سونيا مبارك لـ"الرؤية":دار الأوبرا السلطانية مشروع تنموي يعزز الحركة الثقافية - جديد جريدة الرؤية

    • سونيا مبارك لـ"الرؤية":دار الأوبرا السلطانية مشروع تنموي يعزز الحركة الثقافية - جديد جريدة الرؤية


      الرؤية- شريف صلاح
      -


      تتمتع الفنانة التونسية سونيا مبارك بإرادة قوية، مكنتها من التغريد في آفاق الأغنية العريبة الأصيلة، مما منحها التميز والاختلاف عن باقي أقرانها في الوسط الفني، ذاع صيتها عربيا وعالميا؛ فهي واحدة من القلائل الذين استطاعوا الدمج بين اللغات المختلفة بالغناء؛ حيث قدمت أغاني بخمس لغات مختلفة؛ وذلك انطلاقا من إيمانها بأن الفن رسالة هدفها توحيد الشعوب.
      المطربة التونسية سونيا مبارك ستحل مساء اليوم ضيفة على دار الأوبرا السلطانية لتمتع الجمهور المتعطش لصوتها العذب بأروع أعمالها الفنية. وقبل بدء الحفل حاورتها "الرؤية" لتضع بين يدي القارئ وجهة نظر الفنانة التي تتخذ من الفن وسيلة لفهم الحياة، ورسالة للوصول إلى الهدف الأسمى؛ وهو نشر الثقافة والدعوة لزيادة الوعي.

      - في أول زيارة لك للسلطنة، ما الانطباع الأول عنها؟ وكيف رأيت دار الأوبرا السلطانية؟
      أعجبتني جدا، خاصة أنها بلد هادئ وجميل، إلى جانب النهضة المعمارية والحضارية الكبيرة. كما أبهرني الصرح الموسيقي، والذي تزين أكثر بالطراز المعماري الأصيل، الذي يعبر عن دقة مبدع وحرفية فنان، وهو الأمر الذي يؤكد أن القائمين على هذا المشروع أولوا جل اهتمامهم بشتى التفاصيل أثناء إشرافهم على بناء هذا المشروع العملاق.
      ومن وجهة نظري، فإن إنشاء دار الأوبرا السلطانية يكلل سعي جلالة السلطان لدعم وتطوير الموسيقى في السلطنة، وهو ما سيعمل على جذب الأنظار الى السلطنة؛ باعتبارها مركزا ثقافيا ينير ليس السلطنة وحدها، بل المنطقة العربية كافة. فعلى الرغم من حداثة عهد الدار إلا أنها استطاعت جذب العديد من أقطاب الموسيقى في الوطن العربي والعالم؛ لذا فإن دار الأوبرا السلطاني مشروع تنموي من الدرجة الأولى؛ الهدف الأساسي منه هو تثقيف الجيل الجديد، غير أن هذا الأمر يظل منوطا بالطرق والوسائل التي سوف تتبعها إدارة الدار لتحقيق هذا الهدف.

      - الجميع يعرف أن سونيا بدأت مشوارها الفني منذ الصغر، لكن الجمهور المتشوق للاستماع إليك يسعى لمعرفة تفاصيل المشوار الفني؟
      عرفني الجمهور التونسي في إحدى الحفلات، وكان عمري حينها تسع سنوات بأغنية "احكيلي عليها يا بابا" مع الفنان الكبير عدنان الشواشي، وهي أغنية للأطفال، وقد بدأت بالغناء للأطفال، ثم درست بالمعهد القومي للموسيقى دبلوم الموسيقى العربية، حتى أصبحت أكاديمية أقووم بالتدريس في المعهد. وتواصلت مع الجمهور من خلال المشاركة في الحفلات والمناسبات العامة، وصدر لي أول ألبوم غنائي عام 1992 بعنوان "الحرية"، ثم توالت الألبومات، وقد حصلت على العديد من الجوائز.
      ففي تونس حصلت على الجائزة الأولى لأفضل إنتاج موسيقي في مهرجان الأغنية التونسية عام 1987، ووسام الاستحقاق الثقافي في عامي 1994 و2000، وفي العام 1995 حصلت على نوط الامتياز النسائي، وأيضا تكريم مهرجان المبدعات العربيات، كما شرفت بتمثيل تونس، وحصلت على جائزة الديابازون الذهبي في فرنسا عام 1997، وميدالية كليرمون فران الفرنسية عام 1997، وجائزة أفضل صوت في مهرجان الأغنية العربية بعمَّان سنه 2002.
      وعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققته أغنيتي الأولى "احكيلي عليها يا بابا"، فإني لم أكن في ذلك الوقت أتوقع احتراف الغناء. لكن سلسلة التجارب التي قمت بها بعد ذلك هي التي شجعتني على المضي قدما في هذا الميدان. وأقصد بهذه التجارب - خاصة - مجموعة المسرحيات الغنائية التي قمت ببطولتها أو بالمشاركة فيها، وأذكر بالخصوص "صيف 61" و"صابرين في مدينة سلطان تاج" و"تحت السور" و"عليسة". وقد مكنتني هذه الأعمال وغيرها من أن أغني للحرية والسلام وللشباب، وما إلى ذلك من المواضيع التي تواصل مشواري معها على امتداد حوالي عشرين سنة. وهي مدة كنت كلما تقدمت فيها بخطوة أتساءل: وماذا عليّ أن أضيف في الخطوة التالية. ولعله من هنا جاء إقبالي على الاستمرار في الدراسة وعلى المضي في التكوين الأكاديمي؛ سواء كان ذلك في الموسيقى؛ فأنا حاليًّا أستاذة موسيقى، أو في العلوم السياسية؛ حيث إنني أعد لأطروحة دكتوراه في هذا المجال. ولقد مكنني هذا الجانب من أن تكون لدي نظرة الدارسة والباحثة والمتثبتة مليًّا في مصادر الأشياء وظواهرها.

      - سونيا مبارك من الفنانين القلائل الذين تمسكوا بطريقهم محافظين على روح الأصالة والرقي في اختيار أغانيهم؛ الأمر الذي قد يؤثر بالسلب في كثير من الأحيان، خاصة أن كثيرين يعتبرون هذا النوع من الغناء مثل "السباحة ضد التيار".. فما تعليقك؟ ومن الفنان الحقيقي في رأيك؟
      كل إنسان يسير عكس التيار تواجهه صعوبات، خاصة بعد أن ساد ما يسمى بالصناعة التي أصبح بمقتضاها المجهود الإبداعي ضئيلا أو تغيرت مواصفاته. ومن منطلق تجربتي الشخصية التي بدأت منذ الثمانينيات فلم يكن هاجسي تجاريا. فقد غنيت للطفل والشباب والسلام والحرية والقضايا العربية لفلسطين ولبنان وغيرها. فالفنان بالإضافة إلى كونه مبدعا، يأخذ الجمهور إلى عالم منشود ووردي، وهو مطالب أيضا بأن يكون رمزا للثقافة ومرآة لواقعه. ولنا في تونس العديد من الأمثلة؛ مثل: الفنانة صاليحة، والفنان الطاهر غرسة.. وغيرهما الذين يعتبرون رموزا للأغنية التونسية.
      والموسيقيِّ لا بد أن يلم بأصول الموسيقى حتى ينتقل إلى تجربة جديدة، مستفيدا من زاده المعرفي الذي كونه من تجارب سابقيه في العالم العربي وخارجه. وهذا ما يفسر انطلاقي بالتراث والمألوف التونسي ثم انتقالي للتجربة العربية والأوروبية.
      والفنان الحقيقي من وجهة نظري هو الذي يخرج الموسيقى من القوالب التي تكبلها؛ لأنها تحمل معها فكرا وثقافة فأنا أؤمن بأن الموسيقى هي لغة كونية للحوار والتواصل مع الآخر؛ لذلك فأنا لا أتفق مع رؤية معظم الفنانين خاصة فيما يتعلق بالموسيقى والطرب والغناء، كما هو سائد في عالمنا العربي. فأنا أحبذ أداء القصائد العربية وهو ما جعلني اغني لشعراء معروفين؛ من أمثال: التميم ابن المعز، وأبي القاسم الشابي، وجعفر ماجد.. وغيرهم. كما أنى أؤكد عندما أنتقي احد أعمال هؤلاء على المضمون ثم أعطي قيمة بعد ذلك للوقت، فأقضي أحيانا سنة كاملة في إعداد عمل واحد. إضافة إلى أنى عاهدت نفسي أن أعرف بالأغنية التونسية ليس على مستوى الوطن العربي فقط، بل على مستوى العالم؛ لذلك فإن تركيزي على أداء موشحات المألوف المستوحاة من التراث الاندلسي يندرج ضمن هذا المسعى.

      - لكِ تجربة في التلحين؛ فهل من المتوقع أن يطغى التلحين على نشاطك كمطربة؟
      قدمت عدداً من التجارب اللحنيّة، وأثبت موهبتي في هذا المجال أيضاً، إذ نجح بعضها كثيراً مثل لحن "اللؤلؤة" للشاعرة جميلة الماجري، و"العهد هلمّ نجدده" للشاعر محي الدين خريّف. كما لحّنت عدداً من قصائد أبي القاسم الشابيّ والطاهر الحداد لم نسجلها بعد. لكنني لا أري أن تجربتي في التلحين ستعوض الغناء، فأنا من المؤمنين بالتخصص وسيبقى الغناء هو غايتي الأولى والأخيرة.

      - اشتهرت بكونك فنانة ذات مواقف، فكيف تصفين الفنانين الذين يفضّلون البقاء في برجهم العاجي محلّقين في سماء الشهرة بعيدًا عن قضايا أمتهم وهمومها؟
      كل فنان يطمح للشهرة ويبحث عن جمهور يعترف به؛ فالجمهور هو الذي يعطي الشرعية الفنية للفنان، وعلاقة الفنان بجمهوره لا بد أن تكون متينة؛ فالمسألة اكبر من مجرد التصفيق والانسجام، وإنما هي علاقة مرتبطة بمدى تأثير الفنان على جمهوره عبر الفكرة والكلمات والألحان التي اختارها، والفنان دون علاقة مع الجمهور يبقى سجين نفسه، وبالتالي لا يمكن فصل الفنان عن جمهوره، لكنه احتراما لهذا الجمهور لا بد أن يكون دائم البحث عن أفكار جديدة يقدمها.
      لكن للأسف، اليوم نحن نعيش في مرحلة استهلاكية حرجة وأصبحنا نستعمل كلمة فنان دون أن ندرك بأنها كلمة لها تاريخها الموسيقي وارتباطها بثقافات وحضارات عريقة، وإجمالا المسؤولية ليست مسؤولية الفنان وحده.

      - عالم اليوم في أمس الحاجة إلى نشر قيم الحوار الثقافي والتسامح بين الشعوب، فهل بإمكان الفن أن يكون نافذة لنشر هذه القيم؟
      أنا مؤمنة بمنطق الحوار المتواصل ما بين الشعوب العربية والمغاربية، ولعل التطوّر الحاصل في وسائل الإعلام يجعلنا أقرب فأقرب، ولكن الحوار الثقافي والفني يتخذ اليوم عندي بعدا أشمل؛ وهو أن ينصهر في منطق العولمة والتنوّع الثقافي في الوقت نفسه؛ إذ لا بدّ لنا أن نحاور الغرب بندية. والفن أبرز وسائل الحوار اليوم.

      - وهل الفنان العربي مطالب بالتخطيط لمستقبل أفضل للأغنية العربية؟
      بالفعل؛ لأننا نعيش في مجتمع متشعب الأعراق، وبالتالي فإن مصيرنا واحد؛ فإذا أخذنا بعين الاعتبار نظرية الأقطاب الثقافية القطب الثقافي العربي الإسلامي والقطب الثقافي الغربي؛ فإننا لا نستطيع أن نتخذ منطق الصراع بدلا من منطق الحوار والسلام. أنا لا أنكر الجهود المبذولة، لكن لا بد من تعميق التجارب المشتركة لما فيها من إبراز للمجهود الإبداعي وخروج من دائرة الأهداف الصناعية والتجارية.

      - احتكار شركات الإنتاج لصوت الفنان بات سمة شائعة، فهل توافقين على احتكار صوتك؟
      احتكار صوت الفنان ليس ظاهرة جديدة، بل ظاهرة طغت في الآونة الأخيرة، وأصبحت القاعدة، وهي موجودة في أوروبا، وبالنسبة لي كلمة احتكار بمعنى تقليص حرية المطرب في اختيار إنتاجه الذي يقدمه للجمهور، وهذا أمر غير مقبول؛ فالمقبول هو أن توفر شركة الإنتاج الأدوات الإنتاجية لصعوبة قيام المطرب بتوفيرها.
      وبالنسبة لي لو فرضت شركة الإنتاج علي غناء لون معين يحول دون تقديم شخصيتي الفنية فأنا ارفضه تماما، وخطورة الاحتكار الآن تتمثل في أن الفنان لا يستطيع اختيار أغانيه، ويفرض عليه غناء لون غنائي واحد حتى أصبحت الأصوات النسائية الموجودة متشابهة مع بعضها البعض إلى حد كبير، وأصبح بعضهن يغني بالجسد وليس بالصوت، وتجتهد في الإغراء ليميزها الجمهور عن غيرها، ومع الأسف الشديد يواجه الفنان صعوبات عديدة ليصل إلى الجمهور بدون شركة إنتاج، وهذه هي الإشكالية التي تواجه الفنان كيف يصل للجمهور دون أن تمس هويته وشخصيته أو بدون تقديم تنازلات.

      - وبرأيك، ماذا ينقص الأغنية التونسية والعربية لمواكبة التطوير والتحديث؟
      ليس هناك من شك في أن الأغنية العربية والتونسية تواكب التطور، صحيح أن السائد هي تجارب تجارية يغيب فيها المضمون، لكنني أعوّل على انتشار الوعي بين الفنانين للنهوض بثقافتنا؛ لأنها سلاحنا السلمي الوحيد في نطاق الحوار الحضاري الذي نطمح إليه.

      - قمتِ بجولات فنية كبيرة في أغلب المسارح العالمية، لكن يبدو أن حضورك تراجع في السنوات الأخيرة، لماذا؟
      أصبحت في السنوات الأخيرة مسؤولة عن مهرجان الموسيقى التونسية، بجانب التدريس في الجامعة لمادتي حقوق التأليف وتقنيات الغناء العربي، وهو ما جعل مشاركاتي قليلة، ولكني منذ 2006 قدّمت عرضا موسيقيا بعنوان "رحلة المتوسط"، وبعد تقديمه على مسرح قرطاج. وفي أهم المهرجانات الدولية في تونس قدمته في كثير من الدول العربية، وحتى الخليجية، والتي كان آخرها دار الأوبرا التي سأقدم فيها هذا العرض الليلة، إضافة إلى مجموعة أخرى من أعمالي.
      - وماذا عن أحلام سونيا مبارك الفنانة؟
      كفنانة أتمنى أن تعبر الأغنية العربية بصفة عامة الحدود، وتحقق انتشارًا كبيرًا على مستوى العالم، وأن تتواجد الأغنية التونسية بصفة خاصة في الشرق العربي، ويكون هناك تبادل بين الملحنين والمطربين في الوطن العربي بما يثري الأغنية العربية بشكل كبير، وأن أقدم إضافة للموسيقى التونسية. وهذه هي رسالتي التي أتمنى إتمامها على أكمل وجه، وعلى المستوى الإنساني أتمنى أن أغير وجهة النظر حول الفنان، فهو إنسان حباه الله بمواهب فأتمنى أن أساهم في بناء المجتمع.




      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions