الطلاق وآثاره على شخصية الطفل

    • الطلاق وآثاره على شخصية الطفل

      بعد أن تنتهي الفترة أو المرحلة الأولى من الزواج والتي تكون مشحونة بالعواطف ومطارحات الغرام، يبدأ نمط متكرر للحياة يسوده الضجر والملل والانشغال بمطالب الحياة اليومية. وقد تظهر كثير من المنغصات والصعوبات التي لا مفر من وجودها في العلاقات الزوجية. وقد تمر هذه الصعوبات بسلام إلا أنها قد تتكرر وتتزايد بحيث يشعر أحد الزوجين أو كلاهما بالسأم ويرى أنه يستطيع الحصول على إشباعات أكبر خارج العلاقات الزوجية.
      لقد وضع عالم الاجتماع (لوك) سلسلة الخطوات في هذه العملية ـ حسبما يرى ـ والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى الانفصال على النحو التالي:
      1 ـ زيادة المشكلات والتوترات بين أفراد الأسرة.
      2 ـ اجترار موضوعات الصراع داخل النفس.
      3 ـ التعبير الخارجي عن الصراعات.
      4 ـ محاولات متقطعة لحل المشكلات الزوجية.
      5 ـ النوم في حجرات أو مخادع مختلفة.
      6 ـ الإشارة إلى الطلاق كاحتمال من الزوج أو الزوجة.
      7 ـ الانفصال والمعيشة في أماكن مختلفة.
      8 ـ الوصول إلى صلح مؤقت.
      9 ـ التقدم بطلب للحصول على الطلاق.
      10 ـ مناقشة طلب الطلاق.
      11 ـ المطالبة بالطلاق.
      12 ـ رفض طلب الطلاق.
      13 ـ تجديد المطالبة بالطلاق.
      14 ـ الحصول على الطلاق.
      15 ـ محاولة تحقيق التحرر من الحياة الزوجية.
      16 ـ التكيف مع الوضع الجديد.
      الهجر:
      يقص د بالهجر، انفصال الزوجين في المعيشة ولكن دون حدوث الطلاق مع الاحتفاظ بالصور الظاهرية ـ الكاذبة ـ للزواج. وقد يكون هذا الانفصال مؤقتاً، كما قد يكون دائماً.
      وتبدو هذه العملية أكثر تواتراً بين الجماعات التي تضعف فيها عملية الضبط الاجتماعي حيث يستطيع الشخص أن يتحلل من كافة مسؤولياته الأسرية دون أن يشعر بأنه قد خدش أو اعتدى على قيم وتقاليد الجماعة.
      ومن الملاحظ أن حالات الهجر أكثر ظهوراً في المجتمعات المدنية المستحدثة التي تتعرض للتغير الاجتماعي السريع وحيث تنشأ العلاقات في الغالب بين جماعات متنافرة وثقافات متباعدة، كما تكثر هذه الحالات بين الجماعات الدينية التي لا تبيح الطلاق.
      الطلاق:
      وه و إنهاء الحياة الزوجية بصورة نهائية ودائمة. ولقد أجازت الشريعة الإسلامية الطلاق كحل للتخلص من العلاقة الزوجية التي لا خير في بقائها، لأن الطلاق في بعض الأحيان يكون حلاً للمشكلات والصراعات المتواصلة التي تخيِّم على الحياة الزوجية. والأصل في الطلاق طبقاً للشريعة الإسلامية أنه مجاز إلا أنه غير محبذ كما يشير الحديث عن رسول الله (ص): "أبغض الحلال عند الله الطلاق".
      العو امل المؤدية والمساعدة على حدوث الطلاق:
      أرجع عالم الاجتماع (موناها) حدوث الطلاق إلى ثلاثة عوامل:
      1 ـ مدة الحياة الزوجية: والتناسب في هذا العامل تناسباً عكسياً، أي انه كلما زادت مدة الحياة الزوجية قلت فرصة حدوث الطلاق، والعكس صحيح.
      2 ـ العوامل الخارجية: ومثال ذلك الأزمات الاقتصادية التي تؤثر في نسبة الطلاق في فترات معينة.
      3 ـ الظروف التي تم فيها الزواج: ومن أمثلة ذلك الزواج الذي يتصف بعدم النضج النفسي والاجتماعي.
      ويرى (كانون) أن الاختلاف بين أنماط المعيشة الريفية والحضرية يمكن أن يكون أحد العوامل التي تزيد من نسبة حدوث الطلاق.
      أثر تفكك الأسرة على الطفل:
      إن الطفل كجزء من الوحدة الأسرية يتأثر بما تتعرض له هذه الوحدة من مشكلات وتمزقات تأثيراً سلبياً يعود بالضرر على الطفل والأسرة ثم على المجتمع بصورة عامة.
      ومن مظاهر هذا التأثير:
      1 ـ تنشأ لدى الطفل صرا عات داخلية نتيجة لانهيار الحياة الأسرية فيحمل هذا الطفل دوافع عدوانية تجاه الأبوين وباقي أفراد المجتمع.
      2 ـ في كثير من الحالات ينتقل الطفل من مقر الأسرة المتفككة ليعيش غريباً مع أبيه أو أمه فيواجه بذلك صعوبات كبيرة في التكيف مع زوجة الأب أو زوج الأم. وقد يقوم الطفل بعقد عدة مقارنات بين والديه وبين الوالدين الجدد مما يجعله في حالة اضطراب نفسي مستمر.
      3 ـ يتحتم على الطفل وفقاً لهذا الوضع الجديد أن يتكيف مع بيئات منزلية مختلفة في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والمستوى الثقافي مما يؤثر على شخصية الطفل بدرجة كبيرة فيخلق منها شخصية مهزوزة غير مستقرة ومتأرجحة.
      4 ـ يتحمل الطفل كالآباء تماماً عبء التفكير الدائم في مشكلة الانفصال.
      5 ـ يعقد الطفل مقارنات مستمرة بين أسرته المتفككة والحياة الأسرية التي يعيشها باقي الأطفال مما يولد لديه الشعور بالإحباط، أو قد يكسبه اتجاهاً عدوانياً تجاه الجميع وبالأخص أطفال الأسر السليمة.
      6 ـ يتعرض الطفل للاضطراب والقلق نتيجة عدم إدراكه للأهداف الكامنة وراء الصراع بين الوالدين أو أسباب محاولة استخدامه ـ من قبل والديه ـ في شن الهجوم على بعضهما البعض واستخدامه كأداة لتحقيق النصر على الطرف الآخر.
      7 ـ يؤدي هذا الاضطراب في مرحلة الطفولة إلى اضطراب النمو الانفعالي والعقلي للطفل فيبرز للمجتمع فرد بشخصية مهزوزة أو معتلة يعود بالضرر على المجتمع بأكمله.
      ـــــــــــ ــــــــــ
      منقول : بتصرف .
    • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      ضحايا الطلاق:

      تبين الإحصائيات أن أكبر عدد لنزلاء إصلاحيات الأحداث هم من الذين يأتون من عائلات متهدمة, وخاصة من أبوين مطلقين. فاختلال التوازن الأسري يحرم الطفل من سند قوي هو في حاجة إليه لنموه العاطفي والاجتماعي, إذ أن نفس الطفل الحساسة تجعله عرضة للتأثر بما حوله, وهو يمتص انفعالات الأشخاص المحيطين به كما يمتص الإسفنج الماء , لكنه لا يملك قدرة الإسفنج بالاحتفاظ بالماء إنما يخرج معاناته بأعراض نفسية تتمثل بالقلق والأعصاب والعناد وكلها أعراض لعدم الاستقرار الأسري, وقد يشكل طلاق الأبوين نهاية الفاجعة بالنسبة للطفل إذا عرف الأبوان كيف يستمران على علاقة طيبة من أجل الأطفال بعد انفصالها, لكن الذي يحصل غالبا في مجتمعاتنا العربية أن يُتخذ الطفل وسيلة لانتقام المطلق من مطلقته أو بالعكس, ويصبح وسيلة ضغط بحيث لا يدع أحد الأبوين الفرصة للآخر أن يبدأ حياته من جديد مع شخص آخر, فغيرة المطلقة قد تدفعها إذا تزوج مطلقها أن تتنازل له عن حضانة الأطفال ساحقة أمومتها تحت أقدام غيرتها العمياء, أو أن حقد المطلق يجعله يهدد مطلقته بأخذ الأولاد منها في حال فكرت بالزواج من شخص آخر, وهنا تبدأ المشاكل من جديد.

      كذلك كثيرا ما يلجأ أحد الأبوين أو كلاهما بعد الطلاق إلى إغراء الطفل بواسطة الهدايا والوعود ليوحي له بأنه هو من يحبه ويعطف عليه أكثر, فتزيد معاناة الطفل, وقد يجد الحل بأن يرضياهما معا, فيحاول التلاعب بعواطفه, ومن ثم يتعلم كيف يتلاعب بهما معا لإشباع أنانيته لأن هما يعلمانه الأنانية بطريقة لا مباشرة, وهكذا يضيف إلى الاضطرابات النفسية انحرافات سلوكية فلا يجد سبيلا إلى التوافق الاجتماعي مع محيطه مستقبلا إلا عن طريق الالتواء وعدم الوضوح وفقد الأمانة والتضحية.

      والأسوأ من ذلك أن ينشأ الطفل وفي أذنيه يرن توبيخ مستمر على أخطاء والده أو والدته, فإذا أغرقت الأم طفلها بالشكوى من والده ووسمته بأبشع الصفات فإن صورة المثل الأعلى والقدوة تهتز في عين الطفل, فينمو فاقدا لقيم الجمال والحق والخير , كذلك فان انطباعه عن نفسه يكون مشوها أو دونيا لأنه يستقي هذا الانطباع من انطباعه عن والديه ويعتبر نفسه مسؤولا عن أخطاء الأب أو الام إضافة إلى أن كره الأب أو الأم المتغلغل في أعماقه يجعله يكره نفسه وينعكس هذا الكره عندما يكبر بأن يصبح كارها لمجتمعه وهذا ما يؤهله بأن يكون نموذجا لما يسمى بالشخصية ضد المجتمع .

      المشكلة تتبدى أكثر عند زواج الأم من آخر أو زواج الأب من أخرى وبقاء الطفل مع أحدهما ثم مجيء أطفال جدد إلى العائلة ينعمون بالحنان من قبل الأم وبالأمان من جهة الأب معا, بينما الطفل نفسه يعاني من فقد الأب أو الأم أو كليهما كما يحدث في حال اهتمام والدته بأولادها من زوجها الجديد أو في حال انشغال الأب بعمله وتركه لطفله تحت رحمة زوجته الجديدة التي قد تفضل أولادها عليه, كل هذا يؤدي إلى فقد شعور الطفل بقيمته الذاتية فيشعر أنه أدنى من الآخرين, وقد تنمو في نفسه أحاسيس الغيرة من إخوته والحقد على والديه, ومن هنا تتضح لنا الأسباب الخفية للمواقف العدائية التي يقفها الطفل والتي قد تصل إلى حد الجريمة, مما يزيد في عدد رواد الإصلاحيات ونزلاء السجون.

      شكراً لطارح الموضوع :) ..
      الهدى|e