بوش لمعاونيه: المقاومة العراقية تفجر وهم الانتصار الأمريكي الزائف
معلوماتكم كاذبة.. وبريمر مرتبك.. وأجهزته فاشلة
تقرير يكتبه: محمود بكري
معلوماتكم كاذبة.. وبريمر مرتبك.. وأجهزته فاشلة
تقرير يكتبه: محمود بكري
تحولت بغداد وبقية مدن العراق إلي ساحة حرب حقيقية في مواجهة قوات الاحتلال الأمريكي.. فقد أثبتت مجريات الأيام الماضية، خاصة مع التصعيد الخطير في أعمال المقاومة العراقية منذ بداية شهر رمضان، أن الانتصار الذي حققته القوات الأمريكية بعد احتلالها بغداد في التاسع من أبريل الماضي قد سقط فعلا.. وأن جيش الاحتلال سوف يسحب قواته، إن عاجلا أو آجلا تحت وقع الضربات التي كشفت بطولة المقاومين وقدرتهم التخطيطية الهائلة، وفشل الأمريكيين وانهيارهم الذي بات وشيكا بعد أن تسيد المقاومون الساحة، وراحوا يوجهون الضربات القاتلة للأمريكان وعملائهم.. والذين لم يعودوا يملكون سوي إطلاق النار العشوائي علي المواطنين، واعتقال الأبرياء تحت زعم ملاحقة عناصر المقاومة.
لقد دفعت الضربات البطولية الأخيرة الرئيس الأمريكي 'المهزوز' جورج بوش إلي استدعاء رجله في العراق بول بريمر إلي واشنطن بعد أن تكشف حجم الفشل.. وخاصة بعد أن نقل نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفويتز تقريرا عاجلا للرئيس الأمريكي قال فيه إن العملية التي استهدفت فندق الرشيد كانت تقصد قتله شخصيا.. فيما راحت المخابرات الأمريكية تنقل أطقما كاملة إلي بغداد، حتي أن المعلومات تشير إلي أن ثلثي قيادات المخابرات الأمريكية يعملون الآن في العراق.. ذلك في الوقت الذي تؤكد فيه المعلومات القادمة من واشنطن أن التفجيرات الأخيرة أثارت خلافات حادة بين الأجهزة الأمريكية وبعضها.. فوزارة الخارجية، وفي تقرير رفعته للبيت الأبيض، رأت أن المخابرات الأمريكية تتحمل جزءا رئيسيا منها.. فيما أعلن بوش خلال اجتماع ترأسه مؤخرا أن جميع أجهزته فشلت في السيطرة علي من وصفهم ب 'حفنة من الهاربين في داخل العراق'.. وقد بدا غاضبا وعنيفا عندما أكد لقادة أجهزته، أنه لا توجد تحت يده.. وفي كل هذه الملفات التي امامه معلومة واحدة يثق فيها، تحدد من هم عناصر المعارضة العراقية.
واعترف بوش خلال الاجتماع الذي حضرته قيادات البنتاجون والخارجية والأمن القومي والمخابرات أن الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر مرتبك، وأن أجهزته الأمنية منيت بالفشل، مطالبا القيادات المشاركة في الاجتماع بأن تذهب بنفسها إلي العراق لتشاهد أوضاع الفشل علي الطبيعة.
وطلب بوش من البنتاجون أن يسارع بتغيير خططه العسكرية للأمن، والعمل العسكري، وطلب من المخابرات أن تنقل أطقمها بقيادتها للعراق، وتقرر أن يقيم ثلاثة من قيادات الجيش الأمريكي بصفة دائمة هناك..
وإزاء التبريرات التي قدمتها بعض الأجهزة الأمريكية، وخاصة وزارة الخارجية، والتي راحت تحمٌل دولا مجاورة للعراق، وخاصة سوريا مسئولية الوقوف خلف تلك العمليات لسماحها بتسلل مقاتلين أجانب عبر الحدود، تم الاتفاق علي أن يطالب بوش الدول العربية المختلفة بأن تعيد ترتيب مواقفها وسياساتها تجاه العراق في إطار تحالف قوي مع الولايات المتحدة، وذلك من خلال تعاون يشمل كافة المجالات العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية.. وفي هذا دعت إحدي المذكرات المهمة إلي العمل من أجل سحب القوات الأمريكية من العراق، وتسليمه إلي جيوش عربية لحفظ الأمن والنظام، فيما ألقي تقرير بالكونجرس بمسئولية الفشل علي الاستخبارات والأمن القومي والبنتاجون معا، وحمٌلهم مسئولية عدم العثور علي صدام حتي الآن.. وقال تقرير الكونجرس 'إن شبح ÷يتنام قد يتكرر في العراق.. إننا سعينا إلي تحقيق هدف استراتيجي، وهو إزاحة صدام عن السلطة، وقد تم ذلك، وأن مصالحنا الاقتصادية يمكن حمايتها بدون التواجد الميداني للقوات العسكرية الأمريكية.. وطالب التقرير بالتوصل إلي اتفاق مع مصر والسعودية وسوريا والأردن لإرسال قوات إلي العراق تحل محل القوات الأمريكية.
وفي تقرير للأمن القومي الأمريكي حول مغزي وأبعاد التفجيرات الأخيرة التي شهدتها العاصمة العراقية والمدن الأخري، أشار إلي أن هناك 33 منظمة سياسية و22 منظمة عسكرية ترتبط إما بحزب البعث أو بالقيادة العراقية كانت قد رتبت أوراقها ووضعت خططها للتعامل مع القوات الأمريكية بعد سقوط بغداد، وأن هذه المنظمات التي اختفت فترة عن الساحة العراقية بهدف التنسيق بين بعضها البعض عادت لتوجه ضرباتها المقاومة للقوات الأمريكية في اطار منظم وشامل.
وأشار التقرير إلي أن تلك المنظمات تمتلك كميات هائلة من مخابئ الأسلحة التي لم تنجح القوات الأمريكية في الوصول إليها حتي الآن.
هذه الأسلحة التي أشار إليها تقرير الأمن القومي هي التي فجرت التساؤلات عقب التفجيرات الأخيرة التي أصابت فندق الرشيد، خاصة بعد أن ثبت أن العراقيين لا يزالون يملكون كميات كبيرة من الصواريخ.
وفي هذا تشير تقارير الأجهزة الأمنية الأمريكية إلي أن الجزء الأكبر من المعدات العسكرية العراقية مازال مفقودا حتي الآن، وأنه علي الرغم من حملات التمشيط الواسعة التي قامت بها القوات الأمريكية منذ سقوط بغداد، إلا أن ما تم العثور عليه لا يشكل فعليا إلا حوالي 30 % من القوة العسكرية العراقية، وأن 70 % من المعدات والآلات العسكرية مازالت في أيدي العراقيين.
ويشير التقرير إلي أنه وبرغم التحقيقات المطولة التي جرت مع زعماء القبائل، واعداد كبيرة من الشخصيات العراقية العسكرية إلا أن هذه التحقيقات لم تكشف سوي عن 10 % من المعدات العسكرية العراقية، حتي أن وزير الدفاع السابق سلطان هاشم أحمد أنكر معرفته بأماكن هذه الأسلحة، وتوقع أن تكون ميليشيات فدائيي صدام قد سيطرت علي هذه الأسلحة إبان سقوط بغداد.
وفي هذا السياق تشير معلومات أمريكية إلي أنه وقبيل سقوط بغداد بيوم واحد، وعندما تيقن قصي صدام حسين من أن الهزيمة قد تكون واردة باحتمالات كبيرة، فقد قرر تشكيل لجنة مصغرة من القيادات الوثيقة من الحرس الجمهوري الخاص لإحكام السيطرة علي مخازن الأسلحة العراقية، وكذلك المعدات والآلات العسكرية العراقية، بما فيها الطائرات، وهو ما أدي الي اختفاء أعداد كبيرة من قوات الحرس الجمهوري الخاص منذ اليوم السابق لسقوط بغداد وما تلاه.
ويعتقد الأمريكيون أن قصي قرر أن يجمع هذه الأسلحة في مناطق مختلفة، ومواقع متعددة، وأن ذلك تم بالتنسيق مع والده، فيما تقرر أن يكون جزء كبير من هذه الأسلحة مع ميليشيات فدائيي صدام التي كان يقودها عدي صدام حسين، والتي تتميز بأنها من أكثر العناصر قدرة علي شن حرب العصابات والمناورات الاستراتيجية مع القوات الأمريكية فيما خضع جزء من توجيه هذه الأسلحة إلي صدام نفسه، وإلي ميليشيات حزب البعث التابعة له.
وتري التقارير الأمريكية أن صدام قرر أن تكون العمليات الأمريكية ضد الاحتلال متدرجة في القوة، بحيث تبدأ ضعيفة، ثم تقوي شيئا فشيئا، معتبرا أن الأمريكيين سيكونون حماسيين وأكثر استعدادا للقتال في الأشهر الأولي، وأن حماسهم سوف يخف تدريجيا، وأن أعدادهم الكبيرة في العراق قد تنخفض بعد عدة أشهر. وكان يري أهمية طمأنة الأمريكيين في البداية بأنهم سيطروا بالفعل علي بغداد وأرجاء العراق، وأن المقاومة ضدهم أصبحت ضعيفة.. وأنه بعد أن يتوافر ذلك الاطمئنان الكامل تبدأ العمليات شيئا فشيئا حتي يتم الوصول إلي مرحلة العمليات الكبري، وأن عدي وقصي وافقا علي استراتيجية والدهما بشرط القيام، وبشكل مستمر، ببعض العمليات الصغيرة في المقاومة والتي تستهدف قتل الجنود الأمريكيين، وتتم بشكل مكثف يوميا، مما سيجبر الأمريكيين في وقت لاحق علي الانسحاب التدريجي من العراق، وتخفيض أعداد قواتهم، خاصة أن الكونجرس الأمريكي والمنظمات الأمريكية الأخري لن تقبل باستمرار هذا النزيف في قتل الجنود الأمريكيين.
وبحسب التقارير الأمريكية ذاتها، فقد تضمنت خطة المقاومة الاتفاق علي عدد من القيادات البديلة لادارة دفة المواجهة مع قوات الاحتلال الأمريكي في حال اختفاء صدام وقصي وعدي من فوق مشهد الاحداث العراقي.
لقد كانت تلك المعلومات التي توافرت للجهات الأمريكية عبر تحقيقات مع مسئولين سابقين في النظام، وعناصر أمنية عراقية أحد الأسباب التي دعت واشنطن لارسال بعثة 'ستيفز آندرسون' التي قضت أربعين يوما في العراق، وعادت بتقرير أكد جملة من الحقائق المهمة والخطيرة.
فقد أكد تقرير بعثة آندرسون أن احتمالات وجود تنظيم عسكري بقيادة صدام حسين هي أمر شبه مؤكد، لأن عددا كبيرا من القيادات الوسطي للحرس الجمهوري وفدائيي صدام وحزب البعث مختفون تماما في داخل العراق، وأنه لا توجد أية اتصالات بينهم وبين عائلاتهم، والتي فقد بعضها الأمل في بقائهم علي قيد الحياة، علي الرغم من أنهم لم يشاركوا في عمليات عسكرية سابقة.. ورأت البعثة أن اختفاء الجانب الأكبر من أسلحة الجيش العراقي أمر يثير الريبة والشك، خاصة أن القوات الأمريكية قامت بتفتيش آلاف المنازل العراقية والمحلات والمخازن والعديد من الأماكن الأخري، إلا أنها لم تعثر علي أكثر من 5 % من المعدات العسكرية.
وأبدت البعثة دهشتها من اختفاء المعدات الثقيلة والآلات المتطورة، محذرة من أن تلك الأسلحة قد تظهر في يوم ما من خلال عناصر عسكرية تدير قتالا ضد القوات الأمريكية من شارع إلي شارع، ومن بيت إلي بيت، الأمر الذي سيكبد القوات الأمريكية خسائر تقدر بالآلاف.
وبحسب تقرير بعثة آندرسون فإن كل العمليات التي تمت ضد القوات الأمريكية كانت مخططة ومدبرة بتكتيك عالي، والدليل علي ذلك فشل القوات الأمريكية في اعتقال أي من الأشخاص الذين ينفذون تلك العمليات.. واستندت البعثة إلي تقرير لأحد الضباط الأمريكيين وهو (برديلي هيومس) الذي أكد أن ثلاثة من جنوده قتلوا في معركة مع نحو 15 شخصا بدوا متمرسين ومدربين علي استخدام المدافع الرشاشة، واطلاق النيران بدرجة حرفية عسكرية رفيعة المستوي، حيث كانوا يتحركون مثل خفافيش الظلام، من ناحية السرعة الخاطفة وتغيير أماكنهم واتجاهاتهم، وكذلك السرعة في إصابة الأهداف والهروب، وأنه لم يقع منهم أي قتيل علي الرغم من كثافة النيران التي أطلقت في اتجاههم.
وخلص آندرسون إلي أن تقرير (برديلي) يكفي وحده للدراسة، وضرورة استنباط النتائج المهمة له، حتي أن آندرسون شكك في الانتصار العسكري الذي حققته القوات الأمريكية في العراق، ورأي أن ما يحدث في العراق الآن هو مجرد هدنة عسكرية، وأن الأيام والأشهر القادمة قد تحمل مفاجآت غير سارة للقوات الأمريكية، لأن احتمالات وقوع حرب حقيقية كبري مازالت قائمة.
المصدر
لقد دفعت الضربات البطولية الأخيرة الرئيس الأمريكي 'المهزوز' جورج بوش إلي استدعاء رجله في العراق بول بريمر إلي واشنطن بعد أن تكشف حجم الفشل.. وخاصة بعد أن نقل نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفويتز تقريرا عاجلا للرئيس الأمريكي قال فيه إن العملية التي استهدفت فندق الرشيد كانت تقصد قتله شخصيا.. فيما راحت المخابرات الأمريكية تنقل أطقما كاملة إلي بغداد، حتي أن المعلومات تشير إلي أن ثلثي قيادات المخابرات الأمريكية يعملون الآن في العراق.. ذلك في الوقت الذي تؤكد فيه المعلومات القادمة من واشنطن أن التفجيرات الأخيرة أثارت خلافات حادة بين الأجهزة الأمريكية وبعضها.. فوزارة الخارجية، وفي تقرير رفعته للبيت الأبيض، رأت أن المخابرات الأمريكية تتحمل جزءا رئيسيا منها.. فيما أعلن بوش خلال اجتماع ترأسه مؤخرا أن جميع أجهزته فشلت في السيطرة علي من وصفهم ب 'حفنة من الهاربين في داخل العراق'.. وقد بدا غاضبا وعنيفا عندما أكد لقادة أجهزته، أنه لا توجد تحت يده.. وفي كل هذه الملفات التي امامه معلومة واحدة يثق فيها، تحدد من هم عناصر المعارضة العراقية.
واعترف بوش خلال الاجتماع الذي حضرته قيادات البنتاجون والخارجية والأمن القومي والمخابرات أن الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر مرتبك، وأن أجهزته الأمنية منيت بالفشل، مطالبا القيادات المشاركة في الاجتماع بأن تذهب بنفسها إلي العراق لتشاهد أوضاع الفشل علي الطبيعة.
وطلب بوش من البنتاجون أن يسارع بتغيير خططه العسكرية للأمن، والعمل العسكري، وطلب من المخابرات أن تنقل أطقمها بقيادتها للعراق، وتقرر أن يقيم ثلاثة من قيادات الجيش الأمريكي بصفة دائمة هناك..
وإزاء التبريرات التي قدمتها بعض الأجهزة الأمريكية، وخاصة وزارة الخارجية، والتي راحت تحمٌل دولا مجاورة للعراق، وخاصة سوريا مسئولية الوقوف خلف تلك العمليات لسماحها بتسلل مقاتلين أجانب عبر الحدود، تم الاتفاق علي أن يطالب بوش الدول العربية المختلفة بأن تعيد ترتيب مواقفها وسياساتها تجاه العراق في إطار تحالف قوي مع الولايات المتحدة، وذلك من خلال تعاون يشمل كافة المجالات العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية.. وفي هذا دعت إحدي المذكرات المهمة إلي العمل من أجل سحب القوات الأمريكية من العراق، وتسليمه إلي جيوش عربية لحفظ الأمن والنظام، فيما ألقي تقرير بالكونجرس بمسئولية الفشل علي الاستخبارات والأمن القومي والبنتاجون معا، وحمٌلهم مسئولية عدم العثور علي صدام حتي الآن.. وقال تقرير الكونجرس 'إن شبح ÷يتنام قد يتكرر في العراق.. إننا سعينا إلي تحقيق هدف استراتيجي، وهو إزاحة صدام عن السلطة، وقد تم ذلك، وأن مصالحنا الاقتصادية يمكن حمايتها بدون التواجد الميداني للقوات العسكرية الأمريكية.. وطالب التقرير بالتوصل إلي اتفاق مع مصر والسعودية وسوريا والأردن لإرسال قوات إلي العراق تحل محل القوات الأمريكية.
وفي تقرير للأمن القومي الأمريكي حول مغزي وأبعاد التفجيرات الأخيرة التي شهدتها العاصمة العراقية والمدن الأخري، أشار إلي أن هناك 33 منظمة سياسية و22 منظمة عسكرية ترتبط إما بحزب البعث أو بالقيادة العراقية كانت قد رتبت أوراقها ووضعت خططها للتعامل مع القوات الأمريكية بعد سقوط بغداد، وأن هذه المنظمات التي اختفت فترة عن الساحة العراقية بهدف التنسيق بين بعضها البعض عادت لتوجه ضرباتها المقاومة للقوات الأمريكية في اطار منظم وشامل.
وأشار التقرير إلي أن تلك المنظمات تمتلك كميات هائلة من مخابئ الأسلحة التي لم تنجح القوات الأمريكية في الوصول إليها حتي الآن.
هذه الأسلحة التي أشار إليها تقرير الأمن القومي هي التي فجرت التساؤلات عقب التفجيرات الأخيرة التي أصابت فندق الرشيد، خاصة بعد أن ثبت أن العراقيين لا يزالون يملكون كميات كبيرة من الصواريخ.
وفي هذا تشير تقارير الأجهزة الأمنية الأمريكية إلي أن الجزء الأكبر من المعدات العسكرية العراقية مازال مفقودا حتي الآن، وأنه علي الرغم من حملات التمشيط الواسعة التي قامت بها القوات الأمريكية منذ سقوط بغداد، إلا أن ما تم العثور عليه لا يشكل فعليا إلا حوالي 30 % من القوة العسكرية العراقية، وأن 70 % من المعدات والآلات العسكرية مازالت في أيدي العراقيين.
ويشير التقرير إلي أنه وبرغم التحقيقات المطولة التي جرت مع زعماء القبائل، واعداد كبيرة من الشخصيات العراقية العسكرية إلا أن هذه التحقيقات لم تكشف سوي عن 10 % من المعدات العسكرية العراقية، حتي أن وزير الدفاع السابق سلطان هاشم أحمد أنكر معرفته بأماكن هذه الأسلحة، وتوقع أن تكون ميليشيات فدائيي صدام قد سيطرت علي هذه الأسلحة إبان سقوط بغداد.
وفي هذا السياق تشير معلومات أمريكية إلي أنه وقبيل سقوط بغداد بيوم واحد، وعندما تيقن قصي صدام حسين من أن الهزيمة قد تكون واردة باحتمالات كبيرة، فقد قرر تشكيل لجنة مصغرة من القيادات الوثيقة من الحرس الجمهوري الخاص لإحكام السيطرة علي مخازن الأسلحة العراقية، وكذلك المعدات والآلات العسكرية العراقية، بما فيها الطائرات، وهو ما أدي الي اختفاء أعداد كبيرة من قوات الحرس الجمهوري الخاص منذ اليوم السابق لسقوط بغداد وما تلاه.
ويعتقد الأمريكيون أن قصي قرر أن يجمع هذه الأسلحة في مناطق مختلفة، ومواقع متعددة، وأن ذلك تم بالتنسيق مع والده، فيما تقرر أن يكون جزء كبير من هذه الأسلحة مع ميليشيات فدائيي صدام التي كان يقودها عدي صدام حسين، والتي تتميز بأنها من أكثر العناصر قدرة علي شن حرب العصابات والمناورات الاستراتيجية مع القوات الأمريكية فيما خضع جزء من توجيه هذه الأسلحة إلي صدام نفسه، وإلي ميليشيات حزب البعث التابعة له.
وتري التقارير الأمريكية أن صدام قرر أن تكون العمليات الأمريكية ضد الاحتلال متدرجة في القوة، بحيث تبدأ ضعيفة، ثم تقوي شيئا فشيئا، معتبرا أن الأمريكيين سيكونون حماسيين وأكثر استعدادا للقتال في الأشهر الأولي، وأن حماسهم سوف يخف تدريجيا، وأن أعدادهم الكبيرة في العراق قد تنخفض بعد عدة أشهر. وكان يري أهمية طمأنة الأمريكيين في البداية بأنهم سيطروا بالفعل علي بغداد وأرجاء العراق، وأن المقاومة ضدهم أصبحت ضعيفة.. وأنه بعد أن يتوافر ذلك الاطمئنان الكامل تبدأ العمليات شيئا فشيئا حتي يتم الوصول إلي مرحلة العمليات الكبري، وأن عدي وقصي وافقا علي استراتيجية والدهما بشرط القيام، وبشكل مستمر، ببعض العمليات الصغيرة في المقاومة والتي تستهدف قتل الجنود الأمريكيين، وتتم بشكل مكثف يوميا، مما سيجبر الأمريكيين في وقت لاحق علي الانسحاب التدريجي من العراق، وتخفيض أعداد قواتهم، خاصة أن الكونجرس الأمريكي والمنظمات الأمريكية الأخري لن تقبل باستمرار هذا النزيف في قتل الجنود الأمريكيين.
وبحسب التقارير الأمريكية ذاتها، فقد تضمنت خطة المقاومة الاتفاق علي عدد من القيادات البديلة لادارة دفة المواجهة مع قوات الاحتلال الأمريكي في حال اختفاء صدام وقصي وعدي من فوق مشهد الاحداث العراقي.
لقد كانت تلك المعلومات التي توافرت للجهات الأمريكية عبر تحقيقات مع مسئولين سابقين في النظام، وعناصر أمنية عراقية أحد الأسباب التي دعت واشنطن لارسال بعثة 'ستيفز آندرسون' التي قضت أربعين يوما في العراق، وعادت بتقرير أكد جملة من الحقائق المهمة والخطيرة.
فقد أكد تقرير بعثة آندرسون أن احتمالات وجود تنظيم عسكري بقيادة صدام حسين هي أمر شبه مؤكد، لأن عددا كبيرا من القيادات الوسطي للحرس الجمهوري وفدائيي صدام وحزب البعث مختفون تماما في داخل العراق، وأنه لا توجد أية اتصالات بينهم وبين عائلاتهم، والتي فقد بعضها الأمل في بقائهم علي قيد الحياة، علي الرغم من أنهم لم يشاركوا في عمليات عسكرية سابقة.. ورأت البعثة أن اختفاء الجانب الأكبر من أسلحة الجيش العراقي أمر يثير الريبة والشك، خاصة أن القوات الأمريكية قامت بتفتيش آلاف المنازل العراقية والمحلات والمخازن والعديد من الأماكن الأخري، إلا أنها لم تعثر علي أكثر من 5 % من المعدات العسكرية.
وأبدت البعثة دهشتها من اختفاء المعدات الثقيلة والآلات المتطورة، محذرة من أن تلك الأسلحة قد تظهر في يوم ما من خلال عناصر عسكرية تدير قتالا ضد القوات الأمريكية من شارع إلي شارع، ومن بيت إلي بيت، الأمر الذي سيكبد القوات الأمريكية خسائر تقدر بالآلاف.
وبحسب تقرير بعثة آندرسون فإن كل العمليات التي تمت ضد القوات الأمريكية كانت مخططة ومدبرة بتكتيك عالي، والدليل علي ذلك فشل القوات الأمريكية في اعتقال أي من الأشخاص الذين ينفذون تلك العمليات.. واستندت البعثة إلي تقرير لأحد الضباط الأمريكيين وهو (برديلي هيومس) الذي أكد أن ثلاثة من جنوده قتلوا في معركة مع نحو 15 شخصا بدوا متمرسين ومدربين علي استخدام المدافع الرشاشة، واطلاق النيران بدرجة حرفية عسكرية رفيعة المستوي، حيث كانوا يتحركون مثل خفافيش الظلام، من ناحية السرعة الخاطفة وتغيير أماكنهم واتجاهاتهم، وكذلك السرعة في إصابة الأهداف والهروب، وأنه لم يقع منهم أي قتيل علي الرغم من كثافة النيران التي أطلقت في اتجاههم.
وخلص آندرسون إلي أن تقرير (برديلي) يكفي وحده للدراسة، وضرورة استنباط النتائج المهمة له، حتي أن آندرسون شكك في الانتصار العسكري الذي حققته القوات الأمريكية في العراق، ورأي أن ما يحدث في العراق الآن هو مجرد هدنة عسكرية، وأن الأيام والأشهر القادمة قد تحمل مفاجآت غير سارة للقوات الأمريكية، لأن احتمالات وقوع حرب حقيقية كبري مازالت قائمة.
المصدر