القاهرة - هيثم صلاح

في مائتين واثنتي وخمسين صفحة من القطع الكبير، صدر مؤخرًا عن "كرييت سبيس" للنشر والتوزيع، بالولايات المتحدة الأمريكية، رواية "جبل الدهشة" (رواية للصغار) للكاتب ممدوح الشيخ، وتدور أحداثها في أجواء أفريقية شائقة.

وجاءت الرواية في ثلاثة أقسام، حمل الأول منها عنوان "أناقة أفريقية"، ومن خلاله تبدأ أحداث الرواية في قلب غابات "السافانا" الأفريقية، حيث تنتشر سياحة السفاري في كينيا.. وفي أحد فنادق العاصمة "نيروبي" يصل فوج سياحي خليجي قادم من لندن، ويضم شبابا يدرسون في إحدى الكليات الاقتصادية المرموقة في عاصمة الضباب، وتسرد تفصيلات الرواية أنهم اختاروا أن تكون وجهتهم لقاء إجازتهم السنوية، دولة أفريقية ليجربوا سياحة السفاري.. وبالتتابع الحدثي للرواية يخوض هؤلاء الشباب تجربة إنسانية ثرية.. تبدأ بحدوث سوء فهم مع المرشد السياحي الكيني بسبب سيدة أمريكية تدعي "ماري ماك آرثر"، يكتشفون فيما بعد أنها عالمة متخصصة في "علم نفس الحيوان"، ومن خلال أحداث الرواية يعرف المؤلف بهذا العلم الجديد نسبيا.

ويتراءى لقارئ "جبل الدهشة"، أن دافع الفضول هو المحرك الأساسي لمناقشات أبطال الجزء الأول، فحوارات الشباب الخليجي مع المرشد الكيني - الذي تربطه بالعالمة الأمريكية علاقة تمتد لسنوات - تكشف لهم أن "آرثر" متعلقة بشيء أقرب إلى الأسطورة هو البحث عن زميل لها يدعي "جون بيري تومسون"، فُقِدَ منذ سنوات في الغابات، وهو يتتبع بعض الحيوانات في إطار عمله البحثي، وبالتدريج يكتشفون أنها في الحقيقة متعلقة برسالة لا بأسطورة، إذ تحمل إيمانا عميقا برسالة زميلها القتيل وهي نشر فكرة "قبول الآخر".

أما القسم الثاني من "جبل الدهشة"، فعنونه المؤلف بـ"عندما تبكي الأفيال"، وهو الجزء الذي يلخص من خلاله أحد الشباب الخليجيين - وهو قطري الجنسية - المفارقة الرئيسة في الرواية بقوله: "سبحان الله.. كأني ذهبت من قطر إلى بريطانيا لأدرس الاقتصاد، لترسلني كلية لندن في رحلة سفاري إلى نيروبي، لألتقي هناك عالمةً أمريكيةً متخصصةً في "علم نفس الحيوان".

ويتبدي من خلال المناقشات - التي صاغها ممدوح الشيخ - حول علم نفس الحيوان يقدم المؤلف قدرا من المعلومات العلمية الموظفة سرديا عن ظاهرة الأحلام عند الحيوانات. ومن خلال هذه المناقشات يكتشف ذلك الشاب القطري - الذي اختار له المؤلف اسم "حمد" - أن أحد الذين أثروا بقوة في العالم المختفي شخص كيني مسلم يدعي د. "آدم مرسال" وهو إمام المسجد الكبير بـ"نيروبي"، فيقرر الذهاب للقائه.

وترسم صفحات هذا القسم "ديالوج" الحوار مع د. "آدم مرسال"، والذي يقول: "جون بيري طومسون، واحد من مؤسسي علم نفس الحيوان.. ودخل مكتبي لأول مرة لرغبته في لقاء بعض الروانديين الهاربين من الإبادة الجماعية. وكان يريد جمع شهادات عن هذا العنف الرهيب ليقارن بين السلوك العدواني عند الإنسان وعند الكائنات الأخرى.. لكن الحديث امتد لجلسات وتشعب إلى أن أصبح الرجل على قناعة بأن الدين له دور كبير في مقاومة الغرور والكبر القومي والعرقي عند الجماعات المختلفة. وأدرك الأثر العظيم لمفهوم الرحمة في الإسلام في علاقات البشر ببعضهم، وعلاقتهم بالكائنات الأخرى.. وعلى عكس كثير من المثقفين الغربيين أصبح على قناعة بأن الإسلام رسالة رحمة".

ويستعيد د. "مرسال" - خلال حواره - جانبا من مناقشاته مع جون بيري طومسون، وكيف أنه وهب حياته لموضوع "قبول الآخر" بعد أن قتلت زوجته - العالمة الأمريكية من أصل كرواتي - في الحرب الأهلية التي نشبت في "البلقان" خلال تسعينيات القرن الفائت، ثم كيف لفت نظره ما تنشره الصحف عن الانتشار السريع للإسلام في رواندا بعد أن أحجم المسلمون عن الاشتراك في جرائم الإبادة الجماعية الرهيبة التي شهدتها رواندا عام 1994، وكيف أن الروانديين رأوا بأنفسهم دليلا عمليا على أن الإسلام دين رحمة.

ليأتي القسم الثالث "بدون مقدمات"، والذي يلتقي فيه أبطال الرواية في قاعة سينما بالفندق، لمشاهدة فيلم رسوم متحركة بعنوان "جبل الدهشة"، يحكي قصة حيوانات في إحدى الغابات تنازعوا بسبب الغرور لاختيار "الأفضل" وكيف فتحت الفكرة باب فتنة احتواها الأسد الحكيم من خلال زيارة قصيرة إلى "جبل الدهشة".

أكثر...