"السيف والزهرة".. دراما روائية ترسم تفصيلا

    • "السيف والزهرة".. دراما روائية ترسم تفصيلا

      القاهرة - ش

      تكشف رواية "السيف والزهرة"، والصادرة عن دار "الكتاب العربي" بـ"بيروت"، للروائي الاماراتي علي أبو الريش عن تمثيلات متخيلة لجسدية المدينة الشاطئية التي تترامى أطرافها على البحر، وتتداخل معه في وشائج مصيرية، تنتج عنها تمثيلات علائمية متبادلة، تجعل قارئها يتوغل في أحداث الرواية حتى النهاية، ويتراءي ذلك عبر وصف أبو الريش لتلك المدينة (المتخيلة) في قوله: "يبتلع البحر الشاطئ، والشمس تصوب شظايا حارقة.. الشارع الصغير المتعرج بجانب الشاطئ الملتهب، كل شيء كان يلهث، يسح بالعرق، وكأن جهنم فتحت أبوابها علي هذه البقعة الضيقة من العالم، البيوت المنخفضة ذات الجدران المبنية من سعف النخيل تتلاصق وأبوابها تعانق بعضها بعضا، صراخ الأطفال، وزمجرة الكبار، وزعيق ربات البيوت لا تخفيه حواجز، لأن الجدران منخفضة، والأفنية واسعة، والأبواب مفتوحة ليل نهار، هذا ما يساعد على انتقال صدى الأصوات".

      لتبدو تلك المدينة الساحلية وكأنها شيدت بدنها من سعف وجذوع النخيل، مدينة صغيرة "ضيقة" مقارنة بالبحر واسع الأفق والصحراء المترامية خلفها، تولي هذه المدينة البحر وجهها، وتضع الصحراء خلفها وعلى أجنحتها، لكن "الراوي" يضع قارئه في صميم أجواء تلك المدينة المناخية الصيفية، التي توحي بقدر ما تكشف عن جسدية المكان عبر الصفات "المحمولة" على "الأشياء" الحاملة لها، تلك الصفات الأربع التي يوظفها أبو الريش قصد الكشف عن جسدية المكان في حضوره المناخي اللاهب، والمتمثل في: (الشمس الحارقة، والشاطئ الملتهب، والأشياء اللاهثة، والأشياء المتعرفة).

      وفي المقابل استخدم أبو الريش عددًا من التوصيفات التي توحي بأن مدينته مفتوحة الأفق علي البحر من أمامها، وعلى الصحراء من خلفها، وعلى السماء من فوقها، بل وعلى الداخل فيما بين بيوتها وأفنيتها وأزقتها، فمدينة "السيف والزهر" ذات بيوت "منخفضة" الارتفاع، وهو مستوى البناء في المدن القديمة حينها، فهي لم تعرف الصعود الشاهق نحو الأعلى كما هي حال المدن الأسمنتية المعاصرة.. فمدينة "السيف والزهرة" ذات "جدران منخفضة.. متلاصقة"، على نحو نسقي لا تفصلها سوى "الأبواب" أو المداخل التي تتجاور على نحو "تعانقي"، وكل ذلك مبني من سعف وجذوع النخيل.. ليؤصل بذلك الراوي على أن مدينته تجسيد مرئي يمتلك ملامحه المجردة "المحضة"، كما يعبر عن ذلك النص المقروء، لكن هذا الجسد خال من التجسيد النابض بالحركة، وهو الأمر الذي سرعان ما يتداركه أبو الريش عندما يلعب علي العنصر الصوتي بوصفه "الأثر المعنوي" الذي سيمنح المدينة وجهها الجسدي المرئي الناطق، بعد أن كان وجهاً جسدياً صامتًا بسكونه.

      وتمعن "عين الراوي"، في رصد الجدران والأفنية والأبواب، ومثلما توافر الرائي الراوي على جملة من السمات الخاصة بالجدران، كذلك يمنح قارئه قدراً من السمات عن أبواب بيوت المدينة، لكنه لا يخبره بشيء عن الطبيعة الجسمية لهذه الأبواب من حيث المادة المكونة لها، ولا ألوانها أو جهة فتحها، وهي بالتأكيد إما أن تكون مصنوعة من مواد خشبية أو معدنية أو مصنوعة من سعف النخيل، بيد أن هذا لا يمثل شيئا مهماً، فهناك ما هو أهم مما وصفته عين الرائي، وهو الكشف عن النسق الجسدي الذي انتظمت فيه أبواب البيوت، فأبواب البيوت "تعانق بعضها بعضا"، بفاعلية تجاور الأبواب على الأرض، ومن ثم في نسق معماري جمالي، وكذلك في نسق وظيفي / تداولي قبل فعل "التعانق" وبالتالي في نسق تعانقي، وهو النسق الذي يبلور للأبواب إمكان وجودها الجسدي لما فيه من دلالات جسدية، فما هي إلا نتاج لكل تلك الأنساق مجتمعة، مما يعني أن بنيتها العامة تمثل جسداً مضافاً.

      أكثر...


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions