مقابرالثورات جديد أولوا الألباب

    • مقابرالثورات جديد أولوا الألباب


      لم يكن ليتوقع أحد من الناس أن ما قام به الشاب التونسي بو عزيزي من إحراقه لنفسه سيكون شرارة توقد لهيب الثورات في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا و... فكان بالإمكان أن يكون حدثاً عابراً كباقي مظاهر الاحتجاج على الأوضاع المهينة في تلك البلاد ولكنّ نار الاحتقان والحنق على تلك الأنظمة المستبدة اشتعلت بسبب تلك الشرارة .
      فالمتتبع لأوضاع الشعوب في البلاد العربية وخاصة في البلاد -التي أضحت الثورات تعمها شرقاً وغرباً –يعلم علم اليقين أنها مزرية من جميع نواحي الحياة .فالحكم الاستبدادي هوالسائد والعائلات الحاكمة في تلك البلاد تتصرف وكأنها تمتلك العباد والبلاد ، فلا أمن ولا أمان ولا حرية ولاعدالة ، بل الظلم والفساد والاضطهاد عمّ البلاد كما عمّت المحسوبية والرُّشى فأصبحت هذه الشعوب- التي علّمت الأمم كيف تكون العزّة والشهامة والنخوة – شعوباً ذليلة وفقيرة ومطاردة في رزقها ولقمة عيشها ،فحلّ الفقر محل الغنى، والذل محلّ العزة ،والاستكانة محل الغيرة والنخوة والشهامة ، وجعلت هذه الأنظمة من الأمة أمةً مستباحةً في أرضها ودينها وعرضها من شُذّاذ الأفاق ،فثرواتها ظلت منهوبة وطاقاتها مهدورة لقرن من الزمان.
      فمن المنطقي أن تأتي لحظة الأنفجار العارم بعد عقود من الجور والفقر وتقييد الحريات واستعباد الناس ،ولكن لم يظن ظانٌّ أن هذه اللحظة قد آن أوانها ،فلم يظن ذلك طاغية تونس الذي قهر الشعب التونسي ،ولم يعلم فرعون مصر أن ساعته قد دقَّت فقال أنَّ مصر تختلف عن تونس وأنه ليس كرئيسها ، ونسي أن العقلية الطاغية الفرعونية هي نفسها - سواءً اليوم أو قبل ثلاثة آلاف سنة ، في تونس أو في مصر أو في ليبيا أو في اليمن أو في سوريا فكلهم تصرفوا بعقلية الطاغية المغرور الذي لا يريد أن يرى الناس إلا ما يريهم هو ،وكلهم قالوا نفس العبارات التي قالها "فرعونُ موسى" عن المخالفين له ، وسيقولها كل فرعون : مندسون أو جرذان أو غرباء أو ضالون أو...شرذمة إرهابية قليلة ، وكما قال الله تعالى على لسان فرعون :) إِنّ هَـَؤُلآءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ * وَإِنّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ( (54-56 من سورة الشعراء).
      من المعقول أن تثور الشعوب على جلاديها ومن المعقول أن يقاوم الحكام الجبابرة الشعوب وأن يبطشوا بهم ويذبحوا أبناءهم ويشردوا عائلاتهم ،ولكن ليس من المقبول ولا من المعقول أن يدفن الثوار ثورتهم وأن يطفئوا نورها قبل أن يسطع . فلا يجوز الوقوف عند ما وصلت إليه الثورتان في تونس ومصر والاكتفاء بما أنجزتاه إلى الآن ،فهذا عين الانتحار فقد قال أحد زعماء الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر لويس دي سانت جوس
      " Louis Antoine de Saint-Just إن أولئك الذين يقفون في منتصف طريق الثورة هم بذلك يحفرون قبورهم بأيديهم " .
      والذي يزيدنا أملاً بالثورات في االبلاد العربية وخاصة في مصر هو أن شباب الثورة واعون للمخاطر التي تحدق بالثورة من محاولات داخلية ومؤامرات خارجية لإجهاظها قبل أن تلد المولود الموعود، فهؤلاء الشباب –شباب مصر الكنانة- أثبتوا الحقيقة التاريخية أن مصر عزيزة بشبابها وبإيمانها وأن قدرها أن تكون حرّة وقائدة للأمة وليست خانعة وتابعة.
      وخلاصة القول إن ما تمرُّ به الأمة اليوم من أحداث وأهوال ،هو مخاض التغيير الذي طلبه منا ربنا في قوله:
      {إنَّ اللهَ لا يغيّرُ ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسِهِم} [سورة الرعد/15] ، وقد يطول هذا المخاض أو يقصر وقد يكون يسيراً أو عسيراً ، لكنَّه سيتبعه مولود صالح بإذن الله تعالى.





      المصدر أولوا الألباب


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions