ليلى الجهوري: خطأ طبي أم قضاء وقدر؟! - جديد بدر العبري

    • ليلى الجهوري: خطأ طبي أم قضاء وقدر؟! - جديد بدر العبري






      قبل شهرٍ إلا قليلاً من الآن كانتليلى الجهوري بالمُستشفى السلطاني من أجل القيام بعملية جراحية من أجل القضاء علىألم براحة يدها، وخلال الإسبوع الذي قضته هناك خضعت لثلاث عمليات جراحية قبل أنتنتقل إلى بارئها بنهاية الأمر. ولم يلبث الأمر كثيراً قبل أن يتحول إلى ما يمكنوصفه بأنه قضية تهم الرأي العام وخصوصاً مع انتشار تفاصيل حكايتها في العديد منمواقع الانترنت ومواصلة زوجها أحمد الجهوري سعيّه من أجل الحصول على تحقيق عادل فيقضية وفاة زوجته.

      ولأن الأخطاء الطبية موضوع ساخن دوماً يتم تداوله بشكل دائم في أوساطالمُواطنين وتم التطرق إليه في الوسائل الإعلامية بشكل متكرر، ولأن "الزمن" أخذت على عاتقها مسؤوليةعرض مختلف وجهات النظر فيما يخص قضايا المواطن دون تبني إحداها فإنها هُنا تعرضتفاصيل حكاية ليلى الجهوري في المستشفى السلطاني كما وردت على لسان زوجها أحمد،وفي ذات الوقت فإنها تعرض بعض تفاصيل التقرير الطبي الذي أصدره المستشفى خلال فترةعلاجها.

      هذا وينبغي التوضيح هُنا أننا قمنا بمقابلة أحمد الجهوري، زوج ليلى، فيالثامن من فبراير الجاري ولكننا آثرناالتريّث في نشر التفاصيل من أجل الحصول على وجهة النظر الأخرى ومن أجل ترجمة ماورد في التقرير الطبي للمرحومة.



      البداية:

      سرد أحمد الجهوري معاناة ليلى (35عاماً) في أن البداية تكمن في أن المرحومة بدأت فجأة تشعر بألم في راحة اليد ممايسبب ضعفها، وكما يشير التقرير الطبي فإن الألم الذي بدء في كفها امتد إلى ساعدهافكامل الذراع مما سبب لها ألماً شديداً أعاقها من القيام بأبسط واجباتها المنزليةوأقلق نومها، وفي البداية توجه الاثنانإلى المستشفى العسكري الذي أحالهم لمستشفى جامعة السلطان قابوس نظراً لعدم وجودقسم مختص بالأعصاب به، وفي مستشفى الجامعة تم عمل فحص للأعصاب لها بتاريخ 16 ينايرخلصُ بعدم وجود مشكلة بها مما استوجب إعادتها للمستشفى العسكري الذي قام بعمل أشعةسينية أظهرت وجود ضلع زائد في أعلى جهة اليمين من أضلع القفص الصدري يضغط على الشرايين بحيث يقوم بإعاقة وصول الدملراحة اليد، كما أظهر الفحص بجهاز دوبلر بوجود ترسبات دهنية في شريان تحت الترقوةالأيمن.

      وفي 18 يناير تم تخيير ليلى بين التحويل إلى مستشفى الجامعة والمستشفىالسلطاني نظراً لعدم وجود قسم مختص بالعسكري لعلاجها، وعلى حسب كلام أحمد فإنهمااختارا السلطاني "نظراً لأن سمعته أفضل فيما يتعلق بالشرايين والأعصاب".



      في السلطاني قابلت ليلى طبيبها هُناك يوم السبت الموافق ل21 يناير ليقرر عملأشعة مقطعية لها قبل أن يخلص هو والفريق الطبي التابع له إلى نفس نتيجة المستشفىالعسكري؛ وجود ضلعٍ زائد بالرقبة في جهة اليمين يضغط بقوة على الشريان مما سببانسداده وانسداد شرايين اليد اليمنى المهمة كالشريان الكعبري والشريانالزندي، وقد كانت ليلى حينها تتألم ولكنبحالة مستقرة، حيث أن الصدر والقلب كانا طبيعيين، وكان يمكن الإحساس بنبض اليداليسرى وشرايينها بشكل جيد على عكس اليمنى التي لم يكن الإحساس بنبضهما حتى بجهازدوبلر ناهيك باليد. وقد أخبرهم الطبيب حينها بأن عملية العلاج ستتكون من مرحلتين:عملية قسطرة بسيطة للشريان من أجل معالجة الإنسداد تُجرى يوم السبت، ومن ثم عمليةأخرى في يوم الأربعاء من نفس الإسبوع للتخلص من الضلع الزائد بالرقبة.

      يقول أحمد أن الطبيب بدايةً أكد لهم ضرورة عمل العملية الأولى في نفس اليوملأن تأخيرها قد يستبب في عواقب لا يُعرف مداها، وعندما تم مناقشته في خيار نقلالمريضة إلى خارج السلطنة للعلاج بسّط لهم الأمور وأن العملية سهلة وبلا خطورة وقدقام باجرائها للعديد من المرضى، ولذلك فإن نقلها للخارج لا داعي له كما أن أحمدأجاب بالنفي حول سؤالنا إن كان قد تم عرض خيار بتر اليد لهم قبل العملية الأولى. وأكدبأن الطبيب لم يمهلهم سوى نصف ساعةلاستشارة أقرباؤهما بخصوص اجراء العملية من عدمه، وهي الاستشارة التي نتج منهانصحهما بالقيام بالعملية نتيجة بساطتها.



      العملية الأولى:

      في مساء السبت نفسه (21 يناير) دخلت ليلى إلى غرفة العمليات في حدودالسادسة مساءً لتجري عملية بالشريان من أجل اعادة تدفق الدم به، وكما يقول أحمدفإن العملية استغرقت قرابة الساعتين، حيث خرج الطبيب ليبلغهما بنجاح العملية فيحدود الثامنة.

      وكما يقول التقرير الطبي المرفق فإنه تم فتح الشريان تحت الترقوة الأيمنتحت التخدير الموضعي، وأن الدم عاد للتدفق في الشريان الزندي الأيمن ولكن ليسللشريان الكعبري الأيمن، وأن الخطوة القادمة كانت في القيام بعملية قطع الضلعالزائد المُسبب لانسداد الريان.

      وقد كان على أحمد –حسبما أخبرنا - أن ينتظر قرابة الساعتين قبل أن تأتيالممرضات لنقل ليلى من غرفة العملية إلى جناح النساء بقسم العمليات بعد ضغوطومشادات، وذلك التأخير كان بسبب "تغيير المناوبة" كما قيل له.

      وقد جلس الجهوريّ مع زوجته إلى حدود الثانية عشرة مساءً قبل أن يتركهابرفقة أختها، وحين عودته في صباح يوم الأحد وجد زوجته تعاني بشدة من يدها، ومعاستدعاؤه للطبيب المُناوب قام الأخير باجراء فحص سريع لها ليؤكد نجاح العملية رغمتؤلم المريضة.



      العملية الثانية:

      يقول أحمد أن الطبيب الذي أجرىالعملية الأولى جاء في ظهر اليوم ذاته (الأحد، 22 يناير) ونتيجة عدم وجود نبض فياليد اليمنى فإنه قرر إجراء عملية ثانية من أجل استعادة تدفق الدم.

      وفي الساعة السادسة مساءً تدخلليلى غرفة العمليات مجدداً، وكما يقول التقرير الطبي فإنها خضعت لعملية ناجحةوأُعطيت أدوية لإذابة التجلطات، وقد وُجد حينها تجمع دموي في المرفق وقد تم سحبه.وقد أوضح التقرير الطبي أنه قد تم الدخول إلى شريان المريضة من موضعين – عكس المرةالأولى التي تم الدخول إليه من موضع واحد- وذلك من مرفق اليد اليمنى ومن الشريانالفخذي في أول منطقة الفخذ.

      وقد قال أحمد أن ليلى خرجت من العملية وهي تنزف دماً من الشريان المفتوحوهو ما قيل له إنه جزء من العلاج، وفي الساعة الرابعة فجراً بدأت عملية تعويضهابالدم، في حين أنها كانت تصرخ متألمة ولكن هذه المرة من رِجلها!

      في الساعة السادسة صباحاً تقرر تخدير المريضة للتخفيف من ألمها، وحول هذهالنقطة أوضح أحمد أن بعض الممرضات قلن إن "إن كمية المُخدر أقوى مما يتحملهاالجسم" وهو ما قد تُبيّن صحته الأحداث بعد دخول ليلى في غيبوبة طويلة.

      يقول أحمد أنه استأذن من العمل ليذهب بسرعة للمستشفى بعدما أبلغته أخت ليلىبحالة زوجته، سأل الطبيبَ عن المشكلة فقال أنه لا توجد مشكلة ولكن الجسم يحتاج إلىبعض الوقت ليتفاعل ويتعود على الدم الجديد.

      في الساعة العاشرة جاء الطبيب المسؤول ليفحص المريضة وقد قرر حينها أن يعملعملية في الضلع الزائد بالرقبة، وقد قرر تقديمها فجأة لأن المشكلة الرئيسية هناك،وأوضح أحمد أن جدالاً حدث بينه وبين الطبيب حول سبب عدم إجراء عملية الكتف منذالبداية فكان رد الطبيب بأن "انتم من رفضتم!" وبالإضافة إلى إنكار أحمدلما يقوله الطبيب فإنه يقول "ولو فرضنا أن كلامه صحيح، فلِم يوافق على القيامبعملية جراحية غير صائبة؟!"

      أما التقرير الطبي فقد أوضح أحداث يوم الأثنين في أن الألم قد عاد مجدداًللمريضة، واختفى نبض اليد اليمنى منها وبعد الفحوصات فقد وُجد أن شريان الرقبةمُنسد جزئياً، وقد تم ابقاء المريضة على نفس الأدوية. وبعد ذلك فقد عانت المريضةمن نزيف شديد من الجرح الموجود بالمرفق وقد تم تزويدها بأربعة أكياس من الدملتعويض نقص الهيموجلوبين. وقد كانت حالة المريضة غير مستقرة وعانت من انخفاض فيالضغط، وقد تم وضع إنبوب تنفس لها.



      العملية الثالثة:

      في الساعة الخامسة عصراً (الأثنين، 23 يناير) ذهب أحمد ليطمئن على زوجتهليجد أن برجل ليلى انتفاخاً ضخماً، وكان تعليق الدكتور المسؤول عن حالتها هو ضرورةاجراء عملية للرجل فوراً لأن جلطة قد أصابتها. ويقول أحمد " بعد ضغوطاتوافقنا على اجراء العملية، ولكن الدكتور لم يقم بأي فحوصات ولم يأخذ أشعة وعندماسألناه عن السبب قال أنه يعرف أين المشكلة بالضبط".

      وفي الساعة السابعة بدأت العملية لتنتهي بعد ساعة، وبينما ليلى في غيبوبتهاالتي لم تصح منها منذ الصباح ذُهب بها إلى جناح النساء العام بقسم الجراحة فيماأصاب جسدها تجلط دم وفشل كلوي وفشلت العديد من أجهزتها الحيوية بالقيام بوظائفهاولم يبق سوى الدماغ تقريباً.

      يقول لنا أحمد "تخيلوا: منذ الأثنين للأربعاء وهي في غيبوبة فيما لميأت الطبيب المسؤول عنها ولا أحد أفراد طاقمه أتى للجناح ليطمأننا علىالمريضة!"

      وبيّن الجهوري أنه رغم وجود كافة الأجهزة الطبية بالجناح إلا أنهم حاولوانقل ليلى إلى العناية المُركزة لأن الجناح مُزدحم بالمرضى دوماً مما قد يُضاعف منسوء حالتها بالإضافة إلى أن العناية ستكون هناك أكثر، ولكن جهودهم باءت بالفشل.ويستوقفنا هُنا لحظة بسيطة ليقول "كانت توجد ممرضة كانت تقول لنا: عليكمبالدعاء فقط!".

      جاء طبيب التخدير يوم الثلاثاء ليقول إن "المريضة ذاهبة في طريقمسدود" حسب كلام أحمد الذي واصل القول "تخيّل أن يقول لك الطبيب هذاالكلام، فكيف تكون حالتك؟!!"، وبالرغم من "توسلات" أحمد لنقل زوجتهإلى العناية المُركزة إلا أن الرفض كان من نصيبه لأنه لا توجد بالعناية المُركزةسوى ثمانية أسرة فقط.

      كذلك حاول أحمد يومها المغادرة بزوجته إلى خارج السلطنة بحثاً عن علاجٍ فيمكان آخر، ولكن الطبيب أكدّ أن حالتها الصحية لا تسمح بذلك.



      إلى العناية المركزة:

      ظهر يوم الأربعاء (25 يناير) تقرر نقل ليلى إلى العناية المُركزة بعد إلحاحوتوسل، وهناك طلبوا من الطبيب المسؤول بالعناية المُركزة استدعاء الطبيب الجراحالذي قام بالعمليات الثلاث من أجل معاينة ليلى وتقييم وضعها ولكنه أوضح لهم أنليلى أصبحت تحت مسؤوليتهم ولا علاقة لأي قسم آخر بها، كما أنه حمل لهم نبئاً سيئاًآخر: دماغ ليلى قد أصابته جلطة!

      وفي نفس اليوم كان أحمد في جدال مع طبيب العناية المُركزّة – وبحضور نائبإداري من المستشفى- عندما قال الدكتور "عاوزني أعمل ايه؟!!حتموت..حتموت!" ويتساؤل أحمد بقلة حيلة " ما الذي كان من المفترض أنأفعله؟!"، وتمر الأيام ثقيلة حتى يأتي ظهر الجمعة لتضعف نبضات القلب ويتماستعادتها بالتنفس الإصطناعي وأحمد لا زال يتوسل لطبيب العناية المركزة ليحضرمختصاً لمعاينة ليلى بلا فائدة كما أن الجراح نفسه رفض الحضور في مرحلة ما لمعاينةالمريضة.

      في يوم "السبت المأساوي" (28 يناير) كما يصفه أحمد و في الثانيةظهراً فارقت ليلى آخر نبضات الحياة. وبلا إطالة حول هذه اللحظة الفارقة في حياتهيطلب منا مباشرةً أن نذكر ملاحظاته في أن "التقصير والإهمال موجودان فيالمستشفى السلطاني، وأن النائب الإداري كان على علم بحالة ليلى"



      مع وزير الصحة واللجنة العُليا للأخطاء الطبية:

      تحركت مجموعة كبيرة من أهالي ليلى إلى مكتب وزير الصحة يوم الأربعاء الذيتلى وفاتها من أجل رفع شكواهم وتظلمهم حول وفاة ليلى، وقد تقابل الوزير يومها مع أحمدليخبره بأن "تقرير ليلى قد وصل لديه بعد عرضه في المنتديات الإلكترونية وأنهمتأثر بقصة ليلى" ووعدهم بأن يهتم بقضية ليلى وأن يحيل ملفها للجنة العلياللأخطاء الطبية بأسرع وقت.

      كما أن مُطالباتهم تكررت يوم السبت بتاريخ 18 فبراير حيثُ اعتصم عدد منأهالي ليلى أمام وزارة الصحة قبل أن يُقابلوا وزير الصحة مرةً أخرى ليجددوامطالبهم.

      هذا وكذلك فإنه من المُقرر أن تلتقي اللجنة العليا للأخطاء الطبية اليومالأحد لمناقشة حالة ليلى للمرة الأولى بحضور زوجها.



      رد الجهات المختصة:

      حاولت "الزمن" أخذ وجهة النظر الأخرى من إدارة المستشفىالسُلطاني لتطرح أمام القارئ وجهتيّ نظر الطرفينوحتى لا تُتهم لاحقاً بعدمالحيادية أو بالتحامل على طرف دون آخر، ولكن رد المُستشفى جاء بعدم الرغبة فيالتعليق على الموضوع وأنه لا داعي لذلك بما أن الموضوع قد وصل للجنة العُلياللأخطاء الطبية وهي التي ستحدد وجود خطأ من عدمه.



      ما بعد ليلى:

      إن مهمة "الزمن" هُنا ليس في الحُكم بورود خطأ طبي من عدمه فهذاأمر لا يُقرره إلا المختصون في نهاية الأمر، ولكن من واجبنا بالتأكيد عرض"القصة الكاملة" أو ما نستطيع الوصول إليه من تفاصيلها وخصوصاً بما أنالقضية أصبحت متداولة في مختلف المواقع الإلكترونية العمانية. وهو الأمر الذي ربمالم يتحقق كما ينبغي بسبب عزوف المسؤولين في الجهات المختصة عن التعليق لأسبابيُمكن تفهمها ولكننا حاولنا تعويضه بعرض التقرير الطبي الذي أصدر في الرابعوالعشرين من يناير.

      وما يمكن الختام به لهكذا تحقيق هو القول أن اللجنةالعُليا للأخطاء الطبية قد استقبلت منذ عام 2008 وحتى 2011 من وزارة الصحة 64 حالة، بالإضافة إلى 147 حالة وردت من الإدعاء العام والمحاكم، وهذه الأرقام قد تُبيّن حجمالفجوة بين ما يُقال من ورود أخطاء طبية فادحة في مسشفياتنا وبين ما يصل إلىالجهات المختصة، وهو ما يفتتح تساؤلاً آخر أثاره البعض حول "ثقافةالشكوى" لدى مواطنينا، أو عادة "تضخيم" الحقائق كما يقول آخرون.
      وفي وسط كل هذه المعمعة يبقى للجنة العليا الكلمةُ الحسمفي قضية ليلى إلى حين..


      ** هذا التقرير نُشر في جريدة الزمن في 26 فبراير 2012م






      المصدر : مدونة بدر العبري


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions