"أنا رجل" أخبار الشبيبة

    • "أنا رجل" أخبار الشبيبة

      * لم يفت الأوان أبدا ولكن بعض الحفر أعمق من غيرها، ونحن نرى الآن أن الحفرة التي على الديمقراطيين العرب الخروج منها هي حفرة عميقة بالفعل.

      توماس فريدمان

      إن مشاهدة الانتفاضات العربية هذه الأيام تتركني مع ابتسامة على وجهي وغصة في حلقي. والابتسامة تأتي من رؤية قطاع عريض من البشر يتحرر من خوفه ويستعيد كرامته. أما الغصة فتأتي من القلق المتنامي أن الربيع العربي ربما كان حتميا وفات أوانه في نفس الوقت. وإن لم تكن تشعر بكلا هذين الشعورين فأنت إذن لا تولي اهتماما لما يحدث.

      الابتسامة؟ أبدى صديق ليبي لي ملاحظة بأنه كان يشاهد قناة فضائية تليفزيونية عربية تبث من بنغازي في ليبيا فرأى لافتة مرفوعة عاليا في إحدى المظاهرات لفتت انتباهه. كانت اللافتة تحمل عبارة: "أنا رجل". إن كان هناك لافتة يمكن أن تلخص كل الربيع العربي، فإنها هي هذه اللافتة.

      كما حاولت أن أؤكد من قبل، فإن هذه الانتفاضة، في أصلها، ليست سياسية. إنها وجودية. لقد جردت كل هذه الأنظمة العربية الحاكمة، بدرجة أو بأخرى، شعوبها من كرامتهم الأساسية وحرمتهم من الحرية ولم تسمح لهم بالتطور إلى كامل قدراتهم، أو أي درجة قريبة منها. وحيث إن العالم قد أصبح مترابطا ومتصلا كأشد ما يكون الترابط والتواصل، فقد أصبح واضحا لكل مواطن عربي إلى أي مدى تتخلف بلاده عن الركب – ليس فقط عن ركب الغرب، ولكن عن ركب الصين والهند بل وأجزاء من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

      إن هذا المزيج من التعامل معهم كأطفال من جانب حكامهم المستبدين وكمتخلفين من جانب باقي العالم قد غذى وجود شعور عميق بالإذلال يتجلى في إشارات مثل تلك التي كانت في ليبيا، حيث يعلن حامل اللافتة، ليس لأحد محدد بصفة خاصة: "أنا رجل" – لديّ قيم، ولدي طموحات، وأريد الحقوق التي يتمتع بها كل إنسان غيري في العالم. ولأن كثيرا جدا من العرب يشعرون بهذه المشاعر، فإن هذا الربيع العربي لن ينتهي – بغض النظر عن عدد الناس الذين تقتلهم هذه الأنظمة.

      إن الروائيين، وليس العلماء السياسيين، هم أفضل من يستطيع توصيل هذا الشعور. يقوم حاليا ريموند ستوك، الذي يدرِّس اللغة العربية في جامعة درو في ماديسون بولاية نيوجيرسي، بكتابة سيرة حياة الأديب المصري الحائز على جائزة نوبل، نجيب محفوظ. وفي مقال نشره معهد أبحاث السياسة الخارجية، أشار ستوك إلى كيف أن نجيب محفوظ قد تنبأ بالكثير جدا من المشاعر التي تدفع الربيع العربي في روايته "أمام العرش." ففي هذه الرواية، يضع محفوظ على لسان زعيم ثائر يدافع عن ثورته ضد الفرعون كلمات كان من الممكن أن نسمعها في ميدان التحرير هذا العام:

      "لقد تحملنا آلاما تتجاوز قدرة البشر على الاحتمال وعندما ثار غضبنا العنيف ضد عفن القمع والظلامية، أطلقوا على ثورتنا الفوضى، ووصفونا بأننا مجرد لصوص. غير أنها لم تكن سوى ثورة ضد الاستبداد باركتها الآلهة."

      ولكن هذا أيضا يفسر تلك الغصة في الحلق. فهذه الأنظمة العربية ظلت عازمة على منع أي مجتمع مدني أو أحزاب تقدمية من الظهور تحت حكمهم. وبالتالى فعندما تتحطم هذه الأنظمة من القمة، يتجه المصعد من القصر إلى المسجد مباشرة. حيث لا يوجد شىء آخر بينهما - لا أحزاب ولا مؤسسات شرعية.

      ولذلك فإن الغرباء يواجهون معضلة كبيرة: فهؤلاء الذين يقولون إنه كان يجب على أمريكا أن تقف بجانب حسني مبارك، أو إنه يجب ألا تفضل إسقاط بشار الأسد في سوريا – باسم الاستقرار – ينسون أن استقرارهم كان مبنيا على ركود الملايين من العرب في حين أن بقية البشر في العالم تحركوا إلى الأمام. إن الشعوب العربية لم تُمنح الاستقرار على غرار الاستبداد الصيني: سنأخذ حريتكم ونعطيكم التعليم وارتفاع مستوى المعيشة؛ بل كانت الصفقة التي حصلوا عليها هي الاستقرار على الطراز الاستبدادي العربي: سنأخذ حريتكم ونطعمكم الصراع العربي الإسرائيلي والفساد والظلامية الدينية.

      ولكن تبنّى إسقاط هؤلاء الطغاة - كما ينبغى علينا - يشبه الدفاع عن هدم بناء فاسد بدون وجود ضمان لإمكانية إعادة بنائه.

      وهذا هو ما حدث فى العراق، وكان أمرا مكلفا للغاية بالنسبة لنا أن نعيد بناء نظام جديد، لكنه ما يزال واهيا. وليس هناك أحد من الغرباء يمكن أن يقدم على هذا مرة أخرى.

      ولذلك فإن احتضان سقوط هؤلاء الطغاة، هو أن نأمل أن تستطيع شعوبهم التوحد من أجل توليد الديمقراطية فى مصر وسوريا واليمن وليبيا. ولكن ينبغى على المرء هنا أن يسأل بأمانة: هل الانهيار فى هذه المجتمعات أعمق من أن يستطيع أحد بناء أى شىء ذا قيمة منه؟ هل كان الربيع العربى حتميا وفات أوانه فى نفس الوقت؟

      وإجابتي هي: لم يفت الأوان أبدا ولكن بعض الحفر أعمق من غيرها، ونحن نرى الآن أن الحفرة التي على الديمقراطيين العرب الخروج منها هي حفرة عميقة بالفعل. وأتمنى لهم التوفيق.

      ومرة أخرى، يشير ستوك إلى فقرة في رواية نجيب محفوظ "أمام العرش"، والتي هي رواية يتحدى فيها كل زعيم مصري خليفته. وفي هذه الحالة، يوبخ مصطفى النحاس، رئيس حزب الوفد الليبرالي، الذي سُحق عندما قاد جمال عبد الناصر انقلابا عسكريا العام 1952، يوبخ عبد الناصر على إفساده لتراث مصر الدستوري، حيث يقول له: "إن هؤلاء الذين قادوا ثورة 1919 كانوا أهل مبادرة وابتكار في السياسة والاقتصاد والثقافة. لقد لوثت بغطرستك أعماقك الطيبة. انظر كيف ساء التعليم وكيف فسد القطاع الخاص، كيف قادك تحديك للقوى العالمية إلى خسائر فادحة وهزائم مخزية. إنك لم تسع أبدا للاستفادة من رأي أي أحد آخر ... وماذا كانت النتيجة؟ سخف ونشاز وأساطير فارغة – انهالت كلها على كومة من الأنقاض."

      أكثر...


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions