يوم عادي في القدس أراء الكتاب الشبيبة

    • يوم عادي في القدس أراء الكتاب الشبيبة

      * "أشارت صحيفة "هاأرتس" بالفعل في صفحاتها إلى الرئيس "باراك نتنياهو"- وليس أوباما- بينما قال وزير الخارجية الإسرائيلي العنصري إنه سيوقع الخطاب بكلتا يديه. ربما، كما أمعنت النظر فيه وأنا في القدس قبل أيام قليلة، ربما يسعى أوباما حقا للانتخابات (الأمريكية) في الكنيست الإسرائيلي"

      روبرت فيسك

      كنت هناك، في حي فيادولوروزا، أثرثر مع شاب في منتصف العمر مرتديا تي شيرت أحمر، خفيف اللحية، يحمل سجادة صلاة تحت ذراعه الأيسر.

      وسألته، بالطبع، عن رأيه في خطاب باراك أوباما. فابتسم ابتسامة عريضة، كما لو كان يعرف أني خمنت بالفعل ما كان سيقوله ردا على سؤالي. وسألني:" ماذا كنت تتوقع أنت؟" تخمين صائب. فعموما، أشارت صحيفة "هاأرتس" بالفعل في صفحاتها الى الرئيس "باراك نتنياهو"- وليس أوباما- بينما قال وزير الخارجية الاسرائيلي العنصري إنه سيوقع الخطاب بكلتا يديه. ربما، كما أمعنت النظر فيه وأنا في القدس قبل أيام قليلة، ربما يسعى أوباما حقا للانتخابات (الأمريكية) في الكنيست الاسرائيلي.

      لكن الأمر المذهل جدا في شوارع القدس يوم الجمعة الفائت هو ذلك الاحساس بالعزلة والاستسلام، بالقبول على مضض.

      فالصحف الاسرائيلية حذرت من أعمال عنف واسعة، لكن الحشود التي توجهت الى صلاة فجر الجمعة في المسجد الأقصى وضعت ببساطة سجادات الصلاة في الطريق السريع خارج بوابة دمشق أو في حارات الطرق خلف المسجد الأقصى، وبالكاد بينت أية رغبة في الحديث عن أوباما. وربما سيثير تصويت الأمم المتحدة فيهم المشاعر، لكن لدي شكوكي.

      إن الأمر أشبه قليلا بتبعات صور التعذيب في معتقل أبوغريب، عندما حد الأمريكان من عدد الصور التي سيتم نشرها لأنهم خافوا من أن تثير الصور غضب العراقيين. لكني كنت في بغداد ذلك اليوم، ولم يبدِ أي أحد غضبه. فماذا كنت أتوقع؟ عموما، كان العراقيون يعرفون كل شيء عن أبو غريب بالفعل- فهم من تم تعذيبه هناك. وكذلك كان الحال في القدس يوم الجمعة الفائت. فالفلسطينيون يشاهدون القبول الأمريكي التام بالاحتلال الاسرائيلي- وهو أطول احتلال في العالم- منذ 44 عاما. هم يعرفون كل شيء عن الموضوع. إنه نحن فقط الغربيون من أرعبته صور التعذيب وهاله نفاق أوباما.

      بل إن الفلسطينيين قبلوا القواعد الاسرائيلية الخاصة بصلاة الفجر. ممنوع على أي شخص دون سن الخمسين أن يصلي في ساحة الأقصى. وهذا هو السبب في أن هؤلاء الذين لم يتمكنوا من دخول المسجد بسطوا، ببساطة، سجادات الصلاة على الأرض الحجرية خارج المسجد- موسعين فعليا ساحة المسجد الممنوعة عليهم لتشمل الجزر المرورية والأرصفة في الشوارع. حتى أفراد الشرطة وحرس الحدود الاسرائيليين تعاملوا مع الأمر بشكل روتيني.

      لقد كان المشهد، إن جاز القول، عاديا- طبيعيا؛ قليل من الهتاف من حنجرة شاب عند الحاجز الأمني على الطريق السريع، والكثير من التفاتات الاسرائيليين. بل كان هناك حتى خيول شرطة معدة بشكل لطيف، تابعت المشهد بعيون كبيرة متعبة.

      وعند الحاجز الحديدي، لم يكترث قائد الشرطة لأن يسألني عن الأوراق التي تجيز عبوري الحاجز، هو فقط نقر على جبهته بأصبعه نقرة خفيفة وجذب الحاجز جانبا لأعبر. أما أطقم العاملين في التلفزيون فكانوا يصورون بكل اخلاص الاسرائيليين الذين كانوا يحملون هرواتهم وبنادقهم الهجومية. ولا داعي لأن أقول إن العناصر الأكثر عدوانية من بين المستعمرين الاسرائيليين في الضفة الغربية ليست حريصة جدا على أن يتم تصويرها تلفزيونيا. فهم يضعون أوشحة على وجوههم عندما يهاجمون الفلسطينيين. والعبارات المهينة لشخص الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) التي يكتبها الاسرائيليون في كل مكان لم تكن لتحسن العلاقات العربية الاسرائيلية. والفلسطينيون يمحون الإهانة ويبقون على اسم نبي الاسلام.

      لكن مرة أخرى، يكتسب الأمر طبيعته الخاصة، كالحائط الاسرائيلي الضخم الذي شوه المشهد فوق القدس، وصمة كريهة وفظيعة في وجه المكان، آفة لعين كل فلسطيني واسرائيلي يراه. والغريب، أننا نحن الغربيين يبدو أننا توقفنا عن الكلام عن هذا الحائط؛ ربما هذا هو السبب في أننا نحب تسميته "الحاجز الأمني" وليس "حائطا"، وهو مشكلة بحاجة الى حل- إن اقتبسنا كلام أوباما- "على يد الاطراف المعنية نفسها". وكانت هناك حادثة صغيرة واحدة وقعت يوم الجمعة الفائت أوضحت هذا أفضل ما يكون.

      أنهى المصلون صلاتهم في المسجد الأقصى وكانت الشرطة مستعدة لأن يعود أفرادها الى منازلهم، وكان أصحاب المتاجر يعيدون فتح متاجرهم عندما جاءت امرأة فلسطينية عجوز مرتدية السواد تمشي ومعها صندوقين كبيرين من الكرتون فارغين. كان الصندوقان الفارغان رجلي طاولة بدأت العجوز تعد عليها مجموعة من ملابس الاطفال البسيطة والأحذية البلاستيكية المزينة بنجوم.

      لكن جنديا أخبرها أن تنقل الصندوقين ثلاثة خطوات أبعد مما وضعتهما. لم يكن هناك سبب لمطلبه- لكني أظن أنه كان ضجرا، وكان يرغب في بعض الدعابة- لكن العجوز بدأت في الصياح بوجهه قائلة بالعربية" هذا كله انتهى". وأظن انه قصدت تقول إن الأمر "كله انتهى" بالنسبة للفلسطينيين- أو ربما للاسرائيليين. لكن الجندي ضحك وكرر كلماته بالعربية. قال:" نعم، كله انتهى"، وربما كان يتحدث عن صلاة الفجر.

      وبينما واصل سخريته منها وركله الصندوقين الفارغين، جاءت مجموعة من السياح تشق طريقها عبر الحارة قادمة من فيادولوروزا، و كانت المرأة تبتعد صائحة، وكان السياح، وهم زرق العينين، شقر الشعر، يتحدثون الألمانية، كانوا جميعهم واعون جيدا بما كان يحدث.

      فانتقلت أعينهم الى الجانب من الطريق حيث كانت المرأة تقف وتصيح والجندي كان مايزال يركل صندوقيها الفارغين، لكن رؤوسهم لم تتحرك. كانوا مايزالون ينظرون الى أمامهم، كما لو أن المشهد البائس بأكمله جزءا عاديا طبيعيا من الحياة في القدس. هم لم ينظروا مباشرة لا الى المرأة ولا الجندي. كانوا قطعا لا يرغبون في التدخل. لذا، عبروا الى الناحية الأخرى.

      أكثر...


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions