الإرادة المزاجية الفوق دستورية ... مجلس الشورى مثال
أكثر الأشياء سخرية في النظام العماني هو مجلس الشورى أو مجلس فلتر الأجهزةالأمنية في حقيقة الأمر ووجه السخرية تتجلى في كل شيء فيه من الحديث عنه إلىجلساته مروراً عبر الانتخابات.
والمتتبع للمسار التاريخي لهذاالمجلس يكتشف أن وجوده لم يكن سوى حركة استباقية وتخديرية في ذاك الزمان أي "أسكتشعبك قبل أن يبدأ بالحديث في هذا المجال" وربما هذه الحركة تعكس خبث هذاالنظام بالرغم من غباءه في نفس الوقت كونه استهلك كل أدوات الإسكاتدفعة واحدة في زمن قصير فمن حق التصويت والتمثيل إلى حق دخول المرأة وترشحهاونهاية إلى تمرير القوانين عليه حتى يضفي عليه الصبغة التشريعية بالرغم أن هذاالأمر لا يعكس سوى حقيقة واحدة قانونية بأن السلطان يخالف الدستور في أي وقت يشاءفمرور القوانين على المجلس بالرغم من أن رقابته عليها وعلى الحكومة غير ملزمة ولا ينظمهاالدستور كحق أصيل وهذا الأمر يعكس لك مدى إحترام قابوس للدستور والقانون وللمواطنفهو يعلم أن هذا الأمر يخالف الدستور فلا يمكن منح أي جهة دور رقابي على سلطة أخرىأو دور تشريعي إلا بنص دستوري إلا إذا كان المجلس كمؤسسة ينتمي للسلطة التنفيذية كجزء من الحكومة ولكنه بالرغم من ذلك يهدف إلى تغليف المجلس بغلافالإرادة التشريعية لا بلبها عبر منح المجلس صلاحيات رقابية وتشريعية حقيقية من خلال تعديلدستوري بل من خلال تعديلات مزاجية وهذه العملية نجدها في كل جوانب هذا النظام عبرإعمال الفعل والحركة الخارجية الغير مؤثرة كالسراب ولكنها تصلح لأغراض التخديرالشعبية مثلاً كأن يأتي بنجار ويلبسه رداء طبيب ويضع عليه ما يشير إلى أنه طبيبويعلمه حركات الطبيب الشائعة ولكنه يعلم أنه نجار ولا يمكنه أن يكون سوى نجار لأنإمكانياته ومهاراته وقدراته على الحركة في نطاق الطب معدومة ولن يستفيد الناس منهولكنهم لا يستطيعون إنكار وجود الطبيب بينهم ومن سيقول عكس ذلك بالتأكيد هو مارقوصوت نشاز.
هذا ما يحدث بالضبط في بلادي تغليف البشاعة بقناع الجمال ويعود ذلكلعدم إعمال الدستور وحضور المزاجية السلطانية كإرادة فوق دستورية ولكن إلى متىيمكن تغليف البشاعة؟
أعلن قابوس عن نيته بمنح صلاحيات رقابية وتشريعية لمجلس الشورى عبر تعديلاتدستورية وكان ذلك في شهر مارس وعينك ماتشوف إلا النور وإنتخابات مجلس الشورى بعد عدة أيام وهذا الأمر خير مثال على تلكالمزاجية الفوق دستورية في التعامل مع رغبات وطموحات المواطن العماني وستجد هناكمن يقول أن وجود تلك الإرادة (نية منح صلاحيات رقابية وتشريعية للمجلس) كافية لأنأرمي صوتي والذي هو قمامة في الواقع وليس أمانة في صندوق إنتخابات مجلس تمت فلترتهمن قبل الأجهزة الأمنية ولم يحدد الدستور مهامه ولا صلاحياته بل أحال ذلك للسلطةالتشريعية والسلطة التنفيذية. فالإرادة السلطانية ستمنح تلك الصلاحيات التي ستكتبعلى شكل تعديل دستوري بغض النظر عن محتواها ومساحتها وأغراضها وتفاصيله ووجودهاحتى في أرض الواقع فكل هذا لا يهمك كمواطن أن تعرفها يكفيك أن قابوس أعلن عن نيته وبالتاليأصبحت تلك الإرادة مقدمة على الدستور وصك محاججة وإفحام وإخراس للأصوات المناديةبدسترة المجلس وصلاحياته ومهامه وأهدافه ودافع لممارسة الحق.
وأرى أن وجود تلك المزاجية الفوق دستورية لها أسباب ألخصها في التالي:
1- وجود فكرة الأب في قابوس وتجسدها وتوغل الفكرة وترديدها حتى من قبل بعض المستنيرينوإشاعة وجوب التعامل بين الحاكم والمحكومة بنفس طريقة التعامل الأسري الاجتماعي وهذاالأمر نتيجة القهر والهدر الحقوقي الإنساني للعماني فمن البيت والمسجد والسبلة والمؤسساتالاجتماعية حتى الوظيفة كلها تمارس دورها القهري والطبقي وحضور إرادة القائد فوقكل الإرادات الأدنى منه مرتبة.
2- تنزيه قابوس عن كل شيء وخاصة من الأهداف الغير نبيلة والتي لا تسعىللصالح العام وربما لمؤسسة التعليم والإعلام دور مهم في ذلك وأيضاً لعزلة قابوسإلى جانب الشخصية العمانية الطيبة الساذجة بطبعها.
3- تأخر وجود الدستور الصادر عام 1996 من جهة ومن جهة أخرى عدم الإعمال بهوعدم حضور المجلس في ذلك الدستور سوى في مادة واحدة منشأة له فقط وإحالة كل شيءينظم عمل المجلس للسلطة التشريعية ولتحيل بدورها تلك السلطة تنظيم مسائل أخرىللسلطة التنفيذية كوزارة الداخلية والمجلس نفسه وبالتالي لا وجود للمجلس في حقيقةالأمر إلا في خيال ووعي المواطن (بنفس فكرة النجار الطبيب) لا في خيال ووعي النظامفالسلطات الثلاث هي التي نظمت عمله لا الدستور.
4- توغل الأجهزة الأمنية في كل شيء في هذه البلاد ومجلس الشورى ليس ببعيدعن ذلك فكل من يرغب بالتقدم للمنافسة في إنتخابات المجلس عليه أن يمربـ"مشخل" الأجهزة الأمنية قبل أن يطرح اسمه كمترشح وقد يقول القارئ أنهذا الأمر طبيعي وعادي جداً ولكن في حقيقة الأمر القيود الأمنية الغير معلنة تقومبدورها "الوصائي" لا "التنظيفي" التنظيمي والشواهد كثيرة والاسماءعديدة وبالتالي تدخل الإرادة الأمنية في تشكيل إرادة الفرد الناخب إلى جانب بروزدور الإرادة الاجتماعية عبر مؤسسة القبيلة والمنطقة وهنا يفقد المجلس أي بذور قدتزرع في داخله لتعديله وإصلاحه وتطويره وتتجلى إرادة "من يعمل لمصلحتك عبر الوصاية"والأب القائد من قبل المؤسستين الأمنية والقبلية وبالتالي يستساغ وجود إرادةالسلطان كإرادة فوق دستورية.
5- إزدواج معايير المواقف السياسية الحقوقية للمواطن العماني ما بين المشهدالخارجي والداخلي.
أخيراً ... أنا مؤمن أننا السبب في جعل نظامنا يتمادى في تهميش إرادة الشعبالعماني وإحلال الإرادة المزاجية القابوسية الفوق دستورية مكان الدستور وربمالجهلنا الحقوقي أو للأسباب التي ذكرتها في الأعلى فكل هذا لا يهم كل ذلك أمر سخيفجداً محتقر لا أرى داعي لأن نهتم به ولكن تذكروا جيداً بأن المواطن الذي ترونهاليوم لن ترونه بعد 5 سنوات لسبب بسيط أن ذلك المواطن المغلوب على أمره يعلم أنهمغلوب ومهزوم فإذا كان لا يملك رأي عام محلي قوي فهو غير معزول عن الرأي العام الخارجي القوي فقد بدأ يسبق محاولات التسكيت والتخدير عبر الكلامبأنانية لحقوقه بشكل رسائل زرعت في الاوعي ولتكون تلك الأنانية دافع لهدم المزاجية الفوق دستورية التي يقدسها فينفس الوقت فالنظام استنفذ كل طرقه الإخراسية التخديرية في فترة زمنية سريعة نسبياً فحتىلو منح المجلس صلاحيات رقابية تشريعية اسميه صورية خالية ومفرغة من مضمونهاالرقابي التشريعي –وهذا ما أتوقعه- فلن يفوت ذلك المواطن بسبب المزاجية التي أخرتوجود التعديلات وبقاءها ملازمة لإرادة السلطان ورغباته التي أعلنها في مارس دونحضورها على شكل تعديل دستوري حتى تكون الدورة المقبلة للمجلس متماشية مع إرادةالنظام في حال أقر التعديلات الموعودة بعد الانتخابات وتكون هناك 4 سنوات كفيلةلكشف تلك الحيلة وفضحها في أذهان الناس وكافية لأن يستحضر أنانيتهم الحقوقية ويمكنالإستدلال على تلك الأنانية عبر فكرة المقاطعة انتخابات مجلس الشورى المنتشرة بينجيل الشباب حالياً والذي سيدفع –بحسب المعلومات المسربة- النظام إلى التفكير برفعحظر حق الإنتخاب على العسكريين حتى يحافظ على ماء وجهه أمام العالم عبر التغنيبالعرس الديمقراطي الوحيد في البلاد وممارسة العهر والقوادة السياسية على حسابإرادة المواطن ورغباته فتلك المزاجية ستكون سبب نقمة هذا النظام إلى جانب محاولاتهصنع أعداءه بيده من خلال ممارسات الأجهزة الأمنية ولنجد لاحقاً إن لم يكن حالياً خروج أوائل البراعم التي ستخلق رأي عام محلي قوي بسبب تلك التصرفات فكما يقولون أكاديمي القانون الدستوري: لا خوف من وجود دستور ضعيف ومؤسسات دستورية ضعيفة في حال وجود رأي عام محلي قوي ولكن المشكلة عندما يجتمع دستور ضعيف مع رأي عام ضعيف فعلينا أولا أن نكافح لخلق رأي عام قوي حتى يكون لدينا دستور قوي أو أن يأتينا من يشبه عمر بن الخطاب على رأس السلطة ولهذا أذكركم فتذكروا بأنكم لن تشاهدوا بعد 5 سنوات مواطن كمواطن اليوم.
أخيراً كانت طويلة بعض الشيء على العموم أقول بأنه يمكنك أن تضحك على شعب كامل ولكنك لا تستطيع أن تمنعه من أن يرىإبتسامتك وأن يسمع ضحكاتك عليه فروافد الوعي المتطورة والسريعة لن تنتظر أن يأتي التاريخ لينصب محاكمته على ضحكاتك.
المصدر ليت لي جناح
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions