الحســــد الـــــوظيفيـي آفــــة العصــــر

    • الحســــد الـــــوظيفيـي آفــــة العصــــر

      الحسـد الوظيفـي آفـة العصـر
      [HR][/HR]

      الحسـد الـوظيفيـي آفـة العصـر
      ________________________________________



      من طرائف القصص الواقعية التي قرأتها في إحدى المجلات ، والتي يتحدث عنها بعض كبار السن ( أي شيّابنا ) عن الحاسدين ، واقعة دارت بين رجُلين الأول صاحب نية طيبة ، والأخر عكسه حاسد صاحب قلب يغلي من رؤية الآخرين يتنعّمون بنعّم الله ، (مضمون القصه كالاتي:)جاء رجل وقال للأول : ماذا تتمنى ؟ قال : أتمنى أن يكون لي ملء هذا الوادي غنماً وقال للثاني : وماذا تتمنى أنت ؟ قال : أتمنى أن يكون لي وادٍ من الذئاب !! فقال له الرجل : ولم تريد وادياً من الذئاب ؟؟ !! قال : حتى تأتي على غنم هذا وتأكله جميعاً ..


      عزيزي القاريء : الحسد حين يُسيطر ويتربع على قلب وعقل إنسان ما ، يحوله إلى شخص لا يرى ولا يسمع ولا يشعر بالآخرين ، ويرى الدُنيا مسودّة وضيّقة ويعيش في هم وتوتر وضيق دائماً، ولا يحب أن يعيش أحد غيره في أمن وأمان ونعّمة وسعادة ، ولو كان يملك أموال قارون ، هذا المرض الذي هو بالطبع مؤذِ لصاحبه وللآخرين ممن حوله ، الحسد والغلّ يولد في قلب الإنسان نتيجة لضعف الإيمان بالله وعدم الرضاء بما قسمه له ..


      إن الذي يؤمن بأن الأرزاق بيد اللهِ العليّ القدير ، ويوقن في قرارة نفسه بأن الله هو وحدة سبحانه الذي يقرر السعادة أو الشقاء للبشر ، حينئذً لا يمكن أن يعترض على تنعّم الآخرين بنعّمة ، ولكن حين يحدث العكس ويضعف الإيمان تجد منه ما لا يجب أن يكون أو يصدر من بشر ، وأقرب لئن يكون فعله هو اعتراض على ما يشاء الله أن يكون ، وتجد شجره الايمان في قلبه تذبُل تدريجياً! فهل هُنالك خسارة وشقاء لإنسان أكثر من هذا ؟ نسأل الله لنا ولكم العافية ومن شر حاسدً إذا حسد ، ولولا سوء النوايا لعاش الجميع في وئام وسلام..


      والعجيب في الموضوع بأن الحسد إمتدَّ ليشمل أبناء المجتمع الواحد والذين يُدينون بدين الإسلام نراهم يتناحرون تناحر الأعداء ، بل حتى أبناء الأسرة الواحدة قد تظلم قلوبهم بظلام الكُره الحالك ، فما الذي أصاب أبناء البشر في كل حين نرى صنوفاً من ابتلاءات الحياة تحت بند الحسد والحُقد والثأر المقيت وتمني زوال نعمة أخيه أو زميله في العمل او الدراسة .. ألخ .


      عزيزي القاريء : إنَّ الحسد لا يقّتصر في الأشياء التي تم سردُها لكم أعلاه، بل يتعدى إلى أبعاد كثيرة ومن بينها الحسد الوظيفي الذي هو محور حديثي ، بمعنى قد يكون لك زميل في نفس المؤسسة المكتب أو الدائرة أو المديرية أو حتى مسؤولك المباشر وهذا من أشدُّ أنواع ( الحسد الوظيفي ) لعلكم تتسألون كيف يكون هذا الحسد ؟؟!! وهذا هو لُبّ الموضوع الماثل أمامكم , لعلّكم تُدركون خطورة هذا الحسد (واشكاله المتعدده)، وأستشهد بالمقوله التي تقول {احذر من عدوّك مرة ، ومن صديقك مرتيّن } فماذا تريد أكثر من ذلك عندما ينقُل عنكَ زميل لك في نفس المؤسسة أو المكتب أو الدائرة أو المديرية كلام لا ينطبق عليك ولا يمُت لك بأي صله سواء تشويه السمعة أمام المسؤول لا اكثر، وغاية في ذلك تكمن في وضع نقطة سوداء في ملفك أمام المسؤولين لكي لا تسبقه في الوظيفه !!


      وأنا لا أعجب لشيء عجبي لهذا الموظف أو المسؤول الحاسد ، نراه ينقُم على محسودة بنعم الله عليه سواءً أكان هذا المحسود أقل منه منصب في الوظيفة أو أعلى ، ويتمنّى لو لم تبق له واحدة منها وهو في الحقيقة لا يعلم بأنه بهذه الأمنية قد أضاف إلى محسودة نعمة هي أفضل من كل ما في يديه من النعم ..


      أيُّها الموظف : إن أردتَ أن تعرف أي من الموظفين الزُملاء أو المسؤولين أفضل ، فأنظر إلى أكثرهم نقمة على زميله الأخر فإن رأيته يتألم لمنظر النعمة كُلما رآها حينئذً ستعرف من هو عدوّك وحاسدك ، والحسد مرض من الأمراض القلبية ، ولكُلّ داء دواء ودواء الحسد أن يسلُك الحاسد سبيل المحسود ، بمعنى يبلُغ مبلغه من تلك النعمة التي يحسده عليها ، فعلى سبيل المثل لا حصر إن كان يحسده على المال فلينطر أي طريق سلك إليه فيسلكه ويفعل مثله ، وأن كان يحسده على العلم فليتعلم مثله ، وإن كان يحسده على الوظيفه ومكانته في العمل فلينظر بماذا يتميز عنه وليفعل مثله ..


      حسب تصوري المتواضع بأن أشدُّ أنواع الحسد الوظيفي هو حينما يعُدَّ الموظف تصوّراً أو مقترحاً يخدُم مجال عمله أو يخدُم الوزارة أو أي مؤسسة أُخرى بشكل عام ، ويرفع ذلكم التصّور او المقترح إلى مسؤوله المباشر فيرفض الأخير أن يرفعه إلى جهات الاختصاص ويرمي به في أدارج مكتبه ، وحتى لو وافق على رفع ذلكم التصوّر أو المقترح سيتم رفعه بإسمه ويهضم حق ذالكم الموظف وهذه حقيقة نُعائشها في واقع العمل ، وكل ذلك من أجل أن يتبؤا ذالكم المسؤول أعلى المراتب وليكون المجال أمامه مُتاح ليغنم هو بالرقيّ في هذه المراتب لكي لا تسبقه في الوظيفة ، وفي بعض المؤسسات يتلقى المسؤول خِطاباً بترشيح أحد الموظفين بالإلتحاق بدورة تدريبيه في مجال معين ، فإما أن يحفظ ذالكم الخطاب ولا يُرشّح أحداً أو يقوم بترشّيح نفسه في تلكم الدورة في حين إنَّ الموظف بحاجة لتلكم الدورة من أجل تنمية مهاراته الوظيفيه ، وهنالك الكثير من مُدراء العُموم أو مُدراء الدوائر أو رؤساء الأقسم لا يُطالبون لموظفيهم بحقوقهم المشروعه وكل غرضهم بأن يصعدوا السُلّم الوظيفي على حساب أكتاف أؤلئك الموظفين الذين يكدون ويكدحون ويعملون بتفاني وإخلاص ، وتجدهم يسعون بالمطالبة لأنفسهم، وهذا فيض من غيض واعذروني على الإطالة .

      مسك الختام : قول رسولنا عليه أفصل الصلاة وأزكى التسليم : [ لا تحاسدوا, ولا تباغضوا, ولا تجسسوا, ولا تحسسوا, ولا تناجشوا, وكونوا عباد الله إخوانا ] صدق رسولنا الكريم .




      الكاتب : الــوادي ..

      ملاحظة : تم نشر المقال في جريدة الرؤية للعلم وحقوق الطبع والحفظ محفوظة لدى
      الكاتب ولدى لجريدة ..

      $$eالحيـاة أمـل من فقـد الأمـل فقد الحيـاة $$e
    • العين والحسد الذي انتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم . لعدم وعي الناس بالشكر لله عز وجل
      على ما اولاهم من نعم عليهم وعلى الاخرين

      لا حول ولا قوة إلا بالله