انتخابات مجلس الشورى... بين طموحات المواطن وواجبات المواطنة

    • انتخابات مجلس الشورى... بين طموحات المواطن وواجبات المواطنة

      انتخابات مجلس الشورى... بين طموحات المواطن وواجبات المواطنة

      كتب: محمد عيد

      الشورى لا تستقيم بمعزل عن المواطنة الحقة بما لها وما عليها: أي الحقوق والواجبات.. والمواطنة هي الأساس الذي يستند عليه مفهوم الانتماء الوطني. فالإنسان لن يكون مواطنا كاملا إلا إذا آمن أن مصيره يرتبط بمصير ذلك المكان الذي يطلق عليه (وطن)، بيد أن الوطن ليس مجرد حيز مكاني تنتهي صلة الإنسان به بمجرد انتهاء الحاجة إليه أو غياب الحاجة التي كان يقدمها. إنها ارتباط أزلي في السراء والضراء وعدا ذلك من علاقات بين الإنسان والمكان يندرج تحت مفهوم الارتزاق ليس غير!

      والمواطنة تعني أيضا استقلال الرأي: أي السيادة، وهي لا تكتمل إذا لم يكن الفرد يعي معنى المواطنة بكل حقوقها وواجباتها وأهمها طبعا المشاركة في صنع القرار من خلال هيئة تشريعية: مجلس الشورى، مجلس الأمة، أو البرلمان.. وسواها من مؤسسات يخولها الشعب عن طريق صناديق الاقتراع لتمثيله والتحدث باسمه والمشاركة في صنع القرار نيابة عنه.

      هذا التنويه غايته التأكد، وأنا بصدد الحديث عن انتخابات مجلس الشورى، إن واجب الإنسان في اختيار من يمثله في المجلس من خلال انتخابات حرة لا يعني شيئا إذا كان هذا الإنسان لا يشعر بالانتماء للمكان: أي الوطن، ولا يحمل داخله مشاعر المواطنة.

      والتعديلات الجديدة في مسيرة مجلس الشورى العماني التي ألغت حصر حق التصويت في الدوائر الانتخابية/الولايات على نسبة 25% من سكان الولاية فقط، ومن قبلها إلغاء إجراء تسمية الفائزين بمقاعد المجلس (اثنين من الأربعة الفائزين بأعلى الأصوات في الدوائر التي يزيد سكانها عن 30 ألف نسمة، أو واحد من الفائزين الاثنين بأكبر عدد من الأصوات في الولايات التي يقل عدد سكانها عن 30 ألف نسمة) بغض النظر عن ترتيب عدد الأصوات التي حصلوا عليها.. هذه التعديلات أضفت بعدا شورويا أوسع على تجربة مجلس الشورى، وبالتأكيد ستُفعّل واجب المواطنة في تجربة المجلس باعتبارها أساس الشورى، وستعمل على توسيع قاعدة المشاركة وستشجع نسبة كبيرة ممن لم يتحمسوا في المشاركة خلال دورات المجلس السابقة (بلغ عددهم في الانتخابات الماضية 175 ألف ناخب وناخبة).. ممن كانوا لا يرون جدوى من الذهاب إلى صناديق الاقتراع ما دام صوتهم الانتخابي لن يحدد الفائز بمقعد الدائرة/الولاية.

      أما وقد تعزز دور العضو الفائز على أساس انه اكتسب عضوية المجلس من خلال صناديق الاقتراع لا بالتزكية أو التسمية من قبل الحكومة، وبالتالي فان المجلس أصبح يعبر عن إرادة كافة المواطنين وليس فقط 25 في المائة منهم، فان ذلك يعني أن العضو، ومن ثم المجلس أصبح يتمتع بدور تمثيلي اكبر، وإذ ذاك فهو مطالب بالاضطلاع بدور ينسجم مع هذا التحول.

      ان تعزيز الصفة النيابية وتفعيل دور العضو والمجلس معا يستدعي أيضا تغييرات أخرى مكانها هذه المرة داخل المجلس نفسه، ألا وهي توسيع صلاحيات المجلس، فالعضو أصبح مكلفا من قبل المواطنين كافة.. هم من اختاروه ووضعوا ثقتهم فيه، وبالتالي فانه مطالب بتبني مطالب الناخبين كأفراد في الدائرة الانتخابية وكمواطنين لهذا الوطن، وهو مسئول أمامهم عن تنفيذ المهام التي كلف بها، ومحاسب من قبلهم عن أي تقصير أو قصور يعتري أداءه، وبالتالي فان المجلس كله بصفته الاعتبارية، يخضع لإرادة الناخب وهو معرض للمساءلة من قبله!

      ولكي نبتعد عن الكلام المبطن أو القراءة بين السطور، واللف والدوران حول المعني من الكلام لا بد من وضع النقاط فوق الحروف، أو بالأصح (الكلام بالعربي).. على أن لا يفسر الحديث خارج سياقه أو يؤل حسب ما تشتهيه الأنفس!

      على المجلس أن يسعى في المرحلة المقبلة إلى اكتساب صلاحيات تشريعية وقانونية تعود بالمنفعة على المواطن والوطن. وعليه أن يضطلع بدوره كركن أساسي في مسيرة التطوير التي تشهدها البلاد، ويجب أن ترقى مشاركته في عملية اتخاذ القرار سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي الاجتماعي وفي الجوانب التنفيذية الأخرى كوضع الخطط والإجراءات التنظيمية والرقابية إلى المكانة التمثيلية التي أصبح يتمتع بها.

      كما أن المجلس مطالب بالعمل على تعديل دوره من مجرد هيئة استشارية إلى مؤسسة تشريعية مسئولة عن سن القوانين ومتابعة تطبيقها ومحاسبة الجهات التنفيذية ومراقبة عملها. فـ(مراجعة مشروعات القوانين التى تعدها المؤسسات الحكومية قبل اتخاذ إجراءات إصدارها أو تقديم اقتراحات حسبما يراه المجلس مناسبا في مجال تطوير القوانين أو تعديل مواد قانونية سارية المفعول) لم تعد تكفي إذا لم تقترن بآلية إلزامية وفق صيغ تنظم العلاقة بين الجهتين التشريعية والتنفيذية.

      كما أن الاستماع إلى البيانات السنوية المطولة التي يقدمها أصحاب المعالي وزراء الخدمات عن أدائهم والاستماع إلى الخطط التي تنوي وزاراتهم تنفيذها خلال السنة أو الخطة القادمة ومناقشاتهم بشأنها، والاستماع إلى تعهدات وتمنيات استجابة لمطالب الأعضاء، أصبحت هي الأخرى لا تواكب النقلة النوعية التي طرأت على المجلس إلا إذا شكل المجلس لجان مساءلة لا لجان أسئلة تتابع سير تنفيذ القرارات التي اتخذها الاعضاء خلال مناقشة الوزير، وتضع تقارير تبين مدى التزام الوزارة بتنفيذ الاقتراحات والتوصيات التي قدمها المجلس.

      وما لم يعط المجلس مزيدا من الصلاحيات تواكب المستجدات التي طرأت على آلية انتخاب أعضائه بحيث يكون أكثر فاعلية وتأثيرا في برامج التنمية والعمل التنفيذي الذي تضطلع به الوزارات فان أي حديث عن توسيع قاعدة الشورى لا يعني الكثير إذا لم تقترن هذه التعديلات بنتائج تتجاوز ما اعتدنا عليه طوال السنوات الماضية.

      واعتقد أن الأمر السامي بتوسيع قاعدة الشورى العمانية من خلال فتح أبواب الترشيح والانتخاب لكافة المواطنين العمانيين يأتي انسجاما مع تطلعات فكر جلالة السلطان في الارتقاء بنهج الشورى بما يتناسب مع التطور الحضاري والفكري الذي تشهده السلطنة وتطلعات المواطنين للمشاركة الحقة في تنمية الوطن من خلال تعزيز دور المجلس وتوسيع دائرة تأثيره من اجل الإسهام في بناء الوطن وفق صيغة تشريعية تتيح له حيزا اكبر للتأثير في وضع القوانين وأساليب تنفيذها.

      خلاصة القول.. إن المواطنة الحقة، التي تربط مصير الإنسان بالمكان، هي نقطة البدء التي تنطلق منها الشورى واستقلالية الرأي لتأسيس مفاهيم وقيم حضارية تؤطر العلاقة بين الحكومة والشعب
      وفق نهج متطور يلبي طموحات المواطن وآماله ويطالبه بواجبات المواطنة.
      ـــــ

      جريدة الوطن/ الأثنين 3 شعبان 1424 هـ ـ الموافق 29 سبتمبر 2003 العدد 7379 السنةالـ33
      للاطلاع على مواضيع سياسية اخرى: araimi.com/araa_watan.htm
    • شكرا أخي العزيز محمد العريمي على نقلك لنا هذا الخبر مع ذكر المصدر ، وبخصوص مجلس الشورى والعملية الانتخابيه فاتمنى انك ترجع لموضوع ( المرأة والسياسيه ، موضوع للمناقشه ) على هذا الرابط :
      oman0.net/forum/showthread.php?threadid=55240
    • مجلس الشورى
      هنا نحن في حيرة من امرنا
      فعلا هل مجلس الشورى اداة قوية من المواطنين في وجه الحكومة
      في تنفيذ بعض مايهم المواطنين
      اما انهو واجهة فقط لاغير
      الايام سوف تكشف ذلك
      كان ظل المـــوت
      مرميـــا امامي
      خفــــت
      :confused:
      ان اعثر
      او
      ان اسبــــــــــقه
      :(