شاطيء المنفى...اول مشاركة

    • شاطيء المنفى...اول مشاركة

      تحيرت ماذا سأكتب في ليالي أرقي الطويلة...
      شجون لا ينتهي...حنين بلا حدود...افكار ضائعة...
      احلام مسلوبة...اهداف باتت معلقة...اليقين لدي اصبح مهزوز...
      واشعة الشمس تلهب خطواتي...وكأنني اسير على وادٍ من جمر...
      فايقنت بأن هناك خطأ في مجريات الاحداث...

      البارحة...
      البارحة حملتني خطواتي الضائعة الى شواطيء جدة عروس البحر الاحمر......
      حاملا همي وحزني بين اضلعي...
      رأيت ضوء الامل ينعكس على صفحة الماء...
      فخيل الي بأن الحياة ليست بتلك الصورة القاتمة التي كنت اراها...
      فبدات افتح لنفسي ابواب كنت اظنها مغلقة...
      فأحسست بأنني قد وجدت مفاتيح الامل والرغبة في الحياة او انها هي من وجدتني و عادت الي من جديد...
      كنتي امشي للحظة...ولكنني توقفت...
      شدني منظر المدينة على الجهة المقابلة...مدينة ناعسة نائمة... رغم الضجيج ورغم زحمة البشر...
      لكني اراها ساكنة هادئة...مزاجي هو من يصور لي ذلك الهدوء وتلك السكينة...
      فاخذت افكر...ماهي الاسباب التي اخذتني بعيدا الى تلك المدينة الغريبة...
      ومظاهر الحياة الاغرب...

      نعم هي مسيرة حياة لا بأس بها ...كانت مليئة بخيبات الامل...ولمحات نصر قليلة...
      مواقف وجراح تراكمت عبر السنين...ولكن لماذا انا هنا؟!...لماذا اخذتني الاقدار الى هنا؟!...
      حينها فضلت الصمت...فهو ابلغ من وقوع سهم الاجابة التي ابحث عنها...
      في تلك اللحظة بالذات تكونت لدي قناعة...
      وكأن شيخا حكيما هرم...خرج من اعماق البحر...حاملا معه زجاجة...
      بها قصاصة ورق ملفوفة بشريط بني مهتري...
      اخذت الزجاجة...قبلت الشيخ على رأسه ...كما علمني والدي منذ الطفولة...
      فتحت الزجاجة...اخرجت القصاصة...فتحت الشريط... فماذا وجدت !!
      نعم هي القناعة التي كنت احدثكم عنها...

      هناك اشياء في الحياة ومجريات تصيبنا...فليس لنا خيار سوى ان نعيشها كما كتبت لنا...
      لانسأل...لا نعترض...فقط نمضي..
      مضيت من حينها احمل عناوين الألم ..الدهشة...الذهول... الاستغراب...اشحت بوجهي الى البحر...
      وكأنني اريد الوحدة...الهدوء...العزلة... والاستقرار...
      نفضت الغبار عن فكري...وطرقت ابواب التامل مرة اخرى...
      تخيلت بأن هناك جسر...يمتد من ضفاف الشاطيء وبداية البحر...
      الى ابعد من المجهول هناك ... الى ما وراء البحار...


      تخيلت بأن هناك منزل...صغير...واسرة هادئة...تجلس تحت ظل اشجار النارجيل...
      تخيلت بأن هناك ام رءووم...واب مخلص حنون...واخ...واخت...وحكاية حب وشوق....
      لحظات فرح ممزوجة بخلطات من الحزن والالم يداعبها نسيم الامل!!!... نعم تذكرت اسرتي !!!
      عندها اطلقت آهة مكتومة.. شقت طريقها من جوفي الى قمة راسي...
      فتلاشى بعدها ذلك الجسر المعلق وبدأ في الانهيار ...
      وتلاشت تلك الصورة الجميلة واسدل الستار عن المشهد وتوارى الممثلين خلف ظهر الكواليس...
      وتلاشى الامل...وبدات الافكار في الهدوء...
      وبدات استعيد روح الواقع.....وبدات انشد في نفسي...
      لقد علموني حبهم فاحببتهم...فهل غادرت وجدانهم....
      فتذكرت كلام الشاعر...:
      ذبلت من الاحزان كل مواسمــي
      وغدت كأجنحة الظلام معالمــي
      وتشابهت ايام عمري في الاسى
      فكأنما الايام محــــــــض توائم
      وتقطعت سبلي واضحى مرتعـا
      قلبي يوائي خيبتي وهزيمتـــي


      ثم بعد ذلك...بدات الشمس في الغروب...
      والامل الذي كان يشرق على صفحة الماء...بدأ في الانكسار...
      فأخذت ارقب خيوط الشمس...وهي تذوب كــ ذوبان بركان في غمد البحر...
      فخاطبتها في صمت...فيما حزنك ايها الشمس!!...اهي لحظات الوداع!!
      اهو ذوبانك في صفحة الماء!!
      اخبريني...فيما يأسك!!
      فغدا سوف يشرق أملك من جديد...غدا سوف يأتي عهدك...غدا سوف تأتي لا محالة...
      اما انا فـــ شمسي غائبة منذ عدة سنين...واملي قد رحل برحيل تلك السنين...
      فلا يوجد هناك تجديد للعهد...ولا يوجد امل في الاشراق من جديد...
      فخفت ضوئها...وكأن حالي رق لحالها...فتوارت ثم اختفت...
      فأدركت ما انا سوى روح حزينة تبصر الى شواطيء مهجورة...
      تصارع الموت وحشرجاته...تستغيث بشربة ماء...
      فهيهات هيهات... من ذا الذي يغيث روح صريعة كسيرة.. تجرعت اطنان من الحزن والسواد!!




      هكذا كان المشهد في شاطيء المنفى...او هكذا خيل الي...

      من ذاكرة طالب مغترب...