من مقالات الشيخ شمس الدين بوروبي الجزائري المالكي

    • من مقالات الشيخ شمس الدين بوروبي الجزائري المالكي







      كيف ضللوهم..وكانت البداية باختراق فقه المذهب المالكي
      ظل الشعب الجزائري متحدا دينيا متمسكا عقائديا لمئات السنين، فكان المستفتي إذا سأل إماما في تيزي وزو يجيبه بنفس جواب إمام في أدرار أو تبسة أو عين الدفلى أو قسنطينية. الكل على فهم واحد للدين وعلى قواعد مذهب واحد هو المذهب المالكي بقيادة إمام دار الهجرة الذي زكّاه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقوله "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون أعلم من عالم المدينة" وقد حمله علماء السلف على مالك رضي الله عنه، فظلت الأمة متماسكة ثابتة، الأمر الذي مكّنها من مجاوزة أعتى الأعاصير ومنها الاستعمار البغيض.
      كان تماسك الشعب الجزائري ووحدته الدينية وانتماؤه لأهل السنة وفقه إمام دار الهجرة محل حسد من طرف الدوائر المظلمة التي آلت على نفسها تدمير المجتمعات الإسلامية حتى لا يبقى إلا شعب الله المختار في المنطقة ليبني الهيكل.
      وكانت مراجع الفقه في الجزائر واحدة، فالطالب بعد حفظ القرآن وإتقانه على يد شيخ فاهم ينتقل لحفظ ابن عاشر ثم رسالة ابن أبي زيد القيرواني أو مختصر خليل والأجرومية والألفية في النحو والبيقونية في الحديث ثم يتبحر في طلب العلم.
      وكان أول ما بدأ به في تدمير هذا الجدار الدعوة الى ترك فقه مالك والتمسك بالكتاب والسنة وأوهموا الشباب المغرر به أن فقه مالك مستنبط من التوارة والإنجيل!! وليس من الكتاب والسنة وفي سبيل ذلك قاموا بنشر كتاب - فقه السنة - وظن قطاع كبير من الشباب أنه بترك فقه مالك وتعبّده على فقه السنة قد عثر على الحقيقة. وقامت صراعات لا نهاية لها بين جيل فقه مالك وجيل سيد سابق.
      ولكن الذين دبروا للمؤامرة لم يكن هدفهم توحيد الأمة على فقه السنة كما زعموا، ولذلك ما أن وجد فقه السنة من يتعبد به حتى دخل الحنابلة على الخط فوزعوا على الشباب كتاب "المغنى" لابن قدامة ثم دخلت كتب ابن تيمية على الخط فصار الناس مالكية وجماعة فقه السنة من الإخوان وتيار الحنابلة على منهج ابن تيمية ث
      م تسربت كتب وعقائد الحنابلة على منهج وعقيدة محمد بن عبد الوهاب فنشأت الوهابية ثم دخلت على الخط كتب الألباني فنشأت السلفية اللامذهبية والتي انشطرت بدورها الى عشرات السلفيات والتنظيمات ثم دخلت كتب المدخلي على الخط وهو رجل جراح حقود حسود لا يرى الإسلام إلا فيما هو عليه، لا يفهم من الإسلام إلا الهجر والبغض وبذاءة اللسان، فوجد طائفته التي كانت بانتظاره فكانت المدخلية التي اشتهرت بالتضليل والتبديع وحرق كتب مخالفيها. ولم تهدأ الدوائر المظلمة حتى دخلت على الخط - الوادعيّة - وهي طائفة مقبل بن هادي الوادعي الذي كان يشتغل حارس عمارة في السعودية ودرس على الشيعة وبقدرة قادر تحوّل الى محدث سلفي يرجع إليه أتباعه ويحاولون فرضه على الناس.
      والوادعي هذا يضلل أتباع الأئمة الأربعة والصوفية والأشاعرة والماتردية والتبليغ والإخوان وكل من يفهم الإسلام بطريقة مخالفة.
      وهكذا صار الناس عندنا مالكية وحنابلة على منهج ابن تيمية وسابقيه على منهج فقه السنة وألبانية لامذهبية وحنابلة على منهج المغنى ووادعية على منهج الوادعي ومدخلية تكفيرية ثم انشطرت هذه الفرق الى ما يقارب مائتين وعشرين طائفة متفقة على نقطة واحدة هي تضليل بعضها البعض ثم دخلت على الخط ما يسمى بالسلفية العلمية والمسلحة والفرق بينهما أن العلمية تنظّر وتفتي والثانية تقتل وتذبّح. والذي ينظر ويفتي عندي أخطر من الذي يقتل ويذبح والفتنة أشد من القتل. واليوم توزع على الشباب رسائل ومطويات من طراز - الصاعقة على من أكل بالملعقة - والرصاصة في حكم المرأة الفرطاسة - والهبال في تحريم تزويج البنات ممن نزل من الجبال - والقصف الصاروخي في الرد على الخوخي.. وبعد أن كانت الأمة وحدة واحدة صار لكل حي مفتيه ولكل شيخ سلفي مذهبه ومريديه والأمة من التفتكيك الى الفتيت وهذه الطوائف التي لا تتقي الله ولا تحافظ على الجزائر همّها فقط تضليل مخالفيها. هذا ما جنته اللامذهبية علينا استبدلوا مالك (رضي الله عنه) بأبي قتادة والقرطبي بأبي أنيسة وابن عبد البر بأبي فليشة ..أما هذه السلفية العلمانية التي تسمي نفسها بالسلفية العلمية والتي تدعو لطاعة الحكام وعدم الخروج عليهم فهي تسير على قاعدة - نتمسكن حتى نتمكن - ولا عجب بعد ذلك أن تتحول الجزائر الى لبنان أو صومال، فذلك هو المقصود بل ما هو أشد.
      ـــــــــــــــ
      الغلو والتعصب
      من الشعارات البراقة التي حملها السلفيون وزعموا أنها هدفا من أهداف دعوتهم محاربة التعصب والغلو في التعصب للمذاهب والغلو في المشايخ!! وهذه دعوة ظاهرها رحمة وباطنها من قبلها العذاب، وذلك أن - الحشوية - المتسترين بالسلفية يعلمون علم اليقين أنه لا يمكنهم نشر ضلالاتهم وبدعهم وحقدهم وإسرائلياتهم وشذوذهم ما دام المسلمون متمسكون بمذاهبهم وعلمائهم، ولذلك كانت دعوتهم لترك التعصب والغلو ما هي إلا غطاء لتدمير المذاهب السنية المتبعة ما عدا المذهب الحنبلي طبعة ابن تيمية، وكم صدّق الناس أن هذه الدعوة السلفية تهدف حقيقة لنبذ التعصب والغلو!!
      وما أن صدّق الناس ذلك حتى خرجت عليهم - السلفية - بدعوة صريحة لنبذ المذاهب الأربعة وتحريم تقليد المذاهب وفتحوا النار على المذاهب السنية تحذيرا وتهكما وتضليلا وتبديعا. وما إن تخلى بعض الناس عن مذاهبهم السنية ظنا منهم كما قيل لهم إنهم لا يتمذهبون لأن مذهبهم الكتاب والسنة فما إن اعتنقوا - اللامذهبية - وبلعوا طعم الكتاب والسنة بفهم السلف - حتى وجدوا أنفسهم - حنابلة - طبعة ابن تيمية فلا هم مجتهدون يأخذون مباشرة من الكتاب والسنة ولا هم مقلدون عوام يسألون أهل الذكر كما أمر القرآن، فمن جهة ملأوا رؤوسهم بتحريم تقليد الأئمة الأربعة حتى قال الألباني كل مقلد منافق!!
      ومن جهة أخرى ملأوا نفوسهم بحب ابن تيمية حتى صاروا يقلدونه فيما أصاب وفيما أخطأ!
      ومن جهة، طالبوا العوام بمعرفة أدلة الأحكام ودفع العوام لمعرفة أدلة الأحكام مع جهلهم لعلوم الآلة خرج لنا جيش من المجتهدين الذين بلغوا درجة الاجتهاد المطلق في لحظات فقط فتجد أحدهم يتوب يوم السبت ويتمسلف يوم الأحد ثم يطالع بعض المطويات التي توزع مجانا ولا تباع وما إن يحل يوم الخميس إلا والرجل صار مجتهدا يقول بلسان حاله لو كان مالك حيا ما وسعه إلا اتباعي! والعجيب في أمر جيش المجتهدين الجدد الذين صنعتهم السلفية عن طريق فكرة اللامذهبية أنهم في الوقت الذي يحرّموون تقليد المذاهب الأربعة ويضللون أتباعها ويبدّعونهم، نجدهم يدعون الناس لتقليدهم واتباعهم فإذا قال لك - متمسلف مثلا - لا يجوز لك تقليد مالك رضي الله عنه فاعلم أنه غارق الى أذنيه في تقليد الألباني أو ابن تيمية وإذا نصحك أن لا تتعصب للدعاة والأئمة فاعلم أنه غارق لشحمة أذنيه في أسوأ أنواع التعصب والغلو لمشايخة الذين أقام لهم صنما في قلبه. وهل هناك غلو وتعصب أكثر من أن يصرح ابن القيم في مدارج السالكين أن شيخه ابن تيمية كان يعلم الغيب ويطلع على المغيبات ويخبره بما في نفسه بل ويطّلع على اللوح المحفوظ!!
      تجدون ذلك في مدارج السالكين ج ٢ ص ١٨٥ - ثم لا نجد سلفيا واحدا فوق الأرض ينكر ذلك ويستنكر بل ينكرون على من أنكره، فمعنى ذلك أن القوم قد وقعوا في أسوأ أنواع الغلو والتعصب. وهذا بكر أبو زيد الحنبلي الذي كتب في الرد على خصومه ولم يترك شاردة ولا واردة قالها الإمام المحدث أبو غدّة إلا ورد عليها ولكن لما تعلق الأمر بمذهبه سكت سكوت أهل القبور. تصوروا أنه حقق كتابا في تراجم الحنابلة هو كتاب "تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة" تأليف صالح ابن عبد العزيز علي آل عثيمين الحنبلي مذهبا. النجدي القصيمي البردي ذكر في كتابه ج ١ ص ٣٧ كان أهل خراسان يرون أن أحمد بن حنبل لا يشبه البشر، يظنون أنه من الملائكة!!
      وقال رجل كان في ثغر: نحن نقول: نظرة من أحمد بن حنبل تعدل عندنا عبادة سنة!! نعم هكذا!! نظرة واحدة من أحمد تعدل عبادة سنة ينشرها بكر أبو زيد ويحققها ولا يعلق بشيء. ينشرها ويسكت ثم يحذروننا من بدعة التعصب والغلو في المشايخ والتمذهب في الوقت الذي يرون فيه أن نظرة من أحمد تعدل عبادة سنة! نجدهم يكفّرون ويضللون صاحب البُردة بتهمة أنه يغالي في مدح النبي (صلى الله عليه وسلم).
      هذا الجيش الذي أفرزته اللامذهبية خطته تدمير مذاهب أهل السنة وإحلال محلها مذاهب الحشوية التي ستضع الشعوب الإسلامية محلها تحت نفوذ وتصرف شيوخ الحشوية في الخليج وهؤلاء يضعون الأمة الإسلامية تحت تصرح ونفوذ الشيخ الأكبر بوش مؤسس مذهب البوشية وهذا البوش يضع الجميع تحت تصرف عباد العجل وبنات الهيكل هذه هي القصة وما فيها بلا لف ولا دوران.
      لكل أسئلتكم ومراسلاتكم بريد الشيخ
      chamssaljazayar@hotmail.fr
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