

من كتاب الروح لابن القيم الجوزية رحمه الله
يقول إبن القيم بخصوص التزاور بين الأروح:
الأرواح صنفان ، معذّبة وأخرى منعمة ..
فـ المعذبة لاهية بما فيها من عذاب ..
عن التزاور والتلاقي ..
بينما المنعمة ، تتنعم بـ التلاقي والتزاور ..
وروى جرير عن منصور عن أبي الضحي عن مسروق قال قال أصحاب محمد ما ينبغي لنا أن نفارقك
في الدنيا فإذا مت رفعت فوقنا فلم نرك فأنزل الله تعالى
(ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) ..
..
وقال بخصوص موت الجسد والروح أو الجسد فقط:
قالت طائفة تموت الروح وتذوق الموت لأنها نفس وكل نفس ذائقة الموت
قالوا وقد دلت الأدلة على أنه لا يبقى إلا الله وحده قال تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام
وقال آخرون لا تموت الأرواح فإنها خلقت للبقاء وإنما تموت الأبدان قالوا وقد دلت على هذا الأحاديث الدالة على
نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها ولو ماتت الأرواح لانقطع عنها النعيم والعذاب
..
وقال عن هل عذاب القبر على الجسد أم الجسد والروح:
مذهب سلف الأمة وأئمتها أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب ، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه ،
وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة ، وأنها تتصل بالبدن أحياناً ، ويحصل له معها النعيم أو العذاب.
..
يقول عن هل يُمتحن الأطفال في قبورهم:
أنهم لا يمتحنون ، لأن السؤال يكون لمن عقل الرسول والمرسل ، فيسأل: هل آمن بالرسول وأطاعه ،
أم لا؟ فأما الطفل الذي لا تمييز له فكيف يسأل هذا السؤال؟
..
يقول بخصوص هل الروح قديمة أو محدثة مخلوقة:
أجمعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم على أنها محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مُدَبَّرَة. وهذا معلوم بالاضطرار من دينهم ،
وقد انطوى عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم وهي القرون المفضلة على ذلك ، من غير اختلاف بينهم ، حتى نبغت نابغة من أهل الضلال فزعمت أنها قديمة غير مخلوقة!!
..
قال عن هل الروح خلقت قبل الجسد أم بعده:
قد اختلف العلماء في هذا:
فقال قوم: الأرواح مخلوقة قبل الأجساد.
وقال آخرون: بل الأجساد مخلوقة قبل الأرواح.
والصواب هو القول الثاني: وهو أن الأجساد خُلقت أولاً ، ثم الأرواح ،
ودليل هذا أن الله خلق آدم – عليه السلام – من تراب (ثم) نفخ فيه الروح.
قال ابن القيم – رحمه الله -: "والقرآن والحديث والآثار تدل على أن الله سبحانه نفخ فيه من روحه بعد خلق جسده"
..
وقال عن ماهية النفس ، وما حقيقتها:
الروح جسم مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس، وهي - أي الروح –
جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك ، ينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها
سريان الماء في الورد ، وسريان الدهن في الزيتون ، والنار في الفحم.
فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف
بقي ذلك الجسم اللطيف مشابكاً لهذه الأعضاء ، وأفادها هذه الآثار من الحس والحركة الإرادية.
وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها ، وخرجت عن قبول تلك الآثار ، فارق الروح البدن ، وانفصل إلى عالم الأرواح.
..
قال عن النفس ، هل هي واحدة أم ثلاث:
يقول الله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة) ويقول: (ولا أقسم بالنفس اللوامة) ، ويقول: (إن النفس لأمّارة بالسوء) ،
فهي مطمئنة ، ولوامة ، وأمارة.
فـ يقول إبن القيم: أنها نفس واحدة ،
ولكن لها صفات ، فتسمى باعتبار كل صفة باسم، فتسمى (مطمئنة)
باعتبار طمأنينتها لربها بعبوديته ومحبته ، وتُسمى (لوامة)
لأنها تلوم صاحبها على التفريط ، وتُسمى (أمّارة) لأنها تأمره بالسوء ، وهذا من طبيعتها إلا ما وفقها الله وثبتها وأعانها.
