مرض «تجويع النفس» العصابي ينتشر بين الرجال أيضا

    • مرض «تجويع النفس» العصابي ينتشر بين الرجال أيضا


      كان مرض القهم العصابي Anorexia Nervosa(وهو مرض تجويع النفس العصابي) حتى الآن، أي قبل انتشار هوس النحافة واللياقة البدنية، مرضا نسائيا يصيب النساء بنسبة 95%. لكن انتشار استوديوهات اللياقة البدنية وظواهر الهرولة والنزوع نحو النحافة، حول دفة المرض باتجاه الرجال حسب قناعة باحثين في مركز الأبحاث الصحية واتحاد اضطراب التغذية الألمانيين. وتقول زيغريد بورسه، رئيسة اتحاد اضطراب التغذية، ان هوس النساء بالخصر الدقيق والثديين المرتفعين، ظهر حاليا لدى الرجال بشكل هوس نحو الخصر الرشيق و الصدر العضلي ومراقبة الوزن. وعبرت بورسه عن قناعتها بأن نسبة الخمسة في المائة التي قدرها مركز الأبحاث الصحية للرجال المصابين بالقهم العصابي قبل 15 سنة ما عادت صالحة اليوم. وكان المركز قد أحصى عام 1988 وجود نحو 100 ألف ألمانية وألماني تتراوح أعمارهم بين 15 ـ 35 سنة ويعانون من القهم العصابي. وقدرت الباحثة الألمانية أن عدد الرجال المصابين بالقهم العصابي قد تضاعف ثلاث مرات منذ عام 1988، كما تضاعف عدد المصابين بالقهم العصبي بنفس النسبة خلال ذات الفترة. ومن المتوقع أن يكون عدد مهووسي النحافة من الرجال اكبر بكثير مما هو معلن لأن آلاف الرجال الألمان يخجلون من الكشف عن إصابتهم بمرض «نسائي» مثل القهم العصابي.
      * الجوع والرياضة
      * وحسب تقدير اولريكه باخمان الطبيبة المختصة بمعالجة الشباب المعانين من القهم العصابي، والعاملة في اتحاد اضطراب التغذية، فإن معظم المعانين من المرض يصابون به في فترة المراهقة بسبب «شعور النقص بالشخصية»، إذ يكون الشباب في هذه المرحلة في طور البحث عن الشخصية، ولم تكتمل أناهم الداخلية بعد. ولهذا فإنهم اسهل تأثرا من غيرهم بنزعات العصر وقيم «الجمال المثالي» السائدة اليوم.
      وعكس البنات اللاتي يشعرن في مرحلة المراهقة والنضوج السريع بعدم الرضى عن «المكورات» التي تغزو أجسادهن، يشعر الأولاد بأنهم ضعفاء. وهذا ما كشف عنه في الأقل الشاب مارك، 21 سنة، الذي تعالجه باخمان من القهم العصابي منذ 3 سنوات. يقول مارك «لم استوعب دوري في الحياة كرجل، الرجال أقوياء وأنا شعرت بأني ضعيف».
      ودفع هذا الشعور الشاب الفرانكفورتي لزيارة استوديوهات اللياقة وكمال الأجسام بهدف التغلب على ضعفه. ومع زيادة عدد المرات التي كان يزور خلالها الاستوديو، قلت وجبات الطعام التي يتناولها، وتجردت الوجبات من الدهون، وزاد ميله للفيتامينات والمواد البيولوجية التي تنمي العضلات. وتوقف بعد سنة تقريبا عن الطعام تماما وصار يلفظ الاكل من معدته وظهرت كل أغراض القهم عليه. وما ينتشر اليوم بين الرجال من قهم تنطبق عليه تسمية «عقدة أدونيس» التي تعني الهوس المزدوج بالجوع والرياضة.
      والمشكلة التي لاحظتها باخمان هي أن تعلق الرجال بالقهم العصبي اكبر من تعلق النساء، ولهذا فقد كان انتشال البنات من هذه العقدة اسهل من انتشال الأولاد. ولماذا يحدث ذلك؟ يشرح مارك الأمر ببساطة بالغة «شعرت بأني أصبح أقوى كلما زدت نحافة».
      * التحكم بالجسد
      * ويلعب الشعور بالسيطرة على النفس وعلى الجسد، دورا هاما في نشوء الحالة عند الرجال والنساء على حد سواء. وتقول باخمان إن تجويع النفس يجعل الشباب لأول مرة يشعرون بالانتصار على أجسادهم التي صارت تنمو من دون إرادتهم في مرحلة المراهقة. ويخشون لهذا السبب أن يسمنوا قليلا لأن ذلك يشعرهم بخروج الجسد مجددا عن سيطرتهم.
      هذا يعني أن المعانين من القهم العصابي لا يعانون من اضطراب التغذية فقط وإنما من اضطراب في «وعي الجسد» أيضا. وحينما يقفون عراة أمام المرآة لا يشاهدون العظام والعضلات والجلد وإنما يشاهدون الشحم مهما كان قليلا. ويؤكد مارك هذه الحالة بالقول إنه لم يشاهد في المرآة عضلاته التي صارت تنمو وإنما شاهد المواضع التي يتراكم فيها الشحم فقط. ويضيف «كنت أنظر إلى الناس فأشاهد أنهم كانوا كلهم أنحف مني».
      وترى باخمان أن الطريقة الوحيدة لكسر الحلقة المفرغة بين هوس تجويع النفس وهوس المبالغة بالرياضة هو العلاج في المستشفى. ومن الضروري هنا أن يتم تشخيص المرض بسرعة كي يمكن بدء العلاج بسرعة وبالتالي انتشال المصاب من هذه الحالة بشكل اسهل. فالتأخر في معالجة المرض قد تنتهي إلى عواقب وخيمة، إذ تكشف إحصائية اتحاد اضطراب التغذية أن 5% من المصابين بالقهم العصبي يلاقون حتفهم في النهاية بسبب فرط الجوع.

      تحياتي |e