هل الأتراك مهددون بالانقراض؟ جديد أرض الأفراح

    • هل الأتراك مهددون بالانقراض؟ جديد أرض الأفراح





      إذا كنت ممن يعتقدون أن الدراما مرآة صادقة للواقع، فلا شك أن مخاوف زوال الأمة التركية تجتاح عقلك، وليس بوسعك إلا أن تأمل في أن تكون المسلسلات والأفلام التركية المصدرة إلى عالمنا العربي هي شريحة أحادية مقتطعة من كهف مظلم، وليست باقة متنوعة تطلعنا بصدق على الأدب والفن التركيين.
      انتحار بالرصاص.. قطع شرايين.. غرق.. تناول عقاقير بشكل قاتل.. الوقوف أمام القطار.. الاختناق بالغاز، كل هذه وغيرها وسائل قدمتها المسلسلات التركية كخيارات يقبل عليها من يتعثر في درب الهوى.
      ليس في الأمر مبالغة.. فإن من يطالع سيل الدراما التركية المنهمر بجنون عبر الفضائيات العربية يدرك بشكل واضح أن إحدى العادات التركية الشائعة هو "الانتحار"، إنه خيار متاح ووارد دوما، يبتعد كثيرا عن الوضع "البوعزيزي" باختناقه وسواده السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بل إنه انتحار مغلف بورق وردي لامع.. يقترن بالعشق والغرام، ويظهر لأقل مشكلة وأهون محنة وأتفه سوء تفاهم.
      لا يكاد يخلو عمل في هذه الدراما الوافدة بإلحاح من حالة انتحار واحدة على الأقل، ولا ينظر إلى المنتحر على أنه شخص ضعيف وسلبي اقترف إثما مبينا، بل يرفعه الانتحار إلى أسمى مراتب العشق، وتؤدي محاولات الانتحار الفاشلة إلى شعور المحيطين بالذنب وتراجعهم عن الإساءة، وإن أخطر ما في الأمر أن الانتحار يقدم كسلوك عادي غير مستشنع، فثمة طريقة متاحة دائمة لمواجهة الحياة .. أن تنهيها.
      إن المسلسلات التركية تقدم لنا "العشق والهوى" على أنه محور للحياة.. وسيلة وغاية في آن، لذا فإن قصص الحب فيها لا تنتهي بالنهاية الشائعة للروايات العاطفية "الزواج".. بل تظل حالة المشاغبات العاطفية واختلاق الأزمة مستمرة بلا انقطاع، لأن الحب ليس وسيلة للسعادة والسكن لتحقيق أهداف كبرى في الحياة أو لتكوين أسرة مستقرة وناجحة، بل إنه هدف بحد ذاته ويبقى الدوران في محله ضرورة تحطم في سبيلها البيوت، وترتكب الجرائم، بل وينتحر الأفراد.
      "عاصي".. وجبة انتحارية متكاملة
      مسلسل عاصي الشهير مأخوذ عن الرواية العالمية
      Pride and Prejudice
      للأديبة الإنجليزية "جاين أوستن" والتي نشرت عام 1813 لتبلغ الآفاق، وتحتل مركزا هاما في تاريخ الرواية الرومانسية الكوميدية، بتعمق فائق في رسم الشخصيات، ومنذ نشرها وحتى الآن تحولت عشرات المرات إلى أعمال تلفزيونية وسينمائية ومسرحية، إلا أن النسخة التركية كانت الوحيدة الانتحارية من بينها.
      تعتمد الحبكة الدرامية في مسلسل "عاصي" على الانتحار"، فمنه المبتدأ، ومنه المدد كلما جفت الحلقات..
      البداية: أم تلقي بنفسها في نهر العاصي يأسا وخوفا من بطش رجل جبار، ولكنها لا تكتف بهذا بل تقرر أن لا أمل في الأفق لولديها أيضا فتأخذهم معها ليغرقا، فينجوان وتموت هي، وهكذا يتولد الشعور بالحنق والرغبة في الانتقام لدى ابنها الذي يقرر الانتقام من عائلة هذا الرجل الجبار ولكنه يقع في حب حفيدته.
      وما أن تمضي الحلقات حتى تحاول أخت المنتحرة أن تحاكيها فتلقي بنفسها في نهر العاصي رغم تجاوز المحن.. وانفراج الحال، ولكن مرارة الذكرى بعد عقود تدفعها للانتحار الذي ينقذها من مغبته ابن أختها في اللحظات الأخيرة.
      ولكنه يفشل في إنقاذ أخته .. التي قررت الانتحار في نهر العاصي هي الأخرى لتموت غرقا، بعد أن اكتشفت أن زوجها لا يحبها، وإنما يحب أخرى، ولم تفكر الفتاة البريئة الوديعة في أية احتمالات أخرى مثل الطلاق أو حتى الانتقام، بل ظهر الانتحار كخيار أوحد لديها.
      ويبدو أن المؤلف والمخرج استقلوا جرعة الانتحار، أو أرادوا تنويعها فعرضوا لحالة رابعة، حاولت فيها أخت البطلة أن تنتحر بتناول جرعة كبيرة من الأقراص المخدرة، وذلك بعد تخلي حبيبها عنها، والمدهش أن المسلسل يعرض لعائلة كبيرة محبة يمكنها أن تتفهم وتساعد، ولكن الانتحار يظل هو الحل.
      العشق الممنوع أو "الخيانة الممطوطة"
      على مدار شهور تابع الملايين في العالم العربي قصة خيانة ممطوطة مطولة، امرأة تخون زوجها مع ابن أخيه بلا لحظة ندم، وابن أخ فشل في إشعار المشاهد بالذنب أو الشرف.. وكان لابد للعبة الكر والفر أن تنتهي.. فما كان من القائمين على هذا المسلسل إلا أن اختاروا الانتحار نهاية لبطلته بعد انكشاف أمرها وافتضاحها، وقد يبدو الأمر معقولا ومقبولا ومرضيا.. بأن نهاية الخيانة الفضيحة والانتحار.
      ولكن الأمر لم يتم على هذا النحو.. فالخائنة لم تنتحر خوفا أو شفقة، بل حبا وعشقا، فهي لم تأبه لمعرفة زوجها.. أو لافتضاح أمرها، ولكنها قتلت نفسها لأن عشيقها الخائن أبدى انصرافا عنها، ورغبة في الزواج بأخرى، فلما قتلت نفسها ظل عاكفا باكيا على قبرها.. فجاءت الرسالة الختامية للمسلسل تقول: "إن الانتحار هو أقوى الطرق للحفاظ على حبيبك لك وحدك، ولأن تتخلصي من كل مشاعر الاحتقار والقرف التي يحيطك الناس بها، ولتنعمي بشفقتهم وتقديرهم".
      وللرجال نصيب
      الفناء في المعشوق والانتحار من أجله ليس حكرا على النساء في الواردات التركية.. فالرجال أيضا ينتحرون، وعلى سبيل المثال لا الحصر: مسلسل ندى العمر الذي انتهى بانتحار الزوج الذي تحب امرأته رجلا آخر، وانتحار "تيم" في مسلسل سنوات الضياع حزنا على محبوبته، ومحاولة "كامل" الانتحار في مسلسل "نور"، وحادثتا انتحار في مسلسل وادي الذئاب، وانتحار "أيزل" في المسلسل الذي حمل اسمه، وعلى الرغم من أن قصته مستوحاة من الرواية العالمية " الكونت دي مونت كريستو" والتي تعرض لمعاني إنسانية تظهر الصمود، فإن النسخة التركية ختمتها بانتحار البطل.
      الانتحار ليس عادة تركية
      تؤكد نتائج دراسة "السلوك الانتحاري" الصادرة عن منظمة الصحة العالمية على أن معدلات الانتحار في تركيا منخفضة نسبيا، وذلك لا ينفي أن المعدل يشهد تزايدا كبيرا في السنوات الأخيرة.
      فالأتراك إذاً لا يسيرون نحو الفناء بأيديهم، رغم إصرار واجهتهم الدرامية ـ أو على الأقل تلك المصدرة إلينا ـ على تصوير الانتحار كسلوك شائع في حياتهم، وعلى أن تقدم لهم ولنا دليلا إرشاديا لمريدي الانتحار، وطرحه كحل فوري وبسيط.
      ولا يستطيع أحد إنكار التأثير الواسع والعميق لهذه المسلسلات في العالم العربي،والبعض يرجع ذلك إلى اللهجة السورية والدبلجة الممتازة التي كسرت الحاجز بين المشاهد العربي وبين هذه المسلسلات الأجنبية.
      وربما يكون للدبلجة تأثير كبير ولكنني أعتقد أن السبب الرئيسي هو كون هذه المسلسلات تخوض بنا في عالم جديد قديم.. غريب مألوف.. هذا هو ما فعلته الدراما التركية ولم يكن لغيرها أن تفعله، فتركيا هي دولة مسلمة، وتمثل في حس ووجدان المسلمين آخر قلعة للخلافة الإسلامية، وفي ربوع العالم الإسلامي يبقى تراث الخلافة العثمانية والوجود التركي السابق حاضراً بحلوه ومره.
      ولمزيد من الإحساس بالتشابه والتقارب كانت الدبلجة السورية وتعريب الأسماء فكأن القوم بضعة منا ونحن بضعة منهم، ولكن في الوقت ذاته عالمهم غريب ومختلف وكأنه يضاهي أو يحاكي الغرب جملة وتفصيلا.
      هذه التوليفة هي التي جعلت المشاهد العربي لا يشاهد فقط بل يتابع ويتفاعل ويندمج، وهو ما لا يحدث مع الأفلام والمسلسلات الغربية مهما اجتذبت من مشاهدين لأن بينهم وبينها ـ شاءوا أم أبوا ـ حواجز فكرية وحياتية وتاريخية ونفسية، أما بين يدي الدراما التركية فالوجدان يطمئن لمشاهدة المصحف، والمسبحة، وغطاء الرأس "عند المقابر"، والصلاة في التاريخي منها.
      رسالة المرأة
      woman.islammessage.com/article.aspx?id=5683





      المصدر أرض الأفراح


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions