القاهرة - رباب مسعد
دوما ما يحرص نجيب محفوظ في احتفائه بالضالات الشاردات، أن يجعل قارئه يتعاطف معهن، ويتفهم ظروفهن التي دفعت بهن إلى الخطيئة؛ فالظروف القاسية، لا تجتث كل ما هو إنساني في الإنسان؛ إذ يبقى ذلك الهامش "الإنساني" بمأمن من تلوث الجسد؛ وفي كثير من الحالات تبقى الروح محتفظة بجوهرها، على درجة من النقاء.
هذا ما أكد عليه المشاركون في الصالون الثالث لنجيب محفوظ، والذي عقد مؤخرا بالقاهرة، تحت عنوان: "المرأة في أدب نجيب محفوظ"، وأداره الكاتب فؤاد قنديل.
وانتقد قنديل امتلاء روايات محفوظ بـ"العاهرات" بشكل مبالغ فيه وغير مبرر؛ وقال:ي بدو أن هناك فكراً خاصاً ووجهة نظر دقيقة لنجيب محفوظ في المرأة؛ نظرة فيها تبادل مواقع على المستويين النفسي والفلسفي في النظر للوجود؛ فالفاضلات قد يسقطن، والساقطات قد يرتفعن إلى درجات سامية.
وكل هذا مرتبط بطبيعة العالم الخاص الذي ينسجه بخيوط من الواقع الذي يتحدث عنه، وتساءل: لماذا في رواية "القاهرة الجديدة"، تكون أم البطلة عاهرة، وأبوها قوادا لتصير البطلة عاهرة؟
وأجاب: لعل الفقر وحده كاف ليؤول إلى ذلك المصير، وأضاف: في القاهرة الجديدة قدم لنا محفوظ نموذج "إحسان شحاتة"، كنموذج من النماذج المتأثرة بالفقر المدقع؛ لذا كان من السهل سقوطها، كما حدث في الرواية، وقد تكرر الأمر نفسه في رواية "بداية ونهاية"، فليست الشخصيات هي البطلة في روايات محفوظ وإنما الفقر هو البطل.
وتابع: في الحقيقة لقد ظهرت روايات محفوظ ممتلئة بالعاهرات بشكل أراه مبالغا فيه، لعله أراد أن يلمس الجانب الإنساني لهن، لكنه مع ذلك فقد بدا استخدامهن في بعض روايته غير مبرر، لكنه ورغم ذلك فقد لعبت المرأة دورا محوريا في جميع رواياته، في دفع الأحداث، فهي التي تدفع الشخصيات دائما إلى ما تنتهي إليه.
بينما عارضته الناقدة ثناء أنس الوجود، التي أكدت أنه لايمكن الحكم على نساء محفوظ بمنأى عن الرجل في روايته، في إشارة منها إلى أن النقاد اختلفوا في تناول نجيب محفوظ للمرأة في أدبه، ففريق اتهمه بتشويه صورة المرأة المصرية وإظهارها بشكل دائم على أنها عاهرة، وفريق آخر استمات في الدفاع عنه، وقال إن استخدام محفوظ للمرأة بهذا الشكل لأنه أراد أن يلمس البعد الإنساني فيها؛ فعلى سبيل المثال هناك نموذجان؛ الأول في الثلاثية، وهو أن "أمينة" التي تبدأ بها "الثلاثية"وهي في انتظار زوجها في منتصف الليل، وتنتهي بها وهي تحتضر.
وكأن أمينة هي سبب وجود الثلاثية؛ فهي الشخصية الرئيسية، وكل الشخصيات تدور وترمح وتكون نهايتها في أحضانها، إنها نموذج خاص للعطاء أو المادة الخام لهذا العطاء؛ ومنها تفرعت كل شخصيات نجيب محفوظ في أعماله التالية للثلاثية، فكل امرأة تحمل بعض ملامح أمينة، وهو أراد تصويرها مقهورة، وهذا نقد لمجتمع وتقاليد، أما النموذج الثاني فهو "فتاة الليل" في عالم محفوظ، وهي شخصية "نور" في "اللص والكلاب" التي تبدو على سطح الرواية امرأة عاهرة لكن عندما تتعمق هذه الشخصية نرى أن محفوظ أوجد من فتاة الليل رمزاً للعطاء والتضحية بلا انتظار لمقابل، إنها "نور" والاسم له دلالة خاصة عنده فقد كانت لسعيد مهران "بصيص النور الوحيد في عالم أدار له وجهه بخيره وشره، وأضافت: وفي رأيي أن الفريقين علي خطأ لأنهما تناولا المرأة بمعزل عن الرجل.
أما أماني فؤاد، فتحمست بدفاعها ضد هذا الاتهام الموجه لنجيب محفوظ؛ حيث قالت: لقد كان ظهور نجيب محفوظ، في الأربعينيات من القرن العشرين، نقلة مؤثرة في تاريخ الرواية العربية، إذ استطاع خلال النصف الثاني من هذا القرن العشرين، أن يخرج هذه الرواية من الإقليمية إلى آفاق العالمية، لأنه نجح في نقل الواقع الاجتماعي المصري، دون أن يقلد تيارا خارجيا، وإن كان استفاد كثيرا بالتقنيات البنائية للرواية، وأضافت: لقد جعل محفوظ من الرواية سجلا اجتماعيا لمصر الحديثة، إذ نقل -بصدق، وبدرجة عالية من الفن -واقع الوعي المصري المعاصر، وتفاصيل الحياة اليومية الاعتيادية في أزقة القاهرة المعزية.
وأكدت أنه أنصف المرأة إلي حد كبير وذلك في إطار ظروف العصر الذي يكتب عنه؛ فمثلاً "الثلاثية" تعبر عن فترة تسمي "عصر الرجل"• ومن خلال قراءتها بتأن نجد المرأة حتى لو وقع عليها نوع من القهر تملك قدرة عالية علي الصمود؛ فقد سلّحها الكاتب بأشياء كثيرة؛ فهي شخصية قوية رغم ضعفها لها قدرة علي التكيف مع الآخر ومع الأوامر والنواهي سواء كانت متزوجة أو فتاة من أسرة عريقة أو عاملة لها مكانة اجتماعية عالية، أو متدهورة.
في كل هذه المواقع كانت تملك القدرة علي التكيف وربما على التأثير، وتابعت: إن هذه المرأة مهما كان ضعفها فهي قادرة على التأثير في الآخرين؛ فأمينة تبدو"المرأة المأمورة"، ولكنها تدير البيت كله مثل عسكري أمام الضابط، لكنها مؤثرة في الأبناء وتحرك أموراً كثيرة بفاعلية وإن كان هذا لا يظهر علي السطح، لكنه بنظرة دقيقة نتأكد منه، وهناك نماذج أخرى في أدب محفوظ؛ فالمرأة التي قدمها كراقصة تملك سلاحاً، وأيضاً فهي قادرة أن تؤثر في الرجال وقادرة على أن تتحرر من سيطرتهم، ويمكن أن تكون المرأة في هذه الصورة متحررة من المرأة في العائلة المسيطرة عليها ولديها القدرة علي الاستقلال• وتؤكد فؤاد على أن محفوظ قدم نظرة، مهمة للمرأة في مرحلة كانت المرأة لا صوت لها باستثناء قليلات دخلن في مسيرة التنوير•• وهو من "الثلاثية" وحتى أعماله الأخيرة حدد للمرأة مميزات كثيرة؛ أهمها:الطموح، والتجاوز، والقدرة علي المقاومة والإصرار.
هذه صورة ليس فيها ظلم•بل فيها قدر كبير من الإحساس بقيمة المرأة•
أكثر...
دوما ما يحرص نجيب محفوظ في احتفائه بالضالات الشاردات، أن يجعل قارئه يتعاطف معهن، ويتفهم ظروفهن التي دفعت بهن إلى الخطيئة؛ فالظروف القاسية، لا تجتث كل ما هو إنساني في الإنسان؛ إذ يبقى ذلك الهامش "الإنساني" بمأمن من تلوث الجسد؛ وفي كثير من الحالات تبقى الروح محتفظة بجوهرها، على درجة من النقاء.
هذا ما أكد عليه المشاركون في الصالون الثالث لنجيب محفوظ، والذي عقد مؤخرا بالقاهرة، تحت عنوان: "المرأة في أدب نجيب محفوظ"، وأداره الكاتب فؤاد قنديل.
وانتقد قنديل امتلاء روايات محفوظ بـ"العاهرات" بشكل مبالغ فيه وغير مبرر؛ وقال:ي بدو أن هناك فكراً خاصاً ووجهة نظر دقيقة لنجيب محفوظ في المرأة؛ نظرة فيها تبادل مواقع على المستويين النفسي والفلسفي في النظر للوجود؛ فالفاضلات قد يسقطن، والساقطات قد يرتفعن إلى درجات سامية.
وكل هذا مرتبط بطبيعة العالم الخاص الذي ينسجه بخيوط من الواقع الذي يتحدث عنه، وتساءل: لماذا في رواية "القاهرة الجديدة"، تكون أم البطلة عاهرة، وأبوها قوادا لتصير البطلة عاهرة؟
وأجاب: لعل الفقر وحده كاف ليؤول إلى ذلك المصير، وأضاف: في القاهرة الجديدة قدم لنا محفوظ نموذج "إحسان شحاتة"، كنموذج من النماذج المتأثرة بالفقر المدقع؛ لذا كان من السهل سقوطها، كما حدث في الرواية، وقد تكرر الأمر نفسه في رواية "بداية ونهاية"، فليست الشخصيات هي البطلة في روايات محفوظ وإنما الفقر هو البطل.
وتابع: في الحقيقة لقد ظهرت روايات محفوظ ممتلئة بالعاهرات بشكل أراه مبالغا فيه، لعله أراد أن يلمس الجانب الإنساني لهن، لكنه مع ذلك فقد بدا استخدامهن في بعض روايته غير مبرر، لكنه ورغم ذلك فقد لعبت المرأة دورا محوريا في جميع رواياته، في دفع الأحداث، فهي التي تدفع الشخصيات دائما إلى ما تنتهي إليه.
بينما عارضته الناقدة ثناء أنس الوجود، التي أكدت أنه لايمكن الحكم على نساء محفوظ بمنأى عن الرجل في روايته، في إشارة منها إلى أن النقاد اختلفوا في تناول نجيب محفوظ للمرأة في أدبه، ففريق اتهمه بتشويه صورة المرأة المصرية وإظهارها بشكل دائم على أنها عاهرة، وفريق آخر استمات في الدفاع عنه، وقال إن استخدام محفوظ للمرأة بهذا الشكل لأنه أراد أن يلمس البعد الإنساني فيها؛ فعلى سبيل المثال هناك نموذجان؛ الأول في الثلاثية، وهو أن "أمينة" التي تبدأ بها "الثلاثية"وهي في انتظار زوجها في منتصف الليل، وتنتهي بها وهي تحتضر.
وكأن أمينة هي سبب وجود الثلاثية؛ فهي الشخصية الرئيسية، وكل الشخصيات تدور وترمح وتكون نهايتها في أحضانها، إنها نموذج خاص للعطاء أو المادة الخام لهذا العطاء؛ ومنها تفرعت كل شخصيات نجيب محفوظ في أعماله التالية للثلاثية، فكل امرأة تحمل بعض ملامح أمينة، وهو أراد تصويرها مقهورة، وهذا نقد لمجتمع وتقاليد، أما النموذج الثاني فهو "فتاة الليل" في عالم محفوظ، وهي شخصية "نور" في "اللص والكلاب" التي تبدو على سطح الرواية امرأة عاهرة لكن عندما تتعمق هذه الشخصية نرى أن محفوظ أوجد من فتاة الليل رمزاً للعطاء والتضحية بلا انتظار لمقابل، إنها "نور" والاسم له دلالة خاصة عنده فقد كانت لسعيد مهران "بصيص النور الوحيد في عالم أدار له وجهه بخيره وشره، وأضافت: وفي رأيي أن الفريقين علي خطأ لأنهما تناولا المرأة بمعزل عن الرجل.
أما أماني فؤاد، فتحمست بدفاعها ضد هذا الاتهام الموجه لنجيب محفوظ؛ حيث قالت: لقد كان ظهور نجيب محفوظ، في الأربعينيات من القرن العشرين، نقلة مؤثرة في تاريخ الرواية العربية، إذ استطاع خلال النصف الثاني من هذا القرن العشرين، أن يخرج هذه الرواية من الإقليمية إلى آفاق العالمية، لأنه نجح في نقل الواقع الاجتماعي المصري، دون أن يقلد تيارا خارجيا، وإن كان استفاد كثيرا بالتقنيات البنائية للرواية، وأضافت: لقد جعل محفوظ من الرواية سجلا اجتماعيا لمصر الحديثة، إذ نقل -بصدق، وبدرجة عالية من الفن -واقع الوعي المصري المعاصر، وتفاصيل الحياة اليومية الاعتيادية في أزقة القاهرة المعزية.
وأكدت أنه أنصف المرأة إلي حد كبير وذلك في إطار ظروف العصر الذي يكتب عنه؛ فمثلاً "الثلاثية" تعبر عن فترة تسمي "عصر الرجل"• ومن خلال قراءتها بتأن نجد المرأة حتى لو وقع عليها نوع من القهر تملك قدرة عالية علي الصمود؛ فقد سلّحها الكاتب بأشياء كثيرة؛ فهي شخصية قوية رغم ضعفها لها قدرة علي التكيف مع الآخر ومع الأوامر والنواهي سواء كانت متزوجة أو فتاة من أسرة عريقة أو عاملة لها مكانة اجتماعية عالية، أو متدهورة.
في كل هذه المواقع كانت تملك القدرة علي التكيف وربما على التأثير، وتابعت: إن هذه المرأة مهما كان ضعفها فهي قادرة على التأثير في الآخرين؛ فأمينة تبدو"المرأة المأمورة"، ولكنها تدير البيت كله مثل عسكري أمام الضابط، لكنها مؤثرة في الأبناء وتحرك أموراً كثيرة بفاعلية وإن كان هذا لا يظهر علي السطح، لكنه بنظرة دقيقة نتأكد منه، وهناك نماذج أخرى في أدب محفوظ؛ فالمرأة التي قدمها كراقصة تملك سلاحاً، وأيضاً فهي قادرة أن تؤثر في الرجال وقادرة على أن تتحرر من سيطرتهم، ويمكن أن تكون المرأة في هذه الصورة متحررة من المرأة في العائلة المسيطرة عليها ولديها القدرة علي الاستقلال• وتؤكد فؤاد على أن محفوظ قدم نظرة، مهمة للمرأة في مرحلة كانت المرأة لا صوت لها باستثناء قليلات دخلن في مسيرة التنوير•• وهو من "الثلاثية" وحتى أعماله الأخيرة حدد للمرأة مميزات كثيرة؛ أهمها:الطموح، والتجاوز، والقدرة علي المقاومة والإصرار.
هذه صورة ليس فيها ظلم•بل فيها قدر كبير من الإحساس بقيمة المرأة•
أكثر...
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions