كتاب: The Secret - جديد عبدالله المهيري

    • كتاب: The Secret - جديد عبدالله المهيري

      كان فيلماً ثم أصبح كتاباً وكلاهما من أكثر الأفلام والكتب مبيعاً، رأيت من يتحدث عنه في التلفاز والشبكة وما رأيته من مقاطع للفيلم جعلني أبتعد عن شراءه أو شراء الكتاب فهناك مبالغات كثيرة ومحاولة لإعطاء فكرة بسيطة حجماً أكبر من حجمها، الفيلم يحوي لك أن هناك بالفعل سراً خطيراً أخفي عن الجميع بفعل فاعل وأنك الآن ستعرف السر وهذا السر سيقودك للسعادة والثراء والنجاح، أوبرا تحدثت عنه في حلقتين من برنامجها، هناك أناس كثر كتبوا عنه في الشبكة وهناك على الأقل شخص واحد أخبرني أن علي شراء الكتاب فاشتريته ووضعته على الرف دون قراءة لأنني حدسي يقول لي: الكتاب يحوي كلاماً فارغاً فلا تضيع وقتك.

      الآن بعد أن قرأته كان علي أن أتبع ما أشعر به ولا أضيع من مالي فلساً لهذا الكتاب لأن ما يحويه يمكن وصفه بالهراء، الكلام الفارغ، أوهام، وقاحة!

      دعني أختصر أولاً لأقول بأن "السر" هو التفكير الإيجابي، إن لم تشتري الكتاب فلا حاجة لشراءه، اقرأ أي مقالات في الشبكة عن التفكير الإيجابي وستجد فيها كفاية عن الكتاب، لكن كتاب السر يذهب لأبعد من ذلك فيقول بما معناه أن الكون مسخر لك وكل ما عليك فعله هو أن تطلب من الكون ما تريد، أن تؤمن بأن ما طلبته قد حصلت عليه، لاحظ حصلت عليه وليس ستحصل عليه، عليك أن تفكر بالحاضر فتقول مثلاً أنا حصلت على مليون دولار وليس "سأحصل" على مليون دولار، بعد أن تطلب وتؤمن عليك أن تتلقى ما طلبت - هكذا - وهذا المبدأ الذي يدور حوله الكتاب ويسمونه قانون الجذب ويعامل هذا القانون كأنه قانون علمي ثابت نتفق عليه كما نتفق على وجود الشمس.

      هناك ترديد في الكتاب حول الحقيقة العلمية لقانون الجذب وتكرر الحديث عن الفيزياء الكمية وعن المغناطيسية ويبدو أن كل هذا وسيلة لإيهام البعض بأن ما يقوله الكتاب حقيقة لا تقبل الجدال، لكن ما هي الأبحاث أو الكتب العلمية التي تثبت صحة نظرية الكتاب؟ لم أجدها، الكتاب يتحدث عن كتب أخرى تردد نفس فكرته.

      أردت أن أقرأ في الكتاب تذكيراً بأن على الإنسان أن يعمل لكي يحصل على ما يريد فلم أجد إلا في صفحة واحدة كلاماً يدور حول الفعل المباشر وغير المباشر، فعندما تطلب وتؤمن وتتلقى ما تريد عليك ألا تعمل بقصد أن تحصل على ما تريد لأن ذلك يتناقض مع قانون الجذب، هناك الفعل غير المباشر والذي سيجذب لك ما تريد، الفعل غير المباشر هو أن تفعل شيئاً دون أن تقصد أن تحصل على ما تريد، بمعنى آخر: الصدفة، فقط آمن بما تريد وسيأتيك ما تريده بشكل ما.

      الكتاب يقول بأن عليك تقبل أنك أنت وحدك الذي تجلب لنفسك الخير أو الشر، بل يمكن لجماعة من الناس أن يجلبوا مصائب لأنفسهم من خلال أفكارهم التي تجلب المصائب، فإن كنت فقيراً فهذا لأنك تفكر بأفكار تجلب الفقر، وإن كنت بديناً فلأنك تفكر في ما يجلب البدانة وإن حدث زلزال ومات أناس كثر فلأنهم جلبوا هذه المصيبة على أنفسهم بأفكار تجذب الزلزال.

      ألا ترى مدى وقاحة هذه الفكرة؟ هل يمكن أن نقول بأن ضحايا انتهاك الأعراض والاغتصاب والتعذيب جلبوا هذا لأنفسهم؟ هل يمكن أن نقول لامرأة تعرضت لمحاولة هتك عرضها بأنها جلبت هذا لنفسها؟ هذا الكتاب يحاول أن يلقي باللوم على الضحية هنا وهذا في رأيي وقاحة وأنا مؤدب هنا لأن هناك أوصاف أخرى أريد أن صف بها هذه الفكرة لكن أريد لمدونتي أن تبقى نظيفة.

      خذ على سبيل المثال البدانة، الكتاب يقول وبشكل مباشر أن البدانة لا علاقة لها بالأكل، إن كنت تفكر بأن الأكل سيزيدك بدانة فالأكل سيفعل ذلك، دعني أفترض أنني فقدت عقلي وصدقت هذه الفكرة ولأنني بدين يمكنني أن أستمر على نفس العادات السيئة في الأكل لكن بمجرد أن أغير أفكاري سيتغير شيء ما يجعلني أفقد وزني، علي فقط أن أركز على الوزن المثالي والصحة المثالية ... يا عيني!

      الكتاب يدعوا بشكل مباشر وغير مباشر لأن تتجاهل ما كتب حول الطعام وعلاقته بالجسم والبدانة وما كتب عن الرياضة وعلاقتها بصحة الإنسان وما قد يعانيه البعض من اختلال في أجسامهم يؤدي بهم إلى البدانة أو الأمراض، الكتاب يتجاهل كل هذا ويدعوك للتركيز على فكرة إيجابية وسيتغير كل شيء حولك.

      يتحدث الكتاب مثلاً عن الاختراعات كالطائرة والمصابح الكهربائي وكيف وصلت هذه الاختراعات لنا لأن المخترعين فكروا بإيجابية، ولا يذكر الكتاب كيف أن كثيراً من المخترعين اجتهدوا لسنوات وجربوا وسجلوا الملاحظات وأعادوا التجارب وكرروها بأشكال مختلفة إلى أن وصلوا إلى ما يريدون، الكتاب تجاهل كل هذا الجهد كأن الاختراعات ستأتينا بدونه.

      أكتفي بهذا لأن الهراء في هذا الكتاب يمكن أن تجده في كل صفحة، لا ألوم من اشترى الكتاب وقرأه فهو في رأيي درس رائع في حملات التسويق ولا شك أنه جلب ثروة لمؤلفة الكتاب، لكن أن يصدق الناس الكتاب ويؤمنوا به؟ هذا ما لا أقبله خصوصاً بيننا نحن المسلمين، لدينا ما يكفي في ديننا ليغنينا عن هذا الهراء، ولدينا أناس يتحدثون عن التفكير الإيجابي والعمل والتفاؤل لكنهم يربطون هذا بديننا وما يكتبونه خير من هذا الهراء.

      ليس لدي مشكلة مع التفكير الإيجابي والتفاؤل، العمل مع التفاؤل هو ما يجب أن نشدد عليه وهذا الهراء لا يذكر العمل إلا قليلاً، من أراد تحقيق شيء فعليه أن يأخذ بالأسباب ويتوكل على الله ويدعوا الله أن يحقق له ما يريد، وفي هذا كفاية عن قراءة هذا الهراء.

      عندما أتحدث عن كتاب سأضع رابطاً له، لكن هذا الكتاب لا يستحق ذلك، لا يستحق أن يشترى ولا يستحق أن يقرأ، وإن جادل البعض بأن فيه أفكاراً إيجابية وفيه بعض الفائدة فأقول لهم بأن هناك مصادر أخرى تقدم أفكاراً مفيدة مماثلة وهذا الكتاب لا يحتكرها وليس المصدر الوحيد لها.

      الخلاصة: أنا نادم على إنفاق 75 درهماً لشراء هذا الكتاب، كان علي أن أستمع لحدسي وأعلم أنني مقدم على شراء هراء ضيعت وقتي ومالي عليه.




      المصدر : مدونة عبدالله المهيري


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions