:(:(:($$6على كرسي عاثه الزمن جلست وقد انحنى ظهرها ورق عظمها وهانت قواها وضعف بنيانها في زاوية كئيبة مظلمة ينيرها وجهها الوضاء المتجعد ,في لباسها الابيض الطاهر جلست تدعو الله بالرحمة والغفران,وأن يجمع شملها بأبناءها,فالوحدة قتلتها والساعات طوال في العزلة ,فلا أنيس يحدثها ولا حبيب يؤالفها,أخذت تناجي ربها يا عالما بحالي ,تركوني وحيدة أقاسي طعم المرض,وكنت لا يهنأ لي نوم إن ارتفعت حرارة ولدي قليلا, أسهرت جفني وأتعبت جسمي ليرتاحو,أفرح لسعادتهم وأحزن لبكائهم أطعمهم وأنا جائعة فأشبع,أسقيهم وأنا عطشى فأرتوي.أصبر على شغبهم وشجارهم,أفنيت جسدي في خدمتهم ,قاسيت ألم الولادة والطلاق وأنا في سرور لأني سأخرجهم للحياة,ربيتهم بكل طاقتي لأراهم زهورا يافعين لهم مكانة مرموقة أفخر بهم, حتى إذا كبروا وصاروا شبابا ناضجين تزوجو وأنجبوا أولادا استغنو عني,تناسو ما قدمت لهم ,لم يتذكروا عذابي معهم.إنهم يذوقون الآن شعور الابن وفلذة الكبد,يرون كيف يضحون ساعاتهم من أجل أولادهم ويهلكون أجسامهم لسعادة صغارهم,ألم يتخيلو يوما أنهم سيكبرون وسينسون أبناءهم صنيعهم كما نسوني,هي الحياة دول يوم لك ويوم عليك..يارب جازهم بالإحسان إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا
أولادي كم اشتقت لكم كم اتمنى أن أضمكم إلى صدري وأشم رائحتكم فما زالت في أنفي
أحبابي مهما كبرتم فأنتم في عيوني أطفالا,إن تثاقلتم من كبري ومرضي,فأنا لم أتوانى في خدمتكم ,ولو كنت في صحتي في هذا العمر ومرض أحدكم لا قدر الله لفديته بروحي وبقيت حوله ليل نهار لا أفتر,فهل هذا جزاء صبري وتحملي ,ارحمو ضعفي وأمتعوني برؤيتكم قبل الموت ,أريد أن أرى أحفادي فأنا أراكم فيهم ,اشتقت لكم يا بهجة حياتي , أخاف عليكم من غضب المولى فقد قال:"إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" أرأيتم قال تعالى عندك , فمالي لا أرى نفسي عندكم ؟فمالي لا أرى نفسي عندكم؟