الطرق المعتقة جديد a3m3

    • الطرق المعتقة جديد a3m3

      الطرق المعتقة

      سمعنا عن خمر معتقة ولم نشاهدها .. لكننا لم نسمع عن طرق معتقة بل شاهدناها بأم أعيننا..
      الغريب في الأمر هو غياب موسوعة ( غينيس ) للأرقام القياسية عن هذا الحدث .. فتعبيد طريق لا يتجاوز نصف كليو متر داخل مدينة ( سبها ) يستمر العمل فيه لمدة سنتين ولم يكتمل بعد .. وهو نفس الزمن تقريباً الذي استغرقه بناء برج ايفل الشهير .. أليس هذا رقماً قياسياً غفلت عنه تلك الموسوعة التي تدعي أنها عالمية..؟؟!!
      ثمة طريق آخر تم إنجازه ، وبعد شهرين أو أقل قليلاً تصدع وانهار وكأن الأرض تحته تنذر بزلزال أو بركان ..
      لا نعرف السبب .. لكن يبدو أن السبب الرئيسي هو أن الناس لا يعرفون كيف يمشون على الطريق مما سبب في انهياره وتصدعه .. نعم الناس هم السبب ..لأنه ببساطة لو اتهمت أميناً بعينه أو مسؤولاً بصفته فلربما أوقعك في مشكلة أنت في غنىً عنها خاصة إذا كنت رب أسرة أو صاحب عيال .. أما اتهام الناس فلا إشكال فيه لأن كلمة ناس لا تنطبق على شخص بعينه قد يجرجرك إلى المحاكم أو يقطع معاشك.
      المهم أن هذا الطريق ليس طريقاً واحداً وإنما عدة طرق ، ولا نستطيع تحديدها خوفاً من أن تكون الشركة المنفذة لها حظوة أو تربطها علاقة بأحد المسؤولين أو الأمناء أو تابعيهم أو تابعي تابعيهم رضي الله عنهم جميعاً.
      لا نعرف ربما هذه الطرق تنسج بخيوط من حرير أو ترصع بالألماس أو لعلها طرق حديثة تنقلك من طرف إلى آخر مثل السلالم المتحركة.
      أنا شخصياً لا يهمني كل هذا ، لأنني كمواطن بسيط لا أعلم أكثر من سيادة الأمين ، ولا أفهم في الطرق وهندستها أكثر من الشركة المنفذة ولا يعنيني زمن الإنجاز لأن الطريق سيكتمل يوماً ما طال الزمان أم قصر .. هذا إذا لم تقم الساعة.
      كل ما يهمني هو ثمن (المرميطة) ففي كل مرة أمر بسيارتي العتيقة من ذلك الطريق الموعود وأتسلق هضابه وسهوله وتتعثر سيارتي بأحجاره وتقع في حفره فلا أخرج من نهايته إلا وتلك السيارة المسكينة قد علا نحيبها واخشوشن صوتها وبحت رقبتها بعد أن تمزقت (المرميطة) ، فأذهب إلى ذلك الرجل الإفريقي الذي فتح ورشته في مكان ناءٍ بعيدٍ عن أعين الحرس البلدي والأمن العام لأنه بصراحة لا يملك ترخيصاً لمزاولة المهنة وليس لديه أوراق دخول ولا حتى جواز سفر .. والذي جعلني أقصده هو أنه أرخص من غيره وقد صرت زبوناً عنده واعتاد علي.
      قال لي ذات مرة بلهجة عامية مكسرة لا تقل تكسيراً عن الطريق الذي جئت منه : لم لا تسلك الطرق المعبدة وتترك الطرق المكسرة..؟؟
      حاولت أن آخذ بنصيحته فتحاشيت أحد هذه الطرق الواقعة تحت رحمة الانجاز وسلكت الطريق الموازي ورغم أن هذا الطريق لا يخلو من التكسير والتصدع إلا أنه أرحم من غيره.
      وبينما أنا في نشوة الانتصار ولسان حالي يسخر من ذلك الطريق بعد أن وجدت مهرباً منه فوجئت بخيمة عرس تسد الطريق من الرصيف إلى الرصيف ولم أنتبه إلا وأنا بالقرب منها ولم يبق إلا بضعة أمتار وأدخل بسيارتي على من فيها .. دست على الفرامل بكامل قوتي فأصدر صوتاً أسمع كل الحي.
      الكارثة أنها كانت خيمة للنساء ولو رأيت المشهد وكيف انقلبت الزغاريد صراخاً وعويلاً وكيف خرجت النساء بكامل زينتهن يركضن هرباً من الموت القادم.
      حمدت الله أن سيارتي وقفت عند حافة الخيمة ولم يحصل مكروه .. وقبل أن أحاول الهرب رأيت مجموعة من الشباب يسرعون نحوي وفي أيديهم هراوات غليظة ( لو ضربت بها كافراً لأسلم ) على حد قول العامة .. ولولا رحمة ربك ثم ذلك الرجل العجوز الذي وقف بيني وبينهم لما كنت اليوم أكتب هذه السطور ..
      أدرت سيارتي وعدت إلى طريقي المكسرة .. وصدقوني لم أشعر في تلك اللحظة بالمطبات والحفر .. ورغم أن ( المرميطة ) تمزقت مرة أخرى إلا أنني لم أشعر بذلك ولم أسمع صوت السيارة الذي يشق عنان السماء إلا حين اقتربت من بيتي.
      فعرفت حينها أن المسؤولين - بارك الله فيهم - على حق وأنهم يريدون مصلحتنا لكننا نحن "الدهماء" لا نعرف هذه المصلحة.
      وإنني لأتسائل – وأنا لا أستثني نفسي من كلمة دهماء – ماذا يفعل سيادة الأمين لو مر من أحد هذه الشوارع وتمزقت - لا سمح الله - (مرميطة) سيارته..؟؟ لا شك أنها طامة كبرى لأن (مرميطة) سيارة الأمين أغلى ثمناً من سيارتي بأكملها..
      وأتسائل أيضاً وأرجو أن لا يفهم تساؤلي على أنه تطاول على جناب أحد الأمناء أو المسؤولين أطال الله بقائهم وأدام عزهم أين تذهب تلك المليارات التي تخصص لميزانية كل عام؟؟.
      وعلى ذكر الميزانية ، فأنا أقترح أن يخصص جزء منها لاستيراد الخيول واستبدالها بالسيارات على الأقل فهي لا تحتاج إلى طرق معبدة ، ولا تتأثر بالمطبات التي تملأ الشوارع ، ولا تحتاج إلى البنزين الذي ارتفع سعره أو قطع الغيار المزيفة والمستوردة بلا رقابة ، ولا تحتاج إلى رجال المرور الذين يخالفون أصحاب السيارات القديمة فقط.
      أما عني أنا شخصياً فلا يهمني من كل ذلك سوى شيء واحد وهو أن الخيول ليس لها ( مراميط ).
      ---------------------------------

      نُشرت هذه المقالة في صحيفة قورينا ، وقُرئت في


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions