مسقط – ش

تتسارع الاحداث في المنطقة العربية بشكل يفوق قدرة صانعي القرار على مواكبتها خاصة في ظل تشابكها من جهة وتأثيرها المباشر على السياسات الاستراتيجية والتحالفات القديمة ففي الوقت الذي يشهد بوادر إمكان حدوث تقارب حذر بين مصر وايران تشهد العلاقات الايرانية الخليجية مزيدا من التوتر والتلاسن على خلفية الاحداث في البحرين ومن هنا كان المأزق المصري الراهن حيال احتمال التقارب مع طهران والموقف الخليجي من هذا التقارب. وفي هذا السياق ذكرت جريدة القبس الكويتية في عددها الصادر امس أن جولة د. عصام شرف رئيس الوزراء الخليجية، سبقتها مشاورات على مستوى عال أدت الى تأخيرها يوما واحدا، وعلم أن دولة الإمارات قررت إلغاء الزيارة.

وقالت المصادر إن هناك اتفاقًا خليجيًا على ضرورة أن تعود مصر للقيام بدورها المحوري القومي والعربي، وأن دول مجلس التعاون الخليجي تنظر بعين القلق الى تعدد الآراء واختلافها في مصر بشأن الدور الذي يمكن أن تقوم به لدعم أمن دول المجلس واستقرارها، وكذلك بشأن العلاقة المصرية - الإيرانية واحتمالاتها المختلفة.

وأوضحت المصادر الخليجية الرفيعة أن مصر تلقت رسالة خليجية واضحة، مفادها أن جولة شرف التي ستركز على تعزيز الاستثمارات في مصر تأتي في ظل حديث ومواقف رسمية مصرية تدعو إلى علاقات وطيدة مع إيران، بينما 6 دول خليجية عربية تشكو الى مجلس الأمن الدولي من التدخلات والتهديدات الإيرانية.

وأضافت المصادر أن دول مجلس التعاون مع تقارب الحكومات والشعوب، لكن توقيت السعي المصري لعلاقات مميزة مع إيران في ظل تصاعد تدخلها في الشؤون الداخلية الخليجية وتهديدها لبعض أنظمتها أمر مثير للاستغراب والقلق، مشيرة إلى أن دول المجلس تتوقع موقفًا مصريًا داعمًا، لكن مثل بعض المواقف في أرض الكنانة يمكن أن تكون رسائل خطأ بأن دور مصر القومي والعربي قد اصابه الوهن، ولذلك فإن دول الخليج تخشى أن يكون التقارب المصري - الإيراني على حسابها.

كما تأمل دول مجلس التعاون أن تشكل جولة شرف رسالة واضحة إلى إيران وغيرها بألا يوجد فراغ سياسي في مصر ولا تردد في دعم قضايا الأمن القومي العربي بما في ذلك امن دول الخليج العربية . وسئلت المصادر الخليجية الرفيعة عن حقيقة ما يجري في مصر، فقالت: لن نقول إن الموقف المصري متذبذب، لكن هناك تباين في الآراء وتعارضها، فالمجلس العسكري على موقفه الداعم لأمن الخليج مقابل مواقف ترى فتح قنوات وعلاقات مع إيران بشكل ما .

وأشارت المصادر إلى أن اجتماع وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل مع نظيره المصري نبيل العربي ركزت على هذا الملف بشكل خاص.

على صعيد الموقف المصري أكدت السفيرة منحة باخوم "المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية" أن الجولة الخليجية التي سيقوم بها شرف إلى كلٍ من السعودية والكويت وقطر ستتناول شقين: الأول يتعلق بالعلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي بين مصر وهذه الدول والثاني يشتمل على مناقشة عدد من الموضوعات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والأمن في الخليج ، بالإضافة إلى الأزمة في ليبيا واليمن.

ولفتت المتحدثة الرسمية إلى أن هذه الموضوعات كانت أيضاً محوراً لمباحثات د. نبيل العربي في السعودية مع الأمير سعود الفيصل، والتي شدد خلالها على أن أمن منطقة الخليج يعد جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، مذكرًا بما صرح به مؤخرًا من أن مصـر تعتبر أن أمن واستقرار وعروبة الخليج هي خطوط حمراء لا تقبل المساس بها، وأن التدخل في شؤون دول الخليج أمر غير مقبول شكلاً ولا مضمونًا.

في سياق متصل.. وصف السفير المصري لدى السعودية محمود عوف، العلاقات بين مصر والسعودية بأنها متميزة وعلى أعلى مستوى، مؤكدا أن الجانب السعودي أعد الترتيبات الخاصة لزيارة د. عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء للرياض. وقال السفير المصري إن كل الجهود تبذل حاليًا في هذا المجال.. وهذا يؤكد أن العلاقات المصرية- السعودية لا يعتريها أي مشاكل، وأن الزيارة تستهدف دعم العلاقات بين البلدين الشقيقين في شتى المجالات.

وأكد السفير محمود عوف، أن تعديل موعد زيارة رئيس الوزراء للرياض جاء بناء على طلب الجانب المصري وليس من السعودية.. مشيرا إلى أن المرحلة القادمة ستشهد دعما للعلاقات على كل المستويات.

وعن العلاقة المصرية الخليجية، على ضوء التوترات التي تشهدها مع إيران أوضح شرف قبيل الزيارة انه ما من شك في أن العلاقات المصرية الخليجية هي علاقات تتسم بدرجة عالية من التميز والاستمرارية، فهي تقوم على أسس راسخة قوامها قناعة مصر بأن أمن الخليج خط أحمر، خاصة أن منطقة الخليج العربي تمثل عمقا استراتيجيا أساسيا للأمن القومي المصري".

وتابع :"ويعد الحفاظ على استقرار الخليج التزاما قوميا وضرورة لتحقيق استقرار المنطقة، وكثيرا ما ساندت مصر أشقاءها الخليجيين في عملية البناء، وفي مواجهة كثير من الأزمات. كما أن هناك تقديرا مصريا لدول الخليج ودورها الريادي". وأعرب شرف عن اعتقاده أن تجاوز حالة عدم الاستقرار الحالية التي تمر بها المنطقة لن يتم إلا بتعاون مصر والسعودية، فهما الأقدر على حشد الدول العربية في اتجاه تحقيق طموحات شعوبها، كما أنهما بما لهما من تأثير على الصعيد الدولي الأكثر قدرة على نقل وجهة النظر العربية فيما يخص العديد من القضايا القومية المصيرية، وهو ما ينطبق على القضية الفلسطينية التي لم نتوان يوما عن تقديم التأييد والمساندة لها، من أجل تحقيق طموح الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".

وتعد زيارة شرف للسعودية الثانية له خارجياً، بعد زيارته للسودان منذ أسابيع قليلة على رأس وفد وزاري رفيع المستوى، وكان على رأس مستقبليه الرئيس السوداني عمر البشير، ونائبه علي عثمان طه، ووقتها حظي باستقبال لم يكن يتوقعه، ووقتها قال: " لم نشعر بحرارة السودان بقدر ماشعرنا بحرارة الاستقبال من إخواننا السودانيين".. وكل الأمل في أن يقول شرف نفس العبارة بعد إتمام زيارته للخليج.

أكثر...