطني المسئولة عن الخطط الخمسية التنموية. وقد كانت هذه الوزارة أكثر شفافية عندما نشرت تلك الخطة في عدة كتيبات، من بينها الكتاب الرابع والمسمى "البرنامج الاستثماري للوزارة المدنية خلال الخطة الخمسية السادسة" والذي صدر في أكتوبر 2001 كمثال لنا في هذه العجالة. حيث أن البرنامج هذا يذكر بالتفاصيل المشروعات لوزارة النقل والاتصالات والتي تشمل المشروعات الجديدة المتمثلة في رصف بعض الشوارع مثل ازدواجية طريق صلالة/ ثمريت المرحلة الأولى، والمرحلة الثانية لطريق الجبل الأخضر. علاوة على ذلك فهناك الشوارع القائمة التي تحتاج إلى صيانة دورية (روتينية أو سنوية) للعديد من الشوارع في الداخلية ومسندم والباطنة وبقية المناطق الأخرى. وقد قاربت تكلفة صيانة أو رصف تلك الشوارع في تلك المرحلة ما يقارب (143) مليون ريال عماني.


      لنا أن نتصور إذن تلك المشاريع التي تكلف الدولة مئات الملايين من الريالات ابتداء من الشركات الاستشارية التي أصبحت تكلفتها اليوم نفس تكلفة رصف شارع منذ 20 عاما مثلا، فضلا عن الشركات التي تقوم برصف الشوارع وهي لشخصيات محدودة معروفة والتي تتقدمها شركات الزواوي (مثل كارلينون علوي)، بخلاف شركات خط الصحراء لذلك اليمني الذي ساندته الحكومة كثيرا خاصة في مشروع رصف شارع الجبل الأخضر الذي تلاعب في المشروع وتأخر كثيرا لكن الحكومة - ابان فترة مالك المعمري - تساهلت معه كثيرا، ولا ننسى شركة جلفار الذي انتشلها الهندي "محمد علي" بعد سجن صاحبها أكثر من عشرين عاما لأسباب سياسية ليستطيع ذلك الوافد أن يجعلها في مصاف الشركات العملاقة في مجال رصف الشوارع، وهناك أيضا شركة ستراباج التي تتبع مجموعة السرين التابعة لسعيد بن سالم الوهيبي (تلك الشخصية التي سلبت ونهبت الدولة في وقت سابق لكنها لم تحاسب أيضا).


      إذن أمامنا شركات عملاقة تتعامل بعشرات بل بمئات الملايين من الريالات العمانية تتساهل معها الحكومة في رصف الشوارع حتى وإن تأخرت في تسليم الشوارع، كما تتساهل معها الحكومة في جودة الشوارع. فكما نما إلى علمنا بأن ضمان الشارع الجديد لا يتجاوز الستة أشهر، لتجد ذلك الشارع بعد فترة قصيرة وقد احتاج إلى تأهيل من جديد لتبدأ نفس الشركة بعد فترة الضمان بذلك التأهيل بعد الحصول على مناقصة الصيانة والترميم، بخلاف الشوارع القديمة التي شيدت في السبعينات ومازال بعضها باقيا حتى اليوم شاهدا على جودته رغم الظروف البيئية القاسية للسلطنة..


      لقد وجد خميس العلوي تربة خصبة في مناقصات شوارع السلطنة، خاصة أن الموازنة "الانمائية" الخاصة برصف الشوارع قد ارتفعت إلى أكثر من (200) مليون ريال خلال فترة بقائه في كرسي وزارة النقل والاتصالات. وكما أسلفنا سابقا فإن تحالفه مع مكي ومقبول (تايلر وودرو تاول) قد منحه مزيدا من كعكات الوطن التي تقاسمها مع هؤلاء الذين عاثوا في الأرض فسادا من خلال المناقصات التي تسيل لها اللعاب مع وجود غطاء قانوني يحميهم.



      (21)




      مجلس المناقصات



      هو البيت الذي يتم فيه "طبخ الفلوس" كما سماها أحدهم. فالمادة (12) من قانون المناقصات تشترط في أي مناقصة حكومية قيمتها أكثر من (250) ألف ريال أن تحال إلى مجلس المناقصات، وهذا المبلغ أصبح لا يبنى حتى مدرسة داخلية. أما المادة (31) فتنص على أن مجلس المناقصات غير مقيد بقبول أقل أو أي عطاء آخر. كما أن المادة (41) يمكن أن تستبعد أي عطاء في عدة حالات من بينها (أ) إذا اقتضت المصلحة العامة. كما أن المادتين (50) و(54) أعطت للمجلس صلاحيات التعاقد عن طريقة (الممارسة) و(الإسناد المباشر) في تنفيذ بعض الخدمات الاستشارية خاصة. إن المتأمل في تلك المواد بالذات يمكن أن ينظر إليها على أنها قد وضعت لتكون هناك مرونة في التعامل مع حالات غير عادية وبالتالي التقليل من التعقيدات البيروقراطية التي تصاحب المناقصات في العادة، لكن من جهة أخرى، قد تكون (ثغرات قانونية) تستفيد منها الجهة الحكومية أو المسئول أو الوزير لتمرير مناقصة معينة حتى ولو لم تكن مكتملة الشروط. ولنأخذ مثالا على ذلك ذلك من خلال ما حصل في مناقصات مطار مسقط. فقد تم إسناد المناقصة الاستشارية لشركة كوي لارسون بنظام الممارسة، كما أن هناك العديد من العطاءات كانت بأسعار أقل عن المنافسة لكن لم يتم القبول بها.


      كما هو معلوم فإن أي مشروع يمر بمراحل كثيرة ابتداء من التخطيط له ومخاطبة وزارة الاقتصاد الوطني لوضعه في الخطة الإنمائية الخمسية ومرورا بتقييم الدائرة الفنية في الوزارة المعنية ومن ثم اختيار الاستشاري (من خلال مناقصة أيضا إذا كان المبلغ أكثر من 250 ألف ريال) وانتهاء بقسم أو دائرة المناقصات الداخلية التي ترفع التوصيات بناء على توصيات وكيل الوزارة الذي يرفعها إلى الوزير المختص والذي يخاطب هو الأخير رئيس مجلس المناقصات. وعندما تولى خميس العلوي رئاسة مجلس المناقصات فقد كان يخاطب نفسه بنفسه: عندما يكون هو وزير النقل والاتصالات فإنه يكتب الخطاب باسمه إلى رئيس مجلس المناقصات والذي كان أيضا باسمه حتى قبل شهور قصيرة فقط من إزاحته وتولي الدكتور علي بن موسى رئاسة المجلس. وهنا نجد خميس العلوي يمارس صلاحيتين في وقت واحد: صلاحية وزير وزارة وصلاحية رئيس المجلس. وقد امتدت تلك الصلاحيتان لفترة طويلة عندما عهد لوزير النقل والاتصالات رئاسة مجلس المناقصات مالك المعمري، محمد الحارثي، وأخيرا خميس العلوي.


      وكما أسلفنا وبسبب وجود مصالح مشتركة بين مكي ومقبول ووزراء آخرين مع الدكتور خميس العلوي فإنه قد بات مجلس المناقصات ساحة فساد خصبة. وكما أسلفنا أيضا فإن شخصية خميس العلوي فذة، فمن ناحية ايجابية قد تم تنفيذ العشرات من المشاريع المتعرقلة لسبب أو آخر، وكان خميس العلوي سريعا في انجاز معاملاتها كونه رئيس مجلس المناقصات، وللأمانة فقد كان يتابع المشاريع العملاقة بنفسه متجاوزا في كثير من الأحيان وكلاء الوزارة والمدراء العموم، فمثلا كان يتصل مباشرة بمدير دائرة المشاريع ويتابع معه أدق التفاصيل أولا بأول، بل ويحثه على اكمال معاملة معينة في نفس اليوم وبدون الرغبة في الاستماع إلى الأعذار (أريدك تخلص لي هذه المعاملة اليوم)، وكان لبقا في التعامل مع المهندسين بل وحازما أيضا. وهي خصال ايجابية قلما تجدها في وزير كان في قمة النشاط والحيوية. وليس ثمة مبالغة بأن تجده في المطار منذ الصباح الباكر يتابع المشاريع بنفسه، ويذهب إلى مجلس المناقصات ويحل أية مشاكل عالقة في مناقصة معينة..


      لكن الحلو ما يكملش ....


      تلك الهمة والنشاط والمتابعة من قبل الدكتور خميس العلوي للمشاريع في وزارة النقل والاتصالات صاحبتها المصالح المتبادلة التي تخدمه شخصيا وتخدم الوزراء الآخرين شخصيا أيضا..



      (22)




      الطيران العماني



      الوزير له راتب، وله مكافآت آخر السنة، هذه المكافآت جزيلة من كرم المقام السامي، ومع ذلك لا تكفيه... لذا يجتهد الوزراء في البحث عن مصدر رزق آخر؛ هو عضوية مجالس إدارات الشركات. المشكلة التي تبقى كعقبة كبيرة في طريقهم هي المادة (53) من النظام الأساسي للدولة والتي تحد من الجمع بين رئاسة أو عضوية في مجلس إدارة شركة مساهمة عامة وبين الوزارة. لكن صانعو ذلك النظام ليسوا مغفلين؛ يجب أن تكون الشركة مساهمة عامة. بسيطة: لنجعلها شركة خاصة أو شركة مقفلة. فالوزير مقبول والزواوي والخليلي والزبير أصحاب شركات خاصة وبالتالي لا ينطبق عليهم نص تلك المادة. أما الشركات المقفلة والتي تعني بأن أسهمها ليست متداولة للبيع والشراء في سوق مسقط للأوراق المالية فيمكن أن يكون فيها الوزير رئيسا لمجلس إدارتها أو عضوا فيها. وهذا ما حدث بالضبط في الطيران العماني.


      فالطيران العماني شركة تأسست في السبعينات وكانت تساهم فيها الحكومة بنسبة (39%)، في حين يساهم فيه المؤسسون (بعض الوزراء) وكذلك المواطنون العاديون. وكانت فترة السبعينات والثمانينات والنصف الأول من التسعينات قد شهدت ترأس مجالس إداراتها وزراء غالبيتهم من وزارة المواصلات. ولما صدر النظام الأساسي للدولة عام 1996 فقد تنحى آنذاك الوزير (سالم الغزالي - على ما أتذكر) ليصبح المهندس ماجد الرواحي رئيسا لمجلس إدارتها كونه وكيلا لوزارة المواصلات. تلاه فيما بعد عادل الرئيسي من وزارة المالية، وسعيد حمدون الحارثي المنقول من سلاح الجوي السلطاني العماني. لكن أحمد بن عبدالنبي مكي أراد أن يأخذ جزءا من الكعكة الكبيرة خاصة مع رغبة الحكومة في تطوير الطيران العماني. وبدلا من طرح المزيد من الأسهم في السوق ورفع رأس مال الطيران العماني فقد تقرر بأن تشتري الحكومة كافة أسهم الشركة وتبقي على نسبة (2%) فقط لتحجب تلك الأسهم من سوق مسقط للأوراق المالية وليصبح أحمد مكي رئيسا لمجلس إدارتها، ويصبح خميس العلوي نائبا لمكي..


      مرت أكثر من (12) عاما دون أن يكون هناك وزير يترأس مجلس إدارة الطيران العماني، وكانت الكعكة كبيرة خاصة مع شراء الطيران العماني طائرات متطورة جدا من شركة البوينج الأمريكية والتي قيل أن مكي هو وكيل لها في السلطنة. كما قامت الطيران العماني بشراء الطائرات البرازيلية والتي تم استلام أول طائرة منها للطيران العماني الأسبوع المنصرم، وقيل أيضا أن أحمد بن عبدالنبي مكي وكيلا لها، بل وله عمولة. لنا أن نتخيل أن عمولة البوينج لشراء (12) طائرة بقيمة (65) مليون دولار لكل طائرة، أو عمولة شراء أربع طائرات برازيلية (امبرير) بقيمة (30) مليون لكل طائرة، فكم سوف تكون صافي العمولة في كل صفقة؟

      رئاسة مجلس الإدارة تتبعها الفلوس أينما وجدت، فهناك الاجتماعات الدورية التي تكون شهرية أحيانا، ويصرف لأعضاء مجلس الإدارة فلوسا جراء حضور كل اجتماع. وهناك أيضا "الهبشة" السنوية خاصة عند توزيع الأرباح (حتى وإن كانت الشركة قد سجلت خسائر). وكانت الهبشة تصل إلى (25) ألف ريال سنويا (يعني أكثر من ألفين ريال في الشهر والعضو جالس في بيته)، لكن صدر مرسوم سلطاني بتعديل قانون الشركات التجارية ينص التعديل فيه على ألا تزيد "هبشة" كل عضو من أعضاء مجلس الإدارة عن (عشرة) آلاف ريال سنويا. بالطبع إذا كان الشخص (وزيرا أو وكيل وزارة أو حتى مدير عام) لديه عضوية في خمس شركات حكومية فهذا يعني انه يقبض (50) ألف ريال جراء تلك العضوية حتى ولو كان القانون قد حدّ من عضويته الفردية.


      دخل مكي رئاسة الطيران العماني وأدخل معه الدكتور خميس العلوي ليستفيد الاثنان من تلك العضوية في الهبشات الكبار، بالإضافة بالطبع إلى التذاكر المجانية وعلى الدرجة الأولى إن وجدت وامتيازات السفر الأخرى، هذا خلاف "الكوميشن" الذي ظفر به مكي وربما معه خميس العلوي كاستفادة من شراء الطائرات الحديثة وقطع غيارها..

      وقبل ألا ننسى فالدكتور خميس العلوي كان أيضا رئيس مجلس الشركة العمانية لإدارة المطارات والتي انبثقت من حق امتياز فاشل عن الطيران المدني. وقد ترأس خميس العلوي عضوية مجلس إدارة تلك الشركة دون أن ينافسه أحد، وتلك الشركة مسئولة أيضا عن تطوير المطارين الحاليين (مسقط وصلالة) وقد كان التلاعب بالمال العام قد وصل أيضا إلى تلك الشركة خاصة مع إنشاء امتداد للمسافرين في الطابق الثاني بقيمة (15) مليون ريال، وطرد مهندس البواليع (أعزكم الله) المدعو "كين والتون" بعد اكتشاف تورطه في تلك المناقصة التي لم تكن لتكلف سوى (5) مليون ريال.



      (23)





      كيف تقرب إليه الموظفون؟


      للوزير صلاحية تعيين موظف ومدير دائرة وحتى مدير عام، وللوزير توصية لتعيين وكيل وزارة بمرسوم سلطاني سامي، أو لإقالته أو لنقله كإبعاد عنه بشكل نهائي.. ولذلك نجد أن عدد لا بأس به من الموظفين يتقربون من الوزير ليس لأجل الترقية الوظيفية فحسب وإنما لغرض الترقية المالية أيضا. فكم من وزير في الدولة أوصى لعدد محدود جدا من الموظفين بـ"إعادة التعيين" لمجرد سنوات الخبرة أو حصوله على مؤهل حتى ولو كان من جامعة بيروت بالانتساب أو بدون أسباب في أحايين أخرى، فتجد هذا الموظف وقد قفز من الدرجة الثانية من الحلقة الأولى إلى الخاصة (في النظام السابق). وقد كان النظام مسموحا به إلى أن فاحت رائحة إعادة التعيين فأتى قرار من مجلس الوزراء بوقف ذلك لكن بعد خراب "مالطة"..


      عندما تم نقل خميس العلوي إلى وزارة النقل والاتصالات فقد وجد الشواغر لأكثر من منصب، سرعان ما شغلها: هناك مدير عام الشئون الإدارية والمالية مثلا، نقل صديقا له من وزارة التعليم العالي، ونقل مديرا صديقا من وزارة الإسكان في دائرة استحدثها لغرض معين. وقد سبق أن عين إحدى الشابات المهندسات في وزارة الإسكان في منصب مدير عام في تلك الوزارة، وعندما أصبح وزيرا للنقل والاتصالات فقد رشحها لتكون وكيل وزارة، كما رشح شخصين آخرين وهما مدير عام الشئون الإدارية والمالية ومدير عام الأرصاد والملاحة الجوية ليكون أي منهما وكيل وزارة، لكن الأجهزة الأمنية لها رأيها الذي يؤخذ به في بعض الأحيان، فلم توافق على ترشيحات خميس العلوي..


      على أن الترشيحات لم تأت عن فراغ. فقد كانت هناك طلبات تنفذ بدون مناقشة. وقد كانت حفلات معالي الوزير وحتى زفاف ابنه يتم تموينها من نادي الطيران المدني؛ تذهب "صحون العيش والغوزي" إلى مدينة صور لتدخل بيت معالي الوزير من نادي الطيران المدني محملة بألذ الأطعمة والمشروبات وبفاتورة مجانية لا يدفعها الوزير مطلقا. ولقد حدث ذلك لأن نادي الطيران المدني والذي ندفع نحن فيه عضوية شهرية تزداد سنويا لا يخضع لأية رقابة حكومية، فالنادي جهة مستقلة إداريا وماليا عن وزارة النقل والاتصالات لكن الوزير له صلاحية تعيين أعضاء مجلس الإدارة التي سحبها (أي الصلاحية) من وكيل الوزارة. وبالتالي فقد كانت هناك علاقة مباشرة بين الوزير ورئيس نادي الطيران المدني في أي موضوع يخص ذلك النادي دون تدخل وكيل شئون الطيران المدني المغلوب على أمره في هذا الجانب. ولذا لم يتردد رئيس النادي في إرسال تلك الصحون إلى منزل الوزير متى أراد إقامة حفلة في منزله.


      لقد وجد خميس العلوي رجالا مستعدين أن يخدموه بـ"عيونهم" حتى يصلوا إلى مبتغاهم. بعضهم حاول أن يتسلق فوصل إلى حيث أراد خميس العلوي أن يوصله، والآخر حاول التسلق أيضا لكن "الكربة خشت" فانزلق بل ووقع لأنه لم يعرف كيفية التسلق. وكما أسلفنا فهناك من نجح وهناك من بقي. ولأن خميس العلوي قد غادر الكرسي الآن حتى كمستشار فقد سحب عنه ذلك المنصب إلا أن هناك من ينتظر الدور حتى يأتي الوزير الجديد لينظف مخلفات خميس العلوي...



      (24)




      إن لم تنفذ أوامري فسوف أزيحك


      أسلفنا قولا بأن خميس العلوي يتصل بالمدراء وحتى الموظفين مباشرة مختصرا بروتوكول الهيكل الإداري، فبدلا من المرور بالوكيل ومن ثم المدير العام فإنه يتصل من هاتفه النقال بذلك المدير أو الموظف مباشرة، ويكلمه بكل أدب ولباقة بل ويشكره على إنجازه لما يكلفه به. لكن ماذا ولو اعتذر ذلك الموظف أو ذلك المدير عن تلبية طلب الدكتور الوزير؟ إذا لم يذعن للوزير فإنه يستخدم معه لهجة حادة نوعا ما بل يصل الأمر إلى أن يهدده قائلا مثلا: لا تجعلني أتخذ قرارا متعجرفا سوف تندم عليه!!! إذا لم ينفع التهديد بل وأصر على موقفه فإن الأمر سوف يختلف كليا؛ سوف "يضمر" الدكتور خميس لذلك الموظف و"يحطه في باله". وهذا الأسلوب يستخدمه حتى مع بعض وكلاء الوزارة، كما يستخدم ذات الأسلوب مدير مكتبه الذي ينقله من وزارة إلى أخرى. لذا لا تستغرب عزيزي القارئ عندما تعرف أن مدير مكتب خميس العلوي أصبح يرعب حتى وكلاء الوزارة رغم أنه بدرجة مدير عام فقط.


      ولعل من الأمثلة التي سبق أن تحدث عنها غيري ومن بينهم "عمار المعمري" في موضوع تغيير قانون الطيران المدني والذي سوف أتطرق إليه بشكل آخر فيما بعد هو وكيل شئون الطيران المدني الكابتن محمد بن صخر العامري، ذلك الشاب الذي قضى ما يقارب ربع قرن من الزمان متنقلا بين دول العالم وهو يقود طائرات الترايستار والبوينج 767 التابعة لطيران الخليج قبل أن تحط أنامله على "سترينج" طائرات الطيران العماني. وقد ساقه القدر أن يكون مفتشا لعمليات الطيران في المديرية العامة للطيران المدني والأرصاد الجوية (آنذاك). وفي الساعة الثالثة والنصف من عصر ذلك اليوم يأتيه اتصال هاتفي يبشره بأنه سوف يصبح وكيل وزارة. اعتقد من ذلك الاتصال أنه يحلم في غفوته ما بعد الغداء الثقيل، لكن الاتصال تكرر إلى أن أقنعه آخر متصل بأن يتابع أخبار الساعة الرابعة عصرا ليستمع إلى المرسوم السلطاني السامي بتعيينه. ومثلما تعين بتلك الطريقة المفاجئة فقد خرج بنفس الطريقة المفاجئة بعد أقل من خمس سنوات، ولثاني مرة في تاريخ المراسيم السلطانية فقد صدر فيه بتعيينه عضوا بمجلس الدولة، وقد نشر المرسوم في أخبار العاشرة مساءا. وهذا لم يحدث إلا مرة واحدة قبل ذلك عندما صدر مرسوم بتعيين خلفان بن ناصر الوهيبي بديوان البلاط السلطاني.


      عندما صار العامري وكيلا فقد كان محمد الحارثي وزيرا للنقل والاتصالات، وعندما خلف العلوي الحارثي فمن الطبيعي أن يتصل الوكيل يهنئ الوزير الجديد، ومع مرور الأيام بل والشهور يبدأ التداخل بين الاثنين لكن سرعان تبدأ فجوة بينهما لأن الكابتن محمد قد عاشر الطيران المدني لأكثر من 24 عاما وبالتالي لديه الخبرة الكافية لمعرفة خبايا الطيران المدني، في حين نجد الوزير تكاد معلوماته صفر على الشمال حول تنظيم وتشغيل الطيران المدني. ولأن محمد العامري إنسان فاضل في أخلاقه فقد كان يتعامل بكياسة مع خميس العلوي لكن في نفس الوقت يبدي رأيه المبني أيضا على اقتراحات أو توصيات الموظفين والمدراء المختصين. ولعل من أكبر الارهاصات التي وسعت الفجوة بين الاثنين هي المادة (11) من قانون الطيران المدني التي تمنع تشييد الفنادق في "قمع" الهبوط والإقلاع فقد ذكر الكابتن للوزير وبكل أدب بأن تلك المادة هي صادرة بمرسوم سلطاني سامي وبالتالي لا يمكن تخطيها، لكن خميس العلوي يصر على تخطيها لأنه وعد صديقه أحمد بن عبدالنبي مكي بإنشاء الفندق. فما كان من العلوي إلا وأن أوصى بإزاحة العامري من منصب وكيل شئون الطيران المدني بعد سلسلة أحداث لاداعي لذكر تفاصيلها هنا.



      (25)



      إن لم تنفذ أوامري فسوف أزيحك - تكملة



      ولأن الكابتن محمد العامري قد انزاح فلا بد من إزاحة مدير مكتبه وكاتم أسراره، لم تمضي بضعة أشهر إلا ويتم نقل مدير مكتب العامري في دائرة ميتة لحد اليوم (دائرة التخطيط)، لكن موضوع قيام خميس العلوي بنقله ذلك المدير لم تأت صدفة أيضا، ذلك وإبان فترة محمد العامري في شئون الطيران المدني فقد كانت هناك مشاريع في مناقصات مطار مسقط مرتبطة بمصالح خميس العلوي، وقد رفض العامري الموافقة على المقاولين (لا بد من عمل توصية من قبل الوكيل للوزير بشأن أي مقاول. طلب خميس العلوي من مدير مكتب الوكيل إقناعه بتمرير التوصية إلا أن ذلك المدير تحدث بلباقة قائلا للعلوي بأن الأمر في يد سعادة الوكيل. كما أن هناك مناقصة أخرى وهي لمطار مسقط والتي تم التوقيع عليها بالأمس (294) مليون ريال مع شركة جلفار ولارسون وتوبروا والتي كان قد دخل فيها العلوي قبل إقالته، حيث أراد من الوكيل التوصية لشركة هندية مفلسة اسمها الراكو للإنشاءات وكيلها بهوان للهندسة ولها سمعة غير جيدة في السوق العالمية لكن سوف يستفيد العلوي منها بعمولة جيدة تقدر بخمسة ملايين ريال، ومن المعروف أن الشركات الهندية في قمة الفساد خاصة مع تقارير منظمة الشفافية العالمية التي تضع دولة الهند في قائمة الدول الفاسدة. وعندما رفض العامري تلك الشركة طلب العلوي من مدير مكتب العامري إقناعه بذلك لكن اعتذر الأخير أيضا، فضاعت عمولة العلوي التي وعده بها الشريك المحلي للشركة. عندئذ وجد العلوي الفرصة للتخلص من الوكيل وبعد أشهر التخلص من مدير مكتبه وذلك بدون علم الوكيل الجديد..


      كما اشتهر خميس العلوي بنقل الموظفين بدون علم وكيل الوزارة مخالفا بذلك مرسوما سلطانيا ساميا يحدد اختصاصات وكلاء الوزارة. فقام بترقية ومن ثم نقل مدير عام الشئون البحرية بدون علم الوكيل أيضا، وقام بنقل عشرات الموظفين إلى ديوان عام الوزارة من شئون الطيران المدني، كما قام بتغيير مسميات وظيفية أقل من استحقاقها (من رئيس قسم إلى مشرف). وقد تصرف إداريا في وزارة النقل والاتصالات كما يحلوا له رغم وجود أربعة وكلاء، فقد همش أدوارهم وأبعد اختصاصاتهم بل وسحب صلاحيات الكثير منهم - كما أسلفنا سابقا - عندما أصدر أولى القرارات له أثناء تعيينه وأعطى صديقه المدير العام للشئون الإدارية والمالية عشرات التفويضات التي كان يمارسها وكلاء الوزارة..


      سبق أن ذكرنا أن الشركة الاستشارية التي تقوم بتصميم مطاري مسقط وصلالة تتبع لأحد أقرباء أحمد بن عبدالنبي مكي. تلك الشركة حصلت على مناقصة في شكل "ممارسة" بمبلغ (18) مليون ريال عماني، ومع مرور الأشهر كانت قيمة المناقصة تزداد وبملايين الريالات بحجة أن برج المراقبة مثلا لم يكن من ضمن التصميم وأن مركز الأرصاد الجوية لم يكن من ضمن الاتفاقية الأولى، وأن دراسة التربة المالحة بحاجة إلى مناقصة أخرى وأن مركز الاتصالات لم يكن مذكور في الاتفاقية، حتى مسجد الصلاة كان بحاجة إلى مناقصة أخرى، وفي نهاية المطاف فقد وصلت آخر اتفاقية مع كوي لارسون إلى (150) مليون ريال عماني. وما حدث في هذه الزيادات الخيالية أن المدير العام المسئول عن المشاريع – ذلك الرجل النزيه فقد كان يرفض التوقيع على تلك الأرقام والفواتير التي يجب اعتمادها بملايين الريالات، بل كان يجتمع بمهندسي وإداريي كوي لارسون فردا فردا وفي سكة سكة وفي زنجة زنجة فضاق هؤلاء ذرعا بالمدير العام، فقدموا شكواهم الواحدة تلو الأخرى أمام خميس العلوي الذي كان يزور المواقع كل يوم ويتصل حتى بهؤلاء الدنماركيين، ولأن المصالح "المكية" بدأت تتهدد مع هذا المدير العام النظيف فلا بد من إزاحته. لكن هذه المرة بطريقة أخرى وقانونية: سحب الدائرة المسئولة عن المشاريع من اختصاصاته.



      (26)



      قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق



      من ينظر إلى ثورات العالم قديما وحديثا يجد أن الأوضاع الاقتصادية هي السبب الرئيسي في تحريك تلك الثورات، ومن ينظر إلى مظاهرات واعتصامات المواطن العماني فسوف يجد أن مطالبات كثيرة تتمثل في تحسين الأوضاع الاقتصادية سواء في توظيف العاطلين أو زيادة المعاش التقاعدي أو رفع رواتب القطاعين الخاص والعام أو حتى إسقاط ديون المواطنين التي تزيد على الأربعة مليار ريال عماني يتكبدها أكثر من (80%) من الشعب العماني..


      لما أتى خميس العلوي إلى وزارة النقل والاتصالات فقد أراد غربلتها عندما أصدر قراراته التعسفية بإدخال المركزية ونقل معظم صلاحيات وكلاء الوزارة والمدراء العامين ليضمها حتى رئاسته ورئاسة المدير العام للشئون الإدارية، كما قام بنقل بعض المدراء العامين ومدراء الدوائر (مدير عام الشئون البحرية - مساعد المدير العام للشئون المالية - مدير مكتب الوكيل) وموظفين وجعل الشئون الإدارية والمالية مركزية أيضا، وفوق ذلك قام باستحداث مسميات وظيفية ليس لها علاوات فنية. وفي كلا الحالتين فقد "قطع رزق" هؤلاء الموظفين. بالنسبة للإداريين فإن بعضهم كان يتسلم علاوة مناوبة إدارية قدرها (70) ريالا شهريا، فضلا عن علاوة الطيران والبالغة (25) ريالا. وهذا يعني أن ذلك المدير الإداري يكون قد خسر (90) ريالا شهريا بنقله من شئون الطيران المدني بالمطار إلى ديوان عام الوزارة بالخوير، أضف على ذلك فإن رواتب هؤلاء في الأصل عادية ومن ضمن فئات رواتب الخدمة المدنية وبالتالي فهي في الأصل ضعيفة. لذا وعند قطع مبلغ (90) ريالا يعني إحداث ضرر اقتصادي لذلك المدير الذي يكون قد اقترض من البنك ولديه التزامات مالية. وبدلا من أن نرقيه وظيفيا فإننا نحرمه من راتبه. وهناك موظفون في الشئون الإدارية والمالية (الرواتب – المشتريات – شئون الموظفين، الخ) وحتى بعض النجارين الفقراء قد تم نقلهم إلى مبنى الوزارة بالخوير فجعلهم يخسرون علاوة الطيران ويخسرون امتيازات أخرى (مثل تخفيض تذاكر الطيران)، كما أن بعضهم قد تأقلم مع العمل في المطار ليأتي خميس العلوي ويغربل ذلك التأقلم (مثل النقل الجماعي أو السكن بالقرب من المطار بدلا من التوجه إلى الخوير).


      ومن ضمن أخطاء خميس العلوي أيضا استحداث المسميات والترقيات التي لم تكن من ضمن استحقاقات قرار مجلس الخدمة المدنية الخاصة بمنح العلاوات الفنية (علاوة طبيعة عمل)، حيث تتراوح تلك العلاوات بين الـ(100) ريال إلى (1300) ريال. وعند صدور قرار بترقية أكثر من (70) موظفا فقد تم اقتطاع العلاوة الفنية مباشرة من رواتبهم. عندئذ صرخ الجميع: لا يمكن أن تستقطعوا مبالغ كهذه من رواتبنا التي نعتمد عليها في معيشتنا. كاد الموظفون أن يضربوا عن العمل، بل طالب بعضهم بإعادته إلى وظيفته القديمة وبلاش ترقيات. فالاسم شايع والبطن جايع. وقد أجمع المتضررون التواقيع على تلك الخسائر الشهرية في رواتبهم. وبعد مخاطبات عدة تم إعادة تلك العلاوات الفنية بشكل خاطئ؛ إذ عادت علاواتهم على وظائفهم السابقة فتساوت علاواتهم مع علاوات من حل محلهم.

      لقد قطع خميس العلوي رزق موظفين بشكل دائم (وحتى اليوم) وقطع رزق موظفين آخرين بشكل مؤقت. وفي كلا الحالتين فقد تسبب في ضرر معنوي أدى إلى تدني الروح المعنوية لدى هؤلاء الموظفين. وإن دل ذلك فإنما يدل على اللامبالاة وعلى عدم تفهم احتياجات الموظف الذي يراهن حياته على رزقه من الحكومة التي من المفترض أن تزيد في راتبه، لا أن تقتطع منه.



      (27)





      بين الأرض والقانون



      في 2007/9/9 صدر المرسوم السلطاني السامي رقم (2007/94) بتعيين الدكتور خميس العلوي وزيرا للنقل والاتصالات مع مجموعة وزراء آخرين، ومن غرائب الصدف أنه بتاريخ 2011/2/26 خرج العلوي من التشكيلة الوزارية أيضا مع مجموعة من الوزراء. لكن التاريخ 2007/7/2 والذي لا يتذكره كثير منكم هو التاريخ الذي صدرت فيه ملكية الأرض رقم (84) للفاضل/ سامي بن عبدالنبي مكي بمساحة (20) ألف متر مربع والتي تطل على شاطئ العذيبة بجوار نادي الطيران المدني. ولو قسمنا تلك المساحة على نفس المساحات التي يحصل عليها المواطن العادي (600) متر مربع، لاستطعنا الحصول على (30) قطعة أرض، لكن بالطبع القسمة ليست عادلة لأن المواطن العادي لن يحصل على تلك الأراضي في أفضل الأماكن وإنما سوف يحصل عليها في "السيوح" و"الوديان" أو في مناطق غير مأهولة وليس بها خدمات ولا بنية تحتية، كما أنه سوف يدفع (600) ريال عماني لها، في حين حصل سامي بن مكي مجانا على تلك المساحة الشاسعة. وإذا كان سامي الابن قد حصل على الأرض الواسعة فإن مكي الأب قد حصل على أضعاف مضاعفة من الأرض في منطقة صحار والتي أراد أن يجعلها أرضا لتشييد الفنادق بحجة تنمية الاقتصاد في صحار لكنه باعها لأحد المستثمرين وقبض عشرات الملايين منها؛ تلك الأرض تجاوزت مساحتها الـ(30) ألف متر مربع، وقد تم تمديدها (20) ألف أخرى..


      ولأنه تم نقله بين ثلاثة وزارات فقد نقل معه أشياء وأشياء؛ من بينها، تهميش الكفاءات العمانية الحاصلة على المؤهلات العليا بما في ذلك الدكتوراه، نقل المقربين من مدير لمكتبه ومنسقه الخاص ومهندسة زراعية سرعان ما أصبحت مديرة عامة. كما نقل من وزارة الإسكان منافع لمكي ليكملها في وزارة النقل والاتصالات، وما نعنيه بذلك أنه وبعد منحه لابن مكي تلك الأرض في شاطئ العذيبة فقد أراد خميس العلوي أن يخدم مكي للمرة الثانية وذلك للموافقة على تشييد فندق سوفيتل العالمي فيها. كانت هناك أرض أخرى سبق أن تم حجزها لوزارة الشئون الرياضية، لكن تبين فيما بعد بأن المساحة لن تكون كافية لأرض ابن مكي ولأرض الشئون الرياضية ليس لصغر المكان وإنما لكبر الأراضي. فسامي بن مكي لم يكن ليتنازل عن تلك المساحة الشاسعة (20 ألف متر مربع - كما أسلفنا)، كما أن أراضي الوزارات الحكومية يجب أن تكون واسعة بغرض التوسع مستقبلا. وكحل بديل لذلك فقد تم اقتطاع أرض كبيرة من نادي الطيران المدني كانت مخصصة لقوارب الأعضاء في ذلك النادي. ولأن نادي الطيران يتبع خميس العلوي إداريا ولأن رئيس النادي من المقربين لدى خميس فقد تمت الصفقة الناجحة دون أن يعترض أحد إلا الأعضاء الذين لا حول لهم ولا قوة، بل العكس تم رفع العضوية السنوية عليهم. .


      وقد سبق أن طرح موقع فرق موضوعا عن ذلك، وما يعنينا هنا هو ربط ما قام به خميس العلوي من منح أرض إبان وجوده في وزارة الإسكان مع ما أراد أن يقوم به أثناء وجوده في وزارة النقل والاتصالات، فخلاصة القول تتمثل في انه لما عجز في إقناع وكيل الوزارة لشئون الطيران المدني خميس العلوي بالسماح لتشييد الفندق في تلك الأرض بسبب تمسك الوكيل بالقانون الذي يمنع تشييد تلك الأراضي في مناطق الاقلاع والهبوط بالمطار فقد وجد العلوي المدير العام الذي يسانده في تغيير المادة (11) من قانون الطيران المدني، وفيما بعد يتم إزاحة ذلك الوكيل. وقد اعتقد العلوي بأنه سوف يحقق الاثنين، وبالفعل نجح في إزالة محمد العامري الوكيل ونجح إلى حد كبير في تغيير القانون. لكن مع تدخلنا في الأمر وتدخل جهات أخرى فإن القانون لم يتعدل حتى الآن، وإن تعدل فلن يكون بالصورة التي كان يريدها خميس العلوي، فهناك في الدولة رجال قادرون على وقف الفساد، وقادرون للتصدي على محاولات لتخريب البلد، حتى وإن نجح المفسدون بشكل جزئي فإنهم لن يستطيعوا مواصلة درب الفساد..


      (28)




      من كان يدير الوزير؟



      كثيرا ما نسمع بأن "اللي يمشي" الوزارة ليس الوزير، أو أن الذي يتخذ قرارات مصيرية ليس هو الوزير وإنما مدير أو رئيس مكتبه أو حتى سكرتيره الخاص، أو وكيل الوزارة أو أحد المدراء العموم - هذا بشكل عام. لكن من كان يقف خلف الدكتور خميس العلوي؟ كما أنه ليس بخاف على أحد مدى تأثير مستشاريي ورؤساء مكاتب الوزراء على الوزراء أنفسهم ، ولربما تصل في بعض الأوقات إلى الثقة العمياء في تسيير أمور الوزارة من كافة الجوانب (إداريا، مالياً، فنياً)، وهذه حنكة مرغوبة عند بعض من الوزراء المنشغلين بقضاياهم التجارية، وكما يعلم القارئ العزيز بأن كثيرا من الوزراء خاصة السابقين منها هم تجار في الأصل (مكي، مقبول، الخليلي، الحارثي، يوسف بن علوي،الهنائي، الخ). فضلا عن حجب الكثير من المعاملات عن المواطنين الذين يرغبون في مقابلة الوزير لموضوع لم يستطع اي مسئول حله، فيتعلل مدير أو رئيس مكتب الوزير أو سكرتيره الشخصي بأن الوزير "مزحوم" في الاجتماعات أو مسافر، وبالتالي تستمر معاناة المواطن لشهور طويلة دون أن يستطيع مقابلة ذلك الوزير...


      عندما تسلم خميس العلوي وزارة النقل والاتصالات ومنذ بداية أسبوع استلام مهامه فقد أصدر تعليماته لكافة أصحاب السعادة بأنه يجب عمل كذا وكذا، وأنه لا بد بأن يتم الالتزام بكذا وانه يجب بان تعطى الأولوية و و و و و و، تكاد الرسائل تصل في اليوم إلى 15 رسالة مصنفة منها (سرية وسري للغاية وعاجل وعاجل جداً و و).


      كانت الرسائل الواردة فيها عشرات الاقتراحات والملاحظات لتحسين سير العمل أو لإنجاز معاملة عامة، وعليه يجب أن تكون هناك تعليمات من الوزير بشأن التعامل مع تلك الرسائل الواردة من مختلف قطاعات الوزارة (النقل البري والبحري والجوي والاتصالات والشئون الإدارية والمالية والقانونية)، لكن سرعان ما أنغر خميس العلوي فقد كانت رسائله وتعليماته ومناظراته شديدة اللهجة يكاد بأنه تتسم بعضها بالشتيمة غير المباشرة وإن كانت أخرى تتسم باللطف والرزانة .... كان خميس العلوي يصل إلى مبنى الوزارة الساعة التاسعة صباحاً ويخرج الساعة الثانية ظهراً لأنه قبل ذلك يكون قد مر وتفقد المشاريع العملاقة للطرق والطيران المدني وحتى الموانئ، ولأنه متميز وفذ ،وذكي و"شغول" فيجب أن يكون خروجه من العمل الساعة الثانية من بعد الظهر بسبب انجازه كافة الأعمال بطريقة سريعة وذكية. أو هكذا اعتقد الموظفون!!


      السؤال الذي كان يطرح نفسه: كيف وكيف إستطاع الدكتور خميس إدارة أربعة قطاعات معقدة بجانب إدارة الشركات التي كان يشرف عليها بجانب مجلس المناقصات وبجانب اللجان الوزارية، وبها مشاريع ضخمة خلال ساعات بسيطة فقط؟؟ وحتى لو قلنا بأن وقت المساء ينهي أعماله المكتبية بمنزله وبمساعدة طاقم مكتبه، ونحن نعرف وفق رواياته بأنه عندما يصل المنزل يهوي الرياضة ويشاهد الأفلام الهندية (هذي المعلومة تفوه بها بعظمة لسانه لبعض الحاضرين). لكن سرعان ما تبين بأن رئيس مكتبه كان يوقع بدلا عنه، ويعتبر ذلك في القانون بمثابة (تزوير) ويأتي ذلك بمباركة وبموافقة الوزير وهناك أدلة كثيرة لذلك، ودليلاً على ذلك أيضا بأن بعضاً من أصحاب السعادة عندما يناقشون الوزير في أحد المواضيع فإنه لا يتذكر عن ماذا يتحدث هذا الوكيل أو صاحب الموضوع، وبعد ما يتذكر بأن يدرك بأن هذه الرسالة تم توقيعها من قبل (الوزير المخفي)، لذا يتظاهر بأنه يعلم بالموضوع حتى يستر على نفسه وحتى لا ينفضح أمره.



      (29)




      الأجانب هم من سوف يفضحوكم



      ليست لدينا حرية إعلامية تتسم بالشفافية وإنما لدينا أعلام رسمه "طوني أشورت" ويوجهه في زي ارتداه الرواس والراشدي والحوسني، ولذا فليس من العجب العجاب أن تقرأ عن فساد وعن رشاوي في الكتب والأعلام العالمي من خلال مسئولين أجانب عملوا في سلطنة عمان، وعندما عادوا إلى بلادهم فقد اتجهوا إلى تأليف الكتب أو ذهبوا إلى أعلامهم الحر ففضحوا مسئولينا الذين كنا نكن لهم الاحترام والتقدير. وهناك أمثلة عديدة للفساد العماني الذي تم فضحه من قبل الأجانب في الخارج؛ قضية أحمد بن سويدان البلوشي ورشوة شركة اريكسون السويدية، وقضية تشييد جامعة السلطان قابوس من قبل شركة سمنتيشن انترناشول التي يمتلكها ابن تاتشر، وحتى مبنى دار الاوبرا فإن قيمة المناقصة كانت الشركة البريطانية (كارليون) قد نشرتها في موقعها قبل أن تنشرها الصحافة المحلية. وحتى ثروة "تيم لاندن" لم نكن نعرفها إلا من خلال ما نشرته الجريدة البريطانية "ديلي تلجراف" لتسجل لنا أسرارا عن ثروات أجانب عاشوا وسطنا وحملوا معهم أحياء وأمواتا مئات الملايين من الثروات. ولعل الكاتب البريطاني "جون بيسانت" قد عرض في كتابه The True Life Drama & Intrigue of an Arab State العديد من الفضائح والأحداث الممنوع على المواطن العماني معرفتها، وبالتالي تم منع الكتاب في السلطنة، بل أن الكاتب تم طرده عام 2001. كما أن الأجانب الحاليين العاملين في السلطنة قد أسسوا موقعا لهم يتناولون أسرار أعمالهم، وما هو ممنوع نشره في الصحف المحلية، وما هو محجوب عن المواطن العماني. ولعل المدونة الالكترونية Muscat Confidential من بين المدونات المعروفة الخاصة بالأجانب والتي نشرت موضوعا عن واقعة بالمراقبة الجوية بمطار مسقط ولا يعرفها إلا العامل في ذلك الموقع.


      الانجليزي البطل في مطار مسقط


      بعد سنتين من قيام شركة كوي لارسون بعمل الخرائط الاستشارية، ولما ظهرت الأخطاء فيها فقد قامت الحكومة بالاستعانة بشركة فرنسية لتدير مدير مشروع مطاري مسقط الدولي وصلالة والمطارات الداخلية ( adpi). وقد بذل خميس العلوي جهوده في ترتيب أوراقه منذ البداية مع مدير المشروع والتعرف على كوادره وكذلك التعرف بمن هم ضعفاء النفوس الذين يمكن أن تشتري قيمهم بالمادة. تم إسناد مشروع مطار مسقط الدولي المرحلة الثالثة إلى شركة باكتيل الأمريكية بالتعاون مع شركة بهوان للهندسة وشركة أنكا التركية، وفي بداية التحاليل فقد استعان خميس بأحد الحمرين (الانجليز) الذي يعمل في هذا المشروع (adpi) حول كيفية مساعدة شركة باكتيل الأمريكية، فقد كان يستدعيه بطريقة دبلوماسية في منزله وقت المساء الكائن بمنطقة الخوض، وقد كان يناقشه في عدة نقاط فنية بحته ليتم بلورتها ونقلها إلى شركة باكتيل، وبعد عدة اجتماعات في منزله، بدء التساؤل يسود عند الانجليزي، لماذا هذا الرجل يسألني عن بعض النقاط المالية (نظام مسح الكميات وبعض النقاط الفنية).


      ومع مرور الأيام تحدث هذا الانجليزي عند مسؤوله المباشر الذي كان كذلك أحد ضحايا خميس، وذكر له بأن خميس العلوي يستدعيه دائماً بمنزله ويطرح عليه أسئلة كثيرة فنية ومالية معقده عن وضع الشركات المنافسة لشركة باكتيل.



      (30)





      لله درك يا ايجزافيير - لقد فضحتهم



      في يوم من الأيام أستدعى خميس هذا الانجليزي بعد عدة اجتماعات عقدت بمنزله، وفي نهاية الأمر سأل الانجليزي خميس العلوي: يا معالي الوزير لديك الآن كافة المعلومات كونك وزير النقل والاتصالات، فقل لي من تريد أن تسند له هذه المناقصة؟ أي لصالح أي شركة تراها مناسبة له هذه المشروع كون التفاصيل الفنية أصبحت لك واضحة لكافة الشركات؟ التوى لسان خميس العلوي، وقال له بأنني سوف أقوم بالرد على سؤالك عندما يحين الوقت المناسب. ومع مرور الأيام تلقى ذلك الانجليزي اتصال من خميس العلوي وهو مدير المشروع اسمه (ايجزافيير)، فرنسي الجنسية، ورجل يتمتع بخبرة عالية في الهندسة المعمارية، وقد عمل في عدة مشاريع لإنشاء المطارات وفي عدة مدن عالمية، وكانت المفاجأة الغريبة بأن خميس العلوي يطلب من مدير المشروع إنهاء خدمات الانجليزي في أسرع وقت ممكن بحجة أن الانجليزي غير مؤتمن ورجل غير شريف ويتعامل مع شركات تعمل بالمشروع، وينبغي إنهاء خدماته وبأسرع وقت ممكن...


      هنا تفاجأ مدير المشروع (ايجزافيير)!! ردّ على الوزير بأنه سوف يدرس الموضوع ويبحثه مع المكتب الرئيسي في فرنسا. في اليوم التالي تلقى اتصالاً أخر من خميس العلوي يحثه على انهاء خدمات الانجليزي، وأصر عليه بذلك ومارس الضغوط عليه، لكن مدير المشروع كان رجلاً قويا فقال لخميس العلوي بأن هذا القرار يعود للشركة كونها شركة خاصة لا تتبع الحكومة بغض النظر بأنها تساند الحكومة في المشروع.


      اجتهد خميس العلوي بالضغط على مدير المشروع واستخدم المدير العام بالطيران المدني في الضغط على مدير المشروع لإنهاء خدمات الانجليزي، ولكن كان رد مدير المشروع واضحا بأنه لا يوجد هناك أي مبرر لإنهاء خدمات الانجليزي، وأنه يعتبر من الكوادر المهمة في الشركة وكونه مشرفاً لأعمال المرحلة الاولى من مشروع تطوير مطار مسقط. إلا أنه ولكثرة الضغوط التي كانت تمارس على مدير المشروع (إيجزافيير) من قبل خميس العلوي والمدير العام الذي كان دوماً ناطقاً بأسم خميس العلوي إن كان الامر صحيحاً أو خطا، مستبعدين المعنيين بدائرة المشاريع التي تعتبر الجهة المختصة في هذا الجانب، وأخيراً قدم مدير المشروع (إيجزافيير) استقالته من منصبه لدى المكتب الرئيسي ذاكراً الاسباب بأن لديه مشاكل عائلية فينبغي الرجوع إلى فرنسا، بينما الحقيقة بأنه لا يريد أن يفشل في تنفيذ المشروع حتى لا تسجل في سجل نجاحاته أي فشل في تاريخ انجازاته، وقد كان ضحية من ضحايا خميس العلوي. ومن يسأل هذا الانجليزي: لماذا كانت لدى خميس العلوي الرغبة في إنهاء خدماتك؟ فإنه يريد قائلا: خوفاً من أن أفضح أمره، حيث كان يستدعيني في منزله لكي أفصح له وضع المشروع!!



      (31)





      الانهيـــــــــــــــــــــــار

      عندما عيّن خميس العلوي وزيرا للبلديات الإقليمية والبيئة فقد كان عمره أربعين عاما ونيف، وعندما خرج من الحكومة بعد تولي ثلاث وزارات ورئاسة مجلس المناقصات ورئاسة الشركة العمانية لإدارة المطارات ونائب رئاسة الطيران العماني فقد كان عمره الخمسين ونيف. ومن المعروف فإن سن الأربعين هو سن العطاء والرشد وفي نفس الوقت سن الشباب المتقدم. فقد دخل العلوي الحكومة وهو شاب براتب بسيط وخرج منها مليونيرا إن لم يكن مليارديرا. لم يكن يحلم العلوي بأنه سوف يكون وزيرا بين يوم وليلة. فهو لم يتدرج في أي منصب إداري عندما كان في الجامعة. وعندما أصبح وزيرا للبلديات فقد تعلم الشيء الكثير في "الإدارة العامة". ولأنه حاد الذكاء وسريع التعلم، ولأنه مدفوع بحماس الشباب وبروح المبادرة فقد استطاع في وقت قصير أن يحرك مياه راكدة في الثلاث وزارات وفي مجالس إدارات الشركات الحكومية ومجلس المناقصات. كما استطاع أن يحرك أمورا عجز عنها الوزراء السابقون الذين تولوا تلك الوزارات. وهي أمور ايجابية تحسب له. وكما أسلفنا في هذه السلسلة فإن أول نجاحاته كانت هي رصف الطرق الداخلية ومن ثم التسريع في عملية توزيع الأراضي ومن ثم رصف الطرق الخارجية ومن ثم التسريع في مناقصات المطارات والموانئ والطرق بشكل عام. لقد وصل خميس العلوي في القمة..


      غير أن مشكلة بعض الذين يصلون إلى القمة أنهم ينظرون إلى من هم تحتهم وكأنهم اقزام، كما ينظرون إلى الأمور على أنه لا أحد يستطيع أن يطالهم لأن القمة هي الأعلى في أي هرم. وقد ظن العلوي بأن بطانته في المكتب وبأن من استعان بهم (مكي وعلي بن ماجد ومقبول) إنما يشكلون له "حامي الحمى". فقد أنقذوه من الوقوع في مساءلة وزارة الإسكان وبالتالي لن يستطيع أحد النيل منه أو كشف أوراقه. ولقد اعتقد خطأ بأن أجهزة الدولة الأمنية غافلة عما يفعله وأن المواطن لن يتجرأ يوما الحديث عنه. فمن تكلم ومن سبق أن عارضه من الموظفين كان مصيره التهميش أو النقل أو حتى الإجبار على الاستقالة (كما فعل مع مدير النقليات)..


      لكن خميس العلوي أخطأ التقدير؛ فالأجهزة الأمنية حريصة على سلامة الوطن من المخربين، فقد كانت تتابعه أولا بأول. لقد كان "هامورا" صعب اصطياده من حيث جمع الأدلة التي تدينه، لكن الشباب الواعي والشباب المثقف والشباب المؤهل في تلك الأجهزة الأمنية استطاع أن يجمع تلك الأدلة ليقدمها للمسئولين عن سلامة الوطن الداخلي وحمايته من العبث به والقضاء على المفسدين. فطوبى لهؤلاء الشباب في أمن بلادنا العزيزة الذين استطاعوا الايقاع بخميس العلوي بالاثباتات التي تدين فساده طيلة عشر سنين ونيف. ورغم أن هناك من كان يحميه في البداية (كما أسلفنا: علي بن ماجد) لكن ذلك الحامي الأكبر هو الآخر قد وقع، كما وقع معه الحامي الاقتصادي (مكي ومقبول)، وبالتالي لم يعد هناك من يستطيع إنقاذه.


      كما أخطأ خميس العلوي في المواطن؛ ففي السابع والعشرين من فبراير 2011 اعتصم الشباب أمام مجلس الشورى وطالبوا بإسقاط العديد من الوزراء من بينهم خميس العلوي. وفي الرابع من مارس 2011 ظهرت عريضة المطالبات في عدة نسخ تم تثبيتها في ركائز على الشارع الفرعي المقابل لمجلس الشورى للمطالبة بإقالة خميس العلوي وغيره. كما أن "ساحة الشعب" كما سميت فيما بعد شهدت العديد من الخطب والأحاديث عن فساد بعض الوزراء الذين لا يرغب الشعب في بقائهم في كراسي الوزارات، ولأول مرة في التاريخ العماني تجرأ العماني ليطالب بالاسم ابتداء من المسيرة الخضراء الأولى ومن ثم الثانية ومن ثم الاعتصامات التي شهدتها صحار ومسقط وصور وصلالة وبعض الولايات الأخرى، لقد قال الشعب كلمته في بعض الوزراء الفاسدين بأنه يجب محاكمة هؤلاء الوزراء. فليست الاقالة كافية؛ فقد جمعوا الملايين وربما المليارات من الريالات من أموال الوطن ومن مكتسبات الشعب، وبالتالي لا بد من تلك الأموال أن تعود وبقوة القانون، ولا بعد من المحاسبة. فالوزير المقال قد لا يهتم بالمنصب طالما أن الملايين من الريالات باقية في جيوبه وفي خزائنه وفي البنوك السويسرية، بخلاف الأصول والممتلكات التي لا تعد ولا تحصى. وطالما أن العلوي وآخرين بعيدون عن المساءلة فإن الوطن لا يكون قد حقق الكثير من الاعتصامات والمسيرات التي كلفت الوطن المال والأرواح وأثخنته بجراح مازالت تنزف.


      لذا وعندما اثبت الأجهزة الأمنية الرائعة فساد خميس العلوي وعندما ثار الشعب ضد الفساد فطالبوا الحكومة بإقالته وإقالة غيره، أتت المراسيم السلطانية السامية لتترجم ذلك وإقالة خميس العلوي ليصبح مستشارا للدولة، لكن الشعب لم يكتفي بذلك، ووصلت الرسالة إلى مجلس الشورى الذي تحرك بعضهم لمقابلة صاحب الجلالة بالمطالب من خلال رئيس المجلس، لكن الأخير ماطل في المقابلة، فما كان من أحدهم إلا أن أوصل الرسالة عن طريق أحد المرافقين الخاصين لجلالته. ولما علم جلالته فقد أمر في نفس اليوم بالاجتماع بأعضاء مجلس الشورى الذين حمل بعضهم مطالب الوطن، فأمر جلالته بتجميد تلك المراسيم السلطانية السامية ليحدث ذلك ؤول مرة في التاريخ العماني. والأمر يعني ألا يكون خميس العلوي مستشارا أيضا. وبالفعل خرج خميس العلوي حتى من كونه مستشارا للدولة له بعض الامتيازات عن طريق الديوان. خرج من الدولة وإلى ماليزيا في رحلة استجمامية...



      (32)





      أخطاء فادحة بمئات ملايين الريالات لا يحاسب عليها أحد



      أسلفت في جزء سابق بأنه تم التحقيق مع خميس العلوي عام 2006 جراء توزيعه السافر لأراضي الدولة وبدون وجه حق والتي كانت قيمتها السوقية تصل إلى ملايين الريالات العمانية لم يستفد منها إلا المقربون وبعض الوزراء الأثرياء أصلا. وبعد ذلك التحقيق أوصى أحمد بن عبدالنبي مكي بأن يتم نقل العلوي إلى وزارة النقل والاتصالات، تلك الوزارة التي تشمل على أكبر عدد من الوكلاء (أربعة - ثلاثة منهم عسكريون)، وبها أربعة قطاعات حيوية وتطرح مناقصات يسيل لها اللعاب وبمئات الملايين من الريالات العمانية. لقد نجح مكي في تعيين العلوي خاصة مع وجود مجلس المناقصات تحت رئاسة العلوي أيضا..

      كما أسلفنا سابقا بأن خميس العلوي كان يضغط على استشاري المشروع (كوي لارسون) الذي جلبه مكي لكنه مسجل باسم أحد أفراد عائلته، وكذلك مدير المشروع (Adpi) وكذلك الطيران المدني وذلك لإنهاء مستندات المناقصة الأولى التي يطلق عليها (الأعمال المدنية) MC1 والتي تشمل أعمال تسوية الأرض وبناء الجسور والطرق المؤدية إلى المطار ومواقف ومدرج وممر الطائرات وغيرها. وبالضبط المستمر على الطيران المدني وإجلالا وعرفانا على أحمد بن عبدالنبي مكي الذي تعهد له بأنه سوف ينجز المشروع بحلول عام 2012م فقد قام بطرح المناقصة بمفرده، بمعنى أن المناقصة طرحت كمسودة نهائية وليس كمستند نهائي معتمد من الجهات لتتقدم الشركات التي تم تأهيلها مسبقا وفق قرار مجلس المناقصات الذي كان يترأسه. وبعد هذه الخطوة حدث ما يحمد عقباه. فقد قدر الاستشاري المناقصة بقيمة (400) مليون ريال - هذا الاستشاري كان متخصصا في تصميم القصور والجسور وليس المطارات. يتضح الأمر فيما بعد بأن التكلفة المقدرة كانت خاطئة وأن طريقة إشرافه خاطئة أيضا. لذا جلبت الحكومة مدير المشروع (Adpi) بعد سنتين جراء اكتشاف الأخطاء الفادحة.


      تقدمت أربع شركات للمناقصة مع وجود عدد كبير من الأسئلة التوضيحية من قبل الشركات المتناقصة بسبب عدم وضوح بعض التفاصيل التصميمية والهندسية، وبضغط من خميس العلوي على لجنة التحليل التي لا حول لها ولا قوة بدأت مرحلة التفاوض الفني تلاها التفاوض المالي ليتم ترسية المشروع لصالح شركة اتحاد المقاولين العرب بالتعاون مع شركة تاف التركية بقيمة (450) مليون ريال بعد التفاوض. وقد كانت الرغبة في ترسية المشروع لصالح شركة جلفار للهندسة والمقاولات لكن الإخفاقات في مشروع طريق مسقط الجنوبي السريع حالت دون حصوله على ذلك. وبالتالي يمكن القول بأن قرار المناقصة كان سليما ظاهريا لأن الشركة اتحاد المقاولين العرب والشركة التركية من أفضل الشركات، لكن ماذا كان في بواطن الأمور؟



      (33)




      متى سوف يتم تفعيل الرقابة الإدارية؟



      ذكرنا آنفا بأن خميس العلوي كان يمارس صلاحياته كوزير النقل والاتصالات وكذلك كرئيس لمجلس المناقصات، وأنه استطاع أن يمرر مناقصات بطريقة غير صحيحة. وتكملة لما ذكرناها في الحلقة (32): كان خميس العلوي قد طرح المناقصة كمسودة وليست كمستند مكتمل بالبيانات الفنية والمالية. كما أنه لم يحصل على موافقات رسمية من شرطة عمان السلطانية، وزارة البيئة والشئون المناخية، بلدية مسقط، واللجنة العليا لتخطيط المدن. ذلك أن تلك الجهات ذو صلة للتصديق على الخرائط والمستندات في إتمام عملية المناقصة خاصة أن المشروع ضخم بمعنى الكلمة، كما أن تلك الجهات هي مكملة في إتمام المستندات. .


      أما المفاجأة الكبرى في الموضوع فقد تمثلت في أن التكلفة التقديرية فاقت التوقعات التي رصدها الاستشاري (كوي - لارسون)، فقد وصلت قيمة المرحلة الأولى بـ(580) مليون ريال، وبالتالي يكون الفارق بين التكلفة التقديرية من قبل الاستشاري وبين المناقصة هو (130) مليون ريال عماني. كما أن للأوامر التغييرية دور كبير في إحداث تلك الفجوة المالية، وتأتي الأوامر التغييرية كضرورة حتمية نتيجة الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها الاستشاري خاصة في مجال التصميم، عوضا عن عدم تصديق تلك التصاميم من قبل الجهات الآنفة الذكر. لنا أن نتخيل مدى الخطأ الجسيم الذي يتحمله الوطن الغالي في دفع (130) مليون ريال إضافي والذي يمكن من خلاله بناء شوارع ومدارس وحتى مستشفيات.


      والسؤال الذي يدور في البال وفي غياب "الرقابة الإدارية" التي تكلف الدولة مئات الملايين من الريالات العمانية: من يتحمل تلك الأخطاء الجسيمة؟ ومن هو المتسبب فيها؟ جدير بالذكر، الاستشاري ومدير المشروع وحتى الطيران المدني يحملون الدكتور خميس العلوي المسئولية بسبب استعجاله في الأمر وإرضاء أحمد بن عبدالنبي مكي، وعدم أخذ موافقات الجهات المختصة خاصة اللجنة العليا لتخطيط المدن التي كان مكي يترأس مجلس إدارتها أيضا.


      سوف يتحمل الوزير الجديد الدكتور أحمد الفطيسي أخطاء وأعباء وتركة خميس العلوي، وليس له ذنب فيما اقترفه الدكتور خميس من أخطاء إدارية وفساد مالي ليس فقط في مشروع المطارات وإنما أيضا في المشاريع الهندسية الدقيقة للطرق وللموانئ. وبالطبع مصائب قوم عند قوم فوائد: فالاستشاري ومدير المشروع والشركة المنفذة تستفيد من تلك الأخطاء بمئات الملايين من الريالات العمانية. حيث أنها لن تفعل شيئا إضافيا بدون أن تدفع الحكومة لها حتى ولو كان ريالا واحدا.



      (34)





      ومن الموظفين ضحايا



      يوجد في كل وزارة لجنة تسمى (لجنة المناقصات الداخلية) يترأسها في بعض الأحيان وكيل وزارة وعضوية بعض المدراء العامين ومدراء الدوائر المختصة، وفي بعض الوزارات يكون رئيس اللجنة شخص بدرجة مدير عام. لما قام الدكتور خميس العلوي ووزيره الخفي بفحص موظفي هذه اللجنة فقد وجد فيهم من هو ضعيف النفس ومن يمكن شراؤه بالمناصب، ومن يطمح في أشياء أخرى. وقد نجح الاثنان (العلوي ومدير مكتبه) في التأثير على اثنين من الموظفين ليتم التعامل معهما بشكل مباشر وبدون تدخل أي شخص آخر لتتم عملية الكر والفر لكافة المناقصات وفقا لما يحلوا لهم خاصة بأنه كان يرأس مجلس المناقصات، وبالتالي فإن ما يتم طبخه في وزار النقل والاتصالات فإن تلك الطبخة سوف تؤتي أكلها في مجلس المناقصات والعكس بالعكس..


      وكما أسلفنا سابقا فإن هناك أربعة قطاعات رئيسية في وزارة النقل والاتصالات، ثلاثة منها (النقل البري والبحري والجوي) ذات مناقصات بمئات الملايين من الريالات. لذا أوكل الدكتور خميس لهذين الموظفين القطاعات الأربعة عن طريق منح أحدهما قطاعي النقل الجوي والبري (المطارات والطرق) في حين منح الآخر قطاعي النقل البحري والاتصالات (المواني والاتصالات)، وعليه فقد كانت تتعامل الشركات مع هذين الموظفين بشكل مباشر، فتتفاوض معهما مسبقا وتزودهما بالمعلومات المطلوبة، كما أصبحا يدركان ما يريده خميس العلوي من مجرد رفع الحاجب الأيسر أو استمالة العيون الخضراء - إن صح التعبير. ليس من غرابة القول بأن كافة الشركات المتناقصة تولدت لديها قناعة بأن المهندسين المشرفين على المشروع لا قيمة لهم ولا ثقل ولا دور، بل اصبح الدور الكبير عند الموظفين الاثنين فقط، ولأن خميس العلوي كلفهما بالشيء الكثير فقد استغنيا عن الإجازة الاعتيادية حتى لا تفوتهما الشاردة أو الواردة.


      في معظم حلقات هذا الموضوع كان التركيز على الفساد المالي، لكن الفساد الإداري وجد نصيبا له ايضا، وليس غريبا أيضا أن نجد هذين الموظفين لا يحملان أي مؤهل جامعي ومع ذلك يتعاملان بمناقصات وصلت بمليارات الريالات العمانية فصار رأيهما سديدا في مساعدة بل وفي تزكية هذه الشركة دون الأخرى. بالطبع إذا عرف السبب بطل العجب؛ إذا عرفنا أصحاب الشركات المتناقصة ومدى قرب أصحابها من خميس العلوي لعرفنا لماذا تفوز هي دون غيرها. لقد كان الدكتور خميس العلوي يمارس لغة (الظرف الأبيض) الذي يحوي لضعفاء النفوس مستقبلا مشرفا، وأملا جديدا لهم. بينما نجد في الجانب الآخر يحوى لهم فشلا ذريعا لمستقبلهم.



      وحيث أن الدكتور خميس العلوي قد خرج من الحكومة بشكل نهائي فإن هؤلاء الموظفين سوف يكونوا ضحايا خميس العلوي لأن الدكتور أحمد الفطيسي (الوزير الجديد للنقل والاتصالات) بصدد إجراء تنظيف واسع في ردهات وزارة النقل والاتصالات يشمل رؤوسا قد أيعنت فحان قطفها..



      (35)





      مهمة عمل رسمية سياحية



      في وقت اشتد فيه القمع البعثي وهو يستخدم قانون الطوارئ فقد أبدع الأدباء السوريون في تصوير الأحداث رغم ذلك القمع السياسي الذي نكل بالعشرات منهم فأشبع سجون ذلك البلد القابع أقصى الشمال العربي، ومن بين المبدعين الكبار الكاتب والشاعر "محمد الماغوط" الذي كتب للشعب العربي ملحمة رائعة اسمها "كاسك ياوطن" وأبدع ذلك النجم "دريد لحام" وهو يصّور لنا مآسي العالم العربي التي تجلت في فساد السلطة، كما ابدع مخرجها "خلدون المالح" في استحواذ المشاهد العربي الذي لم يتعود على كوميديا "دانتي" السوداء الساخرة ليقبع ذلك المشاهد لعدة ساعات دون ملل أو كلل وهي يشاهد مسرحية عظيمة استطاعت أن تخرج من مقص الرقيب السوري بشكل خاص والرقيب الإعلامي العربي بشكل عام لتبقى ملحمة خالدة في الفن العربي السياسي. ومن المشاهد - لأربطها بهذا الموضوع - الخالدة التي بقت في الذاكرة رغم أن المسرحية عرضت في بداية الثمانينات ذلك المشهد الذي تحدث فيه "غوار الطوشي" عن سفر الوزراء إلى الخارج في مهمات عمل لكن في الواقع كانوا يسافرون في مهمات استجمام فيفسدون في المال العام الذي ائتمنهم الشعب عليه لكنهم أساؤوا تلك الأمانة بتبذيرهم ذلك المال..

      بالتأكيد شاهد الدكتور خميس العلوي مسرحية "كاسك يا وطن" لكن المثير في الأمر أنه لعب بعض أدوارها في المسرح السياسي العماني. فحياة خميس العلوي الأولى كانت بسيطة ببساطة المواطن العماني الذي سعى والده وذويه إلى اكتساب العيش الشريف في ظروف بيئية وسياسية قاسية. ولعل أهم دور لعبه في تلك المسرحية على أرض الواقع العماني عندما فتحت له أبواب السماء ثلاثة كراسي وزارية وجد فيها فرصة السفر على حساب الحكومة وبامتيازات وبدلات سفر (علاوات) لكن يكن يحلم بها يوما. فأحلامه كانت بسيطة تغازل "شكسبير" فلم تتصور يوما بأن تتحول تلك الأحلام إلى "قصر" في مدينة صور العفية ولا مكتب في الدور "الرابع" بحي الوزارات بالخوير، ولا حاشية يأمرها وينهيها.


      لقد أحب الدكتور خميس العلوي السفر خاصة أن الحكومة أكرمته في الدراسة متنقلا بين السعودية واستراليا وأمريكا لتطأ قدميه "أرض الكنانة" و"الأراضي الهابطة". فعندما أصبح وزيرا فقد كانت القاهرة والصين وامستردام وجنيف وغيرها من المدن الآسيوية والأوروبية والعربية محطات لحضور اجتماعات ومؤتمرات دولية يتطلب الأمر تمثيل السلطنة فيها كونه وزير للبلديات أو الإسكان أو النقل والاتصالات. بالطبع لم يكن يسافر بنفسه؛ لا بد من رئيس مكتبه وحتى سكرتيره الشخصي ومدير دائرة التنسيق والتعاون الدولي بالإضافة إلى مدير عام أو متخصصين الذين سوف يكونون الممثلين الحقيقيين للسلطنة في المؤتمر، فليس مطلوب من "معاليه" سوى أن يحظر افتتاحية هذا الاجتماع أو ذلك المؤتمر وذلك بعدما تكون الصحف المحلية قد أذاعت خبر "مغادرة معاليه" لحضور "مؤتمر" أو "قمة عالمية" فيودعه سعادة الوكيل لتصور لنا تلك الصحف صورة الوداع التي تهمنا كمواطنين يجب أن نعرف ما يفعله الوزير قبل إقلاع طائرته وبالطبع عندما يعود أيضا وما بينهما من تفاصيل مملة لا يقرأوها القارئ بقدر ما يستخدم الصحيفة في "فرشها" كـ"سفرة" للأكل.


      بعد افتتاح المؤتمر وإلقاء كلمة فيها نيابة عن السلطنة - إن وجدت تكون هناك لقاءات جانبية لبحث "المصالح المشتركة" بين وفد هذه الدولة العربية الشقيقة وبين وفد تلك الدولة الأوروبية الصديقة. بالطبع مباحثات الدول العربية تختلف عن مباحثات الدول الأوروبية، فالأولى تتم في ردهات "اللوبي" ليس لوبي مكي ولا لوبي على ماجد وإنما لوبي الفندق الفخم الذي تتحمل الحكومة فواتيره، كما تتم بعض الاجتماعات في جلسات "حمراء" ملونة بألوان اللطيف وقوس قزح. وبالطبع سوف يقوم رئيس المكتب بإرسال تقرير فوري إلى الصحف المحلية يصف فيه ما يدور في تلك الاجتماعات حتى لا يفوت للمواطن متابعة وزيره في كل شاردة وواردة رغم أن ذلك الوزير لم يحضر سوى الجلسة الافتتاحية وبقية الأيام يكون قد قضاها متجولا في ربوع تلك البلاد. وعند العودة من ذلك المؤتمر يكون التقرير جاهزا لتقديمه إلى مجلس الوزراء حول ما تم مناقشته في ذلك المؤتمر وحول رؤية السلطنة وما قدمته من أوراق عمل كان قد أعدها بعض من المهمشين المطلوب الاستفادة منهم وقت الحاجة فقط. وبعدما يكون الوزير قد تكلم مدة عشر دقائق في المؤتمر يكون قرار المهمة الرسمية قد سجل عشرة أيام وعلى نفقة الحكومة الرشيدة. فلأن معاليه يستحق تذكرة سفر على الدرجة الأولى ولأنه رئيس الوفد فبالتالي - قانونا - يستحق المرافقون أيضا نفس الدرجة أو على الأقل درجة رجال الأعمال. التذاكر لوحدها سوف تتجاوز العشرة آلاف ريال بخلاف بدلات السفر وتكاليف الإقامة تدفعها الحكومة ليكون الوزير في ساحات الاجتماع وليس في ساحات الفندق أو ساحات الاستجمام!!



      (36)





      المركزية الفاشلــــــــــة

      بعد السابع والعشرين من يناير 2011 تغيرت الكثير من الأمور بالسلطنة، فقد صدرت مراسيم سلطانية سامية أثلجت صدر المواطن بشكل عام والموظف بشكل خاص، ومن بين تلك الأمور هي دخول الرقابة الإدارية في جهاز الرقابة المالية لتراقب الأداء الحكومي من الجانب الإداري خاصة مع ازدياد قضايا الموظفين في محكمة القضاء الإداري. حيث أن الوضع السابق تمثل في قيام الوزير بإجراء تغييرات تصل إلى الجذرية في بعض الأحيان دون وجود من يحاسب الوزير خاصة مع وجود أخطاء إدارية تكلف الدولة مئات الملايين من الريالات دون محاسبة. أفلم يخطئ مكي في صفقة الغاز الكورية الفاشلة؟ ألم يخطئ مقبول في استيراد الأرز الفاسد؟ ألم يخطئ وزير النفط السابق في الاستثمار في بحر قزوين؟ ألم يخطئ الدكتور محمد الوهيبي في الاستثمار في باكستان بأكثر من (70) مليون ريال عماني؟


      عندما تولى خميس العلوي وزارة النقل والاتصالات فقد كانت تعاني من وجود هيكل لا يتماشى مع التغييرات الإدارية والتنظيمية فما كان منه إلا أن أصدر عدة قرارات إستراتيجية خاطئة أثرت على سير العمل وأدت إلى مشاكل عويصة، ورغم أنه تراجع عن بعض القرارات "بعد خراب مالطة" إلا أن هناك قرارات أصدرها خميس العلوي مازالت سارية المفعول. ولعل أكبر القرارات الخاطئة هي مركزية العمل: مرد كل تصرف إداري أو مالي يجب أن يعود إليه ومن ثم يقوم هو بتحويله إلى مدير عام الشئون الإدارية والمالية أو المدراء الآخرين. ولنا ان نضرب أمثلة لتوضح المغزى في هذا الفشل الإداري السحيق:-


      1 - سحب الصلاحيات الإدارية من الوكلاء: الكثير من القرارات التي كان يتخذها وكيل الوزارة (لشئون الطيران المدني - لشئون الموانئ - للنقل) قد انتقلت إليه مثل المهمات الرسمية او الدورات التدريبية أو التصرف في بعض الموظفين. فأصبح وكيل الوزارة مجرد "مراسل" من هذه المديرية إلى الوزير.


      2 - المشتريات: هل يعقل أن يتحكم مدير عام الشئون الإدارية والمالية في المشتريات التقنية؟ هذا ما حصل. فلا يمكن شراء، مثلا، قطع غيار لرادارات المطار دون المرور به، وبالطبع يستغرق الأمر شهورا في حين تكون هناك حاجة ماسة وسريعة لتلك القطع. والشئ المثير هنا أنه لا بد من موافقة دائرة تقنية المعلومات (الكمبيوتر) في شراء قطع غيار لأجهزة فنية ليس لها علاقة بالكمبيوتر...


      3 - التدريب: أليس أهل مكة أدرى بشعابها؟ ففي السابق كانت كل مديرية تقوم بإعداد الخطة التدريبية السنوية للموظفين الفنيين خاصة والقابلة للتعديل ويتم اعتمادها من الوكيل بعد إعداد الموازنة اللازمة لها. قام الدكتور خميس العلوي بسحب صلاحيات التدريب عن المديريات بحيث يقتصر التدريب فقط على إعداد الخطة، لتذهب إليه وإلى مدير عام الشئون الإدارية والمالية ليقوما بتشطيب الدورات الفنية التخصصية وكذلك المدد. فبعدما كان الموظف الفني يحصل على دورة أو حتى دورتين في السنة، فصار يحصل عليها مرة كل سنتين فقط. كما أن العلوي قام بتشكيل لجنة برئاسة وكيل شئون الموانئ تختص بالتدريب والتأهيل للدراسات العليا وحصر أعضائها على مجموعة معينة أصبحت لا تغطي أمورا أخرى، فأصبحت القرارات مركزية دون الرجوع إلى المديرية التي اقترحت ذلك التأهيل. وفي واقع الأمر فإن هناك المديرية العامة للتخطيط والدراسات والتي يتبعها التدريب والتأهيل كدائرة لكن العلوي سحب تلك الصلاحيات من مديرها العام وألحقها باللجنة من حيث الموافقة ولمدير عام الشئون الإدارية والمالية من حيث المتابعة (دائرة تنمية الموارد البشرية).


      4 - المهمات الرسمية: كان وكيل الوزارة هو الذي يقرر المهمات الرسمية بعد اعتماد الموازنة لها. سحب خميس العلوي تلك الصلاحيات وأبقى للوكيل فقد رسالة طلب المهمة، بحيث يتوجب على كل مديرية التخطيط مدة سنة مسبقا قبل القيام بالمهمات، وهذا أمر وإن كان جيدا نظريا باعتبار أنه يجب أن يكون هناك تخطيط استراتيجي في بعض الأمور لكن صعب تطبيقه في كثير من الأحيان، وبالتالي كانت هناك مهمات رسمية في شكل ندوات أو مؤتمرات أو اجتماعات لم يتم الاعلان عنها قبل سنة ومطلوب تمثيل السلطنة فيها، وبالتالي كانت تفوت الفرصة لذلك. أي كان العلوي هو الذي يجب أن يوافق على كل مهمة رسمية في شكل خطة، كما أنه أوكل موضوع متابعة المهمات لدائرة التنسيق والتعاون الدولي. وهذا أمر كان خاطئ إداريا لإنه خلق "طبقة" من البيروقراطية الإدارية ليس لها داعي. فبدلا من أن تقوم الجهة الطالبة المهمة الرسمية بمخاطبة الجهة الأجنبية التي تعقد الاجتماع مثلا فإنه لا بد من المرور بدائرة التنسيق والتعاون الدولي.


      5- الشئون الإدارية: لم يكن هناك مدير للشئون الإدارية في المديريات بعدما أصدر العلوي قراراته بالتفويضات الإدارية - كما أسلفنا. وبالتالي كان الأمر يتطلب الرجوع إلى الوزارة في كل شاردة وواردة إذا ما علمنا أن شئون المدني لوحده يحتضن أكثر من (570) موظف، بخلاف المديريات العامة الأخرى كالطرق والموانئ والشئون البحرية. وبالتالي تحول العمل الإداري الضخم إلى الوزارة فزادت الضغوط على الموظفين المساكين بالوزارة في حين لم يجد موظفو المديريات الأخرى شيئا يفعلونه من الجانب الإداري. وكما أسلفنا سابقا فقد قام بنقل العديد من الموظفين إلى الوزارة من المديريات الأخرى ليحرمهم من بعض العلاوات المالية ويزيد العمل الإداري على الوزارة (القصد بالعمل الإداري هنا كل ما يتعلق بشئون الموظفين وأمورهم الإدارية مثل التوظيف والترقيات والإجازات الاعتيادية). بعد وجود مئات المشاكل والمراسلات رضخ أخيرا خميس العلوي عن هذا القرار فقام بتعيين مدراء للشئون الإدارية والمالية في المديريات وإرجاع بعض الصلاحيات الإدارية والمالية لهم.


      خلاصة القول، ربما أشار أحد المستشارين للدكتور خميس العلوي بإيجابيات نظرية "ماكس ويبر" الخاصة بالبيرورقراطية المتمثلة في المرجعية المركزية وتوحيد الأساليب والإجراءات، لكن ذلك المستشار - إن كان العلوي قد أخذ برأيه - لم يكن منصفا في ذكر سلبيات البيروقراطية التي أصبحت لا تتماشى مع الإدارة الحديثة التي تنادي بتبسيط الإجراءات والابتعاد عن الإدارة المركزية ومنع الصلاحيات الإدارية والمالية وحتى الفنية للمدراء والمدراء العامين وحتى الوكلاء، في حين يبقى الوزير وهو يرسم السياسات العليا للوزارة وليس يوقع أو يوافق على قرار مهمة سفر موظف أو شراء جهاز للحاسب الآلي...



      (37)




      رحلة ماليزيا وتايلند



      عندما صدر المرسوم السلطاني السامي بتعيين الدكتور خميس العلوي مستشارا للدولة فإنه اندهش كثيرا، إذ لم يصدق بأنه تم إبعاده من هذه الوزارة، وقد أسّر للبعض بأن أصحابه وأعوانه ضحوا به لعدة أسباب. ولعل أبرز النقاط التي دافع بها عن نفسه تمثلت في قوله بأنه نزيه وشريف وأنه رفض عدة مرات تقاسم الرشوة من بعض المسئولين ومن بعض الشركات، فكان استبعاده عن الوظيفة الحل الأمثل ليحل محله مقبول بن علي سلطان القادم من وزارة التجارة والصناعة.


      ذهب الدكتور خميس العلوي في اليوم التالي إلى ديوان عام وزارة النقل والاتصالات بالخوير ليسلم العمل الوزير الجديد (مقبول بن علي سلطان) والذي لم يطول بقاؤه في الوزارة سوى أسبوع واحد فقط. عند الساعة الحادية عشر خرج من بابه الخاص وبرفقته رئيس مكتبه الأمين (الوزير الخفي) ليودعه وبكل أسى، حيث فقد الاثنان الترسانة الوزارية التي كانا يتحصنا بها. ولم يفكر الدكتور خميس العلوي في توديع موظفيه الذين عمل ضد مصالحهم لمدة زادت على الثلاث سنين خلق فيها الفساد والفشل الإداري الذريع. خرج من الباب خلسة.... هذه الوظيفة إن لم تقدرها وتحافظ عليها فإنها لن تحافظ عليك يا معالي الوزير الموقر!!!

      وهربا من الواقع المر الذي لحق به فقد حجز تذاكره وغادر إلى شقته التي يمتلكها في ماليزيا محاولا استيعاب الفكرة حول كيفية خروجه من الوظيفة، بينما تشهد منطقة الشرقية وبشكل محدد ولاية صور اعتصامات ومظاهرات. في ذلك الوقت كان الوطن بحاجة إلى كل فرد للوقوف أمام الأزمة لكي يتخطاها الوطن. لقد وقف الوطن والسلطان بجانب خميس العلوي فكان من الأنسب أن يقف خميس العلوي بجانبهما، وبشكل خاص مع أهله وجماعته في صور العفية، لكن خميس العلوي فضّل أن يقبع في شقته الفخمة في ماليزيا تاركا خلف ظهره كل المشاكل التي تتعرض لها مدينة صور، لكن المستور قد انكشف فأقر أهل تلك المدينة الساحلية الشامخة بأنهم ليس بحاجة للدكتور خميس العلوي. لقد شيّد العلوي قصرا من القصور في أعلى الأماكن بمنطقة العيجة وعلى أرض سلبها من الحكومة، في حين كان من الأفضل أن تبنى وتستغل تلك الأرض في إنشاء منتزه تفيد المواطن الذي يبحث عن ترفيه للنفس هو وأسرته بعد عناء يوم طويل..



      (38)





      رحلة ماليزيا وتايلندتكملة



      ولأنه قد استنفع كثيرا في أكثر من وزارة فقد لحق رئيس مكتب الدكتور خميس العلوي مواسيا ومخففا الصدمة ومطبطبا على الدكتور العلوي محاولة تنسيته تلك الضائقة المفاجئة التي عصفت به، في حين نسي أو تناسى ضائقات بعض الموظفين والمسئولين وقبل ذلك ضائقات الوطن التي هدرت أمواله وأراضيه في سبيل مصالح خاصة. فقد نجح العلوي في إنعاش جيوب الحكومة بعشرات الملايين من الريالات لكنه فشل في منح هؤلاء المواطنين الأراضي التي تناسبهم والتي كانت أراضي بور بدون خدمات أو بنية تحتية.


      لقد توقع بعض المواطنين أن يقف خميس العلوي مساندا ذلك الرجل من بلاده الذي أحيل إلى التقاعد ولم يستطع المقارعة في مجلس المناقصات عندما تم تعيينه نائبا للرئيس. فمن يستطيع أن يقف في وجه فساد المناقصات التي يسيل لها اللعاب والتي يقف خلفها كارتيل قوي يشكله مستشارون ووزراء تجار ورجال أعمال لهم نفوذ بداخل البلاد وخارجها. ذلك الرجل كرس وقته وإمكانياته في التواصل مع المعتصمين آنذاك ومع والي صور ومع وزير القوى العاملة ومع المعنيين من الجهات الأمنية محاولا قدر المستطاع إثناء المعتصمين من الاعتصام خوفا على مكتسبات الدولة ومكتسباتها من التخريب، في حين كان خميس العلوي يتنقل بين ماليزيا وتايلند في رحلة استجمام يتمتع فيها بأجوائها الاستوائية العليلة.


      والمثير في الأمر أن خميس العلوي الذي كان يوما نائبا لرئيس مجلس إدارة الطيران العماني الذي كان عليه أن يدعمه كناقل وطني ويشجعه ويساهم في إنعاشه ليكون منافسا شرسا أمام الشركات الخليجية والعالمية لكنه فضل حجز تذكرته على الطيران التايلندي. لقد كان يتسلم خميس العلوي مبلغ (400) ريال عن كل اجتماع يعقده للطيران العماني لمدة ساعة أو ساعتين، ومع ذلك سافر على شركة طيران أجنبية في تلك الرحلة الاستجمامية رغم أن الطيران العماني يشغل تسع رحلات أسبوعية إلى بانكوك.



      (39)





      حققت النجاح فكان مصيرك الانهيار – الخاتمة



      في جلسته الأخيرة أمام مجلس الشورى صرح الدكتور خميس العلوي أنه يتم رصف أكثر من (2540) كيلو متر من شوارع السلطنة خلال الخطة الخمسية السابعة. كما استعرض في تلك الجلسة منجزات أخرى لوزارة النقل والاتصالات. وطوال أكثر من عشر سنين على كراسي وزارات ثلاث فقد جلس مرات عديدة أمام أعضاء مجلس الشورى يحاورهم مرة ويغلق رئيس مجلس الشورى الميكروفون في وجوههم مرات أخرى. وحيث أن التعديل الأخير ينتظره المواطن في توسيع صلاحيات مجلس عمان والذي يشمل مجلس الشورى فهل سوف يخضع الدكتور خميس العلوي للاستجواب باعتباره وزير سابق؟ الطريف في الأمر أن أولى اجتماعات رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية كانت مع وزير النقل والاتصالات الجديد دون أية وزارة أخرى. فهل كان ذلك صدفة؟


      استعرضت خلال الحلقات الـ(38) الماضية مسيرة رجل عصامي كاريزماتي استطاع أن يصل القمة، فقد كان مواطنا بسيطا شق طريقه بجده واجتهاده بعدما قدم من قرية صغيرة ليعود إليها فيما بعد ويسكن في قصر. ذلك المواطن البسيط كان متفوقا فحصل على بعثة حكومية نقلته من استراليا إلى الولايات المتحدة ليمارس التدريس فترة من الزمن ثم يجد حظه كأستاذ في الجامعة الحكومية الوحيدة، وبين ليلة وضحاها يصبح وزيرا يشار إليه بالبنان. ورغم افتقاره إلى أية خبرة إدارية فإنه استطاع بحنكة ودراية أن يكون في الصدارة، كما استطاع أن يجعل صوته مسموعا بين الموظفين أولا وبين الحكومة ثانيا، بل واستطاع أن يجذب المواطن والحكومة في صفه، فسعد المواطن وشكره، كما سعد الحكومة فشكرته. وعندما حقق ذلك النجاح، وفي غياب الرقابة المالية والإدارية وجد نفسه بأنه لا بد أن يتحالف مع أكبر قوتين حاولتا المساس بمقدرات ومكتسبات هذا الوطن العزيز؛ تحالف مع علي بن ماجد رئيس القوة العسكرية أو الأمنية، كما تحالف مع أحمد مكي كرئيس للقوة الاقتصادية التي هيمنت على كل شيء يخص عالم المال والاقتصاد، وقد نجح لفترة زادت على الخمس سنوات والتي كانت نصف الفترة التي قضاها في الحكومة خلال فترة شبابه التي بدأت في الأربعين وانتهيت في بداية الخمسين من عمره. وهو نجاح قلما يصل إليه شخص لم يكن له أية علاقة بالجهاز الإداري للدولة.


      لقد نجح الدكتور خميس العلوي في عشرات الأشياء والتي ورد ذكرها في سياق هذا الموضوع، فهو إنسان بارع وذكي و"شغول" لا يتوانى في التواصل مع أصغر الموظفين يتابع موضوعا معينا بنفسه. أتذكر اليوم الذي أتاني فيه اتصال من رقم يبدأ بـ(993) وينتهي بـ(5555)، فقد أتت المكالمة الساعة الثالثة إلا ربع بعد الظهر، وكنت على وشك الخروج من المكتب. ولأنني كنت قد قضيت يوم طويل متنقلا بين الخوير حيث اجتمعت بمسئولين في وزارة الخدمة المدنية بشأن الموافقة على هيكلة شئون الطيران المدني، فقد كان العلوي يتابع ذلك الموضوع عن كثب استعدادا للتدقيق على شئون الطيران المدني من قبل فريق منظمة الطيران المدني الدولي. قمت بالرد على المكالمة الواردة قائلا تفضل أخي، فرد عليّ بأنه خميس العلوي. سألته بعفوية وعصبية في نفس الوقت: من هذا خميس العلوي! فرد عليّ بأنه الوزير. فقلت له: تفضل معاليك. فقال لي بأنه يقدم شكره على قيامي بمتابعة موضوع الهيكل. طلب مني التوجه صباح السبت التالي (كانت المكالمة يوم الأربعاء) لألتقى شخصيا بوزير الخدمة المدنية لإنهاء موضوع الهيكل التنظيمي. بعد تلك المحادثة وأنا عائد إلى المنزل تأملت الوضع: وزير يتصل بمساعد مدير ليتابع موضوع بنفسه..


      لقد كنت رائعا يا دكتور خميس وأنت تتابع شئون الوزارة بنفسك مع أصغر موظف..


      كما كنت رائعا عندما حركت مياه راكدة في وزارات البلديات والإسكان والنقل والاتصالات..


      لكن ضميرك غاب عندما غابت الرقابة عنك فلم تنسى نفسك ولم تنسى أهلك ولم تنسى أصدقائك ولم تنسى المقربين إليك من موظفين.


      أنت الإنسان البسيط الذي علا شأنه قد أخرجك إنسان بسيط عندما نادى أمام مجلس الشورى بأن تخرج من الحكومة لأن رائحة الفساد قد طغت بتحالفك مع العسكر ومع المال.


      لقد رصفت شوارع بآلاف الكيلومترات، لكن أطاح بك رجل الشارع القابع بجنب شارع لا تتجاوز مساحته المائة متر.. فرجل الشارع رفعه صوته عاليا مناديا بإسقاطك وإسقاط غيرك. فسقط معظمهم أفرادا وجماعات؛ حتى العسكر سقطوا، وحتى أرباب المال وأباطرة الثروات سقطوا. عندئذ لم يكن هناك أحد ليحميك من صوت الشارع الذي رصفته. فقد لبت القيادة الرشيدة نداء الوطن والمواطن، وسمعت صوته بقوة بأن العلوي وآخرين غير مرغوبين في البقاء في شوارع الوطن التي تحولت إلى حسابات سويسرية تتناغم وتتراقص بين يورواتها ودولاراتها..


      ماذا يخبئ القدر لك؟


      لا ندري.. ما يطالب به رجل الشارع أيضا محاسبتك ومحاسبة كل وزير فاسد أخذ حقا غير حقه، قد يكون أخذه له بالقانون وبالصلاحيات الممنوحة في قانون مخروق، لكن رجل الشارع أقوى من القانون نفسه لأنه جزء من الوطن العزيز الذي يبقى والذي يسود والذي يستمر...


      قد تتمتع بثروتك، وقد يتمتع ممن كسبوا من ورائك، لحين من الدهر. لكن الحق لا بد أن يعلوا، وقد تنام العدالة لفترة طويلة حتى تحاسبك على تلك الثروة، لكن سوف يأتي من يركل تلك العدالة لتصحو من نومها وتقيم الحق بالفسطاط. وقد أحاكم أنا أو يحاكم مواطن آخر لا لشيء سوى أننا قلنا كلمة حق في وطننا الغالي الذي رفع شأنه جلالته - أبقاه الله ورعاه. لكن بقاء الحال من الحال..


      وفق الله عمان وشعبها، ووفق سلطانها، وحماها من غدر الغادرين وفساد المفسدين وخراب المخربين..



      انتهـــــــــــى




      المصدر : بن دارس


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions