العمل الصالح

    • العمل الصالح

      أيها الاخوة والأخوات أن الهدف من هذه الحياة هي عبادة الله ولكي تصح عبادة الله لابد من العمل لله ولكي يقبل هذا العمل لابد ان يكون العمل صالح

      "" مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ""

      ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَر ٍأَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )

      العمل الصالح هو كل عمل امرنا الله به أو نهانا عنة ولكي يكون هذا العمل صالح فأنة ليس المهم أن تعمل العمل الصالح ولكن المهم أن يكون قلبك سليم ( إلا من أتى الله بقلب سليم ) والسليم هنا هو صحة القلب لهذا العمل فيجب أن ينبع العمل من قلب سليم صحيح غير مصاب بأمراض القلوب ولكل قلب غذاء ودواء وانفع الأغذية للقلوب هو غذاء الأيمان وانفع الأدوية دواء القران وكل منهما فيه الغذاء و الدواء

      ومن علامات صحة القلوب هو آن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة ويحل فيها حتى يبق كأنة من أهلها وابنائها ، جاء إلى هذه الدار غريبا يأخذ منها حاجته ويعود إلى وطنه فاجعل الاخره هي وطنك والدنيا هي الطريق لهذا الوطن نسخر الدنيا لكي تصل إلى وطنك الآخرة أمنا .

      كما قال علية السلام لعبد الله ابن عمر ( وكن في الدنيا كائنك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك من أهل القبور )

      وقال على ابن أبى طلب رضى اله عنة ( أن الدنيا قد ترحلت مدبرة وان الآخرة قد ترحلت مقبلة ولكل منها ينسون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب بلا عمل )

      والذي سيجعلنا من أبناء الآخرة هو العمل (العمل الصالح )

      وكلما صح القلب من مرضة صح العمل ويسر الطريق الي الدار الآخرة إلى الجنه

      وكلما مرض القلب واعتل آثر الدنيا واستوطنها حتى يصير من أهلها أو من أبناءها ولكي تساعد قلبك عليك بالغذاء الأعظم ألا وهو محبة الله فمحبه الله هي التي تزرع في القلوب حب الأيمان وصحة العمل

      قال بعض العارفين ( مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا وما ذاقو أطيب ما فيها ، قبل وما أطيب ما فيها قال: محبه الله والانس به والشوق الى لقائة والتنعم بذكره وطاعته

      وقال أخر : والله ما طابت الدنيا الا بمحبته وطاعته ولا الجنه الا برؤيته

      وقال ابو الحسين الوراق : حياه القلب في ذكر الحى الذي لا يموت والعيش الهنى الحياة مع الله تعالى لاغير

      ومن علامات صحة القلوب :

      1- أن لا يغتر عن ذكر ربة ليسأم من خدمته ولايأنس بغيره الابمن دل عليه ويذكره به .

      2- انه إذا فاته وردة وجد لفواته آلم اعظم من تألم الحريص بفوات مالة وفقده

      3- ان يشتاق الى خدمة الله كما يشتاق الجائع الى الطعام والشراب

      4- اذا دخل الى الصلاة ذهب عنه همه وغمه بالدنيا واشتد علية خروجه منها ووجد فيها راحته ونعيمه وقره عينة وسرور قلبه ، فضع حب الله فى قلبك وضع همك كله فى الله واجعل الله هو كل شاغلك اجعل عملك وصلاتك كل خطوة تخطوها كل افكارك لله وفى الله

      5- ان يكون اهتمامه بتصحيح العمل اعظم منه بالعمل فيحرص على الاخلاص فيه والنصيحه والمتابعه والاحسان

      6- المداومه على العمل الصالح فهو من احب الاعمال الى الله وان قلت ان تداوم على العمل الصالح

      ومن كتاب فى ظلال القرأن للشيخ سيد قطب

      إن الجزاء من جنس العمل ، ووفق هذا العمل .

      بلى ! من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون . والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون . .

      ولا بد أن نقف قليلا أمام ذلك التصوير الفني المعجز لحالة معنوية خاصة ، وامام هذا الحكم الإلهي الجازم نكشف عن شيء من أسبابه وأسراره :

      بلى ! من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته . . . .

      الخطيئة كسب ؟ إن المعنى الذهني المقصود هو اجتراح الخطيئة . ولكن التعبير يوميء إلى حالة نفسية معروفة . . إن الذي يجترح الخطيئة إنما يجترحها عادة وهو يلتذها ويستسيغها ؛ ويحسبها كسبا له - على معنى من المعاني - ولو أنها كانت كريهة في حسه ما اجترحها ، ولو كان يحس أنها خسارة ما أقدم عليها متحمسا ، وما تركها تملأ عليه نفسه ، وتحيط بعالمه ؛ لأنه خليق لو كرهها وأحس ما فيها من خسارة أن يهرب من ظلها - حتى لو اندفع لارتكابها - وأن يستغفر منها ، ويلوذ إلى كنف غير كنفها . وفي هذه الحالة لا تحيط به ، ولا تملأ عليه عالمه ، ولا تغلق عليه منافذ التوبة والتكفير . . وفي التعبير: وأحاطت به خطيئته . . تجسيم لهذا المعنى . وهذه خاصية من خواص التعبير القرآني ، وسمة واضحة من سماته ؛ تجعل له وقعا في الحس يختلف عن وقع المعاني الذهنية المجردة ، والتعبيرات الذهنية التي لا ظل لها ولا حركة . وأي تعبير ذهني عن اللجاجة في الخطيئة ما كان ليشع مثل هذا الظل الذي يصور المجترح الآثم حبيس خطيئته:يعيش في إطارها ، ويتنفس في جوها ، ويحيا معها ولها .

      عندئذ . . عندما تغلق منافذ التوبة على النفس في سجن الخطيئة . . عندئذ يحق ذلك الجزاء العادل الحاسم:

      فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون . .

      ثم يتبع هذا الشطر بالشطر المقابل من الحكم .

      والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون . .

      فمن مقتضيات الإيمان أن ينبثق من القلب في صورة العمل الصالح . . وهذا ما يجب أن يدركه من يدعون الإيمان . . وما أحوجنا - نحن الذين نقول أنا مسلمون - أن نستيقن هذه الحقيقة:أن الإيمان لا يكون حتى ينبثق منه العمل الصالح . فأما الذين يقولون:إنهم مسلمون ثم يفسدون في الأرض ، ويحاربون الصلاح في حقيقته الأولى وهي إقرار منهج الله في الأرض ، وشريعته في الحياة ، وأخلاقه في المجتمع ، فهؤلاء ليس لهم من الإيمان شيء ، وليس لهم من ثواب الله شيء ، وليس لهم من عذابه واق ولو تعلقوا بأماني كأماني اليهود التي بين الله لهم وللناس فيها هذا البيان .