حصاد الإرهاب

    • حصاد الإرهاب

      وأخيرا خرج ماهر عرار الكندي الجنسية العربي الأصل من السجن بعد أن نام فيه 375 يوماً حسوماً. وعلق التلفزيون الكندي على شكله وهو ينزل في مطار دورفال في مونتريال أنه خرج يرتجف ولكنه متماسك. وقد أخرجه من ظلم أهله الكنديون الذين يسعى بذمة أدناهم أعلاهم. ولكننا نلعن ديمقراطية الكفر وهي التي أخرجته من محبسه. وكان حظه كبيرا أن تدخل على الخط السفير الكندي فاستطاع ولو في الفترة الأخيرة أن ينام ويأكل ونجا من الفلق ولسع الكهرباء. وإلا لخرج شيخا طاعنا في السن محطم العظام والنفس يلقي نفسه في بئر فينتحر كما فعل ذلك الشاب الذي كان مجندا على الحدود بين بلدين ثوريين فعبر بضع مئات من الأمتار لرؤية خاله فكلفه هذا أن ينام في أقبية المخابرات ثلاث سنوات. وبعد خروجه بفترة ألقى نفسه في بئر ضيقة فانحشر واقفا فمات منتحرا جريحا مهشم العظام مغلول اليدين غريقا مختنقا بنقص الأكسجين التدريجي فمات عشر ميتات. ومع كل الزلازل فلا يفكر العرب في تغيير أوضاعهم. وقيل في تعريف الدوغمائي أو الأصولي أنه ذلك الشخص الذي تفرض الشروط الموضوعية أن يتغير فلا يتزحزح من مكانه. ويروي برتراند راسل عن حماره الذي اشتعلت النار في زريبته فأبى الخروج والنار تحدق به حتى أسرع العمال فشدوه بالسلاسل والحبال. وفي بيت قصي من الريف في بلد ثوري حاول شاب أن يدخل على الإنترنيت فطرد من الجنة إلى جهنم المخابرات تحت تهمة ثرثرة الإنترنيت والمساس بهيبة الدولة وإنشاء تنظيم سري لتوزيع المنشورات في الإنترنيت. فالشاب الذي كان يقبض عليه فيما سبق وهو يوزع منشورات سياسية كان السجن مصيره هو اليوم أسوأ مصيرا مع التعامل بالإنترنيت. وهو أمر لا يصدقه المرء لولا حدوثه في البلدان الثورية وهي بقايا لجيوب ستالينية في العالم هنا وهناك ومنها بؤر في بلاد العروبة. وقف ماهر عرار في مطار دورفال وبجانبه رجل من جماعة منظمة العفو الدولية وهو يقول اشكر أهلي الكنديين الذين أنقذوني وأعادوني إلى أهلي. وأما زوجته التونسية فوقفت أمام عدسة التلفزيون وهي تقول إنها سعيدة جداً لعودة زوجها إلى عائلته وأولاده حيا مرة أخرى. وكانت السيدة قد كافحت وقتا طويلا وهي تخبر كل من تستطيع أن زوجها يتعفن جسده في أقبية مخابرات البلاد العربية التي تحولت إلى أمكنة لاضطهاد الإنسان وتعذيبه. وكان عرار في طريق عدوته من تونس حينما تفتقت العبقرية الأمريكية عن طريقة جهنمية لترويع المواطنين من أصل عربي فهي لم تعتقلهم بل أرسلتهم إلى بلادهم كي يقوموا بالواجب هناك فلا تأخذ أمريكا السمعة السيئة وكفاها قباحة معتقلات جوانتانامو، والمرء يقف وهو حزين كيف وصلت الأمور إلى درجة أن المواطن العربي يسعى غير العربي لتخليصه من ظلم أهله العرب. وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.