القاهرة-ش
عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير اكتظت المكتبات بالعديد من الكتابات الإبداعية، التي تروي أحداثًا سابقة عن شرارة الثورة، أو متزامنة معها، أو لاحقة عليها؛ سواءً رواية أو مجموعة قصصية قصيرة، إلا أنه وبعد مرور ما يقارب الشهرين بدأ نجم الكتابات الإبداعية يخفت، وكأن نشوة الثورة قد خبتت.
لكن الغريب تلك الآراء التي تباينت حول كتابات "القصة القصيرة" التي ظهرت في غضون تلك الأحداث، بأنها لا ترقى للتأريخ للثورة، وأنها مجرد استغلال للحدث الراهن.. ليترائي سؤال مفاده: هل انتهي عصر القصة القصيرة؟.. سؤال طرحنا على عدد من المثقفين المصريين للوقوف على إجابات له.
فيقول القاص د. محمد المخزنجي: أعتقد بأن القصة لم يخفت صوتها، ولكن خفت عن طريق الإعلام الثقافي والنقد الانطباعي والترويج غير المفهوم لبعض النماذج الأخرى؛ فالقصة القصيرة هي امتحان كل كاتب جيد للدخول إلى دنيا الأدب، ولم يخفت صوتها، لكن الترويج للرواية هو الذي سعى إلى تأكيد هذا الرأي والتعتيم على براعة القصة القصيرة، وهي متميزة في ساحة القصة العربية عموماً وفي ساحة القصة القصيرة العالمية.. واستطيع القول بأنه عبر سنوات طويلة من الحديث عن زمن الرواية فلم تستطع رواية واحدة عندنا اختراق المستوى العالمي للكتابات والوصول مثلاً لقامة مجموعة روايات أمريكا اللاتينية مثل "إله الأشياء الصغيرة" أو "ساعي بريد نيرودا".
وأكد أنه إذا أردنا تطعيم بانوراما الرواية العالمية بروايات عربية فسنجد إسهامنا قليلًا جداً ونادرًا! بينما لو أردنا أن نطعم بانوراما القصة القصيرة العالمية بقصص قصيرة فسنجد وفرة من القصص المميزة.
وفيما يتعلق بسبب هجرها من قبل كبار الأدباء وتحولهم الى الرواية، يقول المخزنجي: الكبار لم يتخلو عنها ولم يهجروها فلا يوجد فن يلغى فنًا آخر، وكل قصة قصيرة بمثابة اختراع وهذا لا يتأتى بسهولة لذا تلعب الفكرة دوراً أساسياً ومحورياً فيها.
بينما علق الروائي محمود الورداني، بقوله: إن صوت القصة القصيرة لم يخفت ولا زال كم المنشور أقل بكثير جداً من كم الإنتاج، ولكن تقلصت المساحات المتاحة للنشر؛ مما أدى إلى ظهور هذا الإحساس.. ففي مرحلة يوسف إدريس مثلًا كانت هناك مجلات "إبداع"، "الكاتب"، "المجلة"، وكانت تفرد مساحات واسعة لنشر فن القصة القصيرة.. فكان هذا تحديًا لكل قاص لكي يطور أدواته ويقترب مما يريد.. وأضاف بأن القصة القصيرة لم تفقد ضراوتها ولا فتيانها ومازال جيل الستينيات يكتب القصة القصيرة لكن المتاح للنشر ضئيل جداً؛ مما أرجعنا للوراء.
فنون درامية
أما الناقد د. جابر عصفور، فيعترف بهذه الحقيقة، قائلًا: إن القصة القصيرة من أهم الفنون الدرامية وهي توازى الشعر في كثافتها وصياغتها وفي يوم من الأيام سئل يوسف إدريس عن معنى القصة القصيرة فطرقع بأصبعه وتوقف لكي يقول "إن القصة القصيرة لقطة سريعة خاطفة ذات عمق محفور في الوجدان".. وأضاف: لقد استطاع يوسف إدريس أن يوجد تيارًا في القصة القصيرة وصف بالمصرية الصميمة على غرار تيار "تشيكوف" في روسيا، و"ادجار" في أمريكا، وأوجد معه أيضاً تيار من كتاب القصة القصيرة نبغوا في هذا الفن أمثال "يحيي الطاهر عبد الله"، "بهاء طاهر"، "إبراهيم أصلان"، "البساطى" ولا أعرف لماذا أصابهم الإحباط واتجهوا للرواية رغم أنهم أبدعوا في القصة القصيرة، ربما يكون ذلك لتوهم البعض أن الرواية ارتقاء بالكاتب وهذا ليس صحيحاً، فالكاتب الكبير حقاً هو من يمر بمرحلة كتابة القصة القصيرة لكني أعرف أيضاً أن دور النشر قد دعمت هذا الوهم برفضها نشر المجموعات القصصية قدر اهتمامها بالرواية فتحول كتابها إلى روائيين.
بينما قال الروائي "يوسف أبو رية": إن من يدعى أن صوت القصة القصيرة قد خفت فلقد أصدر حكماً متعسفاً؛ فلقد كانت أول معرفتنا بروائينا الكبار من خلال مجموعاتهم القصصية أمثال يحيي الطاهر عبد الله صاحب مجموعة "ثلاث ثمرات" و"حديث في الطابق الثالث" لمحمد البساطى، و"أوراق شاب" لجمال الغيطاني، وبعدهم محمد المخزنجي الذي برع فيها بمجموعته "رشق السكين"، وأنا كذلك كتبت "الضحى العالي"، لكن لماذا صارت الرواية بعد ذلك في المقدمة فهذا ما يحتاج إلى تفسير؟ هل لأننا نعيش مرحلة انتقالية؟ أم تغير في المزاج الفني؟ فهل هي مسألة سوق وعدم توزيع لذا يركز الناشر على الرواية، ربما تكون أحد هذه الأسباب وربما كانت جميعها لكن تبقى القصة القصيرة من الرهافة والكثافة الفنية.
بينما يري الناقد عو الدين نجيب، أن سبب خفوت صوت القصة القصيرة راجع بالأساس إلى أن مجموعات القصة القصيرة لم تعد تلقى الاهتمام الواجب بها في الاحتفاء النقدي ألقى بمجموعات مهمة في الظل.. فالتعتيم الإعلامي بشكل عام على العمل الفني خصوصاً في غياب الندوات الثقافية والصفحات الثقافية قد أثر كثيراً على ظهور الكثير منها، إضافة إلى أغلب صناع القصة القصيرة قد هجروها إلى ميدان الرواية بوهم أنها أكثر بريقاً؛ فالقصة القصيرة تحتاج دفعة حقيقية لإعادة تلميع كتابها وقضاياها مرة ثانية.
تاريخ مستحيل
ويرى الناقد د. حسام عقل، أن القول بأن القصة القصيرة قد خفت صوتها، اعتقاد خاطئ، بدليل وجود مجموعات قصصية أخيرة ناجحة ولافتة، علاوة على التاريخ المضيء في القصة القصيرة الذي قدمه يوسف إدريس وهو تاريخ مستحيل تجاهله، لكن لابد أن نعلم أن فن القصة القصيرة فن شديد التكثيف يحتاج إلى حرفية عالية في اختيار اللفظ والمضمون مما يرهق كثيرًا من الأدباء الشباب ويخفيهم من الاقتراب من اتقان هذا الفن والخوض فيه على عكس الرواية لكن رغم ذلك ففن القصة القصيرة لم يخفت ولم يتوارَ.
وهو ما أيدته الناقدة فريدة النقاش بقولها: لا أحد يستطيع أن ينكر أن القصة القصيرة تعاني من إهمال شديد منذ سنوات وهذا واضح مثلاً في المؤتمرات التي تقام سنوياً في القاهرة وغيرها من العواصم العربية للرواية والشعر مثلاً ولا تقام بالمثل لمجموعات القصة القصيرة، لكن هذا لا يعني أن القصة القصيرة قد ماتت بترويج بعض المثقفين والنقاد لما يسمى بزمن الرواية.. من هنا فإن اتهام القصة القصيرة بالخفوت إجحاف وتعسف شديد في حقها.
أكثر...
عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير اكتظت المكتبات بالعديد من الكتابات الإبداعية، التي تروي أحداثًا سابقة عن شرارة الثورة، أو متزامنة معها، أو لاحقة عليها؛ سواءً رواية أو مجموعة قصصية قصيرة، إلا أنه وبعد مرور ما يقارب الشهرين بدأ نجم الكتابات الإبداعية يخفت، وكأن نشوة الثورة قد خبتت.
لكن الغريب تلك الآراء التي تباينت حول كتابات "القصة القصيرة" التي ظهرت في غضون تلك الأحداث، بأنها لا ترقى للتأريخ للثورة، وأنها مجرد استغلال للحدث الراهن.. ليترائي سؤال مفاده: هل انتهي عصر القصة القصيرة؟.. سؤال طرحنا على عدد من المثقفين المصريين للوقوف على إجابات له.
فيقول القاص د. محمد المخزنجي: أعتقد بأن القصة لم يخفت صوتها، ولكن خفت عن طريق الإعلام الثقافي والنقد الانطباعي والترويج غير المفهوم لبعض النماذج الأخرى؛ فالقصة القصيرة هي امتحان كل كاتب جيد للدخول إلى دنيا الأدب، ولم يخفت صوتها، لكن الترويج للرواية هو الذي سعى إلى تأكيد هذا الرأي والتعتيم على براعة القصة القصيرة، وهي متميزة في ساحة القصة العربية عموماً وفي ساحة القصة القصيرة العالمية.. واستطيع القول بأنه عبر سنوات طويلة من الحديث عن زمن الرواية فلم تستطع رواية واحدة عندنا اختراق المستوى العالمي للكتابات والوصول مثلاً لقامة مجموعة روايات أمريكا اللاتينية مثل "إله الأشياء الصغيرة" أو "ساعي بريد نيرودا".
وأكد أنه إذا أردنا تطعيم بانوراما الرواية العالمية بروايات عربية فسنجد إسهامنا قليلًا جداً ونادرًا! بينما لو أردنا أن نطعم بانوراما القصة القصيرة العالمية بقصص قصيرة فسنجد وفرة من القصص المميزة.
وفيما يتعلق بسبب هجرها من قبل كبار الأدباء وتحولهم الى الرواية، يقول المخزنجي: الكبار لم يتخلو عنها ولم يهجروها فلا يوجد فن يلغى فنًا آخر، وكل قصة قصيرة بمثابة اختراع وهذا لا يتأتى بسهولة لذا تلعب الفكرة دوراً أساسياً ومحورياً فيها.
بينما علق الروائي محمود الورداني، بقوله: إن صوت القصة القصيرة لم يخفت ولا زال كم المنشور أقل بكثير جداً من كم الإنتاج، ولكن تقلصت المساحات المتاحة للنشر؛ مما أدى إلى ظهور هذا الإحساس.. ففي مرحلة يوسف إدريس مثلًا كانت هناك مجلات "إبداع"، "الكاتب"، "المجلة"، وكانت تفرد مساحات واسعة لنشر فن القصة القصيرة.. فكان هذا تحديًا لكل قاص لكي يطور أدواته ويقترب مما يريد.. وأضاف بأن القصة القصيرة لم تفقد ضراوتها ولا فتيانها ومازال جيل الستينيات يكتب القصة القصيرة لكن المتاح للنشر ضئيل جداً؛ مما أرجعنا للوراء.
فنون درامية
أما الناقد د. جابر عصفور، فيعترف بهذه الحقيقة، قائلًا: إن القصة القصيرة من أهم الفنون الدرامية وهي توازى الشعر في كثافتها وصياغتها وفي يوم من الأيام سئل يوسف إدريس عن معنى القصة القصيرة فطرقع بأصبعه وتوقف لكي يقول "إن القصة القصيرة لقطة سريعة خاطفة ذات عمق محفور في الوجدان".. وأضاف: لقد استطاع يوسف إدريس أن يوجد تيارًا في القصة القصيرة وصف بالمصرية الصميمة على غرار تيار "تشيكوف" في روسيا، و"ادجار" في أمريكا، وأوجد معه أيضاً تيار من كتاب القصة القصيرة نبغوا في هذا الفن أمثال "يحيي الطاهر عبد الله"، "بهاء طاهر"، "إبراهيم أصلان"، "البساطى" ولا أعرف لماذا أصابهم الإحباط واتجهوا للرواية رغم أنهم أبدعوا في القصة القصيرة، ربما يكون ذلك لتوهم البعض أن الرواية ارتقاء بالكاتب وهذا ليس صحيحاً، فالكاتب الكبير حقاً هو من يمر بمرحلة كتابة القصة القصيرة لكني أعرف أيضاً أن دور النشر قد دعمت هذا الوهم برفضها نشر المجموعات القصصية قدر اهتمامها بالرواية فتحول كتابها إلى روائيين.
بينما قال الروائي "يوسف أبو رية": إن من يدعى أن صوت القصة القصيرة قد خفت فلقد أصدر حكماً متعسفاً؛ فلقد كانت أول معرفتنا بروائينا الكبار من خلال مجموعاتهم القصصية أمثال يحيي الطاهر عبد الله صاحب مجموعة "ثلاث ثمرات" و"حديث في الطابق الثالث" لمحمد البساطى، و"أوراق شاب" لجمال الغيطاني، وبعدهم محمد المخزنجي الذي برع فيها بمجموعته "رشق السكين"، وأنا كذلك كتبت "الضحى العالي"، لكن لماذا صارت الرواية بعد ذلك في المقدمة فهذا ما يحتاج إلى تفسير؟ هل لأننا نعيش مرحلة انتقالية؟ أم تغير في المزاج الفني؟ فهل هي مسألة سوق وعدم توزيع لذا يركز الناشر على الرواية، ربما تكون أحد هذه الأسباب وربما كانت جميعها لكن تبقى القصة القصيرة من الرهافة والكثافة الفنية.
بينما يري الناقد عو الدين نجيب، أن سبب خفوت صوت القصة القصيرة راجع بالأساس إلى أن مجموعات القصة القصيرة لم تعد تلقى الاهتمام الواجب بها في الاحتفاء النقدي ألقى بمجموعات مهمة في الظل.. فالتعتيم الإعلامي بشكل عام على العمل الفني خصوصاً في غياب الندوات الثقافية والصفحات الثقافية قد أثر كثيراً على ظهور الكثير منها، إضافة إلى أغلب صناع القصة القصيرة قد هجروها إلى ميدان الرواية بوهم أنها أكثر بريقاً؛ فالقصة القصيرة تحتاج دفعة حقيقية لإعادة تلميع كتابها وقضاياها مرة ثانية.
تاريخ مستحيل
ويرى الناقد د. حسام عقل، أن القول بأن القصة القصيرة قد خفت صوتها، اعتقاد خاطئ، بدليل وجود مجموعات قصصية أخيرة ناجحة ولافتة، علاوة على التاريخ المضيء في القصة القصيرة الذي قدمه يوسف إدريس وهو تاريخ مستحيل تجاهله، لكن لابد أن نعلم أن فن القصة القصيرة فن شديد التكثيف يحتاج إلى حرفية عالية في اختيار اللفظ والمضمون مما يرهق كثيرًا من الأدباء الشباب ويخفيهم من الاقتراب من اتقان هذا الفن والخوض فيه على عكس الرواية لكن رغم ذلك ففن القصة القصيرة لم يخفت ولم يتوارَ.
وهو ما أيدته الناقدة فريدة النقاش بقولها: لا أحد يستطيع أن ينكر أن القصة القصيرة تعاني من إهمال شديد منذ سنوات وهذا واضح مثلاً في المؤتمرات التي تقام سنوياً في القاهرة وغيرها من العواصم العربية للرواية والشعر مثلاً ولا تقام بالمثل لمجموعات القصة القصيرة، لكن هذا لا يعني أن القصة القصيرة قد ماتت بترويج بعض المثقفين والنقاد لما يسمى بزمن الرواية.. من هنا فإن اتهام القصة القصيرة بالخفوت إجحاف وتعسف شديد في حقها.
أكثر...
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions