بين العثمان ومناوئيه: تقرير ساينس

    • بين العثمان ومناوئيه: تقرير ساينس

      [h=1]بين العثمان ومناوئيه: تقرير ساينس[/h]
      وجوه الهزيمة من بعض الأكاديميين، أو من كتائب الإثارة الإعلامية، هي من أطلت ببشائرها بعد تقرير مجلة "ساينس" لا حباً في الموضوعية، بل رغبة في النكاية بواحد من أشهر رؤساء الجامعات وأكثرهم حراكا وحركة.
      دعونا نقول بكل ثقة إن الدكتور عبدالله العثمان أول من أدخل الجامعات السعودية إلى معركة التحدي، وإنه أول من نفض الغبار الطويل الذي نامت فيه كتيبة الجامعات لفترة طويلة.
      دعونا نقول: إن إحصاء أخطائه ومثالبه ستكون أكبر من مساحة هذا المقال أو من كل مساحة الصفحة، ولكن أجيبوني على السؤال الوحيد: هل الجامعة التي يرأسها اليوم هي ما تعرفونه عن نفس الجامعة قبل سنين خمس؟
      دعونا نقول: إنه بحراكه وحركته قد كشف عشرات الذين كانوا من قبل عبدالله العثمان على سدة الجامعات وذروة أهرامها ولكنهم في قلبها لا ينظرون إليها بأكثر من ثانوية مطورة.
      دعونا نقول: إن التقرير قال في العنوان العريض: إن الجامعات السعودية تدفع "الكاش" من أجل (البرستيج) الأكاديمي، ولكن: هل جاءت هذه الجملة من المجلة بشيء جديد؟
      نحن بالإحصاء على رأس الكون في تكلفة تعليم الطالب الجامعي، ونحن من يدفع "الكاش" الأعلى في الكون من التعليم والصحة والنقل والضمان الاجتماعي ومعونة الشعير والإبل وتكلفة الاتصالات وحتى في بناء ملعب الكرة، ولكن: هل حققت كل هذه الأرقام من "الكاش" الأعلى بعضا مما حققه عبدالله العثمان في مجاله الإداري؟
      أما المحتفون بالزفة من العشرات الذين قرؤوا في التقرير (مستمسك) إدانة فلهم أقول: تعالوا إلى هذا "الكاش" الذي تتحدثون عنه لنعرف ماذا ستفعلون وبعضكم قد سبقه إلى "الكاش" فلم يكن الخراج بأكثر من الإفلاس.
      تعالوا واقرؤوا التقرير جيدا لتعرفوا كم كنتم حتى أوفر من فهم قراءة التقرير.
      أنا لم أقابل عبدالله العثمان رمش ثانية في حياتي، ولم أعمل معه على طاولة أو لجنة ولكن: يكفيه بشهادة الآلاف من أساتذة جامعته ومن طلابها ومنسوبيها أنه جعل منها مكانا تود أن تشرق الشمس لتعود إليه.
      يكفيه كل هذا الجدل الصاخب في ثورة الإدارة والاختلاف له أو عليه فلم يكن هذا الجدل ليحيا بعد أن ظننا أننا دفناه في قبر مجاور لقبر القصيبي رحمه الله.

      علي سعد الموسى
    • أرامكو المعرفة

      بعد آخر
      أرامكو المعرفة... 3
      د. أحمد الفراج
      تحدثت في المقال الماضي عن مجموعة من العوامل التي ساهمت في ثورة البحث العلمي بجامعة الملك سعود، وكان من نتيجة ذلك أن خيمت ثقافة النشر العلمي في قاعدة المجلات العلمية المحكمة والمرموقة (آي اس آي)، وزادت براءات الاختراع، وتبعا لذلك، زادت أعداد البحوث المنشورة في تلك المجلات وتطورت نوعياً، وهو النشر الذي ساهم في دخول الجامعة نادي الكبار والتقدم في التصنيفات العالمية، وهذا بالتأكيد يثير حفيظة من لا يريد لبني قومنا أن يتقدموا قيد أنملة.
      لغة الأرقام تقول إن مجموع البحوث التي نشرها منسوبوا جامعة الملك سعود في مجلات (آي اس آي) لم يتجاوز 500 بحث في عام 2006، وقد تضاعف هذا العدد إلى 1200 بحث في عام 2010، ومن المتوقع أن يصل إلى أكثر من 2000 بحث هذا العام 2011. أيضا زادت براءات الاختراع الممنوحة والمنشورة والمودعة باسم الجامعة في مكاتب براءات الاختراع في أمريكا وأوروبا واليابان ومدينة الملك عبدالعزيز لأكثر من خمسين ضعفا (261 براءة اختراع بين الأعوام 2008 و 2011، بمعدل 40 إلى 50 في العام الواحد، وكلها من داخل الجامعة)، مقارنة ببراءة اختراع واحدة أو اثنتين في الأعوام قبل 2008!، وجدير بالذكر أن أكثر من 50 بالمائة من هذه البراءات مسجلة في مكتب براءات الاختراع الأمريكي.
      وتبعاً لذلك فقد حصلت الجامعة على العديد من الجوائز العالمية في الابتكارات والإختراعات في بريطانيا وسويسرا وماليزيا وفي منظمات هيئة الأمم المتحدة، اذ بلغ عدد الجوائز 47 جائزة في عام 2011.
      ومع كل ذلك فإن إدارة الجامعة تؤكد على أن طموحها أكبر من هذا بكثير، فالمفترض أن يكون الإنتاج البحثي لمنسوبيها أكثر مما تظهره الأرقام السابقة، فهم يطمحون إلى الوصول إلى المعيار العالمي الذي يشير إلى أنه يتوجب على جامعة الملك سعود - حسب كفاءاتها الأكاديمية - أن تنشر ما لا يقل عن 6000 بحث في العام في مجلات آي اس آي، وهو رقم كبير، ولكن طموحات القائمين على الجامعة أكبر منه، اذ يؤكدون على مقدرتهم على الوصول لهذا الرقم في المستقبل القريب.
      وما يؤكد جديتهم حيال هذا الأمر هي أن مدير الجامعة أطلق مبادرتين قبل أيام، أولاهما، تتعلق بتفعيل الإستفادة من الاساتذة المتعاقدين والمتقاعدين من السعوديين، وذلك بتقديم منح بحثية للتأليف والترجمة بمبلغ عشرة ملايين ريال، ومبادرة أخرى بمبلغ مماثل لدعم الباحثين الجادين من الأساتذة المساعدين وتخفيف العبء التدريسي عن كل باحث متميز من 14 إلى 4 ساعات أسبوعيا، وهذه ممارسات أكاديمية شائعة في كل المؤسسات العلمية المرموقة.
      ولأن الجامعة تؤمن بالاقتصاد المعرفي (تحويل الأفكار إلى منتج، أو تحويل المخرجات البحثية إلى واقع ملموس)، فقد تم تأسيس شركات تقنية في وادي الرياض للتقنية، بدأت ست منها بممارسة أعمالها فعليا، وثلاث ستبدأ بعد خلال أقل من شهر، ويملك هذه الشركات ويديرها خريجو الجامعة وبعض الأساتذة فيها!
      هذه إنجازات حقيقية تثبتها الأرقام، وهي غيض من فيض الإنجازات غير المسبوقة للجامعة، وقد بذلت جهودا كبيرة في سبيل الوصول إليها، ومع هذا لم يقل أحد يوما إن مسيرة الجامعة التطويرية بلا هفوات، فمن يعمل لا بد أن يخطئ، ولكننا مع ذلك نؤكد على أن تقرير مجلة الساينس لم يكن بريئا بالمطلق، ولذا سأتناوله وأطرح الكثير من التساؤلات بشأنه في المقال القادم.
    • مجلة ساينس محاولة للتشكيك في سياسة البحث العلمي

      [h=1]مجلة ساينس محاولة للتشكيك في سياسة البحث العلمي[/h]د. مشاري بن عبدالله النعيم لن أقول أن ما نشرته مجلة (ساينس) الأمريكية بعيد عن واقع الجامعة السعودية، ولن أدعي أن ما ذكرته هذه المجلة كذب وافتراء، لكني في نفس الوقت لا استطيع أن أقبل أن يسمى التعاون مع البارزين علميا وتمويل البحوث العلمية داخل وخارج الجامعة "شراء للبحث العلمي" أو "شراء لسمعة" لا ترتكز على واقع حقيقي. ما أستغرب له فعلا أن جامعتنا لم تتعلم من الماضي، فمن المعروف أن الغرب لا يتمنى لنا الخير وينظر لنا نظرة "دونية" ويرانا مجتمعا "بدويا" متخلفا، فكيف لهذا المجتمع أن يبني صرحا عملاقا بحجم جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وكيف لهؤلاء البدو أن يرصدوا هذه الميزانيات الضخمة للبحث العلمي ويبنوا هذه الصروح العلمية. هذه النظرة لن تتغير، ولسنا بصدد الدفاع عن أنفسنا، لكن يجب أن نترك أعمالنا تتحدث عنا. الرد على مجلة (ساينس) يجب أن لا يكون ردا دفاعيا، بل يجب أن يكون ردا هجوميا من خلال إثبات أننا جادون في بناء "ثقافة البحث العلمي" وبناء مجتمع معرفي يكون بإذن الله ثروة هذه البلاد المستقبلية.ومع ذلك لابد أن ألوم الجامعات السعودية على ثقافة "الاستعجال" والرغبة في تغيير الواقع بشكل "إعلامي" لا تغيره على مستوى البنية التحتية التي يجب مراجعتها والبحث عن أوجه القصور فيها. ثقافة الاستعجال هذه سوف تفشل كل مشروع وطني مستقبلي، لأن هذه الثقافة مبنية على بناء الاشخاص لا بناء الأوطان، وأنا أقول هذا لأني أرى مسؤولينا يهتمون ببناء مؤسساتهم في حدود الزمن الذي سيكونون فيها على رأس هذه المؤسسات، وبعدها لا يهم أن يأتي الطوفان، لذلك نراهم لا يهتمون بالبنية التحتية التي عادة لا تظهر للعيان ولا تحقق فرقعات إعلامية ويركزون على "الظاهر" الواضح المثير إعلاميا حتى لو أنه لا يصنع أي نفع على المدى الطويل. يقول الله تعالى {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ (الرعد: 17)، وهو تعبير قرآني يبين كيف أن الزبد، الواضح هو مجرد جفاء، لكن ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، وفي اعتقادي أننا بحاجة ماسة أن نتمثل هذه الآية العظيمة في تعاملنا مع مصالح الناس، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بالوطن ومصالحه العليا التي يأتي البحث العلمي على رأسها. نحن أمام فرصة تاريخية بموازنة عملاقة لم يشهد لها تاريخنا مثيلا، هذه الميزانية من وجهة نظري تفرض علينا مسؤوليات كبيرة، فإذا كنا مررنا بفترة "الاستعجال" ومحاولة "الاصلاح" الترقيعي أتمنى على وزارة التعليم العالي والجامعات السعودية أن يعيدوا حساباتهم وأن يعودوا إلى ما ينفع الناس ويبتعدوا عن المزايدات الإعلامية، لأن مجال البحث العلمي لا يمكن أن "يغطى بمنخل" ولا يمكن أن يصبح مادة إعلامية فقط لأنه سرعان ما سينكشف الزيف ويظهر الحق.على أنني أود أن أبين أمرا مهما هنا هو أن مجلة (ساينس) أرادت أن تضرب سياسة البحث العلمي الذي انتهجته حكومة خادم الحرمين، حفظه الله خلال السنوات الأخيرة، في مقتل وأرادت أن تشكك الحكومة وقيادتها في جدوى البحث العلمي في المملكة، فإذا كانت الموازنات التي تصرف على هذا البحث تذهب في طريق غير صحيح، فلماذا نهدر أموالنا فيما لا طائل منه. هذه الرسالة الخبيثة التي أرادت المجلة الامريكية أن تبثها، جاءت في وقت قريب من إعلان الميزانية وبأسلوب يحث الحكومة على الانقلاب ضد البحث العلمي، لكن ولله الحمد أتى إعلان الميزامية ليؤكد على دعم غير محدود للتعليم بموازنة تاريخية وصلت إلى 168 مليار ريال لكل مراحل التعليم والتدريب. في اعتقادي أن السحر انقلب على الساحر، وما ذكرته مجلة (ساينس) لم يغير من دعم حكومتنا الرشيدة للتعليم ولم يدفعها للتشكيك في مؤسساتنا التعليمية، وكل ما أتمناه أن يستفيد مسؤولو الجامعات من هذه الثقة الكبيرة وأن يبدؤا فعلا في إعادة حساباتهم وأن يعملوا على إيجاد بنية تحتية للبحث العلمي في مؤسساتهم، فالمستقبل للإقتصاد المعرفي والإستثمار الحقيقي في بناء الإنسان الذي يجب أن يرتكز على ثقافة معرفية "محلية" تمد يديها للخارج وتستفيد منه وتنقل منه كل جديد.لابد أن نعترف أن هناك تباطؤا غير مبرر من قبل الجامعات السعودية في إطلاق المراكز البحثية، هذا التباطؤ ناتج عن خلل إداري واضح، فمن يدير الجامعات ليس لهم علاقة بالبحث العلمي ويعملون على إسناد المراكز البحثية إلى غير أهلها، ولعلي هنا أؤكد على أن هذه الثقافة مستشرية في بلادنا بشكل مخيف، ويجب أن نقف بقوة في وجه هذه الظاهرة المدمرة، لذلك فإنني أقترح أن يكون هناك هيئة عليا للبحث العلمي تكون تابعة لوزارة التعليم العالي يتم اختيارها من الباحثين السعوديين المتميزين ويكون لها ممثل من كل جامعة ومن المؤسسات الصناعية الكبرى في المملكة، وتكون هذه الهيئة مسؤولة مسؤولية كاملة عن مراكز البحوث في الجامعات ومراكز البحث العلمي المستقلة بما في ذلك مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي أثبتت فشلها، فهي مؤسسة لم تستطع أن تصنع ثقافة بحث علمي محلية على الاطلاق، ومن ينتقد هذه المؤسسة والأسلوب العشائري لاختيار مقترحات الأبحاث فيها يتأكد أن لديه هذه المؤسسة لن ينصلح حالها أبدا.هذا المقترح وغيره من مقترحات ليس نهاية المطاف فنحن نريد أن يكون لدينا بنية تحتية للبحث العلمي، وهذه البنية تتمثل في وجود المراكز والمختبرات العلمية ووجود الباحثين السعوديين المتميزين وأن ترتبط هذه البنية بحاجة المملكة الحالية والمستقبلية في كافة المجالات، فالبحث العلمي يهتم بالتطوير الصناعي والتقني، لكنه كذلك يعالج المشاكل الاجتماعية ويحسن من البيئة العمرانية ويرفع من المستوى الاقتصادي. نحن بحاجة إلى تقاليد في البحث العلمي لا يمكن أن تتحقق بتحسين مرتبة الجامعات السعودية في التصنيفات العالمية فقط.