من المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم قضى شبابه وبعض كهولة حتى الخمسين من عمره مع امرأة واحدة، تكبره بخمس عشرة سنة، وقد تزوجها ثيبًّا، ولها أولاد من غيره، ومع هذا عاشا معًا أسعد ما يكون الأزواج، وظل يُكِنُّ لها الحب ويذكرها بالخير، ويهش لكل ما يذكره بها، حتى غارت منها زوجة الشابة عائشة وهي في قبرها.
وأول من تزوج بعدها: زينب بنت زمعة، وكانت امرأة كبيرة السن،لم يميزها شباب ولا جمال.
ثم أراد أن يخص أقرب أصحابه إليه - وهو أبو بكر - بالزواج من ابنته برغم صغرها، ولكن الأصهار إلى سيد القوم كان يعتبر عند العرب لونًا من الإعزاز والتكريم، فخطب إليه عائشة، مع أنها لم تكن تصلح للزواج في ذلك الوقت، ولم تدخل إلا بعد سنوات.
وتزوج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كذلك من حفصة بنت عمر الرجل الثاني بعد أبي بكر في القرب من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان عمر عرضها على كل من صاحبه:أبي بكر وعثمان، فلم يردَّا عليه، وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم تكريمًا وإعزازًا لعمر، كما فعل مع أبي بكر رضي الله عنهما.
وبهذا يكون الصحابة الأربعة المقربون من النبي صلى الله عليه وسلم قد فازوا بمصاهرته، أعني بهم:أبا بكر وعمر وعثمان وعلي، فمنهم من تزوج الرسول من بناتهم، ومن زوَّجه من بناته، وهما:عثمان وعلي رضي الله عنهم جميعا، وتزوج أم سلمة، بعد أن استشهد زوجها في أحد، وقد كانت من المهاجرات في سبيل الله،اللاتي لهن بلاء وموقف، فأراد أن يعوضها من زوجها بضمها إلى نسائه، وقد اعتذرت منه حين خطبها بكبر سنها، واهتمامها بأولادها، فقال لها: "لقد أصابني من كبر السن ما أصابك، وأما أولادك فهم أولادي".
وصفية بنت حُيَيّ، وأبوها حيي بن أخطب، الزعيم اليهودي المعروف الذي ألَّب على رسول الله ووقف ضده في أكثر من معركة، وقد مات أبوها، وهلك أهلها، فلم يشأ الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعها لأحد من أصحابه، بل كرمها وأخذها زوجة له، حتى يَجْبُر مصيبتها، وينسيها فجيعتها.
وأم حبيبة: رملة بنت أبي سفيان بن حرب، زعيم قريش وقائدهم في حربهم للنبي في أُحُد وفي الأحزاب وغيرها، وقد كانت أسلمت وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها، ثم غلبت عليه الشقوة، وتركها مرتدًا عن الإسلام، والعياذ بالله. فأراد الرسول أن يعوضها عن مصيبتها في زوجها، وأرسل إلى النجاشي يوكِّلْه في خطبتها وتزويجها منه، على رغم بعد الشقة بينها وبينه، وأمهرها بأربعة آلاف درهم، وبلغ ذلك أباها أبا سفيان أن محمدًا تزوجها فقال: هو الفحل لا يقدح أنفه، اعتزازًا بمصاهرته.
وزينب بنت جحش ذكر الله قصتها في القرآن، وعلة زواجها، وهي إبطال ما كان شائعًا عند العرب من تحريم زوجه المتبنَّى على من تبناه، وقد كان هذا مما بُنِى من آثار التبني محمد، حتى نزل قوله تعالى:{ادْعُوْهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ} الأحزاب: 5
والله لنبيه أو يقوم بهذه المهمة، وهي الزواج من امرأة متبنَّاه، على شدتها على نفسه، وصدمتها للمجتمع، قال تعالى:{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ
أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا" الأحزاب: 37
وكذلك سائر نسائه، كان لكل واحدة منهن قصة، وللزواج منها حكمة. ومنها: توثيق الصلة بقبائل العرب عن طريق الأصهار إليهم، وكل هؤلاء النساء ـ ما عدا عائشة ـ كُنَّ ثيِّبات، ولم يعرفن بجمال فائق، ولو شاء النبي صلى الله عليه وسلم الزواج من جميلات أبكار العرب، لتقربوا إليه بذلك، ولكنه كان يحل بكل زواج مشكلة، أو يداوي جرحًا. صلى الله عليه وسلم.
تحيااااااتي
.«ôô»..@..الصاااا(. إن . شاء . يعجبكم . الموضوع .)اااعقة..@..«ôô».