هذا الذي علمتني اياه سورة "ابراهيم "

    • هذا الذي علمتني اياه سورة "ابراهيم "

      [TABLE='width:70%;'][CELL='filter:;']
      هذا الذي علمتني إياه سورة إبراهيم .

      1 - إن الكفر مهما كثر عدده وقويت عدته ، لن يتغير أمره عن كونه باطلا لا يصح اتباعه ، بل إن أتباعه عرفوا ذلك وما تمسكهم به إلا لكبر استيقنته نفوسهم ولا أدل على ذلك من كتاب الله : ( قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ) الآية .
      2 - وعن علاقة الكفر مع الإسلام ، والكفر بكل أشكاله ومذاهبه ، سواء كانوا يهودا أو نصارى أو عبدة أوثان وأحجار وأصنام لا يرغبون من مسلم إلا أحد أمرين ، إما القتل أو الطرد أو التشريد أو الإبعاد وإما أن يرتد المسلم عن دينه مصداقا لقول الله : ( وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا ) الآية ، وأما عن المساعدات الغذائية والطبية ، والإمداد بالأسلحة في بعض حروب المسلمين ، إنما يقدمونها لغاية في نفوسهم ودعوة لكفرهم ، والله قد أحبط عملهم : ( مثل الذين كفروا أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد ) الآية .
      3 - و دور المسلم في عدم قبوله لنفقات الكفار ، وأن ينفق على إخوانه المحتاجين المستضعفين في الأرض ، ولله ما في السماوات والأرض يورث أرضه من شاء من عباده ، ويقوي عباده ويغنيهم عما في يد الغير ، ثم تأتي الحسرة على الكفار عندما يقال : ( وأدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام ) الآية .
      4 - والمسلم في حياته يكون كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وفي الحديث أبو عبيدة قال : بلغني عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وهي مثل المؤمن المسلم فحدثوني ما هي ) قال :فوقع الناس في شجر البراري فوقع في نفسي أنها النخلة ، فاستحيت ، فقالوا : يا رسول الله حدثنا ما هي ، فقال: ( هي النخلة المباركة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) ، فخير المسلم لنفسه ولأمته على السواء ،محافظا على نفسه من الآثام غير متقول على مجتمعه ، لا بكلمة ينطقها ولا حرف يكتبه ،بل ويجتهد لإصلاح مجتمعه ، فيعمره ويساعد من فيه ، وكل ذلك شكر لله تعالى ، فيخالف صفة الكفار التي استحقوا بها العذاب وذلك بكفران النعمة مع اتخاذهم مع الله الند والشريك .
      5 - ويصلح خليفة الله في أرضه ما بينه وبين ربه بإقامة الصلاة ، فالصلاة دليل الخضوع لجبار السماوات والأرض ، لمن بيده العزة والقهر ، وفي الأمر بالإقامة روح الصلاة الخشوع ، الذي به يتفاوت المؤمنون ، ولأجله ترفع صلوات ، وبدونه ترد في وجوه أصحابها .
      6 – وينفق على عيال الله بمال الله ، فالمال ما هو إلا وسيلة يتقرب بها العبد لربه ، وأما الذين يبخلون ويضنون به على أصحاب الحقوق فقد توعدهم الله بعذابه ، وسيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ، والإنفاق من صفة الكرام ، والشح خلق لا يرضاه العقلاء ، وكم كان الإنفاق قرينا بالصلاة في مواضع شتى في القرآن الكريم ، منها على سبيل المثال لا الحصر ، قوله تعالى : ( الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ومما رزقناهم ينفقون ) الآية ، ومنها : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) الآية .
      7 - ويستعد بعد ذلك ليوم الحساب ، لملاقاة الملك الجبار ، الذي أكرمه بالوجود من العدم ، وتفضل عليه بالنعم ، وكل شيء يذكره بقدرته عليه وعلى سائر الخلق فسماء تسقي الأرض ، ويخرج الثمر ليكون رزقا للعباد ، وحملهم في البر والبحر ورزقهم من الطيبات وفضلهم على كثير ممن خلق ، وجعل لهم من آياته الشمس والقمر ، وبعدهما عن الأرض بقدر حتى تنصلح حياة الناس بوجودهما ، وجعل لهم لتسكن نفوسهم هدأة الليل ، والنهار لطلب العيش ، مع سائر النعم .
      8 - وأن النعمة الكبرى فهي نعمة الدين ، فهي السائق إلى الجنة ، فلا بد من التبري من كل ما يضر به حتى يسلم ونسلم ، ولنا في أنبياء الله القدوة الحسنة ، وأميزهم أبونا إبراهيم ـ عليه السلام ـ ، فقد تبرأ من شرك والده ومن الأصنام ، ومن كل ما يضل الناس عن دين الله ، فأشكال كثيرة من اللهو واللعب ملهية عن ذكر الله وعن الصلاة ، فالمسلم يقي نفسه منها ، لئلا يضل بها عن دين الله تعالى .
      9 - ثم إن القرآن يربي أهله على الحفاظ على المقدسات الإسلامية ومن جملتها البيت الحرام ، ومما يناسب أن نذكر مقدساتنا معشر المسلمين التي هي بيد الغاصبين ، وأنقل كلاما لقطب الأئمة أمحمد بن يوسف أطفيش يظهر عزة المسلم ، وأنه لا حق لليهود في أرض ، قوله في ( تيسير التفسير ) عند تفسيره للآية في سورة آل عمران : ( وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ) : ولا ملك لليهود ولا دولة ،والنصارى أشد مخالفة لعيسى ولم يرض ما هم عليه من الكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم وبغيره . انتهى . تأمل قوله تعالى : ( واجعل هذا بلدا ءامنا ) ، فزلزل أقدام الكفر أيها المسلم فالله ناصرك ومؤيدك ، واسلك طريق النبيين وادع ربك ، وما خيرات الأرض والسماء إلا بطاعة الله وإقامة الدين والصلاة لله .
      10 – إن الأصنام كانت سببا في إبعاد الناس عن دين الله ، وقد كانت غاية الرسول الكبرى هي تطهير الكعبة المشرفة منها ، حتى حصل له ذلك في فتح مكة ، وأي سبب مبعد عن دين الله فحكمه كالأصنام ، لا بد من تطهير كل دار منه بل ومن كل نفس ، وإن كانت تلك مجرد أحجار إلا أن الشيطان خدع كثيرا من العقول الضعيفة فشغل أفكارها بغير الأوثان ، حتى أخرجهم من الإسلام إلى الإلحاد ، وفي حالات من الإيمان إلى النفاق ، وأخذ اليهود يدسون الدسائس للمسلمين ، ويروجون الأفكار الهدامة بل ويلقمون أفواه الداعين إلى نبذ الدين بالأموال ، أعاذنا الله من شرورهم .
      11 – وعلمتني أن إقامة الصلاة سبب في :
      أ ) اجتماع أفئدة الناس وتوحد صفوفهم ورأب صدعهم .
      ب ) البركة في الزروع والثمار وكثرة الخيرات .
      ج ) تربية النفس على الشكر للمنعم ، فهو سبب الإيمان الأول والقائد للحياة الإيمانية الصحيحة .
      د ) البركة في الأهل والمال والولد ، والحافظ لها من كل ما يذهبها ويهدرها .
      ه ) مغفرة الذنوب ، واستمطار الرحمات على الأحياء والأموات . ثم إن ذلك علم ، يأخذ كل عاقل منه على قدر وفرة فهمه ، وبصيرة قلبه ، لذلك تتفاوت درجات المؤمنين ، وقد وضع الله لعباده العبر والأمثال حتى تتعظ قلوبهم وترجع إلى الحق كلما فارقته
      وخاتمة ما مضى خاتمة السورة لأنه أبلغ في وعظ القلوب فالله جل وعلا يقول : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ، مهطعين مقنعي رؤوسهم لايرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ، وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ، وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ، وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ، فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام ، يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ، وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ، ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب ، هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر ألوا الألباب ) الآية .



      تحياتي لكم
      صغيرة
      [/CELL][/TABLE]