"المنتهى الأخير".. العمل الروائي الأول للك

    • "المنتهى الأخير".. العمل الروائي الأول للك

      القاهرة - محمد عبدالعزيز

      "المنتهى الأخير" هو العمل الروائي الأول للكاتب المصري خالد محمد غازى بعد عدة إصدارات في مجالات متنوعة بين القصة القصيرة والكتابات البحثية، ولعل أبرز إصداراته في المجال البحثي الأكاديمي كتاب "الصحافة الالكترونية العربية.. الالتزام والانفلات في الخطاب والطرح"، و"ما بعد العولمة"، و"التوظيف الاعلامي والسياسي لشخصية الجاسوس". وفي مجال الدراسات الأدبية أصدر كتابين مهمين هما "نساء نوبل.. الفائزات بالجائزة في الآداب"، و"مي زيادة.. سيرة حياتها وأوراق لم تنشر".

      وفي تجربته الروائية الجديدة يعتمد الكاتب في المقام الأول على مزج التجربة الصوفية بواقع الحياة العصرية عبر مراوحته في السرد بين ثلاثة أحداث الحفيد والجد والمرأة التي تجسدها شخصية رمزية يسميها شهرزاد.

      تنقلنا الرواية إلى شهرزاد المعاصرة التي تطوف بنا الأرض المقدسة، أرض فلسطين المحتلة، فتكشف فصلاً من فصول الإرهاب الصهيوني، وجانباً سوسيولوجياً في حياة قرية فلسطينية مناضلة، ينقلك المؤلف تارة بين حديثها، وبين ماضيها، وبين نسبتها إلى الصحابي سلمة، ويمزج المؤلف بين نجوى الرسائل، وشدة الوثائق لتلف حكاياها المتباينة في قالب سردي لا محدود، هو توليف بين دفتر حكايا قديمة، وأخرى تنبض بروح المعاصرة والحداثة، لتتشكل في بوتقة لغوية مشوقة اشتهر بها المؤلف، وتمكن من أن يشكل من خلالها نقطة بداية قوية في محراب الرواية، وتجسد رواية "المنتهى الأخير" عدداً من قصص الحب، يمكن أن توجد في شخصيتين أساسيتين أكثر من غيرهما، أولهما - رجل الدين والفقيه المتصوف المتمثل في شخصية الجد "عوض"، الساعي نحو المبادئ والقيم الطاهرة، وصولاً إلى أسمى ألوان الحب والانتصار على مهاترات الحياة، والحب الثاني - يتجسد في حب الحفيد لشهرزاد، وهي هنا ليست شهرزاد الأسطورية رفيقة شهريار، بل هي امرأة فلسطينية تكافح الاستيطان الصهيوني لبلادها.

      لكن المؤلف يعاود المزج بين شهرزاد القديمة وشهرزاد المعاصرة، فالأخيرة تتشابه مع الأولى في أنها تقص على مسامع الحفيد قصصاً جميلة مشوقة، وتبعث له برسائل عديدة، تخبره فيها عن كل ما يشغل الأرض المحتلة، وعن نضالات أهلها، وصور الصمود البعيدة عن الحصر. كما ينقلنا غازي في منتهاه الأخير لمعايشة عدد من قصص الحب الجميل، عاشها البطل مع أنماط متباينة من النساء، منهن من تخلين عنه، ومنهن من تركهن هو، ومنهن من خدعهن بأوهام الحب، فهذه "أمنية صفوان" أحبها وهو دون العشرين من عمره، لكنها آثرت عليه زوجاً آخر طرق بابها فلم ترده، وهذه "نهى" الفتاة المثقفة التي ربط الحب الجميل بينهما، لكنه الحفيد هذه المرة هو الذي تراجع عن الارتباط بها، ليتورط في علاقة أخرى، ويكتشف في النهاية أن منتهى عشقه وحبه إنما يصب في جدول شهرزاد، وتحتل رواية "المنتهى الأخير" بصور عديدة وتواريخ متباينة تحمل في طياتها الحب والزهد والحياة والموت، لتختزل بين سطورها حيوات كثيرة عاشها أبطالها، فهذا الشيخ المتصوف "الجد" الذي قضى عمره باحثاً عن الحقيقة، يعرف أن الحياة لا بد وأن لها منتهى مهما طال، ولا خلاص له منها سوى باكتشاف طاقة النور التي تنبعث من أعمق أعماقه، ليهتدي بها في عتمة الحياة، ولأن الحياة والموت مترادفان أساسيان، نجد الجد يترك لحفيده البصيص ليسير على الدرب من حيث انتهى الجد.

      وكما يقول الناقد المغربي هشام العلوي: إن القصة في حالة غازي ليست سوى شكل عبوري، أو عتبة فنية إلى جنس الرواية، فمن المؤكد أن الكاتب يمتلك أصالة في الكتابة تقيه من خزي التقليد والمحاكاة، وبالتالي فإن صوته لا تختلط علينا نبرته طي أصوات وتجارب اعتدنا سماعها، ولا يمكن للقارئ المتتبع أن يصنفه في خانة "سبقت قراءته" التي تتسم معظم ما تعج به السوق الإبداعية والنقدية العربية، ورواية "المنتهى الأخير" ستشي من حيث بناؤها السردي بتفنيه فلما تعاطى معها الكتاب المصريون، ألا وهي تعدد الأصوات، والسجلات اللغوية، أو الحوارية، أو البوليفونية، المكون الصوفي المناقبي الذي وفُق "المؤلف" بامتياز في سبر مضايقة، والتعبير عن وجدانه وتشخيص مواقفه وأحواله، وهى معرفة لا يضاهيها سوى انهماك المؤلف الواعي باللغة، وهي تستغرق الدقائق والتفاصيل، وتنفذ إلى المغالق في الحس والعاطفة، والفعل.

      ويلحظ القارئ على رواية "المنتهى الأخير" صبغة سياسية لم يخفها الكاتب، رغم التركيز الظاهري على حكايا الحب، فالأجواء كلها تنزف بجروح الأرض المحتلة، حتى حكايا الجد التي اختار لها من القرى الفلسطينية مهداً ومسرحاً، أما شهرزاد، فهي رمز مضيء لنضال فلسطين واستبسالها، كما تضعه الرواية أمام حقيقة مهمة، وهي أن الشك دائماً هو مفتاح الوصول إلى اليقين، وأن الوصول إلى الهدف أو منتهى الآمال ليس هو المهم بحد ذاته، ولكن المهم هو القدرة على المحافظة على هذا الهدف، متخذاً من تجارب الحفيد زاداً أساسياً يستكمل به ما بدأه الجد، الذي لم يكن بمقدوره الوصول إلى العلم بغير أن يكتوى بنار الحب والرغبة، ليشعر أن المنتهى الذي يريده لم يأتِ بعد، وحينما يصل فمن المؤكد ستتدفق طاقة نور من صدره تنبؤه بأنه قد وصل حقاً إلى المنتهى.

      ولم يكن الزهد، أو حالة التصوف التي غلفت شخصية الشيخ "عوض" مرادفاً للخوف من الدنيا وملذاتها، إذ لم يمنعه البحث عن اليقين من معرفة الحب.

      أكثر...


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions