بقلم - عيسى بن محمد الزدجالي

"أسطول الحرية 2" وماحدث له مؤخرا..علامة واضحة على تدخلات القوى العظمى في العالم – هي ليست قوى وإنما "قوة" واحدة معروفة ولها مواقفها السلبية في الكثير من المواقف والمتناقضة تماما مع أقوال قادتها في المحافل الرسمية الدولية وعلى كل الأصعدة وبخاصة القضية الفلسطينية أو القضايا العربية بصفة عامة..هي قوة تكشر عن أنيابها بمنطق "العضلات المفتولة".. غير عابئة بأن الزمن يتغير وأن الثورات تجتاح العالم المتمدين بكل أشكاله وأن الزمن والتاريخ يتغير ولكنها ما زالت تعيش في سبات "الفيتو".

إن هؤلاء الذين يعتمدون على "القوة والسلاح" في كل تعاملاتهم المصيرية لا يدركون أن قوة وإرادة الشعوب أقوى من جميع الأسلحة الفتاكة.. إن ما شهده العالم من تحد صارخ لتحرك "القافلة" لا شك أن وراءه -للأسف الشديد قوى لها مصالح كثيرة في المنطقة وذات أنياب حادة وأن مصالحها تفوق المصالح الإنسانية- فهي لا يعنيها الشأن الفلسطيني وما يعانيه ولا يهمها أهداف الرحلة بأي حال من الأحوال فعملت بكل قواها وتأثيرها الكبير لعرقلتها عن رحلتها وبالتالي شهدنا التعنت اليوناني حيال إبحار "قافلة الحرية 2" نحو قطاع غزة لنقل إمدادات إنسانية ولكن الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية على اليونان كانت شرسة حتى يقف المسؤولون هناك حيال إبحار السفن من موانيها.. لقد استطاعت أمريكا وبكل السبل الممكنة التحرك يمينا ويسارا من أجل ترهيب اليونانيين بعدم الاستجابة للتحرك من الموانئ وهنا أعطت أمريكا الصورة الحقيقة لها وهي لا تستطيع أن تغير من مواقفها الداعمة لشقيقتها الصغرى "إسرائيل" في كل مواقفها، وقد بررت اليونان عن موقفها للأسباب الأمنية، وهذه المبررات ليست مقنعة للعالم.

وجاء الموقف اليوناني المتخاذل ليذهل الجميع في هذا التوقيت الذي يتحرك فيه العالم تجاه حلول إيجابية للقضية الفلسطينية ليعكس الموقف المناهض للحرية ذلك الموقف الصادم للعرب كافة وللأحرار في العالم كله وإذا كان هذا هو موقف الحكومة اليونانية تجاه "قافلة الحرية" فنحن نشك تماما أن يكون هذا هو موقف الشعب اليوناني المؤيد للحرية في كل بلاد العالم لأنه شعب ذو تاريخ عريق وحضارة وثقافة عالية ولكن المصالح الأمريكية - الإسرائيلية المتخمة في شرايين العالم لها مفعولها فهي دولة ذات أنياب كثيرة وأيادى طولى تصل للنخاع في أنحاء كثيرة من العالم إما بالترغيب أحيانا وبالترهيب أوقاتا أخرى لأنها تستطيع شل مصالح العديد من الدول ومن بينها بالقطع اليونان في كثير من الأمور الحيوية.

وبالتالي لابد من وضع حد للموقف الأمريكي المتعنت وبشدة حيال الشعب الفلسطيني المكافح ولا يمكن أن يقف العالم حيال الدور الأمريكي السلبي موقف المتفرج فلابد أن يهتدي الأحرار في العالم من "الربيع العربي" الذي يظلل حاليا على الكثير من الدول ولابد أن تعي أمريكا أن الدور العربي تغير ولم يعد هو الدور الذي يقبل بأية حلول فلقد انتهى ذلك العهد إلى غير رجعة.

إن ما تناقلته وكالات الأنباء بأن اليونان عرض نقل شحنات سفن "الحرية 2" بواسطة بواخر يونانية والتي قيل إن إسرائيل وافقت عليها هو شيء مخزٍ لأن الحكومة اليونانية تعلم تماما أن وصول الأشخاص مهم جدا وليست المسألة مجرد شحنات لأن الشحنات "المعنوية" والتي يمثلها كل من على السفن لمؤازرة الشعب الفلسطيني أهم بكثير وأن ما أعلنته من سبب غير حقيقي بعدم السماح للقافلة بالإبحار خوفا على وقوع إصابات بشرية هو استخفاف بالعقول البشرية في العالم كله وليس في المحيط العربي فقط.

لا شك أن منظمات حقوق الإنسان تقوم بدورها في هذا الصدد وبشكل إيجابي يتمثل في ملاحقة قادة الاحتلال الذين يطلقون تهديداتهم بحق قافلة الحرية، وفضح ممارسات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني ومناشدة كل أحرار العالم بمواصلة التحرك وتسيير القوافل إلى قطاع غزة حتى كسر الحصار وانتهائه بشكل كامل.*إلعالم العربي "الجديد" وبالتغيير والتحديثات الحاصلة لابد أن يكون له موقف صارم مع الحكومة اليونانية التي حالت دون إبحار القافلة ولابد أن الوقت قد حان للوقوف نحن العرب صفا واحدا ضد كل دولة تعادي القضية الفلسطينية حتى لو كانت تلك الدولة هي "أمريكا" ذاتها.. لابد أن نتغير ونغير من أسلوب التعامل مع القضية الفلسطينية وعلينا ألا نكون مشاهدين بل علينا دور مهم وهو أن نكون أكثر فاعلية وبصورة تتفق مع التغيير الذي يشهده عالمنا العربي الحر.

أكثر...