قال لي صديقي بصوت يحمل نبرة دهشة واستفهام عجباً لنفسك الغنية بالمشاعر والأحاسيس وعلى قلبك المليء بالحب والعواطف الذي يحمل شلالاً جارفاً من المعاني الإنسانية الخيرة الجميلة وإلى الآن لم يطرق حب امرأة قلبك . أم أن لديك مواصفات نادرة ودقيقة لم تجدها إلى التو في الفتاة التي تحلم بها ؟
قلت له مجيباً لحيرته وتساؤله محللا زعم قوله : إما لقولك أنني إنسان أتدفق أحاسيس ومشاعر فهذا يرجع لسلامة الفطرة ولفضل الحرمان الكثير الذي يناله الإنسان حينما يكبح جماح شهواته . ويعود لفضل التربية النفسية الأخلاقية والعقلية والوجدانية التي يكتسبها وثمة أسباب جمة أخرى . أما لكون لم يطرق حب امرأة قلبي فهذا لا دخل لي به . لأن الحب إذا دخل القلب لا يطلب استئذاناً وتصريحاً . فلا نملك قدرة ولا استطاعة في منعه أو إدخاله قدر ليس له أوان ولا موعد فهو يأتي في أي وقت وفي أي زمن أما لقولك المبالغ عن المواصفات النادرة التي لم أجدها في أي فتاة بعد فأقول لك أن كل إنسان يبحث عن شريك حياة يقاسمه مباهج الحياة ومتعة نعيمها ليعيش في ظلال السعادة الوارفة بقربه فنحن بنو البشر في حقيقتنا أرواح تعيش في أجساد وعندما نحب بصدق وإخلاص وتفان نحب بجاذبية أرواحنا خلال بصيرتنا التي تحرك مؤشر عواطفنا ؛ وتنبه حواسنا . وترشد عقولنا إلى روح الحبيب التي نحسها تنبض في قلوبنا وتسري في دمائنا وتتدفق في عروقنا . وتتسرب في كل مسامة من مسامات جلدنا .
من المؤكد يا صديقي أن كل إنسان منا قد رسم في مخيلته وعقله صورة الإنسان الذي تمناه وحلم به . وذلك لكي تكتمل أسباب السعادة والفرح لديه . وتختفي مشاعر الوحدة والفراغ عنه ؛ ولو كنت قد وجدت صفات الإنسان المناسب التي أجد فيها نفسي والتي تستطيع أن تزلزل كياني وتهز وجداني . الفتاة التي طالما حلمت بها رفيقة دربي وشريكة حياتي وفتاة أحلامي . وسلوة وحشتي وسميرة ليلي . ومؤنسة وحدتي ونور ظلامي كنت سعيت للارتباط بها .
لأن الحب ما هو إلا شعور نفسي ووجداني فأنا إذا أحببت أريد أن أكون سبب سعادة من أحب بأن أهبه كل ذاتي فليس بعد الذات من عطاء . فلكي تكتمل جوانب محبتي وتتسع آفاقها فلا بد من تركيز اهتمامي ومشاغلي به أفني عمري وشبابي من أجله وأموت فداء روحه . وأجاهد في سبيل تهيئة كل مقومات الحياة الكريمة لأضع بين يديه حياتي ومصيري وأمنحه مشاعري . وعواطفي ووقتي وأهب له قلبي الذي أقدمه ليكون مقره وبيته الذي يجد فيه الدفء والحب والحنان والأمان . الذي يحضن حبه ويسهر على نموه بكل تضحية ووفاء أريد قلباً واحداً ووجهاً واحداً . يغنيني عن كل قلوب ووجوه الناس إنسان أجد فيه كل احتياجاتي وأحلامي يغدقني بالحب والوفاء أرى العالم بكل جماله ومفاتنه متجسداً فيه وحده أراه في كل شيء حولي واسمعه في كل دقة من دقات قلبي واشم عبيره في كل زهرة واستنشقه في كل عطر أريد الإنسان الذي يسد كل نقص أحسه في داخلي إنسان يرفعني إلى جنة الأمل والهناء ويعوضني عن حياة الحرمان والشقاء أجدها أما عندما احتاج إلى عطف الأمومة . وأختاً عندما احتاج إلى مودة الأخوة . وصديقة عندما احتاج إلى وفاء الصداقة . وحبيبة عندما احتاج إلى الدفء والاستقرار الأسري . أريدها عقلاً أحاوره وفكراً استشيره . وقلباً أشكوله . وضميراً استأمنه .
فبهت صديقي الذي سأل !