هذا الصباح كان الجو صحوا جديد nagwash

Warith AL Maawali · 12 يوليو 2011، 21:13

هذا الصباح كان الجو صحوا
-----------------
ضحكا الاثنان غمزا – اكتفت بابتسامة عريضة أما هو فقد تعالت ضحكاته صخبا
رفقتهما المعتادة بالأريكة – قراءتهما لذات الجريدة – نظرتهما بذات الاتجاه يمينا يسارا – حتى حروفهما تتطابق نطقا !
اختلط الأمر على الجميع فظنوا أنهما فردا – من قال أن السفينة لا تسير بقيادة عددين زوجا ؟
يختالان دوما بتوافق أرواحهما زهوا – تكوي نظرات الآخرين حسدا – تزيد قوة ترابطهما يوما عن يوم قربا
بجلسة هذا المساء بذات الموعد المعتاد على أريكة لون فرشتها أحمر قاني كهرمان
بذراعيه اندثرت باحتراس عيناها على فوهة مسكوب شاي بكوبين محتلة معه بالأريكة أضيق مكان
أريكة حمراء قانية كهرمان بلياليها أروع الأزمان – جالستهما بحميمة بلهثهما متجاوران – عايشاها و كأنها طرف ثان هما و هي متلازمان – جميلة المنظر متينة الصنع من خشب الزان
ارتجفت معهما بصقيع الليالي افترشاها بغليظ مفرش صوفي – تمرغت معهما بلهيب الصباح الحار افترشاها بمخملي مفرش حريري
كانت المضيفة الرئيسية لاستقبال الزوار – كانت المشاركة بالمناقشة و اتخاذ القرار – كانت الملجأ من تعب النهار بسكون الليل إليها الفرار – كانت تتوسدهما أجسادا للراحة و الاستقرار
ذاك المساء
--------
بذات التوقيت لفتح التلفاز – بذات مسكوب الشاي بالكوبين – بذات ضيق المكان – بذات وثبتها بين الذراعين – بذات حركتها و ضحكتها و رقص حافة فستانها و خفة وقع خطوتها ---- ارتمت على الأريكة
سمعا طقه زئير مريبة – انكسر قائم خشب الزان للأريكة
سمعت وحدها قهقهة ضحكاته مدوية – كأنه يخبرها كم أصبح جسدها بوزنه الزائد بحالة مزرية
استمرت ضحكاته عالية – لم ينتبه أنها المرة الأولى لا يضحكا فيها سويا
استمرت ضحكاته عالية – شانها ببعض نكات ظنا منه أنها مضحكة فكاهية
استمرت ضحكاته عالية – انكمشت هي بالركن مذوية
ذاك المساء
--------
تسللت من ليلها خلسة– لمرآتها تنقب عن آثار عجز بملامحها مندثرة - تيقنت انحسار شباب بشرتها المرمرية
تسللت من ليلها خلسة – لقديم قياس هندام أصبحت تئن خيوطه اغتصابا كلما حشرت فيه جسدها عنوة
جاء الصباح و لم يكن صحوا ---- انكسرت الأريكة -- غيم المكان ينتظر ليلا لا تحتضنهما فيه فرشتها الحمراء القانية
جاء الصباح و لم يكن صحوا --- انكسرت الأريكة -- توالي الزمان بأعمارهما و بسخريته لن تكون له الحبيبة الدانية
هذا الصباح
--------
استيقظ طالبا منها الذهاب لمكان بعيد – عليها القيام بدلا منه ببعض المواعيد – أعذاره الكسل و ترجاها تنفيذ ما يريد
هذا الصباح
--------
بطريقها لاستيفاء مواعيده و باقي الطلبات - لمحت متجر الأثاث و المفروشات – ترجلت ترددا ثم ما لبثت دالفة تسأل بسرعة لاهث عن أريكة فرشتها حمراء قانية كهرمان مصنوعة من متين خشب الزان
خاب أملها و انسكبت منها نظرة بحسرة – على الأريكة الوحيدة الموجودة بالمتجر – و التي أخبرها بائعها أنها قد حجزت قبلا – و ليس لها بدلا – و لا يقبل لوعد شاريها حنثا – ردا على عرضها مضاعفة النقود ثمنا
بباب المتجر ألقت نظرة بحسرة – ما لبثت أن واست نفسها غصبا – طبطبت خاطرها رفقا - فقد لمحت بالأريكة عيبا - بقعة قاتمة على ركنها الأيسر
هذا المساء
--------
استقبلها بلهفته شوقا – يعبث بشعرها نثرا – يتخلل أناملها مترنما لحنا – يتعجل كوبين الشاي – يستعذب دقات الساعة رنا – قرب التوقيت لجلسة المساء فهلم تعالي لذراعي ركضا
بذات التوقيت لفتح التلفاز – بذات مسكوب الشاي بالكوبين – بذات ضيق المكان – بذات وثبتها بين الذراعين – بذات حركتها و ضحكتها و رقص حافة فستانها و خفة وقع خطوتها ---- وجدت الأريكة بحمرتها القانية -- أخبرها أنه أصلحها – تتحمل معهما سنوات و سنوات بمساواة ما سبق عايشاه
وثب كالأطفال من علو و سقط بأوسطها مبتهجا – أمرها أن تعلو و تهوي و فرد لها ذراعيه مدا
تسارعت منثنية تنحي أكواب الشاي بمائدة بالركن الأيسر
لمحت بالأريكة بقعة قاتمة كذات الأريكة بذات الجانب بالمتجر
ابتسمت – التصقت و ازدادت قربا
همست : هذا الصباح كان الجو صحوا

-------------- فيديو / أمل حياتي - أم كلثوم ------

المصدر nagwash