التعاون العسكري والتقني أسلوب تل أبيب للاقتراب من الدول المختلفة وبناء علاقات تتسع تدريجيا في مجالات عدة 7.5 بليون دولار مبيعات أسلحة إسرائيلية لبكين خلال عشر سنوات وتحتل المرتبة الثانية بعد روسيا كمورد للسلاح
القاهرة - علي صالح
من المعروف أن إسرائيل تعتمد في المقام الأول في بناء علاقاتها بجميع الدول على أساس التعاون في المجال العسكري والصفقات العسكرية، والتي تعتبرها القاعدة الصلبة لاعتبار أي دولة أخرى صديقًا حميمًا لها، والعلاقات الصينية مع تل أبيب ليست بمعزل عن هذا، بل إنها تعتبر نموذجًا فريدًا للتحولات في العلاقات الدولية، إذ من الصعب توظيف أدبيات العلاقات الدولية الكلاسيكية أو أغلب النظريات المعاصرة المتداولة لتقديم تفسير متسق للتحولات التي أصابت هذه العلاقات خلال مراحل ثلاث منذ 1948 حتى الآن.
فعلى الرغم من أن مسيرة العلاقات بين الصين وإسرائيل شهدت مراحل خطيرة، وتقلبات عميقة على مدار عقود طويلة، تمتد من أوائل الخمسينيات حتى مطلع التسعينيات، فقد تباينت رؤية الدولتين وأسلوبهما ومواقفهما من عملية إقامة علاقاتهما الدبلوماسية؛ لذلك اتسم الأداء العملي والدبلوماسي بينهما بالتناقضات، وأصبح المشوار الصيني الإسرائيلي الأكثر أمدا في تاريخ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدول.
فمنذ إعلان دولتها، سعت إسرائيل إلى البحث عن الدعم الدولي لموقفها ودولتها الناشئة فبادرت إلى الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية في 19/1/1950، لتكون أول دولة شرق أوسطية تقدم على اعتراف كهذا، إلا أن الصين اكتفت برسالة شكر على هذا الاعتراف.
وكان على النقيض من ذاك الموقف موقف الجامعة العربية عام 1950، والتي اعترفت بجمهورية الصين الوطنية (تايوان) على أنها الممثل الشرعي للشعب الصيني، فإذا اعتبرنا أن الموقف العربي استجاب لمصالحه أو نتيجة ثقل دور القوى الغربية في صنع القرار السياسي العربي، فكيف نفسر الموقف الإسرائيلي؟
علاقات دبلوماسية
ويقول د. عماد جاد رئيس قسم الدراسات الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه رغم الاعتراف الإسرائيلي بالصين الشعبية، فإن الأمر لم يتحول إلى إقامة علاقات دبلوماسية بسبب انعكاسات الأزمة الكورية عام 1950 من ناحية، ونتيجة التحول الذي بدأ يصيب الموقف الصيني بعد مؤتمر عدم الانحياز من ناحية ثانية.. وخلال تلك الفترة أيدت الصين موقف إسرائيل واعتبرت أن العرب هم المعتدون على إسرائيل خلال الفترة 1948-1950.
وبالنظر إلى الموقف الصيني خلال تلك الفترة فقد كانت الصين من أوائل المعترفين بإسرائيل، فضلا عن مراهنتها على أن تكون إسرائيل نموذجًا لأول دولة اشتراكية في الشرق الأوسط، إلا أن الإسرائيليين كانوا أكثر إدراكًا لحقيقة الواقع الصيني، وأن الصين الشعبية هي الأكثر تأهيلاً لدور دولي قادم بحكم العدد السكاني والمساحة والإرث التاريخي، وهو ما ثبتت صحته لاحقًا، وتمت إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين عام 1992. ويضيف بأن العلاقات الإسرائيلية - الصينية شهدت تحولا إثر الدور الذي لعبه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في إنشاء حركة عدم الانحياز، وتأييده لانضمام الصين للحركة، ثم تأميم مصر لقناة السويس؛ الأمر الذي كان له أكبر التأثير في تحول الموقف الصيني بشكل متسارع إلى علاقة عدائية مع إسرائيل، وتحول عبد الناصر في الإعلام الصيني حينها إلى "المناهض للإمبريالية والمراجعين السوفييت"، كما خرجت المظاهرات في بكين تأييدًا لمصر خلال العدوان الثلاثي، وأصبحت إسرائيل "مخلب الإمبريالية في المنطقة".
ورغم العداء الصيني (ماوتسي تونج) لإسرائيل خلال تلك الفترة حتى عام 1976 (وفاة ماو)، فإن إسرائيل بقيت على موقفها من تايوان لاسيما من الناحية الدبلوماسية، رغم إقامة علاقات تجارية معها، ولعل طرد تايوان من الأمم المتحدة عام 1971، بعد مقايضة طرد تايوان من الأمم المتحدة بالتوقف الصيني عن دعم فيتنام في صفقة نيكسون- ماو المعروفة، شكَّل بداية الدليل على أن قراءة إسرائيل لمكانة الصين الشعبية على المستوى الدولي كان فيه قدر من الدقة.
وخلال الفترة من 1976-1978، والتي شهدت مرحلة انتقالية في التاريخ الصيني، فبعد وفاة ماوتسي تونج، حدث صراع على توجهات الدولة بين جناح ما عُرِف في الأدبيات الصينية بعصابة الأربعة، وتيار الإصلاح الذي كان يقوده دينج هيساو بنج، وهو الصراع الذي انتهى بتفوق التيار الثاني منذ المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الصيني عام 1978، والذي أفرز أكبر تحول في الصين المعاصرة بتبني برنامج التحولات الأربعة.
ومن غير الممكن إدراك التحولات الصينية في السياسة الخارجية دون إدراك التحولات التي تركها برنامج التحديثات الأربعة في مجالات الزراعة، والصناعة، والبحث العلمي، والدفاع، وهو ما يتضح في الاعتماد على رأسمالية الإصلاح والتي أقرت بدور الحافز الفردي، وتحرير التجارة الخارجية، والانفتاح أمام الاستثمار الأجنبي، والتغيير في بنية أشخاص السلطة من خلال التوجه نحو القيادات التكنوقراطية على حساب القيادات الأيديولوجية، ونحو الأصغر سنّا على حساب كبار السن من بقايا القيادات الثورية أو قيادات الثورة الثقافية.
وقد كان لهذه التحولات أثرها في التحول التدريجي للسياسة الخارجية الصينية تمثل في عدم الانغماس في النزاعات الحادة مثل الشرق الأوسط، ومحاولة تعزيز التوجهات لحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية؛ لأن ذلك يوجد بيئة لانتعاش التجارة الدولية، وهو ما يعني التحول من دولة كانت تدعو إلى "ضرب الإمبريالية في كل أجزاء جسمها على حد قول الزعيم الصيني "ماو"، إلى دولة ذات نزعة تجارية تجعل من حجم تجارتها الخارجية الهدف المركزي لها. ولعل هذا التحول كان المدخل الذي أدركته السياسة الإسرائيلية لتعميق علاقاتها مع الصين.
منافع مشتركة
وفي المقابل، أدركت الصين أن هناك منافع كبرى من العلاقة مع إسرائيل، دوافع كل من إسرائيل والصين لتطوير العلاقة بينهما وفقا لما يؤكده د. أسعد غانم مدير دائرة الأبحاث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، لافتًا إلى إدراك الصين أن تطوير علاقاتها مع إسرائيل لن يكون له أية نتائج سلبية لعلاقات الصين مع الدول العربية، نظرًا لتزايد الاعتراف العربي بشكل مباشر أو غير مباشر بإسرائيل، وانتهاء فكرة مكاتب المقاطعة العربية تقريبا. وقد تبين أن هذه النظرة الصينية كانت صحيحة؛ إذ ان علاقات الصين مع الدول العربية تتطور بشكل متسارع من ناحية، كما أنها تتطور مع إسرائيل.
وعلى الجانب الاقتصادي، يؤكد د. غانم ارتفاع حجم التجارة الصينية العربية من حوالي 51 بليون دولار عام 2005، إلى 109 بلايين دولار عام 2009، وحوالي 70 بليونا في النصف الأول من عام 2010، كما ارتفع حجم التجارة الإسرائيلية-الصينية إلى 6.7 بليون دولار مرتفعًا عن الفترة ذاتها بحوالي الضعف.
ويضيف بأن الصين ادركت تماما بأن الوبي اليهودي يمثل ثقلاً كبيرًا في صنع القرارات الأمريكية، لذا فإن تطوير العلاقة مع إسرائيل يشكِّل عاملاً لدفع إسرائيل لتوظيف علاقتها مع اللوبي اليهودي لاتخاذ قرارات لصالح الصين، أي كلما كانت العلاقات الصينية - الإسرائيلية أكثر تطورًا، كان اللوبي اليهودي في المؤسسات الأمريكية أو حتى بعض الدول الأوربية أقل عداء للصين.
وقال بأن تطوير العلاقات بين المؤسسات التجارية والتكنولوجية ومراكز البحث العلمي الصينية مع نظيرتها الإسرائيلية، يتيح لها الوصول إلى التكنولوجيا الغربية التي يسهل على المؤسسات الإسرائيلية الوصول لها عبر فروع هذه المؤسسات الغربية في إسرائيل، بينما كثيرًا ما أُوصِدت أبواب هذه المؤسسات في وجه الصينيين، أي أن هذه العلاقة تؤدي بالصينيين بطريقة غير مباشرة للوصول للتكنولوجيا الغربية لاسيما العسكرية منها.
صفقات عسكرية
وبالنظر إلى العلاقات بين الطرفين خلال الفترات السابقة، فقد باعت إسرائيل أسلحة للصين خلال الفترة من 1984-1994 بمبلغ 7.5 بليون دولار، وشاركت 164 شركة إسرائيلية في علاقات تقنية في ميادين مختلفة مع الصين، وكانت هي المزود الثاني للصين بعد روسيا، كما كشفت الاتفاقية الصينية-الإسرائيلية عام 2000 عن تعاون في مجال الدفاع خاصة في إنتاج طائرات دون طيار، وهي الاتفاقية التي عطَّلتها واشنطن بعد اكتشافها، كما دفعت إسرائيل غرامة للصين بمقدار 350 مليون دولار كتعويض عن الضرر الذي لحق بها من جرَّاء إلغاء مشروع إنتاج طائرات الفالكون.
ولعل إدراك إسرائيل أن الصين واحدة من القوى الصاعدة في النظام الدولي؛ أمر يقتضي نسج علاقات مع هذه القوة وتطويرها لبناء علاقات وثيقة تجعل الصين أكثر اقترابًا من التوجهات الإسرائيلية، لاسيما في لحظات الأزمات؛ فالصين دولة نووية، وهي الأكبر في عدد السكان عالميا، ونموها الاقتصادي يشير إلى أنها ستكون حتى عام 2030 صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، فضلا عن أنها ذات مقعد دائم في مجلس الأمن بكل ما لهذه المعطيات من آثار سياسية لا يمكن إغفالها. ونتيجة لهذه المقومات في الصين، يرى المخططون الإسرائيليون ضرورة تعميق العلاقات معها، في كل المجالات بما فيها الثقافي أيضًا، فرغم أن عدد اليهود في الصين لا يتجاوز 1500 فرد، فقد تم إنشاء جمعية الصداقة الصينية - الإسرائيلية، وتم فتح أقسام لتدريس اللغة العبرية في جامعة بكين، إلى جانب فتح فروع لتدريس اللغة الصينية في الجامعات الإسرائيلية. ومن المرجح أن تكون محادثات القائد العسكري الصيني مع القادة الإسرائيليين تشمل من الناحية الصينية الرغبة في تعزيز العلاقات مع المؤسسات الصناعية الحربية الإسرائيلية، ومن الجانب الإسرائيلي الرغبة في كبح مبيعات الصواريخ من الصين لدول عربية والتي يعتقد الإسرائيليون أن بعضًا من هذه الصواريخ كان وراء تدمير البارجة الإسرائيلية من قِبَل حزب الله خلال حرب يوليو في لبنان عام 2006.
(وكالة الصحافة العربية)
أكثر...
القاهرة - علي صالح
من المعروف أن إسرائيل تعتمد في المقام الأول في بناء علاقاتها بجميع الدول على أساس التعاون في المجال العسكري والصفقات العسكرية، والتي تعتبرها القاعدة الصلبة لاعتبار أي دولة أخرى صديقًا حميمًا لها، والعلاقات الصينية مع تل أبيب ليست بمعزل عن هذا، بل إنها تعتبر نموذجًا فريدًا للتحولات في العلاقات الدولية، إذ من الصعب توظيف أدبيات العلاقات الدولية الكلاسيكية أو أغلب النظريات المعاصرة المتداولة لتقديم تفسير متسق للتحولات التي أصابت هذه العلاقات خلال مراحل ثلاث منذ 1948 حتى الآن.
فعلى الرغم من أن مسيرة العلاقات بين الصين وإسرائيل شهدت مراحل خطيرة، وتقلبات عميقة على مدار عقود طويلة، تمتد من أوائل الخمسينيات حتى مطلع التسعينيات، فقد تباينت رؤية الدولتين وأسلوبهما ومواقفهما من عملية إقامة علاقاتهما الدبلوماسية؛ لذلك اتسم الأداء العملي والدبلوماسي بينهما بالتناقضات، وأصبح المشوار الصيني الإسرائيلي الأكثر أمدا في تاريخ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدول.
فمنذ إعلان دولتها، سعت إسرائيل إلى البحث عن الدعم الدولي لموقفها ودولتها الناشئة فبادرت إلى الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية في 19/1/1950، لتكون أول دولة شرق أوسطية تقدم على اعتراف كهذا، إلا أن الصين اكتفت برسالة شكر على هذا الاعتراف.
وكان على النقيض من ذاك الموقف موقف الجامعة العربية عام 1950، والتي اعترفت بجمهورية الصين الوطنية (تايوان) على أنها الممثل الشرعي للشعب الصيني، فإذا اعتبرنا أن الموقف العربي استجاب لمصالحه أو نتيجة ثقل دور القوى الغربية في صنع القرار السياسي العربي، فكيف نفسر الموقف الإسرائيلي؟
علاقات دبلوماسية
ويقول د. عماد جاد رئيس قسم الدراسات الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه رغم الاعتراف الإسرائيلي بالصين الشعبية، فإن الأمر لم يتحول إلى إقامة علاقات دبلوماسية بسبب انعكاسات الأزمة الكورية عام 1950 من ناحية، ونتيجة التحول الذي بدأ يصيب الموقف الصيني بعد مؤتمر عدم الانحياز من ناحية ثانية.. وخلال تلك الفترة أيدت الصين موقف إسرائيل واعتبرت أن العرب هم المعتدون على إسرائيل خلال الفترة 1948-1950.
وبالنظر إلى الموقف الصيني خلال تلك الفترة فقد كانت الصين من أوائل المعترفين بإسرائيل، فضلا عن مراهنتها على أن تكون إسرائيل نموذجًا لأول دولة اشتراكية في الشرق الأوسط، إلا أن الإسرائيليين كانوا أكثر إدراكًا لحقيقة الواقع الصيني، وأن الصين الشعبية هي الأكثر تأهيلاً لدور دولي قادم بحكم العدد السكاني والمساحة والإرث التاريخي، وهو ما ثبتت صحته لاحقًا، وتمت إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين عام 1992. ويضيف بأن العلاقات الإسرائيلية - الصينية شهدت تحولا إثر الدور الذي لعبه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في إنشاء حركة عدم الانحياز، وتأييده لانضمام الصين للحركة، ثم تأميم مصر لقناة السويس؛ الأمر الذي كان له أكبر التأثير في تحول الموقف الصيني بشكل متسارع إلى علاقة عدائية مع إسرائيل، وتحول عبد الناصر في الإعلام الصيني حينها إلى "المناهض للإمبريالية والمراجعين السوفييت"، كما خرجت المظاهرات في بكين تأييدًا لمصر خلال العدوان الثلاثي، وأصبحت إسرائيل "مخلب الإمبريالية في المنطقة".
ورغم العداء الصيني (ماوتسي تونج) لإسرائيل خلال تلك الفترة حتى عام 1976 (وفاة ماو)، فإن إسرائيل بقيت على موقفها من تايوان لاسيما من الناحية الدبلوماسية، رغم إقامة علاقات تجارية معها، ولعل طرد تايوان من الأمم المتحدة عام 1971، بعد مقايضة طرد تايوان من الأمم المتحدة بالتوقف الصيني عن دعم فيتنام في صفقة نيكسون- ماو المعروفة، شكَّل بداية الدليل على أن قراءة إسرائيل لمكانة الصين الشعبية على المستوى الدولي كان فيه قدر من الدقة.
وخلال الفترة من 1976-1978، والتي شهدت مرحلة انتقالية في التاريخ الصيني، فبعد وفاة ماوتسي تونج، حدث صراع على توجهات الدولة بين جناح ما عُرِف في الأدبيات الصينية بعصابة الأربعة، وتيار الإصلاح الذي كان يقوده دينج هيساو بنج، وهو الصراع الذي انتهى بتفوق التيار الثاني منذ المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الصيني عام 1978، والذي أفرز أكبر تحول في الصين المعاصرة بتبني برنامج التحولات الأربعة.
ومن غير الممكن إدراك التحولات الصينية في السياسة الخارجية دون إدراك التحولات التي تركها برنامج التحديثات الأربعة في مجالات الزراعة، والصناعة، والبحث العلمي، والدفاع، وهو ما يتضح في الاعتماد على رأسمالية الإصلاح والتي أقرت بدور الحافز الفردي، وتحرير التجارة الخارجية، والانفتاح أمام الاستثمار الأجنبي، والتغيير في بنية أشخاص السلطة من خلال التوجه نحو القيادات التكنوقراطية على حساب القيادات الأيديولوجية، ونحو الأصغر سنّا على حساب كبار السن من بقايا القيادات الثورية أو قيادات الثورة الثقافية.
وقد كان لهذه التحولات أثرها في التحول التدريجي للسياسة الخارجية الصينية تمثل في عدم الانغماس في النزاعات الحادة مثل الشرق الأوسط، ومحاولة تعزيز التوجهات لحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية؛ لأن ذلك يوجد بيئة لانتعاش التجارة الدولية، وهو ما يعني التحول من دولة كانت تدعو إلى "ضرب الإمبريالية في كل أجزاء جسمها على حد قول الزعيم الصيني "ماو"، إلى دولة ذات نزعة تجارية تجعل من حجم تجارتها الخارجية الهدف المركزي لها. ولعل هذا التحول كان المدخل الذي أدركته السياسة الإسرائيلية لتعميق علاقاتها مع الصين.
منافع مشتركة
وفي المقابل، أدركت الصين أن هناك منافع كبرى من العلاقة مع إسرائيل، دوافع كل من إسرائيل والصين لتطوير العلاقة بينهما وفقا لما يؤكده د. أسعد غانم مدير دائرة الأبحاث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، لافتًا إلى إدراك الصين أن تطوير علاقاتها مع إسرائيل لن يكون له أية نتائج سلبية لعلاقات الصين مع الدول العربية، نظرًا لتزايد الاعتراف العربي بشكل مباشر أو غير مباشر بإسرائيل، وانتهاء فكرة مكاتب المقاطعة العربية تقريبا. وقد تبين أن هذه النظرة الصينية كانت صحيحة؛ إذ ان علاقات الصين مع الدول العربية تتطور بشكل متسارع من ناحية، كما أنها تتطور مع إسرائيل.
وعلى الجانب الاقتصادي، يؤكد د. غانم ارتفاع حجم التجارة الصينية العربية من حوالي 51 بليون دولار عام 2005، إلى 109 بلايين دولار عام 2009، وحوالي 70 بليونا في النصف الأول من عام 2010، كما ارتفع حجم التجارة الإسرائيلية-الصينية إلى 6.7 بليون دولار مرتفعًا عن الفترة ذاتها بحوالي الضعف.
ويضيف بأن الصين ادركت تماما بأن الوبي اليهودي يمثل ثقلاً كبيرًا في صنع القرارات الأمريكية، لذا فإن تطوير العلاقة مع إسرائيل يشكِّل عاملاً لدفع إسرائيل لتوظيف علاقتها مع اللوبي اليهودي لاتخاذ قرارات لصالح الصين، أي كلما كانت العلاقات الصينية - الإسرائيلية أكثر تطورًا، كان اللوبي اليهودي في المؤسسات الأمريكية أو حتى بعض الدول الأوربية أقل عداء للصين.
وقال بأن تطوير العلاقات بين المؤسسات التجارية والتكنولوجية ومراكز البحث العلمي الصينية مع نظيرتها الإسرائيلية، يتيح لها الوصول إلى التكنولوجيا الغربية التي يسهل على المؤسسات الإسرائيلية الوصول لها عبر فروع هذه المؤسسات الغربية في إسرائيل، بينما كثيرًا ما أُوصِدت أبواب هذه المؤسسات في وجه الصينيين، أي أن هذه العلاقة تؤدي بالصينيين بطريقة غير مباشرة للوصول للتكنولوجيا الغربية لاسيما العسكرية منها.
صفقات عسكرية
وبالنظر إلى العلاقات بين الطرفين خلال الفترات السابقة، فقد باعت إسرائيل أسلحة للصين خلال الفترة من 1984-1994 بمبلغ 7.5 بليون دولار، وشاركت 164 شركة إسرائيلية في علاقات تقنية في ميادين مختلفة مع الصين، وكانت هي المزود الثاني للصين بعد روسيا، كما كشفت الاتفاقية الصينية-الإسرائيلية عام 2000 عن تعاون في مجال الدفاع خاصة في إنتاج طائرات دون طيار، وهي الاتفاقية التي عطَّلتها واشنطن بعد اكتشافها، كما دفعت إسرائيل غرامة للصين بمقدار 350 مليون دولار كتعويض عن الضرر الذي لحق بها من جرَّاء إلغاء مشروع إنتاج طائرات الفالكون.
ولعل إدراك إسرائيل أن الصين واحدة من القوى الصاعدة في النظام الدولي؛ أمر يقتضي نسج علاقات مع هذه القوة وتطويرها لبناء علاقات وثيقة تجعل الصين أكثر اقترابًا من التوجهات الإسرائيلية، لاسيما في لحظات الأزمات؛ فالصين دولة نووية، وهي الأكبر في عدد السكان عالميا، ونموها الاقتصادي يشير إلى أنها ستكون حتى عام 2030 صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، فضلا عن أنها ذات مقعد دائم في مجلس الأمن بكل ما لهذه المعطيات من آثار سياسية لا يمكن إغفالها. ونتيجة لهذه المقومات في الصين، يرى المخططون الإسرائيليون ضرورة تعميق العلاقات معها، في كل المجالات بما فيها الثقافي أيضًا، فرغم أن عدد اليهود في الصين لا يتجاوز 1500 فرد، فقد تم إنشاء جمعية الصداقة الصينية - الإسرائيلية، وتم فتح أقسام لتدريس اللغة العبرية في جامعة بكين، إلى جانب فتح فروع لتدريس اللغة الصينية في الجامعات الإسرائيلية. ومن المرجح أن تكون محادثات القائد العسكري الصيني مع القادة الإسرائيليين تشمل من الناحية الصينية الرغبة في تعزيز العلاقات مع المؤسسات الصناعية الحربية الإسرائيلية، ومن الجانب الإسرائيلي الرغبة في كبح مبيعات الصواريخ من الصين لدول عربية والتي يعتقد الإسرائيليون أن بعضًا من هذه الصواريخ كان وراء تدمير البارجة الإسرائيلية من قِبَل حزب الله خلال حرب يوليو في لبنان عام 2006.
(وكالة الصحافة العربية)
أكثر...
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions