زيادة كبيرة في عدد الزيجات في العراق بعد زوال «عقبات» نظام صدام
الشرق الاوسط : : GMT 05.00 hours + 2003-10-26 - 00:20:32
زيادة كبيرة في عدد الزيجات في العراق بعد زوال «عقبات» نظام صدام
الخدمة العسكرية الإلزامية والحروب والإجراءات البيروقراطية عطلت مشاريع زواج كثيرة
بغداد: كارل فيك*
ازدادت نسبة الزيجات في المجتمع العراقي بصورة ملحوظة خلال الاشهر القليلة السابقة، اذ شهدت هذه الفترة عددا غير مسبوق من الزيجات عقب تحرر العراقيين من بيروقراطية حزب البعث التي كانت تتدخل في غالبية الجوانب الاساسية في حياتهم بما في ذلك الزواج. فقبل اطاحة صدام حسين ظل الحزب الحاكم يفرض مجموعة من القيود على الزواج وعلى وجه الخصوص على افراد الجيش. وبما ان الخدمة العسكرية كانت إلزامية على الرجال العراقيين، فان آثار هذه القيود كانت واسعة الانتشار. اما الآن، فان التقديرات الرسمية تشير الى ان نسبة الزيجات تضاعفت مقارنة بنسبتها قبل عام. ويقول وسيم عادل، 27 سنة، الذي كان يتحدث واقفا الى جانب عروسه، انه تزوج الآن «لأن صدام قد زال». وكان عادل وعروسه شيلان شفيق، 18 سنة، عقد عقدا قرانهما في مكتب تسجيل الزواج ببلدية الكرادة وسط بغداد، حيث يلاحظ ازدحام الصالة الرئيسية بالعرسان بعد انتهائهم من اجراء التسجيل في طريقهم الى القاضي المسؤول عن الاجراء القانوني للزواج. وكان أمام وسيم عادل اربعة عرسان وعروساتهم في انتظار استكمال اجراءات زواجهم. من جانبه يقول القاضي كامل عباس التميمي انه لا مقارنة البتة بين نسبة الزواج حاليا وما كانت عليه في السابق، وعزا في ذلك الى «زوال العقبات». ويعتقد عراقيون بانه رغم الجدل الدائر حول ايجابيات وسلبيات الاحتلال الاميركي، فان حرية الزواج طبقا لاختيار الشخص او اختيار الاسرة يعتبر بكل المقاييس امرا ايجابيا. فالدوريات العسكرية لقوات الاحتلال ربما تجرح الكرامة الوطنية، والتيار الكهربائي ربما ينقطع من دون سابق انذار، كما ان اصوات الرصاص يمكن ان تسمع بوضوح احيانا بعد حلول الظلام، الا ان ما يسمع بوضوح ايضا مساء يومي الخميس والاثنين هي الزغاريد واصوات الغناء. اذ يتطلب موكب الزفاف التقليدي الى جانب السيارة الفارهة التي تقل العريس وعروسه حافلة واحدة على الاقل لنقل المشاركين في الاحتفال بهذه المناسبة، اذ يظهر هؤلاء من نوافذ الحافلة وهم منتشين فرحا ويطلقون النار من بنادق الكلاشنيكوف. يقول وسيم عادل، الذي التقى عروسه شيلان قبل عام في الحي الذي نشآ فيه، انه يشعر بفرح لا يوصف، وقال ان علاقة الحب بين شخصين تعني ان العريس والعروس يختاران بعضهما بعضا. وبعد اسابيع من تعارف وسيم وشيلان ادركا ان لديهما رغبة مشتركة في الزواج، الا ان حكومة الرئيس السابق صدام حسين هي التي كانت تقف عقبة في هذا السبيل. فوسيم ليس بوسعه الزواج لأنه كان جنديا في الجيش مما يعني وجود الكثير من المصاعب. وكان توفير المال اللازم للزواج اول المصاعب، اذ ان الجندي في الجيش العراقي كان يتقاضى ما يعادل 8 دولارات اميركية في الشهر، وهذا بالطبع ليس دخلا يجعل صاحبه يفكر في تأسيس بيت للزوجية. ثمة عقبة اخرى تتمثل في ان العراق خاض ثلاث حروب خلال الـ23 عاما السابقة. فهناك الكثير من الحالات التي لم يستطع فيها كثيرون الزواج بسبب الحروب المتعاقبة التي خاضها العراق مثل صباح عبد الحسين، الذي تأخر زواجه ثماني سنوات بسبب الحرب العراقية ـ الايرانية في عقد الثمانينات الماضي. والعقبة الاخرى تتمثل في الاجراءات الرسمية التي كان ينبغي على افراد الجيش الانصياع لها. فقد كان لزاما على أفراد القوات المسلحة الحصول على تصريح من وزارتي الدفاع والصحة، فيما كان يطلب من المدنيين الذين يرغبون في الزواج ابراز شهادة تثبت انهم انهوا الخدمة العسكرية الالزامية. ويواجه العراقيون الذين يعملون في القوات المسلحة اجراءات شاقة واكثر صعوبة، اذ كان يتعين على ضباط القضاء العسكري بوزارة الدفاع ترك وظائفهم ولكن بعد ان يتم التأكد من ان العروس مناسبة وذلك من خلال تولي عناصر الاستخبارات التحقق من ذلك. وفي هذا الجانب تقول ساهرة احسان، والدة وسيم عادل، ان افراد الاستخبارات يتوجهون الى جيران العروس للتحري حول سمعتها. اما ادانة شخص بواسطة محاكم الثورة السابقة، فكانت من الممكن ان تسفر عن عنوسة من تربطهن به صلة قرابة مباشرة. ويقول عيسى عبد الله الجبوري، الذي كان يعمل قاضيا في محاكم الاحوال الشخصية، انهم كانوا يواجهون صعوبات وتعقيدات جمة أمام العرسان الذين يحضرون للمحكمة بغرض الزواج. الا ان كل ذلك تغير بسقوط نظام صدام حسين، اذ تم تسريح الجيش عقب سقوط النظام السابق ولم تعد شهادة اداء الخدمة الالزامية مطلوبة كشرط للزواج، مما ساعد وسيم عادل، الذي فر من الخدمة في الجيش وبات واثقا الى جانب آلاف آخرين ممن كانوا يعملون تحت ظل النظام السابق من قرب زوال النظام البعثي السابق. ويقول والد وسيم انه لم تعد هناك وزارة دفاع تتعقب ابنه. ويقول القاضي عيسى الجبوري انهم يطالبون المتقدمين لاتمام اجراءات الزواج بابراز شهادة صحية. ويتجمع العرسان عادة في صالة أمام مكتب القاضي المسؤول عن اتمام اجراءات الزواج. كان القاضي المسؤول خلال الايام السابقة عن اكمال اجراءات الزواج عبد الباري عزيز الذي كان يجلس في مكتب يبدو ان كل شيء داخله كان جديدا تماما، اذ أوضح ان موجات السلب والنهب السابقة طالت كل شيء ابتداء من كراسي المكتب ومكيفات الهواء حتى المصحف، الا ان هذه المكاتب اعيد تأهيلها من جديد وزودت بالاحتياجات الضرورية. مد واحد من الشهود الاثنين يده الى القاضي مسلما اياه شهادة مكتب التسجيل، وتحرك القاضي الى الأمام باتجاه دفتر التسجيل الموضوع امامه وطرح على العروسين السؤال التقليدي حول قبول كل منهما الآخر زوجا له، رد الاثنان بالايجاب ثم دعا القاضي الى قراءة الفاتحة ايذانا باكمال اجراء الزواج.
* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»
الشرق الاوسط : : GMT 05.00 hours + 2003-10-26 - 00:20:32
زيادة كبيرة في عدد الزيجات في العراق بعد زوال «عقبات» نظام صدام
الخدمة العسكرية الإلزامية والحروب والإجراءات البيروقراطية عطلت مشاريع زواج كثيرة
بغداد: كارل فيك*
ازدادت نسبة الزيجات في المجتمع العراقي بصورة ملحوظة خلال الاشهر القليلة السابقة، اذ شهدت هذه الفترة عددا غير مسبوق من الزيجات عقب تحرر العراقيين من بيروقراطية حزب البعث التي كانت تتدخل في غالبية الجوانب الاساسية في حياتهم بما في ذلك الزواج. فقبل اطاحة صدام حسين ظل الحزب الحاكم يفرض مجموعة من القيود على الزواج وعلى وجه الخصوص على افراد الجيش. وبما ان الخدمة العسكرية كانت إلزامية على الرجال العراقيين، فان آثار هذه القيود كانت واسعة الانتشار. اما الآن، فان التقديرات الرسمية تشير الى ان نسبة الزيجات تضاعفت مقارنة بنسبتها قبل عام. ويقول وسيم عادل، 27 سنة، الذي كان يتحدث واقفا الى جانب عروسه، انه تزوج الآن «لأن صدام قد زال». وكان عادل وعروسه شيلان شفيق، 18 سنة، عقد عقدا قرانهما في مكتب تسجيل الزواج ببلدية الكرادة وسط بغداد، حيث يلاحظ ازدحام الصالة الرئيسية بالعرسان بعد انتهائهم من اجراء التسجيل في طريقهم الى القاضي المسؤول عن الاجراء القانوني للزواج. وكان أمام وسيم عادل اربعة عرسان وعروساتهم في انتظار استكمال اجراءات زواجهم. من جانبه يقول القاضي كامل عباس التميمي انه لا مقارنة البتة بين نسبة الزواج حاليا وما كانت عليه في السابق، وعزا في ذلك الى «زوال العقبات». ويعتقد عراقيون بانه رغم الجدل الدائر حول ايجابيات وسلبيات الاحتلال الاميركي، فان حرية الزواج طبقا لاختيار الشخص او اختيار الاسرة يعتبر بكل المقاييس امرا ايجابيا. فالدوريات العسكرية لقوات الاحتلال ربما تجرح الكرامة الوطنية، والتيار الكهربائي ربما ينقطع من دون سابق انذار، كما ان اصوات الرصاص يمكن ان تسمع بوضوح احيانا بعد حلول الظلام، الا ان ما يسمع بوضوح ايضا مساء يومي الخميس والاثنين هي الزغاريد واصوات الغناء. اذ يتطلب موكب الزفاف التقليدي الى جانب السيارة الفارهة التي تقل العريس وعروسه حافلة واحدة على الاقل لنقل المشاركين في الاحتفال بهذه المناسبة، اذ يظهر هؤلاء من نوافذ الحافلة وهم منتشين فرحا ويطلقون النار من بنادق الكلاشنيكوف. يقول وسيم عادل، الذي التقى عروسه شيلان قبل عام في الحي الذي نشآ فيه، انه يشعر بفرح لا يوصف، وقال ان علاقة الحب بين شخصين تعني ان العريس والعروس يختاران بعضهما بعضا. وبعد اسابيع من تعارف وسيم وشيلان ادركا ان لديهما رغبة مشتركة في الزواج، الا ان حكومة الرئيس السابق صدام حسين هي التي كانت تقف عقبة في هذا السبيل. فوسيم ليس بوسعه الزواج لأنه كان جنديا في الجيش مما يعني وجود الكثير من المصاعب. وكان توفير المال اللازم للزواج اول المصاعب، اذ ان الجندي في الجيش العراقي كان يتقاضى ما يعادل 8 دولارات اميركية في الشهر، وهذا بالطبع ليس دخلا يجعل صاحبه يفكر في تأسيس بيت للزوجية. ثمة عقبة اخرى تتمثل في ان العراق خاض ثلاث حروب خلال الـ23 عاما السابقة. فهناك الكثير من الحالات التي لم يستطع فيها كثيرون الزواج بسبب الحروب المتعاقبة التي خاضها العراق مثل صباح عبد الحسين، الذي تأخر زواجه ثماني سنوات بسبب الحرب العراقية ـ الايرانية في عقد الثمانينات الماضي. والعقبة الاخرى تتمثل في الاجراءات الرسمية التي كان ينبغي على افراد الجيش الانصياع لها. فقد كان لزاما على أفراد القوات المسلحة الحصول على تصريح من وزارتي الدفاع والصحة، فيما كان يطلب من المدنيين الذين يرغبون في الزواج ابراز شهادة تثبت انهم انهوا الخدمة العسكرية الالزامية. ويواجه العراقيون الذين يعملون في القوات المسلحة اجراءات شاقة واكثر صعوبة، اذ كان يتعين على ضباط القضاء العسكري بوزارة الدفاع ترك وظائفهم ولكن بعد ان يتم التأكد من ان العروس مناسبة وذلك من خلال تولي عناصر الاستخبارات التحقق من ذلك. وفي هذا الجانب تقول ساهرة احسان، والدة وسيم عادل، ان افراد الاستخبارات يتوجهون الى جيران العروس للتحري حول سمعتها. اما ادانة شخص بواسطة محاكم الثورة السابقة، فكانت من الممكن ان تسفر عن عنوسة من تربطهن به صلة قرابة مباشرة. ويقول عيسى عبد الله الجبوري، الذي كان يعمل قاضيا في محاكم الاحوال الشخصية، انهم كانوا يواجهون صعوبات وتعقيدات جمة أمام العرسان الذين يحضرون للمحكمة بغرض الزواج. الا ان كل ذلك تغير بسقوط نظام صدام حسين، اذ تم تسريح الجيش عقب سقوط النظام السابق ولم تعد شهادة اداء الخدمة الالزامية مطلوبة كشرط للزواج، مما ساعد وسيم عادل، الذي فر من الخدمة في الجيش وبات واثقا الى جانب آلاف آخرين ممن كانوا يعملون تحت ظل النظام السابق من قرب زوال النظام البعثي السابق. ويقول والد وسيم انه لم تعد هناك وزارة دفاع تتعقب ابنه. ويقول القاضي عيسى الجبوري انهم يطالبون المتقدمين لاتمام اجراءات الزواج بابراز شهادة صحية. ويتجمع العرسان عادة في صالة أمام مكتب القاضي المسؤول عن اتمام اجراءات الزواج. كان القاضي المسؤول خلال الايام السابقة عن اكمال اجراءات الزواج عبد الباري عزيز الذي كان يجلس في مكتب يبدو ان كل شيء داخله كان جديدا تماما، اذ أوضح ان موجات السلب والنهب السابقة طالت كل شيء ابتداء من كراسي المكتب ومكيفات الهواء حتى المصحف، الا ان هذه المكاتب اعيد تأهيلها من جديد وزودت بالاحتياجات الضرورية. مد واحد من الشهود الاثنين يده الى القاضي مسلما اياه شهادة مكتب التسجيل، وتحرك القاضي الى الأمام باتجاه دفتر التسجيل الموضوع امامه وطرح على العروسين السؤال التقليدي حول قبول كل منهما الآخر زوجا له، رد الاثنان بالايجاب ثم دعا القاضي الى قراءة الفاتحة ايذانا باكمال اجراء الزواج.
* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»