
مع تقديري للجميع ... فإنه بسرني ان اضع بين يديكم كلمات أو مقال يتحدث عن الليلة العظيمة والتي هي الاسراء والمعراج .
ومن مكة المكرمة الى القدس الشريف.. والى السموات العلى يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الاسراء: "سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا انه هو السميع البصير".
في شهر رجب وبمثل هذه الايام... وقعت المعجزة التاريخية العظيمة وكانت رحلة الايات، رحلة البينات، رحلة افعمت بالانوار الالهية اليقينية.
والمقصود بالاسراء، تلك الرحلة العجيبة التي بدأت من المسجد الحرام بمكة الى المسجد الاقصى المبارك، ويقصد بالعروج ما تبع هذه الرحلة من ارتفاع في طباق السموات العلى، وحتى سدرة المنتهى.
ومن الخير العظيم ان نقف عند معطيات هذا الحدث التاريخي الجلل، فالاسراء والمعراج كمعجزة تتصل به معان كثيرة وحكم عظيمة وعبر سامية، لقد كانت هذه الحادثة عظيمة في واقعها، شريفة في غايتها فضلا عن كونها رحلة مقدسة، لقد هزت مشاعر المشركين واثارت حفائظهم فانكرتها عقولهم، لانها خرقت العادات وخالفت سنن الطبيعة من مألوف ومعروف.
لقد عرف المشركون وبخاصة قريش، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بصدقه وامانته وطهارته فسموه بالصادق الامين، ثم من بعد ذلك جاءهم بكتاب يقين فاقت بلاغته بلاغتهم، وكان معجزا لهم ولفصاحتهم، كانوا حينها يعبدون الاصنام، فدعاهم الى عبادة الواحد القهار، لكنهم انقلبوا عليه واذوه واتهموه واضطهدوه وقالوا مستغربين: "اجعل الالهة الها واحدا ان هذا لشيء عجاب" وما تركوا سبيلا للايذاء الا سلكوه.
وقد عذبوا اصحابه ومن تبعه حتى قتلوا بعضهم... وكانوا يعبدون اللات والعزة وهبل اصناما من حجارة واحيانا اخرى من تمر ثم يأكلونها... ثم يأتي خبر السماء خبر من عند الحق سبحانه وتعالى "فاصبر صبرا جميلا انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا" فأراد المولى عز وجل نقلة في رحلة مقدسة مقدسية ليطلع من خلالها على الانوار اليقينية ولينظر الى الحقائق الكونية... برهة من الزمن بعد عناء ونصب الى جو اخر اسمه "الضيافة الربانية" والى جو السكينة والطمأنينة.