بدر الحمداني : المسرح بالنسبة لحياتي وأسر

    • بدر الحمداني : المسرح بالنسبة لحياتي وأسر

      مسقط-ش

      بحث في عالم التغير والاختلاف وقرر أن ينهج مسلكا ومدرسة من خلال كتاباته في عالم المسرح فقدم نصوصا تبحث في كينونة الإنسان وعذاباته ومحاولته للبحث عن الجدوى والحب والمراهنة على أن يكون وكأن صرخات هاملت " أكون أو لا أكون " تتداخل في جنبات نفسه فكتب وكتب وأصبح له اسم في عالم المسرح العماني . اسما يثير التقدير والاعجاب لمجمل ماقدمه من نصوص مسرحية ولمشاركته تمثيلا في بعض المسرحيات هو الكاتب بدر الحمداني صاحب مدرسة مسرحية فكرية انتهج من خلالها المسرح الجاد الذي يحترم عقلية الجمهور ويتفاعل معه آخر مسرحية قدمها مسرحية "مواء قطة"وحازت على الجائزة الأولى نصا وإخراجا وأداء وسينوغرافيا في مهرجان المسرح العماني الثالث . كماشارك في مهرجان الخليج الذي أقيم في الدوحة . أسس مع الفنان مالك المسلماني فرقة فكر وفن ومن خلالها قدم أعماله .

      كان سؤالنا الأول ماذا ينقص المسرح العماني وأنت الرجل المسرحي ؟

      -في الحقيقة ينقص المسرح العماني عدة مقومات للنجاح أهمها ما يلي:

      1.إيجاد بنية تحتية لصناعة المسرح مثل دور العرض (المسارح)المجهزة بتقنيات الإضاءة والصوت وأدوات الشغل المسرحي على الخشبة والكواليس وصالة مريحة ومناسبة لاستقبال الجمهور.

      2. تطوير اجراءات إشهار الفرق المسرحية وتسريعها ووقف كل أنواع التعسف والوصاية الجائرة على الفرق التي تنوي أن تنخرط في النشاط المسرحي. فهناك فرق كثيرة تقدمت بطلب للاشهار ولم يتم اشهارها بعد بدون أية حجة مقنعة.

      3. الاهتمام بالكادر المسرحي من كتاب ومخرجين وممثلين و فنيي إضاءة وصوت وديكور من حيث إيجاد سبل للعيش الكريم وضمان دخل ثابت لهم من قبل الدولة كي يتمكنوا من التفرغ لممارسة النشاط المسرحي ومن العطاء والإبداع. فبطن جائع لا يقدر صاحبه أن يبدع و لاأن يفكر. وهناك أمثلة في دول شقيقة على احترام ورعاية المبدعين ماديا ليتمكنوا من التفرغ لإبداعاتهم المسرحية ويضيفوا إيجابيا للحضارة وتطور العقل والذوق في بلدانهم.

      4.وقف الرقابة على النصوص المسرحية وإعطاء الثقة للمبدعين لكي يفكروا بعقل حر طليق محلق في سماء الإبداع تحده حدود و لا تعيقه قيود.

      5. الاهتمام بمسارح الشباب والتي كانت فيما مضى رافدا ثريا للمسارح الأهلية. وزيادة موازناتها المالية السنوية لتتمكن من العمل في بيئة مواتية للنشاط المسرحي والذي هو مكلف بطبيعته.

      6. تحويل مهرجان المسرح العماني ليصبح بصفة سنوية و ليست كل سنتين كما هو الحال الآن. حيث سيساهم في إيجاد حراك مسرحي مستمر ويقلل من الصفة الموسمية للأعمال المسرحية في السلطنة.

      7. الاحتفاء بالأعمال المسرحية المتفوقة وإتاحة الفرصة لها و دعمها للمشاركات الخارجية ليتمكن المسرحي العماني من الاطلاع على تجارب الآخرين و يتمكن من إثراء تجربته.

      8. دعم الفرق المسرحية الأهلية ماديا بشكل دوري و مستمر سنويا كما هو الحال بالنسبة للأندية الرياضية.

      9. الاهتمام بالكاتب المسرحي و طباعة أعماله و نشرها و استخدامها في المناهج المدرسية كمادة مطالعة. و بهذا يساهم الكاتب المسرحي في بناء العقل الوطني و الثقافة الوطنية.

      10. يجب أن يساهم الإعلام التلفزيوني و المكتوب و المسموع في دعم الحراك المسرحي و هذا لن يتأتى إلا في ظل منظومة عامة شاملة لدعم الثقافة في الوطن و منها المسرح بطبيعة الحال.

      في مهرجان المسرح الثالث ماهي العقبات التي واجهتها كفرقة ؟

      -كانت العقبات مختصرة في عدم وجود مسرح مجهز كما يرام للعروض المسرحية و كانت مشكلة عامة و قد أدت الى إنسحاب إحدى الفرق من المهرجان لعدم ملاءمة تجهيزات الإضاءة لعرضها.

      وقد تعودنا على هفوات التنظيم فلم تعد تشكل عائقا بل أصبحت أمرا مسلما ومتوقعا ومن طبائع الأمور.

      المبدع موظفا ألا تعتقد أن الوظيفة تقلل من إبداعه ولم لايطالب المبدع بالتفرغ أسوة ببعض الدول ؟

      المبدع إنسان له متطلبات حياتية و اجتماعية ليعيش و يكون أسرة. و الفن لايطعم خبزا في هذا الوطن كما هو الحال في معظم بلادنا العربية. وعليه فلا يمكن أن يطلب من المبدع المسرحي أن يواصل الإبداع إلى مالا نهاية فقط بموارده الذاتية المحدودة.

      ولذا فالوظيفة ضرورية رغم كونها وسيلة قتل للإبداع. فهي تسلب المبدع وقته وجهده وتستنزف عصارة روحه. فيصبح الإبداع حالة شاذة و ليست حالة أصيلة مستمرة متدفقة و متواصلة.

      وقد طالبت شخصيا عدة مرات في وسائل الإعلام المكتوبة بتفريغ المبدعين و ضمان سبل العيش الكريم لهم عن طريق رواتب شهرية يتقاضونها لكونهم ينتجون إبداعا يضاف إلى رصيد الوطن و يساهم في بناء حضارته و رقيه الفكري و الإنساني. و لكني لست متفائلا في حصول شيء من ذلك في ظل الأوضاع الحالية. فالمبدع المسرحي لا يعتبر من ضمن الأولويات هذه الأيام على ما أظن.

      أنا شخصيا أعمل مديرا لتقنية المعلومات في شركة للبتروكيماويات. فأنا رب أسرة و لي التزامات اجتماعية لا يمكن غض الطرف عنها. فالأولوية دائما لوظيفتي و المسرح بالنسبة لحياتي وأسرتي يأتي في الدرجة العاشرة. فقد حاولت أن أجعل المسرح في الدرجة الأولى و نتيجة لتلك المحاولة ضاعت سنوات كثيرة من حياتي و لم احصد منها غير الهواء و زيادة الأعداء. قدر المبدع في أوطاننا أن يموت جوعا و أن يهان و لا ينال شيئا من الاحترام الذي يستحق. و هذه حالة عامة ليست فقط في عمان و لكن في معظم بلدان الوطن العربي الكبير.

      التميز يفرض نفسه رغم كل المعوقات كيف تجيب على هذه المقوله في إطار تجربتك المسرحية الأخيرة ؟

      رغم كل شيء فإن منهجيتنا في العمل في فرقة فكر و فن و فلسفتنا و رؤيتنا الإبداعية كانت ثابتة وديناميكية خلال المهرجانات الثلاثة االفائتة. كنا نسعى لإثبات رؤيتنا و تميزنا خلال الدورات الثلاث فكنا نتطور مع الوقت فانتقلنا من المركز الثالث الى الثاني و أخيرا إلى الأول كأفضل عرض متكامل. كما كنا موجودين في جائزة النص المسرحي و التمثيل و الاخراج بشكل ملفت.

      نحن لدينا رؤية و هدف و خطة و نعمل بجد و اجتهاد و بصمت لتحقيق ذلك الهدف. نحن نشتغل المسرح للمتعة لأننا لا نكسب منه شيئا. و لذلك فنحن بعيدون عن الضغوطات و نشتغل بحب و سلام و طمأنينه و نعبر عن انفسنا و افكارنا و فننا كما نريد. فنحن فرقة "فكر" و "فن" و يتوقع جمهورنا أن يرى فكرا و فنا و هذا ما نصنعه.

      ألا تتهيب تقديم نصوصا مسرحية بالفصحي رغم محاولة الكثيرين اللجوء للعامية تحسبا من الجمهور ؟

      أكتب باللغة العربية الفصحى و بالعامية أيضا. لكني في فرقتي فكر و فن لا أقدم إلا الأعمال التي أكتبها بالفصحى لأنها أقدر من العامية على التعبير عن الأفكار فهي أغنى لغات العالم بالمفردات و مسرحي يعتمد على الفكرة و الكلمة. فكل أعمال فكر و فن فلسفية شاعرية تتحدث عن معاناة الانسان. و الفصحى أقدر على حمل تلك المعاناة و ايصالها للجمهور الانسان.

      أعمالى باللهجة العامية تتخذ منحا آخر فهي تلامس الحس الشعبي على المستوى الاجتماعي و تراتبية المجتمع و تتحدث عن علاقات الأفراد في محيطها الشعبي. فهي اعمال تقترب من الواقعية بشكل أساسي. و هكذا أعمال محلية الطابع بشكل مغرق و قد لا تثير اهتمام المتلقي القادم من بيئة مختلفة. أما الأعمال التي تتحدث عن معاناة الانسان كانسان و همومه الانسانية فهذه تتقاطع مع كل البشر في العالم. فهموم الانسان واحدة و ان تباينت في مستوياتها.

      أتعتقد فعلا أن الجمهور العماني متعطش للمسرح ويحتاج إلى أعمال دائمة وليس إلى أعمال موسمية ؟

      أعتقد بصدق أن الجمهور لا يبالي بالمسرح و لا يكترث به. و لا يهتم بالمسرح إلا المسرحيون أنفسهم و ذويهم و أصدقائهم من باب المجاملة. أما عامة الناس فقد نسيت أن هناك مسرحا في هذا الوطن و ما عادت تؤمن بأي شيء يقدمه الفنانون. فقد رسخ في اعتقاد الناس أن الاعمال المسرحية لن تكون أفضل حالا من الاعمال التلفزيونية الرديئة التي يتحفهم بها التلفزيون في كل رمضان. و لذلك فقد فقدوا ثقتهم في المسرح على اعتبار أنه أقل شأنا من التلفزيون الرديء أصلا فماذا يمكن أن يجدوا في المسرح الذي يعد درجة ثانية في اعتقاد معظم الجمهور.

      و بالتالي ليست أولوية عند عامة الجمهور أن يكون هناك مسرح أصلا. الأولوية تأتي عند الناس للأكل و الشرب و السكن و تعليم العيال و تطبيبهم و خاصة في ظل الغلاء الفاحش التي يعتصر رواتبهم اعتصارا كأنه التنيين. و في هكذا اوضاع لا مجال للمسرح و لا للتسلية و لا للتفكير. و في هكذا أوضاع لا مكان للوعي الذي يسببه المسرح. فمن يريد أن يصاب بداء "الوعي" و هو عاجز عن تغيير حاله الى الأفضل? حينها -اذا تم الوعي- ستتحول حياته الى حزن و تعاسة مطبقة لأنه صار يدرك حالته التي تحتاج الى تغيير فوري و لكنه عاجز تماما عن احداث ذلك التغيير المأمول. فالمسرح بلاء بالنسبة للذين يرزحون تحت وطأة العجز و قلة الحيلة. و في هكذا أوضاع لسان حال المرء يقول "أهلا و سهلا بالغفلة و بعدا للمسرح و بلاياه".

      الجمهور هنا تعود على إرتياد دور السينما بشكل كبير ومشاهدة الأفلام الأجنبية لما تقدمه من إبهار وفرجة لذا لا يهتم بإرتياد المسرح لأنه لايوجد لدينا ثوابت مسرحية وعروض متواصلة.

