نيودلهي - ش – وكالات

«لست خائفا من الموت، وليس لدي عائلة أبكي عليها، وسوف أكون سعيدا إذا ما مت وأنا أقوم بشيء لهذا البلد " شعار رفعه الناشط الهندي "انا هازاري" في بداية اضرابه السابق عن الطعام احتجاجا على الفساد. يعد الناشط الهندي "انا هازاري "او غاندي الهند الجديد كما تلقبه بعض وسائل الاعلام ببلاده حالة خاصة من الرجال فرغم تجاوزه السبعين من عمره الا ان هذا لم ينل من عزيمته او امله في مستقبل وطنه. فلم يلجأ الرجل للحديث عن حسن الخاتمة او انتظارها، بل انه لايزال ينبض بالامل، فبعد اضراب سابق عن الطعام لمدة ثلاثة عشر يوما متواصله لم ينهه الا بوعد حكومي بتنفيذ مطالبه واقرار قانون لمواجهة الفساد لم يكل الرجل او يقل انه ادى دوره، بل انه ترقب هذا القانون واعلن عن معاودة الاضراب في حال عدم اقراره، حيث قال مساعدوه إنه لوح بأنه سوف يضرب عن الطعام مجددا في حال أخفق البرلمان في تمرير قانون يكبح الفساد المالي في الجلسة المقبلة.

"إنها نهاية الإضراب، لكنها ليست آخر المعركة"، قالها "آنا هازاري" مُنهياً إضرابه السابق ومضيفاً: "أحلُف وأتعهد بأنني لن اقبض رشوة من أحد يوماً، ولن أعطيها لأحد بتاتاً."

تجسدت حملة آنا في المطالبة بسحب مشروع "قانون مكافحة الفساد" من البرلمان الهندي، وتبني صيغة أكثر تشدّداً لاستحداث منصب "وسيط الجمهورية"، وتوسيع صلاحياته ليتمكن من مراقبة السياسيين والموظفين، من رئيس الحكومة وصولاً إلى أصغر موظف في قرية نائية. كما هدفت الحملة إلى صياغة "شرعة المواطن" للحقوق والواجبات، ونجحت في إرباك حكومة يسار الوسط، والحصول على التنازلات المطلوبة من النواب. ودخل هازاري (74 عاما) في إضراب علني عن الطعام استمر 13 يوما في نيودلهي في أغسطس الفائت مطالبا الحكومة بتشكيل جهاز محاسبي (امبودسمان) مستقل لمعالجة الفساد المتنامي. وأثارت هذه الخطوة احتجاجات جماعية،حيث شارك عشرات الآلاف في إحدى أكبر المظاهرات المناهضة للحكومة في السنوات الأخيرة.

وفي خطاب إلى رئيس الوزراء مانموهان سينج قال هازاري إنه سوف يلجأ إلى إضراب آخر عن الطعام في حال أخفق البرلمان في تمرير قانون ديوان المظالم.

وجاء في الخطاب :"جرى إلغاء الإضراب المفتوح عن الطعام (في أغسطس الماضي) في أعقاب تأكيد كتابي منكم يقول إن الحكومة سوف تمرر مشروع قانون جهاز محاسبي أكثر صرامة للتحكم في الفساد". وقال هازاري :"ما لم يتم تمرير مشروع القانون فسوف أضرب عن الطعام في آخر يوم لجلسة الشتاء الخاصة بالبرلمان ومن المقرر أن ينعقد البرلمان من 22 نوفمبر الجاري إلى 21 ديسمبر المقبل. وطنية من طراز فريد

يبلغ " انا هازاري " من العمر 74 عاما يعيش في غرفة تبلغ مساحتها 100 قدم مربع ملحقة بمعبد في مسقط رأسه بقرية راليغان سيدهي في ولاية مهاراشترا غرب الهند. ولا يملك هازاري سوى 1500 دولار في حسابه المصرفي ويعيش على معاشه التقاعدي من الخدمة في الجيش.

اسمه الحقيقي هو كيسان بابوراف هاجاري. ولد في عائلة ريفية، ودفعت الظروف المعاكسة أسرته إلى براثن الفقر. وفي عام 1952 انتقل هازاري إلى منزل أجداده. واحتضنته إحدى عماته التي لا تستطيع الإنجاب، وقامت بدفع مصاريفه الدراسية في مومباي، غير أن عدم الاستقرار المالي دفعه إلى بيع الزهور واضطر إلى ترك الدراسة في سن مبكرة.

وانضم هازاري إلى الجيش الهندي في عام 1963 ملبيا النداءات الوطنية من قبل الحكومة بعد هزيمة القوات الهندية في حرب حدودية مع الصين في عام 1962.

وأثناء الحرب الهندية الباكستانية في عام 1965، رأى زملاءه وهم يموتون أمام عينيه، وهو ما أدى إلى شعوره بالاكتئاب. وفي بحثه عن جواب للسبب وراء وجود الإنسان، فكر هازاري في الانتحار، وكتب مقالا من صفحتين يوضح فيه السبب الذي دفعه إلى إنهاء حياته. وخلال الفترة التي عانى منها من الاكتئاب، عثر بالصدفة على كتاب لسوامي فيفكانادا في محطة سكة حديد نيو دلهي، وقال إنه قرأ الكتاب وتوصل للإجابة عن السؤال الذي ظل يبحث عنها طويلا - وهو أن الدافع وراء حياته يكمن في خدمة زملائه من البشر. وتقاعد هازاري من الجيش الهندي وقطع على نفسه عهدا بالعمل في مجال الخدمة العامة. وحصل هازاري على لقب آنا (الأخ الأكبر باللغة الهندية) بفضل نشاطه في العمل الاجتماعي. ويعتبر هازاري معارضا قويا في مجال مكافحة الفساد على مدى ثلاثة عقود، ولكنه ظهر بقوة على الساحة الوطنية خلال الأشهر الأخيرة باعتباره صوت الشعب ضد الفساد المستشري الذي ابتليت به الهند والتي تعد واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم.

وعندما بدأ هازاري حملته لمكافحة الفساد، اعترف خصومه وكذلك السياسيون الذين يكرهونه على مضض بأنه هو الشخص الوحيد القادر على تعبئة الناس العاديين في جميع أنحاء البلاد وزعزعة الحكومة. وقد عانى جسده النحيل من عدد لا يحصى من الجولات والإضرابات عن الطعام منذ عمله في الحياة العامة بدءا من عام 1975.

أكثر...