الاهداء
الى صغيرة التي مرت على صفحة غياب في لحظة توقف الزمن

حورية البحر
أحمد حسين أحمد
أكتبُ في ليلِ البصرةِ أقصوصةَ حبّ
أصعبُ ما فيها الاسترسال
حيث تلاقيتُ مع الوجه المتوهّجِ كالسنبلِ،
حين يحينُ الحصاد..
وامتلأتْ أساريري بالبهجةِ
لأنَّ الحبَّ جزافاً لا يأتي،
إلاّ حين يشاء..
وفي البصر ةِ كان الحبُّ يزخُّ كما الأمطار
يتكوّرُ كالأرضِ أو يتمرّدُ كالإعصار..
هو اللّهُ إذا وهبَ الدنيا حلمهُ،
تتحلل كلّ الأسرار..
وهنا دوّنتُ الأقصوصةَ،
عن حوريةِ بحرٍ لبستْ ثوبَ فتاة
منطقها أسلمُ من منطقنا
و حلاوتها أكثر من طعم السكّرِ
قدسيتها جبل العرفات..
أحبّتْ يوماً دنيتنا
فلا هي تسطيع العيش كما نحيا،
أو هي ترجع للبحرِ وتحتضنها الأمواج
حوريةُ بحرٍ فارقها شكل الأسماكِ،
وحاصرها الإحراج..
هي الدنيا،
مـا أحلاها حين نموتُ من الحبِّ
ما أجملها حين نعيش كما نحنُ نريد..
وصعوبتها تبقى : كيف نعيش؟
لكنَّ الحوريةَ آلتْ إلى البحرِ تحاكيهِ
وتقصُّ على الموجِ حكايتها:
هــلْ أهوى إنسان البرِّ؟
هل أتكلمُ بالمنطقِ حتّى يندحرُ الشرُّ؟ـ
أمْ أرجعُ للدنيا المغمورة تحت الماء؟

أعودُ إليها حين يعود الجزر..
لكنَّ المدَّ تثائبَ في غنجٍ
والأمواج انسحبتْ حين تكلم شيخ البحر فقال:
أنتِ امرأةٌ منّي انسلختْ
وبملحي عاشتْ كلّ الأحياء
وإليَّ تعودُ جميع الأسماء
أحبيهِ إذا أنتِ رأيتِ الصدق،
شعاراً يمنحهُ دون رجاء
أو أنتِ عرفتِ جميع الأشياء..
أجمل في عالمكم عقل الإنسان
وأحاسيس الوجدان..
حبّكِ قدْ يبقى ميؤوساً منهُ
لكنّكِ حين تقولين الصدق،
و تـحبّينَ بصدق
سوف تقيمينَ صلاتكِ،
تحتَ ظلالِ عروش الرحمن..
لأنّكِ امرأةٌ بحرية..
و معانيكِ أراها كسماتِ الحرّية
لا تتقلصُ حين الغيض..
لذلك أأسفُ إنْ أنتِ تخاذلتِ،
أو جلبوكِ إلى قعري مسّبية..
سوف أكلّفُ طينَ طمايَ،
ليضخّ الراسب في وجه الحورية،
ينحتهُ تمثالاً حجرياًـــــ
عنواناً للإنسانية..
❊
البصرة ‮١٢‬/‮٢١‬/‮٨٨٩١‬