      في نصك ( مواء القطة ) والذي حاز على الجائزة الأولى لجأت لمسرح العبث الذي ولد من رحم التراجيديا الواقعية وهي تقريبا من أصعب أنواع الكتابة المسرحيه الأسباب التي دعتك للخوض في هذا المجال ونحن في زمن الفضائيات والإنترنت ؟

      هذا هو أسلوبي للتعبير عن القضايا برؤيتي و فلسفتي الخاصة. مسرحي ينقل الواقع من خلال رؤيتي الخاصة له و يمر هذا الواقع في عدة مراحل للتعرية من حيث أثره المباشر على عقل و وجدان الانسان من جهة و من حيث المؤثرات الاجتماعية و السياسية التي ساهمت في صياغة ذلك الواقع المتأزم من وجهة نظر الشخصيات من جهة أخرى.

      هذا الأسلوب يمكنني من نقل التجربة من خشبة المسرح إلى عقل و وجدان المتلقي بحيث تتحول التجربة المسرحية إلى تجربته هو الخاصة. فنحن لا نصنع تجربة في معزل عن المتلقي بل نحاول أن نساعد المتلقي على تبني التجربة المسرحية و دمجها مع تجربته و حكايته الخاصة فيصبح شريكا في العرض المسرحي و ليس مجرد متلقي سلبي للتجربة.

      لذلك فكل من يمنح نفسه الوقت للتمتع بتجاربنا المسرحية تحفر التجربة في ذاكرته و تساهم في تشكيل وعيه. و بالتالي فهو يتحرق شوقا لأن يكون من ضمن مشاهدينا في أية فرصة قادمة. و قد لاحظت ذلك جليا عندما عرضت مسرحيتي "بذور عباد الشمس" في الجزائر لعدة عروض. فقد حضر لمشاهدة المسرحية نفس الجمهور في عدة عروض و في اماكن متفرقة. فقد عبر بعضهم عن ذلك بقوله"هذه تجربة حدثت داخل عقلي و روحي و لم تحدث على الخشبة فجئت لاعيشها مرة أخرى".

      التجربة المسرحية لا تشبهها أية تجربة يمكن أن تنقل في التلفزيون أو السينما. ففي المسرح نحن و الجمهور نتنفس ذات الهواء و نعيش معا ذات التجربة و نساهم معا في صناعتها و تطويرها بل نعيشها معا.و في مسرحي لا يوجد ايهام بأن ما تراه حقيقة فنحن نتعمد مخاطبة الجمهور لكسر الايهام و لادماجه في تجربتنا. فالحكاية تحدث على الخشبة و في عقله و وجدانه في آن معا. على الأقل هذا ما نحاول صنعه. و كل تجربة بطبيعة الحال معرضة للنجاح و الفشل. المهم هو أنك تعرف ماذا تريد أن تفعل و تحاول جاهدا تحقيق ذلك.

      هل فعلا هناك تطور فيما قدمته الدراما التلفزيونية هذا العام ما تعليقك ؟

      لم يحدث تغييرا أو تطورا يشار إليه بالبنان لكن أفضل الموجود ذلك الذي جاء بدعم من الديوان السلطاني حيث صرف على العمل لأن العمل الدرامي يحتاج لإنتاج قوي . وبالنسبة للتطوير الدرامي لا يمكن أن نصل لهذا التطور إلا بطفرة والطفرة تحصل بتحرر الإنسان من القيود.

      ماذا عن مشاركتك لمهرجان المسرح هذا العام ؟

      لم أشارك لأني أولا في فترة مراجعة مع النفس شعرت أن ماكنا نكتب عنه سابقا لا يصلح لوقتنا الراهن وتفرغت لكتابة نصي الجديد بعنوان " فراشات " وهي بنفس المنهجية والروحية لكتاباتي السابقة وباللغة الفصحى طبعا وذات خمس شخصيات وهي تعني بالألم الإنساني .

      لعل الجمهور يبتعد عن هذه النوعية من الأعمال رغم قيمتها الفنية العالية ؟

      لا أعتقد أن يبتعد جمهور المسرح الحقيقي عن نوعية هذه الأعمال فأذكر حين عرضنا مسرحية " زهرة عباد الشمس " في الجزائر إلتف حولنا الجمهور مشجعا ومباركا وقال لنا بعضهم أنه لم يشاهد مثل هذا العمل منذ عشرين عاما وكنت أمثل فيها دور البطولة ومعي الممثلة زهى قادر .

      أكثر...


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions