النسخة النهائية لكتاب الوطن العُمانية الاسود

    • النسخة النهائية لكتاب الوطن العُمانية الاسود

      النسخة النهائية من :
      كتاب الوطن العُمانية الاسود
      20 عاما من الخداع
      لاسباب فنية خاصة بالموقع فاننا اضطررنا لاختصار بعض الفصول ، اما النسخة الكاملة من الكتاب فقد وصلت للجميع بالبريد الالكتروني ، ومن لم تصله نسخة الكترونية ما عليه سوى الكتابة الى البريد الالكتروني المشار اليه ، عليكم الاسراع بالقراءة وبالنسخ الى الهارد ديسك، اذ ان الطائي لن يسمح لهذه الموضوع بالبقاء في السبلة طويلا ، اسرعوا يا اخوان
      ----------------------------
      الكتاب بكل آلامه واحزانه ومآسية ، بكل جنونه ، بكل سطوة القوة القاسية والظالمة المكتنزة فيه ، بكل جراحاته وبكل جرائمه ، بكل عواصفه وبكل انواءه وهوله ، مرفوع بالاجلال والتقدير والاعزاز الى :
      المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ
      سلطان عُمـــان
      ذلك انني ارى بان الواجب يحتم علينا وقد عشنا في كنف الضيافة العُمانية الرحبة لعقدين من الزمان ، وعرفنا معنا الجود العُماني في كل سبلة ومجلس ، فان اقل عرفان يتوجب علينا رفعه للمقام السامي اذ نحن علمنا وعرفنا ووقفنا على مواطن ومخابئ الشر على ثرى الارض العُمانية الطاهرة فحري بنا ان نرفع ما عرفناه ووقفنا عليه للمقام السامي كعربون حب ووفاء لسلطنة عُمان الابية .
      ولو لم نقل نحن فلن يقول احد سوانا يامولاي ، ولا خير فينا ان لم نقلها اصلا، الكل سيلوذ بالخوف ، وستضيع الحقيقة المرة والى الابد ، ولاننا يا جلالة السلطان قد عهدنا فيك الحق وعرفنا فيك معنا العرفان ، وكنا وبالوصال قريبن منك ننقل عنك ونكتب كلما قلت وتحدثت في كل المحافل وعلى مدى العشرين عاما الماضية ، فاننا وبالفكر نعلم بان جلالتكم لن يرضى ابدا ان يسود الظلم ، وان يعرف عن سلطنة عُمان بانها تنتزع اكباد الذين قدموا اليها اعمارهم وشبابهم ومداد اقلامهم ، تلك ليست سلطنة عُمان بالتاكيد .
      فتقبل منا سيدي جراءتنا في القول وفي النقد وفي التحليل ، فنحن نصف بتجرد كامل ما عايشناه وما رايناه وماسمعناه ، لم نزد حرفا واحدا ، الحقيقة كاملة بكل هولها نرفعها اليكم ، لنرقب بعد ذلك ان يعود الينا حقنا السليب كاملا ممن اغتصبوه عنوة وبغير وجه حق ..
      المؤلف
      Own16@hotmail.com

      كتاب الوطن العُمانية الأسود
      20 عاما من الخداع

      قال جل من قائل في سورة النساء
      لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم وكان الله سميعا عليما (148) .. صدق الله العظيم ..
      وقال على لسان نوح عليه السلام في سورة هود :
      يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون (28) صدق الله العظيم ..

      الإهــــــــداء :
      إلى روح والدتي العزيزة التي آلت على نفسها ان تقول الصدق حتى النفس الأخير ، من بعد أن منحتني قناني عطرها وتاج رضاها وعفوها قبل يوم من رحيلها الأبدي ..
      المـــؤلف
      Own16@hotmail.com
      الفصل الثالث
      رأفت الهجان العُماني
      تلك في الواقع افدح ما رأيت في حياتي وابشع ما سمعت طوال عمري ، ذلك إنني وعندما وطئت قدمي أعتاب مبنى الوطن أو الحديقة ZOO في العام 1984 كان هناك شاب عُماني نحيل الجسم طويل القامة اسمر البشرة واسمه على بن سالم بن علي المعولي ، كان يعمل طباعا بمكتب سعادة /على الأنصاري وكيل وزارة الإعلام آنذاك ، كان دائم التردد على مبنى الوطن ، كان يدلف وعند وصوله إلى مكتب الطائي وبدون استئذان ، ثم يخرج مباشرة ويصعد الدرج إلى الطابق الثاني حيث مكتب عبد الله كنياتل الهندي الذي كان مناطا به الاحتفاظ بالنقد وبتذاكر البترول ، يدلف إلى عبد الله ثم يخرج إلينا حاملا تذاكر لبترول سيارته وأشياء أخرى ثمينة . سألنا بالعُماني :

      ـ (ما السالفة ) ؟..
      قالوا:
      ـ انه (جاسوس) الوطن بوزارة الإعلام .. وانه يأت ليقدم المعلومات ويقبض الثمن ..

      كانت الأعطيات تتدفق أمام أعيننا عليه ومع كل زيارة له لـ الحديقة ، وكنا نحن نحترق كل يوم ونتصبب عرقا من ضنى الجهد الذي نقدمه في اكثر من ميدان بيد إننا لم نتلق أبدا وطوال عشرين عاما من الاحتراق اليومي ربع ما يتلقاه المعولي ، وعندما آلت اليّ الأمور الإدارية كان على المعولي ان يوثق علاقته بي فكان يحدثني أو هذا ما استدرجته فيه لاقف بنفسي على نوع الخدمات الجليلة والخاصة جدا التي يقدمها للطائي ..

      قال يوما وهو مزهو بنفسه وفي حضرة الطائي إذ كنت هناك:

      ـ تذكر ياريس عندما أرادوا ان يفعلوا ذلك الأمر ثم أخبرتك على الفور ..

      هز الطائي رأسه كتأكيد على انه قد تذكر بالفعل ، اذن من هم الذين أرادوا ؟.. هل هو الكيان الصهيوني مثلا؟.. فاستوثقت من انه بالفعل كذلك وان ما يناله من الطائي هو في الواقع ثمن خيانته لوطنه سلطنة عُمان ، كان يعتقد أو هذا ما بات يؤمن به بعد غسيل الدماغ الذي أجراه له الطائي بان خدماته لـ الحديقة هي قمة الوطنية ، وبالتالي فان وزارة الإعلام هي بمثابة إسرائيل عدو العرب الأول ، وإذا كان الأمر كذلك فهو حكما (رأفت الهجان العُماني) ، نظرية شاذة ولا يوجد لها مثيل في قارات العالم ، وهكذا وطوال عقدين من الزمان كانت أخبار وزارة الإعلام والقرارات التي ينوي معالي الوزير عبد العزيز بن محمد الرواس إصدارها سيما تلك المتعلقة بالصحف والدوريات كانت تصل قبل كتابتها وصياغتها تصل مباشرة للطائي بوقت كاف ليتم اتخاذ الخطوات المضادة لها وبذلك كنا نتقدم على باقي المطبوعات العُمانية بالمعلومات الطازجة التي ترد إلينا .
      عندما انتقلنا إلى المبنى الجديد أضيفت إلى أعبائي الوظيفية عبء آخر وهو إعداد مسابقة الوطن الرمضانية وهي مسابقة دينية في الغالب ، ثم تصحيح الإجابات واعلان الفائزين والتي كنا نرصد لها ثلاث سيارات على اقل تقدير تتبرع بها وكالات السيارات في السلطنة كجوائز أولى هذا فضلا عن الجوائز الاخرى المقدمة من باقي الشركات نظير نشر اعلاناتها على مدى شهر رمضان في الصفحة المخصصة لذلك ، فأردت ان استوثق عمليا عما إذا كان المعولي لا يزال نشطا في عمله فقلت للطائي:
      · ما رأيك ان نمنح المعولي إحدى السيارات وباعتباره فائزا بالجائزة الأولى..
      فكرة خطيرة بكل تأكيد ، وكان حري به ان يسمعني مر الكلام في الاستقامة والأمانة والخلق النبيل الذي كان علينا التحلي به وأنا اضطلع بهذه المسئولية الأخلاقية الجسيمة ، حدث ذلك بعد ان احضر الىّ المعولي مظروفا يزعم انه يحمل إجاباته على مسابقة الوطن الرمضانية ، ما حدث كان مفاجأة لي غير إنها متوقعة ، وبالتالي لا يمكننا وصفها بالمفاجأة إلا مجازا ، لقد وافق على هذا الرأي فورا وبدون تفكير ، كأنه قرأ أفكاري مسبقا ثم استنهض لساني للتعبير عما يجيش في حنايا صدره المكتنز بالأسرار والغموض والأكاذيب، سألت نفسي لو إنني قلت له قولا كهذا بشأن (س) من المواطنين العُمانيين فماذا كانت ستكون النتيجة؟..
      كان سيعتبرني خارجا عن الملة وعن الجماعة وان كان في دواخله يعشق الفاسدين والمفسدين ، وهكذا فقد مرت إجابات المعولي على مسابقة الوطن الرمضانية بدون تصحيح ، وبدون قرعة ، فانا لم افتح المظروف الخاص به اصلا ، ثم تم تسميته كفائز أول بمسابقة الوطن الرمضانية وفي حفل بهيج ومهيب استلم مفاتيح السيارة من يد الطائي (الكريمة) مباشرة باعتباره فائزا أولا كان قد أبدع وبذل العرق والجهد وهو يبحث في أمهات الكتب والمراجع الإسلامية عن الإجابات الصحيحة لمسابقة الوطن الرمضانية !..
      الأسف والاعتذار أقدمه الآن لكل قراء الوطن الذي ساهموا في مسابقة الوطن الرمضانية في ذلك العام على هذا الزيف والتزوير ، ثم أسال الله عز وجل ان يغفر لي خطاياي إن كان ما فعلته خطيئة ، ثم اطلب من قراء الوطن الأعزاء مرة أخرى الصفح الجميل فقد كان هدفي (الاستوثاق) من معلومة جد خطيرة تهم أمن عُمان الوطني وحرمة وزارات مولانا حضرة صاحب الجلالة ، إذ كان لابد من ان يأت يوم ارفع فيه للمقام السامي كل هذه الحقائق كثمن خالص وطاهر لحبي العميق لعُمان سلطانا وحكومة وشعبا ، وباعتبار إنني قد منحت كل شبابي لسلطنة عُمان بغير ندم ، وساهمت رغم الأهواء والأنواء في تقديم فكر وثقافة واضحة المعالم للأجيال العُمانية المتلاحقة حتى بات لي في عُمان أسم ومكانة بين الجموع وأصدقاء خُلص وأعزاء أعتز بهم أبدا .
      هرب المعولي أو الهجان من وزارة الإعلام إذ يبدو انهم باتوا يشكون فيه ويضيقون عليه الخناق، كانت وجهته الطبيعية الحديقة الجوارسية إذ لامكان له إلا هي، جاءني يمشي على استحياء إذ كنت وقتها مسئولا عن التحرير وقبل ان يعود عبد الحميد الطائي من الولايات المتحدة الاميركية إذ كان يدرس هناك ولم يكمل دراسته لأسباب سنذكرها لاحقا ، قال لي :
      ـ لم اعد قادرا على البقاء في الإعلام ..
      قلت وقد وضعت على وجهي سريعا (قناع المكر) :
      · الوطن بيتك وهي ترحب بك ، اذهب للرئيس واخبره بتسميتك مديرا للإدارة..
      تلك كانت الفترة التي أقصيت فيها من الإدارة بعد حادثة الأجر الإضافي الذي كنت ادفعه للعاملين ، وهي ذاتها الفترة التي سمي فيها حسن بن حسين بمؤهل أول ابتدائي مديرا للإدارة فعاث فسادا فيها ونسف كل ما عملته طوال سنوات مضت وخلت ، كل الجهد الكمبيوتري الذي بذلته في إدخال بيانات العاملين وتفاصيل جوازات سفرهم في الكمبيوتر عبر برنامج ( لوتس 3ـ2ـ1) ضاع سدى ، لم تكن مايكروسوفت أطلقت طاقم أوفيس بعد ، كل ذلك الجهد مزق ودفع به إلى المزبلة فعاد العمل في الإدارة يدويا كما كان ، تماما كما يحدث في انقلابات العالم الثالث ، تدمر الحكومة الانقلابية الجديدة إنجازات سابقتها حتى لو كانت بديعة ونافعة للشعب وللدولة.
      حسن بن حسين كان يعمل بشركة النقل الوطنية وفصل منها ، جاء الى الحديقة بحكم العلاقة التي كانت بينه قديما وبين الطائي ، كان يحضر الى المكتب وتفوح منه روائح الخمر ، رغم الجهود المضنية التي يبذلها للتغلب على تلك الروائح من خلال صب انواع متعددة من العطر على نفسه ، غافلا حقيقة ان رائحة الخمر لاتنبعث من البشرة بل من المعدة ، كان يباهي بحقيقة انه زير نساء ، وبالتالي فان احاجيه وقصصه تدور اغلبها حول ذلك الامر دون غيره ، عند وصوله الى الحديقة كان ملازما للطائي كظله اينما ذهب تجده خلفه لايكل ولا يمل، لا يتركه إلا عندما يدخل الى الحمام وعند خروجه يأخذ مكانه خلفه ، المنظر من ناحية عامة يثير الضحك والسخرية في آن معا ، اذ هذه المشاهد باتت مالوفة بالنسبة الينا ، هناك الكثير من المساكين قاموا بنفس الدور الذي قام به حسن بن حسين وعندما لم ينالوا شيئا من الرجل زهدوا وهربوا .
      كان حسن بن حسين يسمعه النكات اياها والطائي يضحك حتى الثمالة ، في يده تدور كبندول ساعة مسبحة صغيرة لا علاقة لها بالدين او بالعبادة ، وعندما اكتملت دائرة الاعجاب به وبشخصة وبنكاته تلك الفاسقة عينه الطائي مديرا للادارة بمؤهل اول ابتدائي لا غير وليشغل المنصب الذي كنت اشغلة ، أي انني وبالفخر اقول بان حسن بن حسين هو الذي خلفني كمدير لادارة الحديقة ..
      ذهب المعولي إلى الطائي واخبره بأنه لم يعد قادرا على البقاء في الإعلام وانهم باتوا يضيقون عليه ، على الفور صدرت الأوامر بتسميته مديرا للإدارة خلفا لحسن بن حسين تماما كما حددت له ، إذ كنت اعلم بان الطائي لا يملك غير ان يوافق على اقتراحي ، فالمعولي وبكل المقاييس رجل خطير لا يمكن للطائي وبأي حال من الأحوال ان يتركه بعيدا عن عينيه، فهو لا يثق في أصابعه ولا في عددها لذلك يعدها صباح كل يوم جديد ، وما بينه وبين المعولي وان انفلت عياره كفيل بانتزاع رؤوس من أعناقها ، إذن بقاءه قريبا منه ومهما كلفه ذلك من مال أجدى وأنفع بكل المقاييس من بقاءه بعيدا عنه، ورغم ان المعولي يمثل الآن عبئا ماليا ثقيلا على الطائي ويعاني من كثرة طلباته التي لا يملك الطائي غير الاستجابة لها فانه وأيضا لا يستطيع طرده أو فصله ، انه المصير المشئوم الواحد.
      وتردى العمل في الإدارة حتى وصل إلى الحضيض ، إذ كان المعولي طباعا في الإعلام ، ثم وفجأة مديرا للإدارة بالحديقة الجوارسية ، وغاصت الإدارة حتى الأذنين إلى ما بعد الحضيض ، ثم غاصت مرة اخرى الى درك سحيق وغائر ، بعد ان جاء فاروق الاهواني فأوكل إليه أمر شئون الموظفين ، المعولي وجد في وجود الأهواني سانحة طيبة للهو والعبث والقفز كالجنادب ما بين المكاتب والتلهي بهواتفه.
      كنت انظر إليه متحسرا إذ عندما كنت مديرا للإدارة كنت لا أنام احمل أوراقي وملفاتي إلى البيت وفي جلسة واحدة حتى الصباح أمام الكمبيوتر أعدادا وتنظيما وفهرسة وارشفة لسجلات الموظفين وغيرها من سجلات وملفات الإدارة ، وفي الصباح الباكر أعود بكل ذلك الحمل الثقيل إلى المكتب لأغذي كمبيوتر المكتب من خلال الأقراص المرنة أو (الدسكات) بما أنجزته ليلة الأمس ، انه فرق شاسع ما بين عهد وعهد ، وفكر وفكر .
      فاروق الأهواني مصري الجنسية ضخم الجثة وصل سكن التقاعد ، معتل الصحة ، بالكاد وبجهد جهيد يقطع خطوة واحدة على الأرض ، كان يعمل بإحدى المجلات العُمانية ، عاد إلى مصر ولم يستطع البقاء فيها ، فعاد أدراجه لعُمان ، احتاروا أين يضعوه ، وبعد رحلة بحث فيما بين الأرشيف الصحفي إلى التصحيح إلى قسم التحرير لم يجدوا مكانا أجدى من شئون الموظفين ، سيما انه أي الاهواني اكتشف ان الطائي مولع بحقوق وعرق العاملين فعمل في هذا الاتجاه بقوة وعنف وقسوة بغرض تثبت أقدامه في الحديقة إذ ذلك كل ما كان يهدف إليه .
      وكان له ما أراد ، طوال عدة سنوات سرق الأهواني مستحقات العاملين فقدمها كشراب طهور للطائي فتجرعها ثم اثني عليه خلافا لما ينص عليه قانون الحديقة الجوارسية ثم أبقاه حتى وضحت للعيان هياكل العاملين العظمية، تلك هي وحدها معايير الكفاءة المطلوبة في الحديقة.
      في هذه الفترة صال الهجان والأهواني وجالا في كيفية استقطاع المزيد والمزيد من مستحقات العاملين كما أخبرتكم اذ هي الطريقة الوحيدة لاثبات الذات ، وفي هذه الفترة السوداء غيروا عقود عمل العاملين قسرا وبالإكراه ، فقانون العمل العُماني ينص صراحة على ان الإجازة هي 30 يوم كل سنة ، فإذا بهم يلغون هذه المادة ويجعلونها كل عامين ، هذه النقطة عاني منها الأجانب قبل غيرهم إذ هم يستحقون تذاكر سفر لموطنهم كل عام فإذا بها كل عامين ، يتعين عليهم رؤية أهلهم وذويهم كل عام، فإذا عليهم رؤيتهم كل عامين .
      هم لا يعلمون مدى المرارة التي خلفوها في حلوق اؤلئك العاملين المساكين ، ثم ان قانون العمل العُماني أكد بوضوح وجلاء بأنه وإذا ما استدعت الشركة العاملين لديها للعمل أيام العطلات الرسمية والأعياد فانه يتعين عليها ان تدفع لهم نظير هذا اليوم بزيادة 25 % ، الهجان والاهواني الغوا هذا القانون بعد ان الغوا الـ 25% هذه وقدموها كهدية للطائي كتأكيد على انهما حريصان على أموال الحديقة الجوارسية فاثنى عليهما أيما ثناء فهذه هي الكفاءة الإدارية المطلوبة في ذاك الزمان وفي ذاك المكان كما حدثتكم. لم يكن في وسع أي من العاملين غيري الاعتراض على هكذا أفعال وبناء ما سأحدثكم عنه لا حقا .
      في يوم من الأيام حدث صدام بيني وبين المعولي ، ذهب واخبر الطائي ، فجاء على الفور وفي قاعة قسم الإعلانات حيث مكتبي ومكاتب الشئون المالية رفع عقيرته بالصياح المدوي قائلا :
      ـ جئت بالمعولي لأضعه فوق الجميع .. فوق أخي عبد الحميد الطائي نفسه ..
      كنت الوحيد الذي يعلم كيف ولماذا جاء المعولي إلى الحديقة ، بل إنني سميت الوظيفة التي سيشغلها وقبل ان يشغلها وقبل ان يخبر الطائي بنيته وكنت اعلم أيضا بان طلبه مقبول مقبول ، ثم انني اعرف شيئا واحدا ساطع كالضؤ وباهر كالشمس ، هو ان الله عز وجل هو الذي فوق الجميع وليس المعولي .
      كتبت للمعولي رسالة مطبوعة على الكمبيوتر تأكيدا على ثقتي بنفسي واثباتا لما قلته له إذ لا أزال احتفظ بنسخة منها ، قلت له فيها وبوضوح تام :
      · انك كنت دائما رجل الوطن في وزارة الإعلام ، وفي الحديقة انت فوق الجميع فاين هي مكانة الله عز وجل ، الله عز وجل هو الذي فوق الجميع ولست انت كما يزعم الطائي .. اما العلاقة بين الزملاء في العمل فتلك يحكمها قانون العمل العُماني وهو الذي ينظم العلاقة بين الرئيس والمرؤوس ، هذا كل ما هناك ..
      هكذا كتبت له ، مصطلح رجل الوطن بالإعلام هو بطبيعة الحال قول مهذب لمصطلح ( جاسوس الوطن بالإعلام) ، وبما إنني كتبت إليه هذا الكلام ولم اقله شفاهة فقد حمل الرسالة إلى الطائي ، وقبلها أرسل اليّ ردا مطبوعا على الكمبيوتر أيضا لا أزال احتفظ به كذلك ، يمور مورا بعبارات الود الجميل مارا مرور الكرام على النقطة الوهاجة وهي قولي : انك رجل الوطن بالإعلام ، لم يعقب عليها ، لم يستنكرها ، لم يشجبها ، لم يغضب منها ، حمل الرسالة للطائي فماذا كان الرد الذي تلقيته ؟..
      من المفترض جدلا ومنطقا ان يُعقد مجلس تأديبي وفوري لامثل صاغرا أمامه باعتباري قلت كلاما خطيرا في حق مدير الإدارة وكان يتعين فصلي من العمل فورا ، غير ان كل ذلك لم يحدث على الإطلاق يا أخوان ، العكس هو الذي قد حدث ، فقد أمر الطائي جاسوسه الأثير ان يقدم لي هدية عبارة عن طاقم أقلام باركر فاخر بني اللون لا أزال احتفظ به حتى اللحظة ، وسيبقى معي إلى ما شاء الله ولتبقى الذكرى حية متقدة كالجمر ، قال لي وهو يقدم طاقم الأقلام بعد ان تم تغليفه بالورق الخاص بالهدايا فبدا الصندوق أنيقا :
      ـ تقبل يا أخي هذه الهدية كعربون صداقة وحب ..
      ذلك كان ما يكفيني من دلائل على ان المعولي قد خان وطنه سلطنة عُمان لصالح الحديقة الجوارسية الجميلة . وهكذا بقى المعولي إلى الآن يتقلب في النعيم الحرام ، سيارات ، واعطيات ، واموال ، وفلل ، فهنيئا له بكل ذلك ، واللهم لا حسد..
      الفصل العاشر
      استشهاد عادل بن يحي الريامي
      هو اكثر الفصول دموية ابان عملي كمدير للادارة بالحديقة الجوارسية الجميلة ، وكما اخبرتكم سابقا بانني انشأت كل اقسام الجريدة وكل مفاصلها وكل نقاط الارتكاز فيها فانني بالقطع أعلم من اين يؤكل الكتف فيها ذلك بديهي ، فكانت حادثة استشهاد الاخ والزميل العزيز والحبيب / عادل بن يحي الريامي الذي حملني امانة ان اعلن للناس كل الناس أين كانوا واين وجدوا عذاباته الشخصية وفداحة الظلم القاتل الذي تعرض له داخل اسوار الحديقة .
      فالريامي عليه رحمة الله كان يدي اليمنى في الادارة ، شاب عُماني شديد التهذيب ، مؤدب بنحو يفوق الوصف والخيال ، خفيض الصوت ، اذ تحدث لايكاد يُسمع خشية أن يخدش صوته طبول آذان الاخرين ، لا يتدخل فيما لا يعنيه ، لاينظر إلا عبر النظرة الاولى المباحة شرعا ، نشأت بيني وبينه علاقة صداقة وود حميمه ، الادهي ان ما يربط الطائي والريامي علاقة قربى .
      غير ان كل ذلك لم يكن ليشفع له ازاء طعنات نجلاوات تلقاهن بقسوة وبدون رحمة من الطائي الكبير ومن الطائي الصغير معا ، لم يملك الريامي وهو في قمة لحظات الصدق البشري تلك غير الالتفات الى الخلف ليرى عبد الحميد الطائي ايضا وليقول كما قال قيصر من قبل قولته الاخيرة والشهيرة : (حتى انت يا بروتس) بروتس هذا هو عبد الحميد بن سليمان الطائي الشقيق الاصغر للطائي الكبير سيد الحديقة ، وهو الذي حدثتكم عنه عرضا اذ كان لا يزال طالبا بالمعهد الاسلامي الثانوي بالوطيه العام 1984 عندما كنا نحن نبذل العرق والجهد ونكتب الابداع كله على صفحات الوطن.
      سافر عبد الحميد الى الولايات المتحدة الاميركية لاكمال دراسته الجامعيه ، مكث هناك عدة اعوام وعاد خال الوفاض بعد ان ادمن المخدرات ، وذلك كان سببا في فشله الدراسي باميركا.
      كان عبد الحميد الطائي وقبل سفره لاميركا يعايش قصة عاطفية نبيلة ، لقد اختار قلبه الفتاة السعودية (نجوى) قبل سفره بيد ان الطائي الكبير رفض هذا المشروع جملة وتفصيلا وبدون اسباب مقنعة ومحددة ، واذا كانت الاسباب غير مقنعة فهي بالتالي عنصرية بحتة ، لطالما حدثني عبد الحميد حديث الملتاع والطعين في العام 1984 عندما كان طالبا لا يزال في المرحلة الثانوية بانه اخيه محمد الطائي يعارض زواجه رغم مباركة جميع الاهل له ، وانه يمارس عليه قمعا عاطفيا غير مقبول ، وبالطبع فان معارضة محمد الطائي للمشروع تعني موته في مهده اذ كان ولا يزال يمتلك مقدرات عبد الحميد الطائي المالية ، وبقدر لايستطيع معه هذا الاخير اتخاذ أي قرار احادي الجانب حتى لو كان شخصيا بحتا وتلك هي مأساة عبد الحميد الطائي حتى اليوم .
      كانت علاقة عبد الحميد وطيدة مع اسرة الفتاة وكان من المفترض ان يمضي هذا المشروع لمبتغاه النبيل، ومع اشتداد معارضة محمد الطائي لهذا الزواج ماتت (نجوى) فلم يجد عبد الحميد مناصا غير السفر او الهرب لاميركا ، وما انا على اقتناع منه انه لن ينسى (نجوى) أبدا ستبقى حية في فؤاده وسيبقى ساخطا لاعنا كل الذين وقفوا في طريق وصوله المشروع اليها، ربما اراد الهروب اليها في اميركا عبر مطية المخدرات ، ذلك احتمال سيبقى فاعلا وقائما ومطروحا .
      عاد عبد الحميد الطائي من اميركا هزيلا شاحبا تائه النظرات ، مشتت الفكر ، كنا قد انتقلنا الى المبنى الجديد بالغبره ، وكان طبيعا باعتباره الاخ الاصغر للطائي الكبير ان يعين على رأس دائرة التحرير هكذا مجازا وبدون تسمية وظيفية واضحة ومعلنة.
      كان مقهورا وهو ينفث دخان سيجارته ونحن وقوف امام بوابة الوطن الخارجية ، وبعد ان عانق الدخان الهواء بعيدا عن وجهه سألني في حيره وعذاب :
      ـ ما هي وظيفتي في الوطن ؟..
      · انت الرجل الثاني..
      لم اقل انت مدير التحرير أو نائب رئيس التحرير اذ كنت اعلم بانه لن ينال هذه الدرجة رسميا ابدا ، فهواجس الطائي النفسية لاتسمح له بخلع تسمية كهذه على أي من العاملين لديه ، ربما يخشى حركة انقلابية تصحيحية كما يحدث في دول العالم النامي عند سفر الرئيس للخارج ، نظر اليّ نظرة فيها من المعاني ما فيها ، كأنه يقول انت تجاملني ، وكنت بالفعل كذلك ، ذلك انني وفي تلك اللحظة دسست يدي في جيبي واخرجت (قناع الدهاء) ثم اخفيت وجهي خلفه فهذا ما يتطلبه الموقف وهذا ماعلمنا اياه الطائي الكبير على مدى عقدين من الزمان في هكذا مواقف .
      ما حدث يا اخوان هو ان الطائي الصغير وجه رقاع الدعوة لعادل الريامي للسفر للنزهة وللترويح عن النفس في الهند والعلاقة بينهما تماما كالعلاقة التي (كانت) ما بين قيصر وبروتس ، سافرا معا ، وعند وصولهما المدينة المستهدفة لم يخرج عبد الحميد من الفندق إلا لاحضار المزيد من المخدرات طيلة ايام الرحلة والحديث للشهيد الريامي كان منكبا على مخدراته ، الريامي طلب منه الكف عما يفعل غير انه زجره بقسوة وعنف باعتباره ليس طفلا ، فسكت عنه.
      عادا لمسقط ، عبد الحميد كان هيكلا عظميا بحتا لا اثر فيه لاي لحم ، عظم وجلد ، اما الشهيد عادل فقد عاد ماشاء الله كما سافر بكامل صحته ، بكامل لياقته ، وبكامل قواه العقلية ، كدليل ناطق على انه لم يفعل هذا الشئ الذي فعله الاخر ، في مكتب رئيس التحرير في الطابق الثاني وقبل ان ينقل مكتبه الى المكتب الاخر بالطابق الثالث حيث تبدو الوجاهة والابهة وآيات من القرآن الكريم بارزة المعالم تم صبها على الحائط خلف ظهره ، كان هناك الطائي الكبير وعبد الحميد وانا ، وكان شكله العام أي عبد الحميد يثير الرعب فعلا ، دخل علينا المحاسب اومكار وقال بعفوية بعد ان صعقه المشهد قال باللغة الانكليزية :
      ـ يالهي عبد الحميد ماذا حدث ، لماذا انت نحيل هكذا؟..
      وددت لو استطالت يدي وبسرعة البرق لتكمم فمه ، غير ان الكلمات خرجت سريعة كالرصاص ، وقبل ان التفت اليه قال اومكار كل ما عنده وخرج، وعم المكتب صمت مطبق وحرج مميت، خرجت أيضا أو هربت ، وكنت اعلم اصلا بتفاصيل كل شئ فقد اخبرني الريامي عليه رحمة الله بكل ما حدث ، بسرعة تم الاتصال بـ حسين مرسي وهو زميل قديم ايام كنا في الوطية غير انه عاد للقاهرة منذ الثمانينات ، وتم ترتيب سفر عبد الحميد للقاهرة ليتكفل حسين مرسي بامر علاجه في احد المصحات المتخصصة في هذا النوع من البلاء .
      ما بعدها كان الاعظم ، فقد قال عبد الحميد في محضر اقواله عن اسباب انكبابه على المخدرات وكما اخبرني الشهيد عادل ، قال :
      ـ الريامي هو الذي حضني على تناول المخدرات ..
      غير ان السؤال المنطقي يطرح نفسه تلقائيا ، فاذا كان الريامي حضه على ذلك لكان احرى بالريامي ان يعود الى مسقط محمولا على نعش ، بعد ان عاد الاخر على صيغة هيكل عظمي يمشي بين الناس ، دفع مردود بكل تأكيد، وهنا بدأت غصة الالم الوبيل تطعن في حلق الريامي وفي صدره وفي قلبه أيضا، قال لي قبل بضعة شهور من وفاته وبالحرف الواحد :
      ـ لن أنسى ابدا ما قاله عني الجبان عبد الحميد الطائي..
      في صباح يوم كئيب الملامح ، وبمجرد وصول عادل لمكتبه جواري في الادارة تم استدعاؤه من قبل الطائي الكبير الى المكتب الموجود في الطابق الثاني والملاصق لمكاتب القسم المحلي ، اوصد الباب بعناية ، الطائي وقد احتل صدر المكتب كأسد جائع كان زئيره يهز البناية كلها وقبل ان يدخل عليه الضحية ، وكانت انيابه تلمع كالبرق اذ خيط شمسي انعكس عليها عبر النافذة القريبة ، فيما كانت مخالبة وقد بدت مسننة مستعدة تماما للقطع وللنهش ، جاء الريامي يجرجر قدميه اذ هو يعرف الى اين تقوده قدماه في هذا الصبح حالك السواد ، جلس الريامي امامه كتلميذ صغير ، او لنقل كظبي ولدته امه للتو ثم طُلب منه قسرا ان ينازل حتى الموت هذا الاسد الهصور ، فلمن تكون الغلبة يا تري ؟..
      هناك وفيما خلف الباب الموصد تم عصر الريامي حتى العظم بل حتى النخاع ، بل تم تمزيقه اربا اربا ، وبدون شفقه أو رحمه ، وأُسمع من التعنيف ما أُسمع ، اذ كيف يجرؤ على ارغام اخيه ذلك الحمل الوديع على تناول المخدرات ، ليس بوسع هذا الليث الجائع ان يسمع كلمة اخرى وقد دس وجهه خلف قناع الطغيان ، فما قاله عبد الحميد يجب ان يكون هو كل الصدق وعين الصدق ، وما يقوله المنتمين بالفخر كله للجنس الاري يتعين الايمان به وان كان موغلا في الضلالة..
      لقد صدر الحكم بالامس وفي البيت ، اما المحاكمة فكانت صورية بحتة ، اذ الخصم والحكم هما رجل واحد شديد المراس ، شديد البأس ، شديد البطش ، لا يعرف قلبه معنى الرحمة، ثم لاشهود ، لا استوثاق ، لا قرائن ، لا مقارنة للبينات ، لا نظرة فاحصة وصادقة الى هيئة الريامي ليتبين عما اذا كان رجل بالمواصفات التي ذكرنا من الممكن ان يرغم شخص عاد من اميركا ولم يكمل دراسته فيها بسبب المخدرات بل اضحى استاذا فيها من الممكن ان يُرغم على تناول المخدرات ..
      ثم كيف لعادل ان يعطيه اياها وهو لم يعهدها قبلا ، ولو كان الريامي يتعاطاها اصلا لعرفت ذلك منذ وقت طويل فهو قريب مني لحد التلاصق في العمل وانا رئيسه المباشر، اذ الحق اقول انني لم الحظ على الاطلاق من الريامي أي تصرف يشير الى انه مدمن مخدرات ، كان دائما الى جواري وكنا نتحدث معا طوال الدوام كله ، ولم يظهر أي تصرف كالذي يظهره المدمنون على المخدرات، ذلك امر يستحيل اخفاؤه .
      لم يكن في في تلك المحاكمة الصورية إذن مكان للمنطق ، لامكان للحجة ، وبالتالي لامكان لـ (العــدل) ، وصدر الحكم بفصل الريامي من الحديقة هكذا تعسفيا والى الابد وفي جلسة واحدة لم يحضرها غير الضحية والجلاد ، عندما خرج من المجزرة عاد اليّ ليودعني كانت نظراته تقول كل شئ ، وكانت عينيه تقدحان الدم والشرر معا ، فالظلم يا اخواني يحرق في الفؤاد ويطعن كخنجر تحت الحجاب الحاجز وفوقه ايضا ، ثم هو داء قاتل كما تعلمون ، كان عليّ ان افهم وان استوعب فهيئته العامة كانت تقول كل شئ ، غير انني سألته وكنت اعرف بالحدس ماذا حدث ؟.. قال :
      ـ لقد فصلني ..
      اخذ الريامي حاجياته الخاصة وخرج من المكتب ومن اسوار الحديقة بغير رجعة ، رافع الرأس ، رابط الجأش، لم يتوسل ، لم يلطم الخدود ، غير ان في عينيه كان كل عذاب (الظلم) على وجه الارض يغلي ، لقد انتقل بعدها الى الرفيق الاعلى تاركا الدنيا بمن فيها لأسود وذئاب الغابة تفعل فيها ما تشاء ، غير انه وتلك قاصمة للظهر لم يمنح الظلمة صفحهه ولا مغفرته ، لقد عاش مظلوما ومات كذلك ... فمرني أيها الثأر المعلا .
      ثم من الذي سيدفع دية هذا الشهيد لا لذوية فحسب بل للشعب العُماني بأسره .. وما هو دور مكتب العمل ازاء فصل مواطن عُماني بهذا النحو المهين لشرف المواطنة وهو لم يرتكب جريرة عمل ولم يخالف بنود قانون العمل العُماني الصادر بمرسوم سلطاني سامي ، الامر برمته نرفعه الى الجهات المختصة ، لتفتح الملفات القديمة ، تماما كما فتحت بريطانيا العظمي ملفات حادثة موت الدكتور ديفيد كيلي ، فاذا كانت بريطانيا العظمى رأت ان كيلي يستحق هذا التحقيق ، فنحن نرى بان الريامي يستحق تحقيقا اعمق واشد صرامة ، ذلك انه رحل (مظلوما) وعاش مظلوما ، ثم ان الظلمة يمرحون ويسرحون الان في مسقط ، ولم يدر بخلدهم ابدا بان الواقعة ستفتح يوما ، حسبوها ماتت كما مات الريامي ، اننا نتطلع من على البعد لعودة الاعتبار كاملا للشهيد عادل بن يحيى الريامي عليه رحمة الله ، فقد حملني امانة ابلاغ الناس بمأساته الشخصية القاتلة ، وها نحن فعلنا عزيزي عادل
      .. الفصل الخامس عشر
      سرقة مخصصات المراسلين الاجانب
      كل الصحف المحترمة وغير المحترمة العربية منها وغير العربية باتت تقوم بتعيين مراسلين لها بعواصم الدول الاخرى لمدها بالاخبار والفعاليات والمقابلات والتحقيقات الصحفية الخاصة بها والتي تختلف لونا وطعما بطبيعة الحال عما تبثه وكالات الانباء العربية والعالمية ، الوطن ارادت ان تمتطي صهوة هذه الصيحة الصحافية الجديدة باعتبارها مجازا صحيفة محترمة !..
      وكنت انا المبتلى بطبيعة الحال بهذا العمل اضافة الى عملي كمدير لدائرة الانترنت وككاتب لزاوية يومية شهيرة ، بدأنا في تعيين المراسلين في عواصم العرب وفي عواصم العالم ، بداية علينا الانتباه الى ان الطائي رفض توقيع أي عقود تحفظ حقوق المراسلين المالية ، وذلك ما سيوضح لكم النية المبيتة لما سيفعله لاحقا بهم ، نكتفي فقط برسائل اعتماد لوزارات الاعلام بدولهم ، وبما انه ليست هناك عقود مكتوبة فان المراسل من الممكن له ان يثبت بانه عمل لدينا مراسلا من دولته ، اما مقدار اجره فهذا ما ليس بوسعه اثباته.
      وهكذا يا اخوان كان لدينا الاخ عريب الرنتاوي من العاصمة الاردنية عمان ، ثم اضفنا اليه شاكر الجوهري ، حتى نجعلهما يتصادمان ويتصارعان في المحافل الرسمية وليدعي كل منهما بانه مراسل الوطن ، ومن خلال هذا الصراع يتدفق الينا العمل الافضل وبغض النظر عن الاحتراب الذي نحدثه بين الزملاء في عواصم الارض ، لدينا الزميل عاطف عبد الجواد من واشنطن مراسل الـ بي بي سي العربية الان ، ولدينا الزميل على ابراهيم السيد من لندن ، ثم عبد لله حموده ، ولطفي الحناشي من تونس ، وحمود منصر من اليمن ، وعبد المنعم السيسي من الكويت ، وماجد عبد الهادي من رام الله بفلسطين مراسل قناة الجزيرة الان ، وزهير ماجد من بيروت ، ودكتور / هاني شادي من موسكو ، ودكتور / رياض عواد من دمشق ، وندى عبد الصمد من بيروت مراسلة البي بي سي العربية الان اذ كانت تعمل معنا قبل الزميل / زهير ماجد ، ومكتب الوطن من القاهرة الذي يديره الزميل القديم حسين مرسي الذي حدثتكم عنه سابقا ، ومراسلين اخرين .
      العديد من هؤلاء الزملاء تحدثوا لي بمرارة باعتباري مسئولا عنهم عن الاسباب التي تجعلنا نتعاون مع اخرين من نفس العاصمة ، وكيف ان ذلك يسبب لهم حرجا لا يوصف اذ هم يزعمون في المؤتمرات الصحفية على سبيل المثال بانهم من الوطن العُمانية ، ثم ينبري اخر ليقول الشئ نفسه ، طلبوا مني ان نوقف هذه الازدواجية غير المقبولة مهنيا واخلاقيا ، انا أومن واقر بانهم على صواب ، بيد ان ساسة الحديقة لايؤمنون بهكذا معتقدات نظيفة وبالتالي فقد بقى الامر على ماهو عليه حتى الان .
      اما الزميلة ندى عبد الصمد مراسلتنا السابقة من بيروت فقد اشتكت لطوب الارض فعلا لا قولا وقبل ان تترك العمل معنا، فعندما ترسل اخبارا وفعاليات احولها لـ عبد الحميد الطائي الذي يكتب عليها بانها دون المستوى ، قالت لي :
      ـ ماذا يريدون ؟..
      · لا ادري ..
      تحدثت الى صديقتها الصحفية الضخمة حنان البدري في واشنطن واخبرتها بانها لم تهتد الى ما تريده الوطن العُمانية ، حنان بدورها تحدثت معي في هذا الشأن مطولا ، قلت لها :
      · ـ انني اقرأ ما ترسله الينا الزميلة ندى اولا ثم احوله الى عبد الحميد الطائي ولا ارى غبارا عليه اصلا ، فيبلغني بان عملها دون المستوى ولا اعرف ما هو الذي دون المستوى..
      ـ هل تعلمون ان ندى صحفية محترفة وانها راسلت وتراسل العديد من الصحف والاذاعات ، وانه لم يقل لها احد ما تقولونه لها فما هو الموضوع بالضبط ..
      · نعم .. نعم .. اعلم ، انا شخصيا اتفق معك اخت حنان ان موضوعاتها جيدة ، ولكن من يقنع عبد الحميد الطائي بذلك ..
      ـ على كل شكرا لك .. ومع السلامة
      · مع السلامة .. اخت حنان ..
      فاذا كانت الزميلة ندى دون المستوى فما هو سر الابداع الذي قدمته للـ بي بي سي العربية ابان حرب العراق الاخيرة ، والعالم كله استمع اليها وهي تقدم عملا صحافيا خرافيا ، الحقيقة يا اخوان هو ان عبد الحميد الطائي اذ هو يقيس الامور بمزاجه المتقلب وبعصبيته الزائدة ثم هو مدمن مخدرات قديم وعتيد تعلمها في اميركا لو تذكرون كان هو الذي دون المستوى ، لذلك لم يستطع فهم ما تقوله ندى عبد الصمد من بيروت ، فلها العتبي مني شخصيا حتى ترضى ، اذ عذبناها بما يكفي ولم نحترم كفاءتها الصحفية النادرة .
      كان عليّ ومن خلال برنامج اكسل ان اعد كشوفات المراسلين الاجانب في نهاية كل شهر ميلادي ، كل مراسل امام اسمه اجره المتفق عليه بدون عقد ، وكان كل مراسل يعرف مقدار اجره ، اقوم وبعد اعداد هذه الكشوف اقوم بتسليمها لـ عبدالحميد الطائي مدير التحرير مجازا ، والذي وبدوره يحوله الى اخيه الطائي ، هنا ينتهي دوري في اعداد كشوفات المراسلين الاجانب ، الطائي وعشوائيا ومزاجيا يقوم بشطب الراتب المتفق عليه ووضع رقم جديد بالقلم ، مثلا عاطف عبد الجواد 1000 دولار يشطب هذا المبلغ بقلمه ويكتب فوقه 600 دولار وهكذا يطال الشطب والتخفيض كل المراسلين ، ثم يسلم الكشف للمحاسب اومكار الذي يقوم بتحويل المبالغ .
      بعدها كان عليّ ان اتلقى تبعات هذا الاجراء الذي لم اكن على علم به مسبقا وباعتباري مسئول مقلم الاظافر عن المراسلين الاجانب، وابدأ في تلقى المكالمات الدولية منهم ..
      ـالو .. ممكن اكلم مسئول المراسلين ؟..
      · نعم .. انا معك ..
      ـ كيف الاخبار ؟..
      · الحمد لله بخير ..
      ـ هناك مشكلة بسيطة اردت اخبارك عنها ، وهي ان راتبي قد تم تخفيضه ..
      · تخفيضه .. هل انت متأكد ؟..
      ـ نعم متأكد ، وقد عدت للتو من البنك ..
      · اذن وبما انك متأكد فربما ثمة خطأ قد وقع من المحاسب أومكار الذي لايعرف عمله ابدا وهو دائما يدخلنا في اشكالات من هذا النوع..
      ـ لماذا لا تفصلونه او على الاقل تضعونه تحت المراقبة حتى لا يفعل بنا ذلك ؟..
      · لايهمك في المرة القادمة سنراقبه جيدا ولن نترك له الحبل على الغارب ليفعل بكم ما فعل في هذا الشهر ..
      ـ هؤلاء الاجانب لا يعرفون العربية ، وبالتالي فهم يقعون في هذه الاخطاء اليس كذلك؟...
      · نعم .. نعم .. ربما ذلك صحيحا ولكننا ففي كل الاحوال سنضعهم تحت المراقبة فمستحقاتكم المالية هي دوما في اعلى قائمة اهتماماتنا .. يمكنك الاتصال الان بالمحاسب اومكار وسؤاله عن اسباب قيامه بخصم ذلك المبلغ من مخصصاتكم الشهرية ..
      ـ اوكي ساقوم بالاتصال به ..
      · عندما تتصل به لا تترك له فرصة الهروب منك فهذا الرجل Fox ولا تقل له بانني اخبرتك بهذه المعلومة السرية ، فهو سادي ويحب ان يراكم تتعذبون ..
      ـ ما يهمك لن اترك له فرصة ، ويبدو انه محاسب حاقد ..
      · يبدو ذلك ..
      ـ اوكي حبيبي مع السلامة ، ساتصل به الان ..
      · مع السلامة ..
      المحاسب أومكار وعندما يتحدثون اليه هاتفيا بتوصية مني بالطبع فانه وسريعا جدا يدس وجهه خلف قناع الدهاء اذ هو ينتظر أصلا هذه المكالمات على نحو دوري في نهاية كل شهر ميلادي :
      ـ الو .. اومكار
      ـ نعم .. من في كلام ؟..
      ـ انا مراسلكم في ...
      ـ تفضل حبيبي ايش في ؟...
      ـ لماذا خفضت راتبي لهذا الشهر ؟..
      ـ اوه .. يا خي هذا نفر مسئول مال مراسلين ، هذا نفر ما في معلوم شغل .. هو في تخفيض سلري مال انت .. ما في انا ..
      ـ يعني هو الذي خفض راتبي ؟..
      ـ طبعا حبيبي ، هذا نفر تعبان واجد ، كل شهر في اسوي مشكلة حال مراسلين ..
      ـ لكنه قال لي بانك قد ارتكبت هذا الخطأ وانك خفضت الراتب ..
      ـ هه..هه .. هذا نفر في كذب واجد ، ليش انت في تصديق هذا نفر؟..
      ـ لكنني تحدثت اليه قبل لحظات وقال لي بانك تعمدت خصم هذه المبالغ مني..
      ـ ليش انا في اسوي ددكشن حال سلري ما انت ، انا نفر مسكين ، لكن هذا مسئول مراسلين Big Fox ليش انت في تصديق هذا نفر ؟..
      ( وبعد ان شرب المراسل الخدعة بالكامل )
      ـ لماذا لا تخبر رئيس التحرير أو عبد الحميد بما يفعله بنا ؟..
      ـ انا انشاء الله في كلام مال الطائي ، عشان تاني مافي مشكلة مال سلري حال مراسلين ..
      ـ الان هل ستقوم بتصحيح هذا الخطأ ؟..
      ـ طبعا في الشهر الجايي انا في ترتيب مال سلري حال انت ..
      ـ يعني هل ستعيد المبلغ الذي استقطعه مني مسئول المراسلين التعبان اضافة للراتب الجديد ؟..ـ طبعا ددكشن مال شهر ماضي انا في اعطي مع نيو سلري ..
      ـ اوكي حبيبي اومكار .. شكرا جزيلا .. شكرا جزيلا ..
      هنا فاننا نترك الباب مفتوحا على مصراعيه لفطنة المراسل ، فامامه ان يصدقني او ان يصدق اومكار ، لا بد ان يكون احدنا كاذبا ، هذا رغم ان الاحتمال الاول خاطئ تماما والثاني كذلك ، فانا قد قلت بان اومكار فعل ذلك ، واومكار قال بانني فعلت ذلك ، واومكار يعلم ماذا قلت ، وانا اعلم ماذا قال ، وليس ثمة داع لاسأله عما قال ولا ان يسألني عما قلت ، المهم بالنسبة لنا ان يعايش المراسل احساسا ما بالطمأنينة انتظارا للسراب في الشهر الجديد ، الحقيقة المرة يا اخوان هي ان اومكار لم يفعل ذلك ، وانا ايضا لم افعله كما تعلمون ... فمن الذي فعله اذن ؟... انا لا استطيع ان اجيب خوفا وهلعا رغم انني ابتعدت بما فيه الكفاية عن الحديقة وساكنيها ..
      لكم ان تلاحظوا يا اخوان مقدار السعادة التي بدت على المراسل في نهاية حديثه مع اومكار اذ هو يقول وما من شك انه كان مبتسما : ..اوكي حبيبي اومكار.. شكرا جزيلا .. شكرا جزيلا .. ذلك معناه انه قد رضي واقتنع وعرف من هو عدوه ومن هو صليحه في الحديقة وهذا هو المطلوب بالتحديد يا اخوان .. لقد رأيتم كيف ان الطائي بقي بعيدا وفي أمن وأمان من كل هذا العبث ، ولم يذكره احد بسؤ ، بل ان اسمه لم يرد إلا في موضع الخير ، اذ هم يطلبون منا اخباره بما يحدث لهم كناية عن الثقة فيه وفي شخصه الكريم ، وبالتالي فهو بالقطع رجل طيب و(حبوب) وان الذين يحيطون به امثالنا هم الاشرار الملاعين !..
      هذا النوع من السجال الذي حدث بيني وبين المراسلين وبين المحاسب اومكار نسميه داخليا بمصطلح Game وهذا احد الاسرار اذيعه لكم للمرة الاولى اننا لانستخدم هذا السلاح المريع مع المراسلين الاجانب فحسب بل مع الكل داخليا وخارجيا ، مع الاجانب والعرب والعُمانيين ، فكون ان نذكر كلمة Game بعد ان نرى غمزة عين ماكره من الطائي على سبيل المثال فذلك يعني ان على الضحية السلام ، فسيمزق شر ممزق في ذلك اليوم الكئيب ..
      فما قاله المحاسب اومكار وما قلته في حوارنا مع المراسل الاجنبي هو الذي يتعين علينا قوله وإلا سنحال لحبل المشنقة معا وسويا بتهمة (الخيانة العظمي) ، هو أي اومكار وانا نعلم يقينا أين وقع الخطأ ، هو في الاصل ليس خطأ ، انه عمل منظم ومتعمد كما تعلمون، غير انه ليس بوسعي ولا وسع أومكار قول الحقيقة ابدا ، لكل ضحايانا عبر كوكب الارض آسفي وخجلي العميق ..
      اننا نأخذ كل العمل غير اننا لا ندفع كل الاجر (تلك هي المعادلة) الحبيبة ، ثم انني لا استطيع ان اخبر هؤلاء المساكين كيف واين ولماذا تم الخصم ، بعضهم يطلب الحديث الى عبد الحميد ، غير انه يرفض الحديث اليهم فيعود الخط مجددا لي بعد ان يخبر قسم الاستقبال بابلاغ المراسل بانه غير موجود ، يطلبون الحديث لرئيس التحرير فاحول الخط للاستقبال ليحولوه بدورهم للرئيس ، والرئيس يرفض كما رفض اخيه الحديث اليهم فيعود الخط مجددا لي بعد ان يطلب هو تحويل الخط لي بالاسم فماذا عساني اقول لهم في هذه المواقف المشينة؟.. إنه الكذب المهين لانسانية الانسان وقد ضرب باطنابه في أحشاء السلطة الرابعة.
      هنا اتذكر اخوان لي اعزاء في قسم الاستقبال بالحديقة ، اذ ان عليهم وبحد السيف ان يكذبوا في اليوم آلاف المرات ، تأتيهم الاوامر واضحة من سيد الحديقة تفيد بانه غير موجود وهو يبلغ تلك المعلومة للمتصل البائس ، انهم يكذبون ليل نهار ، ليس للصدق مجال في عملهم الذي لا اعلم ان كان حلالا ام حراما اذ عليهم سؤال سماحة الشيخ / احمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة.
      هناك حيلة اخرى تقع في اطار الكذب الوضيع ، ذلك ان قسم الاستقبال وعندما يحول مكالمة للطائي من شخص لايرغب في الحديث اليه هروبا منه فانه يضع (قناع الجبن) اولا ، ثم يتحدث الى ذلك المتصل بالبلوشي أو باللهجة الهندية المكسرة والتي نسميها في عُمان باللغة الثانية هي ذاتها اللغة التي تحدث بها اومكار في الحوار اعلاه ، هي خليط شاذ من العربية الدارجة مضافا اليها كلمات انكليزية مهشمة الاضلاع ، وقليل من الكلمات الهندية التي تسربلت الى خاصرة العربية الدارجة مثل (مافي معلوم) و (نهي) و (تو في اجي) الخ .. ثم يغير صوته تماما ، وبالتالي يعتقد المتصل المخدوع انه يتحدث الى عامل هندي لا الى رئيس تحرير صحيفة عربية محترمة افتراضا وجدلا !..
      عندما يتعب المراسل الاجنبي اذ هو دخل بيت العنكبوت من خلال اتصالاته الهاتفية الدولية المتعددة سائلا طوب الارض عن مخصصاته المالية المنهوبة فانه ومن تلقاء ذاته يكف عن السؤال وعن الاتصال وباعتبار انه سيخسر كل مخصصاته الناقصة اصلا في الاتصالات الدولية في مقابل المبلغ المخصوم منه ظلما ، فلا يملك غير الكف ، وفي الشهر القادم نفعل الشئ نفسه ، وهكذا يا اخوان فقد أكل الرجل الكثير والكثير من السحت وبدون وجه حق من هؤلاء الزملاء المناضلين خلف الكلمة وخلف الخبر الصادق ليسعدوا به قراء الحديقة .
      اما الاخ خالد الحروب من جامعة كمبريدج البريطانية وله زميلة اخرى لا اذكر اسمها كانت تتحدث معي هاتفيا مرارا وتكرارا بهذا الشأن فقد ارسلوا لنا دراسة عن موضوع ما ، اعجبني الفحوى والموضوع ، ثم هم حددوا السعر بالجنيه الاسترليني ، علقت على الرسالة وسلمتها لعبد الحميد الذي سلمها بدوره الى اخيه ، والذي علق عليها بالموافقة ثم بدأ النشر محفوفا بالزهو الجميل ..
      عند الانتهاء من نشر كل الفصول ، وضعت اسم خالد الحروب على كشف المراسلين الاجانب اضافة الى رقم الحساب البنكي الخاص به ببريطانيا ، عندما وصل الكشف الى الرئيس صاح وولول:
      ـ ، انه مبلغ كبير ، لماذا ندفعه ، وخير يا طير ، وهل يستحق هذا الموضوع كل هذا المبلغ ؟.. لن ندفع لهم ابدا ..
      حدث ذلك رغم انه وقع بالموافقة على النشر وعلى الدفع ايضا وبخط واضح على رسالتهم المرسلة إلينا ، ثم وفيما بعد الصراخ والعويل شطب ومع سبق الاصرار والترصد شطب الاسم والمبلغ الموازي له من الكشف .
      نفس الامر فعلناه مع خالد محمد غازي وهو صحفي مصري ، قام بمدنا بعدد كبير من التحقيقات الصحافية الجيدة من القاهرة ، اعجبتنا ثم نشرناها كلها بموافقته طبعا ، وعندما قدم الينا طلباته المالية والتي اخبرنا بها سلفا ووافقنا عليها قبلا ، رفض الطائي دفعها له ، هكذا (عتوا) ، احدهما لا اذكر اما خالد الحروب او خالد محمد غازي رفع شكوى ضدنا لسعادة حمد بن محمد الراشدي وكيل الاعلام سابقا وزير الاعلام حاليا ، جاءت رسالة الراشدي المستفسرة عن الواقعة واسبابها ، طلب مني ان ارد على سعادته بان عليهم ان يقدموا دليلا مكتوبا على اننا وافقنا على تلك الصفقة.
      وبما انهم لايملكون دليلا مكتوبا اذ اخبرناهم بالهاتف بموافقتا على النشر فصدقونا باعتبارنا صحيفة عربية محترمة!.. وها هم الان يدفعون الثمن غاليا اذ هم صدقوا وبحسن نية ما يقوله ساسة الحديقة الجوارسية البديعة .