الرؤية- مسقط
تصوير - خالد العامري
-

أقيم الاحتفال السنوي الذي تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم على مسرح المدينة بحديقة القرم الطبيعية أمس تحت رعاية المكرم الشيخ زاهر بن عبدالله العبري عضو مجلس الدولة.
ابتدئ الحفل بتلاوة عطرة من آي الذكر الحكيم لمحمد بن عبدالله المعمري، تلتها لوحة إنشادية لأنور العاصمي ثم كلمة الوزارة ألقاها سلطان بن سعيد الهنائي المكلف بتسيير أعمال المديرية العامة للوعظ والإرشاد قال فيها: ولد محمد عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة، بين ضجيجِ الجاهلية وصخبها في ربوع أرضٍ أحيطت بسياجِ الشرك والوثنية في مجتمع يَحكم بقانون الغاب بعيدا عن الإنسانية والفطرة البشرية السوية في زمن تمكنت الجاهلية في ربوع العالم من الأخذ بزمام قافلة البشرية تقودُها إلى حافة الهلاك ومواطن الدمار فكان ميلادُه منَّةً عظيمة من الله تعالى على الناس عموما وعلى المؤمنين خصوصا قال سبحانه " لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ "
وأضاف: ولد محمد عليه الصلاة والسلام فسرت روحه الشريفة في جسد الكون الإنساني الذي قارب الوفاة فأعاد إليه الأمل في الحياة وأشرق نوره على ظلام الفتن وسواد انحطاط القيم فوضح للإنسانية درب السلامة والنجاة ووطئت قدماه الشريفتان تراب الأرض فتفاعلت مكونات الوجود وسبحت الأرض والسماوات مستبشرة بإنسانية تتناغم مع تسبيحها وتقديسها لله " تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا" ولد محمد صلى الله عليه وسلم فتهلل الخير فرحا لأن زمان الشر ولى وتبسم العدل ضاحكا لأن وقت الظلم والجور والغطرسة انحسر، واستوى الحق على عوده قوة وإقداما فزهق الباطل ولد مصباح الدجى فتحررت النفوس من الخوف وتخلصت القلوب من الرَّان وصَفَت العقول من الزيغ والخرافات وعَلَت الأبدان على الشيطان والشهوات ولد الهدى فأتم الله بطلعته مكارم الأخلاق ومعالي القيم ومحاسن الحياة " لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ "
إن ميلاد محمد عليه الصلاة والسلام فاصل تاريخي عظيم في حياة الإنسانية، وقد صُنع برعاية الله تعالى وعنايته، يقول صلى الله عليه وسلم " أدبني ربي فأحسن تأديبي " وذلك لأجل أن يكون محمد هو الأعظمَ والأقوى والأفضلَ والأجدر بتحمل الرسالة والصبر على النبوة فلا عجب أن يربى أربعين عاما بين التأمل والتفكر والنظر في خلق الله، وبين دراسة واقع الناس بالمعايشة والمخالطة وبين السير في الأرض ليكتمل المشهد التربوي، والتصور الكامل عن حياة الناس.
ألا ما أبلغ حكمة الله في رسله ،فإن كان عيسى عليه السلام يتكلم في مهده، ويؤتى يحيى الحكم صبيا، فإن محمدا يبعث بعد أن بلغ أشده " حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ " ولقد آتت التربية الإلهية الطويلة ثمارَها؛ إذ كانت العشرون عاما ونيف كافيةً لتغيير الحياة بأسرها كافية لتكون كلمة الله هي العليا كافية لأن يُسْلِم الناس نفوسهم وقلوبهم وعقولهم لله وحده لا شريك له كافية لأن ينقاد الناس من عليائهم لدين الله عز وجل كافية لأن يتمَّ الله نعمة الإسلام، عقيدة وفكرا أخلاقا وقيما عبادات ومعاملات " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ".
وقال: لتتأمل الأمة المحمدية وهي تنعم بذكريات نبوتِه الخالدة حديثَ الله تعالى عن عبده المصطفى صلى الله عليه وسلم ولتعظمْ به نبيا ورسولا، لتعلمَ أنه سرُّ فلاحها ونجاحها أفرادا وشعوبا ودولا ولتتعلمِ الأسرُ والمجتمعات والشعوب كيف يُصنع القادة والمؤثرون وكيف يربى حماةُ الحق ودعاةُ السلام يقول تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا "
وفي الختام أوضح قائلا: تغتنم وزارة الأوقاف و الشؤون الدينية ظلال هذه المناسبة الجليلة من ذكريات النبي الأمين لترفع أسمى التهاني و أعطرها للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله و رعاه داعين المولى جلت قدرته أن يديم عليه نعمه ظاهرة وباطنة بعمر موفور بالصحة و العافية و أن يعيد عليه هذه المناسبة بكل يمن و خير و نسأل الله أن يعيد هذه المناسبة على الشعب العماني المسلم وعلى الأمة الإسلامية و هم ينعمون بمحبة رسول الله وطاعته إنه ولي ذلك و القادر عليه
وقد تضمنت الفعالية فقرات إنشادية شارك فيها نخبة من المنشدين العمانيين المجيدين منهم حسن العميري وناصر الكندي وعبد الحميد الكيومي، وسط حضور جماهيري كبير، مع وجود مسابقات هادفة للأطفال.
وتأتي هذه الاحتفالية لتؤكد على حرص اللجنة المنظمة للمهرجان على حضور الفعاليات الدينية ضمن روزنامة فعاليات مهرجان مسقط.