"بالنسبة لنا في حزب النهضة، فإن أهم قضية ليست الفوز في الانتخابات المقبلة بقدر ما هي الانتقال الناجح إلى الديمقراطية حتى نستطيع صنع فاصل واضح مع الماضي"
راشد الغنوشي
تبعد تونس مسافة أيام فقط عن أول انتخابات لاختيار جمعية تأسيسية وطنية. وعلى الرغم من التأخيرات والعوائق، ينتظر التونسيون الثالث والعشرين من أكتوبر وهم مفعمون بالأمل – ذلك التاريخ الذي يمثل تتويجا لثورتهم ولنضال أجيال من الرجال والنساء من مشارب سياسية وفكرية مختلفة ضد الاستبداد ومن أجل الحرية والمساواة والكرامة.
وهذه الانتخابات ليست مهمة للتونسيين فحسب، بل هي مهمة للمنطقة كلها بل وخارجها. فهي تمثل فرصة لدفن نظريات ما يسمى "الاستثناء العربي" للأبد وإثبات أن الديمقراطية يمكن أن تظهر وتزدهر.
وفي هذه الانتخابات يستعد حزب النهضة – بحسب العديد من استطلاعات الرأي – للفوز بحصة كبيرة من الأصوات.
وترجع شعبيتنا في جزء منها إلى التعاطف الذي يشعر به كثير من التونسيين تجاه معاناة وتضحيات حزب النهضة على مدى ثلاثة عقود تحت الديكتاتوريات المتعاقبة. ومع ذلك فإن هذا التعاطف وسجل حزب النهضة في النضال من أجل الحرية والديمقراطية لم يعد كافيا. ففي هذه المرحلة من تاريخ بلادنا تدعو التحديات الكبيرة إلى برامج محددة وفعالة. وهذا هو السبب في أن حزبنا قد استغرق عدة أشهر لدراسة برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي طموح ولكنه في نفس الوقت واقعي، قام بتطويره فريق عمل مكون من 180 خبيرا. ونظرة إلى هذا البيان المفصل الذي صدر من الحزب ستعطي أي قارئ فكرة واضحة عن رؤية حزب النهضة لتونس. إن تونس بحاجة إلى نظام سياسي جديد يكون بمثابة فصل حاسم مع الماضي.
لقد كنا مؤيدين للديمقراطية منذ زمن بعيد في نطاق التوجه السائد للإسلام السياسي، وهو ما نشعر أنه أفضل نظام يحمي من الظلم والاستبداد. وعلاوة على ذلك فهو يقدم المؤسسات والآليات التي تضمن الحريات الشخصية والعامة، والأهم الانتقال السلمي للسلطة عبر آلية الانتخابات واحترام الإرادة الشعبية وحماية حقوق النساء والفصل بين السلطات واستقلال القضاء وحرية الصحافة والإعلام وحماية حقوق الأقليات. وكل هذه الأمور لا تتناقض بأي حال من الأحوال مع الإسلام، ولكنها تعكس مبادئ الإسلام المتمثلة في الشورى والعدل والمساءلة كما نفهمها.
إن حملات التشويه ضد حزب النهضة لم تنته برحيل الديكتاتور، ومازالت التهم بالنزعة الثيوقراطية تنهمر علينا. ومع ذلك فنحن نؤمن بالدولة المدنية القائمة على المساواة بين كل المواطنين بغض النظر عن العقيدة أو النوع أو العرق. إننا نؤمن بأن الحق في تنظيم المجموعات السياسية والاجتماعية يجب أن يكون مضمونا لكل مواطن. كما نؤمن باستقلال المجتمع المدني عن الدولة، في نطاق نظام ديمقراطي حر ونزيه قائم على مبدأ حماية الحريات الشخصية والعامة وضمان التوازن بين الدولة والمجتمع. وهذا هو تماما ما تحتاج إليه تونس بعد عقود من الاضطهاد السياسي والاجتماعي واسع النطاق.
يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "لا إكراه في الدين." ومن ثم فنحن نؤمن بأنه ليس من حق الدولة ولا أي ممثل اجتماعي التدخل في المجتمع من أجل فرض أسلوب حياة معين أو معتقد أو فكرة. فهذه أمور يجب أن تكون خيارات شخصية حرة. إن حملتنا الانتخابية تؤكد مرة أخرى على أننا ندعو إلى حماية حقوق المرأة وتعزيز مشاركتها العامة والسياسية، على أساس المواطنة والمساواة. ودعمنا لنظام الكوتة يتطلب من الأحزاب إدراج عدد متساو من الرجال والنساء، وقوائم الأحزاب الكثيرة التي على رأسها نساء هن نماذج لهذا الالتزام. إن المرأة تلعب دورا مهما في كل مستويات حزبنا، حيث تحتل مواقع قيادية رئيسية وتسهم على قدم المساواة في كل نقاشاتنا السياسية – كما يمكن أن يتوقع المرء في أي حزب ديمقراطي.
وهناك حاجة ملحة أخرى لتونس تتمثل في خطة تنمية شاملة للتعامل مع أزمتها الاقتصادية العميقة والمظالم الاجتماعية والاقتصادية المستمرة.
ونحن على أمل أن تؤدي الانتخابات إلى تشكيل حكومة مستقرة ذات مصداقية، وهو الأمر الذي نؤمن أنه حيوي للغاية من أجل الازدهار الاقتصادي. فالنظام الاقتصادي الذي نضعه يشجع على المبادرات التجارية الخاصة ويقدم حوافز للاستثمار – وكله في سياق الشفافية والعدالة الاجتماعية. إننا نسعى لجعل بلادنا مركزا اقتصاديا مزدهرا وجاذبا للاستثمارات الداخلية والخارجية، يستفيد من موقعنا الجغرافي وثقافتنا الثرية وقوتنا العاملة الماهرة المخلصة.
لقد طورنا رؤية مفصلة لتونس تحت شعار "الحرية والعدالة والتنمية". وبغض النظر عن نتائج الانتخابات، فنحن نؤمن أن البلاد بحاجة إلى أن تحكمها حكومة وحدة وطنية. فتونس لا تستطيع مواجهة التحديات الكبرى، المتمثلة في الانتقال الديمقراطي والقضايا الاقتصادية والأمنية، بدون إجماع واسع النطاق. إننا نؤمن دائما بأهمية تشكيل التحالفات مع كل اللاعبين السياسيين على أساس المصالح المشتركة والنضال من أجل الديمقراطية.
كما أننا ملتزمون بتقوية شراكتنا مع جيراننا في أوروبا ونحن حريصون على تحقيق حالة شراكة متقدمة مع الاتحاد الأوروبي. وسيكون هذا من خلال إطار عمل من العلاقات الاقتصادية الودية القائمة على توازن المصالح بين جنوب وشمال المتوسط، اللذان يربطهما منذ زمن بعيد مصالح جغرافيا مشتركة وتبادلات ثقافية وفكرية. كما أننا نخطط أيضا لتقوية علاقتنا مع جيراننا في شمال أفريقيا بالعمل على إعادة تفعيل اتحاد دول المغرب، وذلك بتحقيق منطقة تجارة حرة تكون في مصلحة كل الدول المشاركة فيها. كما نأمل أيضا أن نرى علاقات أقوى مع شركائنا في أمريكا الشمالية والجنوبية والصين.
ويجب أن يخدم تنفيذ هذه الخطة الطموحة مصالح من قدموا لنا، وللمنطقة بأكملها، هذه الفرصة التاريخية – والذين في مقدمتهم الشباب التونسي الذي جلبت شجاعته وتحديه للديكتاتورية الأمل والدافع للمنطقة وأدهشت العالم. وهذا هو السبب في أنني أعلنت أنني لن أترشح لأي منصب سياسي في هذه الانتخابات ولا أي انتخابات مستقبلية أخرى، حيث إنني أود أن أرى الجيل الأصغر يلعب دورا رياديا في صياغة مستقبل بلدنا. ولكني مع ذلك أتشرف بأن أظل جزءا من هذه العملية التاريخية وهذه الفرصة التي ظل يحلم بها أجيال من التونسيين والتي ظلوا يناضلون من أجلها ويضحون على مدى زمن طويل.
وأخيرا، أود أن أؤكد أنه بالنسبة لنا في حزب النهضة، فإن أهم قضية ليست هي الفوز في الانتخابات المقبلة بقدر ما هي الانتقال الناجح إلى الديمقراطية حتى نستطيع صنع فاصل واضح مع الماضي. إننا نؤمن أن هذا النجاح ذو أهمية بالغة ليس فقط لبلدنا بل أيضا لكلا شاطئي المتوسط – لأن تبعات الفشل ستكون كارثية على الجميع.
* رئيس حزب النهضة في تونس
أكثر...
راشد الغنوشي
تبعد تونس مسافة أيام فقط عن أول انتخابات لاختيار جمعية تأسيسية وطنية. وعلى الرغم من التأخيرات والعوائق، ينتظر التونسيون الثالث والعشرين من أكتوبر وهم مفعمون بالأمل – ذلك التاريخ الذي يمثل تتويجا لثورتهم ولنضال أجيال من الرجال والنساء من مشارب سياسية وفكرية مختلفة ضد الاستبداد ومن أجل الحرية والمساواة والكرامة.
وهذه الانتخابات ليست مهمة للتونسيين فحسب، بل هي مهمة للمنطقة كلها بل وخارجها. فهي تمثل فرصة لدفن نظريات ما يسمى "الاستثناء العربي" للأبد وإثبات أن الديمقراطية يمكن أن تظهر وتزدهر.
وفي هذه الانتخابات يستعد حزب النهضة – بحسب العديد من استطلاعات الرأي – للفوز بحصة كبيرة من الأصوات.
وترجع شعبيتنا في جزء منها إلى التعاطف الذي يشعر به كثير من التونسيين تجاه معاناة وتضحيات حزب النهضة على مدى ثلاثة عقود تحت الديكتاتوريات المتعاقبة. ومع ذلك فإن هذا التعاطف وسجل حزب النهضة في النضال من أجل الحرية والديمقراطية لم يعد كافيا. ففي هذه المرحلة من تاريخ بلادنا تدعو التحديات الكبيرة إلى برامج محددة وفعالة. وهذا هو السبب في أن حزبنا قد استغرق عدة أشهر لدراسة برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي طموح ولكنه في نفس الوقت واقعي، قام بتطويره فريق عمل مكون من 180 خبيرا. ونظرة إلى هذا البيان المفصل الذي صدر من الحزب ستعطي أي قارئ فكرة واضحة عن رؤية حزب النهضة لتونس. إن تونس بحاجة إلى نظام سياسي جديد يكون بمثابة فصل حاسم مع الماضي.
لقد كنا مؤيدين للديمقراطية منذ زمن بعيد في نطاق التوجه السائد للإسلام السياسي، وهو ما نشعر أنه أفضل نظام يحمي من الظلم والاستبداد. وعلاوة على ذلك فهو يقدم المؤسسات والآليات التي تضمن الحريات الشخصية والعامة، والأهم الانتقال السلمي للسلطة عبر آلية الانتخابات واحترام الإرادة الشعبية وحماية حقوق النساء والفصل بين السلطات واستقلال القضاء وحرية الصحافة والإعلام وحماية حقوق الأقليات. وكل هذه الأمور لا تتناقض بأي حال من الأحوال مع الإسلام، ولكنها تعكس مبادئ الإسلام المتمثلة في الشورى والعدل والمساءلة كما نفهمها.
إن حملات التشويه ضد حزب النهضة لم تنته برحيل الديكتاتور، ومازالت التهم بالنزعة الثيوقراطية تنهمر علينا. ومع ذلك فنحن نؤمن بالدولة المدنية القائمة على المساواة بين كل المواطنين بغض النظر عن العقيدة أو النوع أو العرق. إننا نؤمن بأن الحق في تنظيم المجموعات السياسية والاجتماعية يجب أن يكون مضمونا لكل مواطن. كما نؤمن باستقلال المجتمع المدني عن الدولة، في نطاق نظام ديمقراطي حر ونزيه قائم على مبدأ حماية الحريات الشخصية والعامة وضمان التوازن بين الدولة والمجتمع. وهذا هو تماما ما تحتاج إليه تونس بعد عقود من الاضطهاد السياسي والاجتماعي واسع النطاق.
يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "لا إكراه في الدين." ومن ثم فنحن نؤمن بأنه ليس من حق الدولة ولا أي ممثل اجتماعي التدخل في المجتمع من أجل فرض أسلوب حياة معين أو معتقد أو فكرة. فهذه أمور يجب أن تكون خيارات شخصية حرة. إن حملتنا الانتخابية تؤكد مرة أخرى على أننا ندعو إلى حماية حقوق المرأة وتعزيز مشاركتها العامة والسياسية، على أساس المواطنة والمساواة. ودعمنا لنظام الكوتة يتطلب من الأحزاب إدراج عدد متساو من الرجال والنساء، وقوائم الأحزاب الكثيرة التي على رأسها نساء هن نماذج لهذا الالتزام. إن المرأة تلعب دورا مهما في كل مستويات حزبنا، حيث تحتل مواقع قيادية رئيسية وتسهم على قدم المساواة في كل نقاشاتنا السياسية – كما يمكن أن يتوقع المرء في أي حزب ديمقراطي.
وهناك حاجة ملحة أخرى لتونس تتمثل في خطة تنمية شاملة للتعامل مع أزمتها الاقتصادية العميقة والمظالم الاجتماعية والاقتصادية المستمرة.
ونحن على أمل أن تؤدي الانتخابات إلى تشكيل حكومة مستقرة ذات مصداقية، وهو الأمر الذي نؤمن أنه حيوي للغاية من أجل الازدهار الاقتصادي. فالنظام الاقتصادي الذي نضعه يشجع على المبادرات التجارية الخاصة ويقدم حوافز للاستثمار – وكله في سياق الشفافية والعدالة الاجتماعية. إننا نسعى لجعل بلادنا مركزا اقتصاديا مزدهرا وجاذبا للاستثمارات الداخلية والخارجية، يستفيد من موقعنا الجغرافي وثقافتنا الثرية وقوتنا العاملة الماهرة المخلصة.
لقد طورنا رؤية مفصلة لتونس تحت شعار "الحرية والعدالة والتنمية". وبغض النظر عن نتائج الانتخابات، فنحن نؤمن أن البلاد بحاجة إلى أن تحكمها حكومة وحدة وطنية. فتونس لا تستطيع مواجهة التحديات الكبرى، المتمثلة في الانتقال الديمقراطي والقضايا الاقتصادية والأمنية، بدون إجماع واسع النطاق. إننا نؤمن دائما بأهمية تشكيل التحالفات مع كل اللاعبين السياسيين على أساس المصالح المشتركة والنضال من أجل الديمقراطية.
كما أننا ملتزمون بتقوية شراكتنا مع جيراننا في أوروبا ونحن حريصون على تحقيق حالة شراكة متقدمة مع الاتحاد الأوروبي. وسيكون هذا من خلال إطار عمل من العلاقات الاقتصادية الودية القائمة على توازن المصالح بين جنوب وشمال المتوسط، اللذان يربطهما منذ زمن بعيد مصالح جغرافيا مشتركة وتبادلات ثقافية وفكرية. كما أننا نخطط أيضا لتقوية علاقتنا مع جيراننا في شمال أفريقيا بالعمل على إعادة تفعيل اتحاد دول المغرب، وذلك بتحقيق منطقة تجارة حرة تكون في مصلحة كل الدول المشاركة فيها. كما نأمل أيضا أن نرى علاقات أقوى مع شركائنا في أمريكا الشمالية والجنوبية والصين.
ويجب أن يخدم تنفيذ هذه الخطة الطموحة مصالح من قدموا لنا، وللمنطقة بأكملها، هذه الفرصة التاريخية – والذين في مقدمتهم الشباب التونسي الذي جلبت شجاعته وتحديه للديكتاتورية الأمل والدافع للمنطقة وأدهشت العالم. وهذا هو السبب في أنني أعلنت أنني لن أترشح لأي منصب سياسي في هذه الانتخابات ولا أي انتخابات مستقبلية أخرى، حيث إنني أود أن أرى الجيل الأصغر يلعب دورا رياديا في صياغة مستقبل بلدنا. ولكني مع ذلك أتشرف بأن أظل جزءا من هذه العملية التاريخية وهذه الفرصة التي ظل يحلم بها أجيال من التونسيين والتي ظلوا يناضلون من أجلها ويضحون على مدى زمن طويل.
وأخيرا، أود أن أؤكد أنه بالنسبة لنا في حزب النهضة، فإن أهم قضية ليست هي الفوز في الانتخابات المقبلة بقدر ما هي الانتقال الناجح إلى الديمقراطية حتى نستطيع صنع فاصل واضح مع الماضي. إننا نؤمن أن هذا النجاح ذو أهمية بالغة ليس فقط لبلدنا بل أيضا لكلا شاطئي المتوسط – لأن تبعات الفشل ستكون كارثية على الجميع.
* رئيس حزب النهضة في تونس
أكثر...
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions