(الثورة مستمرة)، تلك الكلمة كانت السبب في خراب ليبيا لأكثر من أربعة عقود.
فالثورة انفجار؛ اندلاع، وبمعنى آخر فهي عمل غير منظم يهدف إلى تدمير بنية نظامٍ، وإحلال نظامٍ آخر يختلف عنه في الشكل والمضمون.
وبمعنى آخر فهي أشبه بشخص يدمر بيته ليعيد بناءه من جديد.
هذه هي الثورة؛ تدمير من أجل التعمير، تخريب من أجل الإصلاح، فوضى تؤدي إلى نظام.
وبهذا المعنى فإن استمرار الثورة يعني استمرار الدمار والخراب والفوضى، ويعني انعدام الأمن والقانون.
لقد قامت ثورة 17 فبراير من أجل إيقاف الفوضى وإحلال النظام، ومن أجل أن تسود العدالة والقانون.
لكن الذي حدث أن عدوى الاستمرار انتقلت إلى هذه الثورة؛ فبدلاً من أن نقوم ببناء الجيش والشرطة، وتفعيل القانون، ودمج المليشيات المسلحة في جيش موحد؛ نجد أن السادة أعضاء المجلس الانتقالي والحكومة؛ بسياراتهم المصفحة، وتكلفة إقامتهم واجتماعاتهم الباهظة في الفنادق، يعجزون عن حل أبسط المشاكل، ويتعاملون مع القضايا الخطيرة كما يتعامل شيخ القبيلة، بينما الشعب الذي قدم آلاف الضحايا لا يزال يعيش في دوامة، ولا يعرف ما الذي يدور في الكواليس، وأين تذهب الأموال!!.
فما أشبه الليلة بالبارحة!!
وما أشبه هؤلاء الساسة بسلفهم العقيد المقبور؛ وكأنهم خرجوا من تحت عباءته، فلا ندري ربما هم فعلاً تركته، أو لعلها ذرية بعضها من بعض.
فالشعب يريد إيقاف الثورة، ليس كما يريد السيد المستشار بنزع الأسلحة من الثوار، ولكن بإحلال البديل الطبيعي لهؤلاء الشباب المناضلين، وهذا البديل لن يكون إلا جيشاً قوياً قادراً على فرض الأمن والاستقرار، وعلى حل جميع المشاكل التي يصرُّ السيد المستشار على حلها بطريقة شيخ القبيلة.
فالجيش والشرطة هما الأداة الوحيدة لتطبيق القانون، وفرض الأمن والاستقرار، وتحقيق العدالة، والبدء في عملية التنمية وتعمير البلاد.
والجيش والشرطة هما البديل الوحيد عن القوات الأجنبية؛ التي نتمنى أن لا نراها تجوس الديار وتفتشنا بيت بيت، ودار دار، وزنقة زنقة.
والجيش والشرطة هما عماد الدولة المدنية التي قامت الثورة من أجل تحقيقها، وهما من سيضع حداً لاستمرار الثورة.
وما لم يتم إيقاف الثورة وبالطريقة الصحيحة؛ فإن الشعب ربما يُصعِّد من مطالبه ليكون الشعار الجديد: "الشعب يريد ثورة جديدة"
وعندها لن يكون استئصال هؤلاء بأصعب من استئصال سلفهم المردوم.
وعندها سندخل في دوامة من الثورات المتلاحقة؛ تحوِّل ليبيا إلى صومال جديد. وعندها أيضاً (سيبكى الشعب على امرأة أبيه الأولى).




المصدر : a3m3