رسائلي إليها

-----------

(18 )

رسائلي السابقة – أتذكريها ؟ الرجاء ------- أهمليها

يا العزيزة ---- تحياتي

أكتب إليكِ - لأنك الوحيدة ستفهمين دون إفصاح – لن تعيدي علي الطلب بالشرح و الإلحاح

هذه رسالتي الثامنة عشر تناسي كل ما كان قبل – و اسمعيني جيدا كما لم تسمعي مني قبلا قول

أعتب عليكِ سكن نائي المكان – فأنتي القريبة من الوجدان – احتاج لكِ كما يحتاج التائب للغفران

كلهم يتصيدون أفكاري اقتناصا لشي فيه أدان – أقوالي ---- أفعالي --- خلت من الأخطاء مثالية أنا كراهبات عصر الرومان

يا العزيزة ----

كيف كنا نتكامل بالعبارات ؟ كيف كنا نتصارخ ذات زفرات الأحداث و الهبات ؟ كيف كنا نخلد للسكون صمتا بطول الفترات ؟ كيف كنا نقص طويل الحكايات – بلقاء مدته يدوم بيننا لحظات

أتذكرين --- يوما قطعت لكِ فيه المسافات – لأهللك التحيات – و أودعك السلامات – و ما بينهما تبادلنا الصمت دون كلمات

بعدها وجدت رسالتك بالبريد – نصها ( دعي الله يفعل ما يريد ) --- تعجبت كيف تنصتي هوامسي بلحظات صمتي و فهمتي بيت القصيد؟

يا العزيزة ----

لو بالإمكان إرسال الأوراق فارغة لتحسنيها قراءة – لو بالإمكان تسمعين مرافعتي صامتة لتهبيني حكم البراءة

يا العزيزة ---

أنا لكِ باحتياج --- أخجل بوح ما يلم بي و الإفصاح
سلمى

****************************

(19)

يا العزيزة ---- تحياتي

تمنياتي لتكوني بخير – أبوعكة صحية أنتي؟ يعتريني القلق عليكِ

لقد ذهبت مرارا للباب – أتفقد خطاب ---- لم أتلق لرسالتي السابقة جواب

كيف لم تفهمي ما بخاطري و ما يشغل لي الألباب ؟

يا العزيزة ----

ليست رسالتي السابقة كالسابقات

آآآآآه – فهمت عزوفك عن تدوين الرد و المراسلات --- أراقبتي أني بطريق العاشقات ! و لكوني زوجة فهذا من المحرمات ؟ لعنة الله على الخائنات

يا العزيزة ----

ما تعودت معكِ للكلمات انتقاء – أفكاري يهبها لكِ عقلي إهداء – لا أتلون لا أتجمل لا أسبغ ميزات ادعاء


نعم--- لي اعتراف

كان لي و أحدهم لقاء – ليس بإحساس الأصدقاء – ولا تقارب الأرواح أشقاء - و لا مجون نزوات الأخلاء

ذكر لا يتصيد أنثى بإغواء - أنثى لا تتحايل ذكر بدهاء

حقا – للإنصاف

مستمع جيد لصمتي مهتم بالإصغاء – يفهم مني اللفتات ، السكتات دون عناء

أحسه كالأطياف

يجعل حياتي في ارتقاء – يعيد لذهني الصفاء – ما بين هدوئي و عصبيتي له مقدرة الاحتواء

لي فيه ملاذ ككنف الآباء – لي فيه كالأبناء عوز و رجاء – لي فيه رغبة الأحباء

هذا سري و رجاء عدم الإفشاء
سلمى


****************************

(20)

يا العزيزة --- تحياتي


قلبت الورقة فركتها اعتصارا أتلهف المزيد – أتوقع أجزاءها ضاعت بالبريد

ما تلك الأوراق ؟ ما ذاك المِداد ؟

ما ألمح سطورك ! فالورقة بياض مسطرة مستقيمات هامشية السواد --- أين الرد المراد ؟

توقعتك تكتبين --- اتبعي الهوى و الفؤاد

توقعتك تكتبين --- هذا احتياج طبيعي للوداد

يا العزيزة ----

لما هذه المرة أنت معي بعناد ؟ لما أنت و قلبي بخلاف عما أراد؟ كيف تدعيني وحدي و هذا الجهاد؟

ماذا أفعل بتلك الأفكار – رتبيها --- نسقيها --- لا تتركيني لفوضى الخطوات

التعب حل بي من كثر الانتظار – تعبت و أنا ألهيكِ ببريء المبررات

صغت الرسالة تلو الرسالة تمحكا لقرار – بعدم قطع الصلات

صغت الكلمة تلو الكلمة بكثير من الكذبات

هربا من كونك كاشفتي تعلمين مني الخافيات

أصمتك عني لفكري احتقار؟

يا العزيزة ----

ضاقت بي الرحاب – أهملت انتظار طارق الباب – ما عدت أشتهي منكِ المراسلات

لكِ آخر التحيات
سلمى

****************************

ساعي البريد ؟!! ماذا تريد؟ --- أتعرف كم التوقيت لمثل هذا الطرق و الإزعاج ؟

نعم أنا سلمى – و صحيح العنوان

لي هذا المكتوب؟!

------

عزيزتي سلمى

أرجو أن تكوني بخير – شغلتي لي البال – لما توقفت بيننا المراسلات شهور طوال ؟

عزيزتي سلمى

آخر رسائلك كانت السابعة عشر ---- تحكي قصص الزوج و الأولاد

عزيزتي سلمى

سأنتظر رسالتك الثامنة عشر --- للاطمئنان عن الأسرة و سير الأحوال --- رجاء سرعة الإرسال

تحياتي يا أعز صديقاتي

-----------

أطبقت الورقة بعنف بأطراف الأصابع – خبأتها بجوف كف اليد – أردت الصراخ منادية ساعي البريد الرجعة و إخباره خطأ العنوان --- و أني ما عدت سلمى بنت فلان

ما أنقى تلك الكلمات بورقة بيضاء و حروف بلون الزرقة --- تحمل ماضي الصفاء

يا العزيزة --- صديقتك ودعت النقاء

-----

يشهد الله أني كتبت لكِ ثلاث خطابات

يشهد الله أني تلوتهم كالدعوات المنجيات

يشهد الله أني أضمنتهم استغاثة إرشاد المنقذات

يشهد الله أني قطعت بهم منتصف الطريق لصندوق البريد عن بعد خطوات

يشهد الله أني ما رغبت لقب العاشقات --- يشهد الله أني احتقرت مثلك الخائنات




-------------- فيديو / لو حبنا غلطة – وائل كافوري -------