وهناك عاش أحمد - جديد جريدة الرؤية

    • وهناك عاش أحمد - جديد جريدة الرؤية

      إبراهيم الهادي
      -


      مرّ على القرية أثناء طفولته وكتب على صفحات ترابها ببراءته "سلام"، رحل عنها وقضى حياته يثابر بحثاً عن العلم والمعرفة، تخرّج والتحق بسلك العسكرية حيث عمل شرطياً، يتنقل في مهام عمله عبر الولايات ينشر الأمن ويضع على كل ولاية يمكث فيها أربع سنوات راية السلام، ينتقل إلى ولاية أخرى فيضع على أعتابها علم الأمان وكعادته يحصل على ترقية معها حسب النظام وحسب الكفاءة والفناء فأصبحت رتبته " رائداً " وشاءت الأقدار أن يتم نقله ليكون ضابطاً لمركز الشرطة في القرية التي مرّ عليها أثناء طفولته، لكنّه ما لبث أن أعاد ذكرياته حتى لامس تغير القرية جراء السنين والعمران، فالقرية التي عاد إليها أحمد ضابطاً لمركز الولاية فيها أصبحت مكتظة بالسكان، حيث اختلط فيها الحابل بالنابل، وأفرزت بين أوساطها مختلف أنواع الإجرام، فسجن المركز لديه يعج بالمجرمين: سرقات، سكارى، إدمان مخدرات، اعتداء بالضرب وغيرها من المشكلات، كان أحمد رجلاً يمتلك من الإمكانيات ما تؤهله بأن يضع على كل ولاية راية سلام وعلم أمان، فكان يبلي بلاءً حسناً، كما أنّ لديه خبرة واسعة في هذا المجال لكن هذه القرية بهذه الولاية متشابكة الأجناس وشائكة بحيث يصعب فيها القضاء على المشكلات، فحار في أمرها لأنّه لا يملك من القانون غير التوعية الكلامية ثمّ الحبس وتحويل المجرمين إلى الادعاء العام ثمّ المحكمة التي تصدر الحكم بالسجن من شهر إلى عام، وعند خروج المسجونين من السجن يزداد إجرامهم، كما أنّ الأعداد عنده تزداد يوماً بعد يوم؛ فهم يحتاجون إلى تغيير داخلي وثقافة الإنسان وما تفرضه الحياة عليهم من إنتاج، جلس الرائد أحمد مع نفسه طويلاً، وعادت به الذاكرة ثلاثين عاماً.. إلى طفولته، حيث الحنين والقرية التي كانت تنعم بالأمن والسلام.. قرر رسم خريطته ليخرج بهم من هذا الوحل، وضع القوانين بين يديه وطبق حذافيرها، ولكن بعد مرور عام لامس عدم جدواها، فقرر الاجتهاد فأدخل بعض الإجراءات الخارجة عن القانون والشجاعة في اتخاذ القرار، وهنا بدأ البحث عن المسببات وعن الدوافع التي تجعل من أعداد المساجين تزداد يوماً بعد يوم فعثر على الأسباب، ووجد ضالته، فقام بالاتفاق مع جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي عرفت بجماعة الدعوة على أن يمكثوا في المسجد الذي يتوسّط تلك القرية مدة طويلة، وعلى أن يوسعوا من نطاق دعوتهم بالتأثير على أولئك الناس بالاستهداف المباشر، والدخول عليهم في جلساتهم على قوارع الطرقات وأماكن تجمعاتهم المختلفة، كما قام بتعزيز هذا الأسلوب بأن جعل بعضاً من أصحاب الدعوة يدخلون على السجناء الجدد في مركز الشرطة، فيجلسون معهم وراء القضبان، يستثمرون أوقاتهم في الحديث عن الدين والإيمان وبث ثقافة الإنسان الواعي وكيفية التعامل مع الحياة الاجتماعية والاقتصادية المنبثقة من تعاليم الإسلام، استمر الرائد أحمد يتابع هذا النهج الجديد، ويرصد تأثيره على مؤشر الإجرام، وفعلاً بدأ مؤشر الإجرام ينخفض شيئاً فشيئاً ثم انضوت أعداد هائلة منهم تحت جماعة الدعوة ليصبحوا دعاة، تحوّلت القرية التي شهدت في زمن غيابه ضياعا وضعفا في الإنتاج إلى قرية يسودها الأمن والسلام، وأصبح فتيانها وشبانها يعملون ويفجرون طاقاتهم وإمكانياتهم المختلفة، يبدأون عملهم ونشاطاتهم عند بداية الفجر، يتمتّعون بأوقات الصباح الجميل قبيل وبعيد صلاة الفجر، فأصبحوا مُنتجين مثمرين، وعمت القرية الأخلاق الفاضلة، وتنوّعت فيها الاستثمارات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية، استرجع الرائد أحمد أنفاسه التي حبسها منذ عام، وذهب ليبحث عن العبارة التي كتبها خلال طفولته على صفحات تراب القرية ببراءته "سلام".
      ibrahim@alroya.net





      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions