نطح الصخر ..عن اللغة العربية ولهجات أهل عمان جديد النوارس لا تحلّق بعيداً

    • نطح الصخر ..عن اللغة العربية ولهجات أهل عمان جديد النوارس لا تحلّق بعيداً

      قبل أربع سنوات وفي حفلة نهاية السنة الدراسية أهدتني فاطمة ابنة الاثني عشر ربيعا مجموعة من مفردات اللغة الجبّالية في ورقة وفي رحلة العودة إلى بركاء كنت احفظ الكلمات الجديدة لتضاف إلى مفردات ترسخت في ذاكرتي التي استوطنت ذلك المكان لأربعة أشهر..

      فاطمة وفي يوم مطير خرجت مع اخوتها الذين يكبرونها إلى جبل الجزيرة الكبير,ذلك أن علم السلطنة هوت به الريح وسقط وحين شاهده الأهالي هبوا مسرعين

      سالت فاطمة صباح الغد: لماذا خرجتم كلكم؟!

      اجابتني بابتسامة: استاذ أهلنا علمونا أن علم الوطن لا ينتكس..شامخ دائما

      وقتها كانت عبرتي تهطل وأنا أراقب من نافذة الفصل العلم يرفرف على الجبل.

      كلنا يدرك أن اللغة العربية كانت ولا زالت تمارس دورا مهما في نشر حضارة الانسان وثقافته,لكن في المقابل يجب أحياء جميع اللهجات واللغات الأخرى في الوطن واعتبارها أدوات مهمة لإنتاج المعرفة الانسانية وتحقق ثراء في التنوع الثقافي والفكري ,كما يجب ادانة كافة أوجه العداء لأي ثقافة وأي لغة ولهجة ومحاولة منع انتشارها وتطورها مهما كان عدد الناطقين بها ومهما كان مستواهم الفكري والثقافي إلا أنها تظل جزء من منظومة الفكر الانساني تعب لاجل صياغتها من تعب وسالت لاجلها دماء وقدمت تضحيات ونشرت لأجلها كتب ودواوين وروايات وحكايات ظلت صامدة.

      في فرنسا حيث اللغة الرسمية بها هي الفرنسية وحدها في الوقت الذي يوجد بها عدة لغات أخرى، هي الباسكية والكتلانية والكورسيكية والبروتانية والالزاسية و الباتوا وهناك تمازج بين ألوان هذه اللغات و تنافس من أجل انتاج ونشر المعرفة والثقافة والتاريخ والادب الفرنسي.

      وفي الصين آلاف اللغات واللهجات لكن اللغة الرسمية هي الماندران وهناك دول عديدة نظرت إلى تعدد اللهجات واللغات فيها على أنه تنوع غنيّ يزيد من رصيد أوطانها وليس انتقاصا من شأن اللغة الرسمية فيها.

      اللهجات تبقى صفات لغوية حكتها بيئة أو ظروف خاصة وهي تضفي لمسة اجتماعية تزيد من تآلف الناس في مكان ما.

      اقسم لكم أنني حزين لإنني لا أجيد التحدث بلهجتي كما تجيدها أمي وجدتي وبقية الكبار في حارتي,وحملتهّم المسؤولية في أكثر من مرة لكن في المقابل سعيد لإنني أمتلك مملكة من الأصدقاء متنوعي اللهجات (صحار-شناص-لوى-محضة-الرستاق-صلالة-ابرا- صور-كمزار )واحتفظ بمفردات لهجاتهم و حين تشكل عليّ كلمة ما اسألهم بقصد معرفة معناها ومن أجل ربما توظيفها في أي مشروع كتابيّ قادم وهم يتقنون العربية الفصحى أكثر من بعض حاملي الشهادات وأصحاب الدراسات –الشكليّة-, وكنت سعيدا جدا لإن احد الأصدقاء هاتفني من الجنوب العماني ليسألني عن كلمة من كلمات لهجتي وردت في احدى نصوصي.

      في الفترة الأخيرة خرجت علينا احداهن تقدم لنا دروس في المواطنة وفي الحقيقة العتب على الجدران التي تسمح لهكذا مقالات أن تلصق بها والعتب على وضعهم مالكي هذه الجدران لقراءة المقالات قبل نشرها ,أشعر بالأسى وأنا أرى الجدران يحرسها سائس الاسطبل ويروج فيها لأفكار مالك الاسطبل ويقدسه.

      هذه الجدران تريد أن تنقض ولا تجد من يقومها لإن ملكيته تعود إلى أشخاص قد بلغوا اشدهم واستخرجوا الكنز المطمور هناك!

      ثم لماذا ربط المواطنة باللغة فقط وأنتي تعلمين أن المواطنة هي قيم وسلوك أي تربية وتراث مرتبط بقيم وثوابت المجتمع وفلسفته في الحياة؟!

      وأنتي يا دكتورة تعلمين أن للمواطنة مظاهر وأن للمواطنة مقتضيات,فمن مقتضيات المواطنة احترام التعددية أيا كان نوعها طالما أنها تصنع فسيفساء جميلة لوطننا,ومن مظاهرها الشعور بالهوية واللهجات جزء أصيل من هويتنا ومن مظاهرها قبول الآخر وقبول خصائصه ومن مظاهره الحفاظ على مكتسبات الوطن و تراص فئاته ومكوناته وليس اللعب على وتر اللهجات أو الطوائف من اجل محاولة التذكير بأهمية اللغة العربية في وقت لا تنقصنا هذه النزعة البغيضة حاولت فيها جهات عديدة ضرب هذا التراص بتخوين والتقليل من أهمية اشخاص من فئات وأماكن معينة لإنها أخرجت راسها من نافذة أغلقت طويلا بأقفال القهر والذل .

      وكنصيحة أقول لها: بدلا من أن تقدمي لنا دروسا في أصول الكتّاب كالتبريزي والتفتزاني وجذورهم اتوجه لك بنصيحة أن تذهبي إلى وزارة التعليم العالي وبالتحديد إلى الكليات والجامعات واسألي الاساتذة المحاضرين عن الطلاب من السنة الاولى وحتى الخريجون منهم الذين يعانون من ضعف دراسي واضح ثم من منطلق موقعك –كمكرّمة (بتشديد الراء طبعا وليس بفتحها!) تكرّمي بزيارة وزارة التربية والتعليم للإطلاع على ملامح سياساتهم في مجال معالجة ضعف اللغة العربية لدى طلاب الصف الثاني عشر –يا إلهي نعم الثاني عشر- واعقدي جلسة مفتوحة مع المستشارين –كبيري السن والمنتهية صلاحيتهم وحاملي الدكتوراه مثلك طبعا – ولن تجدي اجوبة منطقية بل سيقدمون لك سجلات مزركشة و أوراق ملونة بواجهات مع تصميم مكلّف مع صورة طالب يقرأ رواية عمانية! وراجعي آخر الصفحة في الدراسة لتجدي من قام بالدراسة وما هي توصياتهم وتمعني في جمالية ما "نقلوه " من دراسات دول الجوار وما –أضافوه- هم.

      كان عليك أن تطرحي حلولا لمشكلات الضعف القرائي والكتابي ,بطبيعة الحال لا أقصد وضع تصور لمشروع تحدد له ميزانية مفتوحة خاصة من قبل وزارة التربية الحاضنة للمشاريع المفتوحة الميزانيات!

      اسألي نفسك لماذا لم يعد منهج اللغة العربية يحظى باهتمام الطلاب؟!

      هل هو في الوزارة ؟المشرفين؟ألمعلم؟الطالب نفسه؟ الأسرة؟!

      أم أن الجميع يتحمل جزء من هذه المشكلة بحسب موقعه؟َ!

      لماذا يكلف المعلم بمنهج صارم ولا تجوز مشاركته في رسم ملامح المنهج وتقديم أفكار خلاقة وناهضة للمنهج؟!

      ثمّ أنّ المشكلة هل هي في المهارات اللغوية أم العلوم اللغوية؟!

      مقالك الأخير عن المواطن هل هي دعوة إلى إلغاء جميع اللهجات واستخدام اللغة العربية الفصحى لحل المشكلة؟!

      هل تنوين حرماننا من موسيقى لهجاتنا الجميلة التي رضعناها من أمهاتنا وجالت معنا طوال طفولتنا في حاراتنا وكبرنا معها ؟!

      بالمناسبة راجعي ملفات الخطط العلاجية –الصورية- في مدارس السلطنة وانصحك أن تطلبي أسماء أبناء -بعض- المستشارين –رغم الدروس الخصوصية المكثفة ورغم جهود المدارس الخاصة المصابة بمقتل بعد درايش أبو المحاسن- ستجدينهم يعانون من ضعف في اللغة العربية وبالمقابل ستجدين في دراسات أعضاء المكتب الفني او مكتب المتابعة أو المستشارين أو الخبراء (المؤدلجين) دعوات وتوصيات لحض أولياء الأمور على الاهتمام بتطوير الجانب اللغوي لابنائهم, وكنموذج سيء شكا لي أحد المعلمين قبل فترة ضعف مستوى احد الطلاب رغم محاولات المعلم لمعالجة جوانب الضعف وحين كان يدخل بياناته في نظام البوابة التعليمية اتصل بي واخبرني أنه مصدوم ذلك أن هذا الطالب هو ابن ذلك الدكتور المستشار, وصدمته أكثر عندما قلت له :يا عزيزي هذا المستشار يملك مكتبا لتجهيز بحوث ودراسات الماجستير والدكتوراه ولا يملك الوقت الكافي لمتابعة مشاكل ابنه الدراسية!

      أخيرا :

      ولا خير في حسن الجسوم وطولها إذا لم يزن طول الجسوم عقول




      المصدر : النوارس لا تحلّق بعيداً


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions