ساركُوزي .. محبُوب العرب! - Arab’s Got Sarkozy - جديد عائشَة السيفي

    • ساركُوزي .. محبُوب العرب! - Arab’s Got Sarkozy - جديد عائشَة السيفي













      إذن فقد أصبحَ فرانسوا هُولاند رئيساً لفرنسا لتعودَ الاشتراكيّة إلى قصر الاليزيه ويغادرَ اليمين المتطرف الذي حكمَ فرنسَا لما يزيدُ عن 15عاماً .. غادرَ ساركوزي الاليزيه وفي جعبَة التاريخ عنه الكثير .. ربّما إلى قعر ذاكرَة النسيان ليكونَ أول رئيسٍ فرنسي لا يفوز سوَى بفترة رئاسيّة واحدَة منذ أكثر من 30 سنة ..


      ساركُوزي الذي فرضَ نفسهُ علينا كمسلمين للمرّة الأولى .. حينَ كانَ عرّاب قرار حظر الحجابِ في فرنسا مذ كانَ وزيراً للداخليّة وفرضَ نفسهُ أكثر وأكثر حينَ أصبح رئيساً يمينياً لفرنسَا مبدياً سياسات تحيّز واضحة مع اسرَائيل ومعاداة واضحَة للإسلام ما حدا بالجالية المسلمة إلى إعلان تأييدها المطلق لمنافسه هولاند في الانتخاباتِ الأخيرة ..


      هولاند الذي صرّح أنّ من الأمور القليلَة التي يتفقُ فيها مع ساركُوزي هو قانون حظر الحجاب الذي من الوَاضح أن الجاليات المسلمة ستنتظرُ طويلاً وستجاهدُ طويلاً للحصُول على حقوقها الدينيّة "الأبسط" التي تدخلُ في نطاق الحريّة الشخصيّة التي يعتبرُ الحجابُ أحدها ..


      غادرَ نيكُولا ساركُوزي .. حاملاً الكثير الكثيرَ من الألقاب .. ومن يتابعُ مسيرتهُ السياسيّة يكتشفُ عمق الديمقرَاطيّة التي وصلتْ إليها فرنسَا .. فرغم سياساتهِ التعسفيّة ظلّ ساركُوزي –بحياتهِ الشخصيّة- مدار حديثٍ متواصل في صحافَة فرنسَا والعالم .. لعلّ أوّلها أنّ الرجل ليسَ "فرنسياً أباً ولا جداً" .. فوالدهُ "مجريّ".. وأمّه "يونانيّة" كلاهمَا حصل لاحقاً على الجنسيّة الفرنسيّة .. وحينَ انتخبهُ الفرنسيُون رئيساً لفرنسا لم يكترث أحدث بفكرة كونهِ ابنَ "مجنّسين" .. هذهِ القوانينُ التيْ لا تجدُ طريقها إلا في أروقَة السياسَة العربيّة وليتَ الشعوبَ العربيّة استنفعتْ من قوَانين الرئيس موَاطن أباً عن جدّ .. طوال العقود الماضيّة من الحكم الديكتاتوريّ لرؤساء عرب "مواطنون أباً عن جدّ" لم تمنعهم مواطنتهم "الأصليّة" من إذلال شعوبهم واستبدَادها!
      ولم تمضِ شهورٌ قليلة على تولي ساركُوزي الرئاسة حتّى خرج نبأ طلبِ زوجته سيسيليا الطلاقَ منه .. سيسيليا أوضحت لاحقاً أنّ فكرة كونها السيدَة الأولى والاضطلاع بالمهام الرسميّة كونها زوجة الرئيس أمرٌ يصيبها بالملل .. وحينَ سمعتُ تعليقها شعرتُ بالضحك وأنا أفكّر كيفَ أنّ النساء في الوطن العربيّ يتباهين ويتهافتن ليصبحن زوجاتِ المسؤولين .. فما بالك بأن تكونَ زوجة الرئيس .. ولا عجبَ في ذلك ففي أوطاننا تعتبرُ زوجة الرّئيس .. "رئيسة" ! تأمر وتنهي .. تُطَاعُ ولا تطيع .. يقدّسها النّاس فتمشي على رؤوسهم ..
      فأن تصبحَ –في وطننا العربيّ- زوجة الرئيس هو مبلغ السعَادة والجنّة الدنيوية للنساء العربيّات .. فيما في فرنسَا ، تطلّق المرأة زوجها لأنها "غير مهتمة" بأن تكونَ زوجة الرئيس ..


      تغادرُ سيسيليا .. ويغرمُ ساركُوزي بعارضة أزياء إيطاليّة .. تدخل الايليزيه وتحظرُ المناسبات الرسميّة برفقته .. بصفتها ماذا؟ بصفتها "جيرل فريند الرئيس"! .. ساركُوزي كان الرئيس الفرنسيّ الوحيد الذي يدخل "جيرل فرينده" إلى الاليزيه وهو الرئيس الفرنسيّ الوحيد الذي أثار زوبعة ً في زياراتهِ الخارجية لعلّ أبرزها زيارته للهند والسعوديّة .. إذ لم يكن ضمن بروتوكولات الدولتين استقبال الرئيس "وجيرل فرينده" .. ولذا فلم تمض فترة حتى تزوّج ساركوزي بعارضة الأزياء التي كانت هديّة زواجها من الصحافة نشر صور "عارية" لها حين كانتَ في بدايات مشوارها الفنيّ .. أن تنشر صورٌ عارية ٌ على الملأ للسيّدة الأولى كان أمراً عادياً لدى الفرنسيين وكانَ عادياً جداً أن يكون ساركوزي "أول رئيسٍ فرنسي يطلق ويتزوّج" أثناء فترتهِ الرئاسيّة .. ثم دخلَ ساركوزي التاريخَ مجدداً حينَ أصبح "أول رئيسٍ فرنسيّ" تنجبُ زوجتهُ أثناء فترتهِ الرئاسيّة ..
      الكثير من الألقاب حصدها ساركوزي .. ربّما ليست ألقاباً تثير الفخر كـ "كونهِ مثلاً أقصر رئيس فرنسيّ" .. ولكنها تضاف لسلسلة الألقاب التي تبرز حجم الديمقراطيّة التي تعيشها فرنسا .. فساركوزي أيضاً قد يكُون أيضاً الرئيس الفرنسيّ "الأكثر عبطاً" .. والأكثر تعرّضاً للضرب ..


      نعم هوَ الرئيس الفرنسيّ الذي "انضربَ" أكثر من أيّ رئيسٍ آخر .. فقد ضربهُ طالبٌ فرنسيّ في الابتدائيّة بقنينَة ماء .. ثم ضربهُ مدرّ موسيقا في مناسبةٍ أخرى .. ثم صفعهُ على وجهه بكعكةٍ .. فرنسيٌ آخر في مناسبةٍ ثالثة .. ضرباتٌ كثيرة وجهها الفرنسيُون لرئيسهم .. الفرنسيون الذينَ يضربُون رئيسهم دونَ أن "يتعفنوا في الحبوس" كما يحدث مع من يهين ولو بكلمة .. "فخامة الرئيس العربيّ الموقر" .. في بلداننا العربيّة فقط يُعامل المواطن "كمجرم" وَ"يتختخُ في السجن" لتجرّئه على فخامة الرئيس أو حتّى على أي مسؤولٍ آخر ..


      انضربَ ساركوزي كثيراً من أبناء شعبه .. لكنه لم يرفع أيّ دعوى ضدّ أي أحدٍ ضربه .. كانَ كلما ضربهُ أحدهم واصل طريقه غير آبهٍ لما حدث .. هل من نسخةٍ عربيةٍ للديمقراطيّة الفرنسيّة؟
      دولنا العربيّ التي يولدُ فيها الطفل ثمّ يصبح شاباً ثم يشيخُ والرئيس لم يتغيّر .. بينما في فرنسَا فإنّ أقصى فترة حكم يحكمها الرئيس هيَ عشر سنوَات .. في فرنسا لا تجد صورَة الرئيس "الجمهوريّ" معلقة خلف كلّ مكتبٍ حكوميّ .. لا يعبدُ الفرنسيون رئيسهم ولكنّهم يلقون عليه الكعك والبيض وقناني الماء ..


      في فرنسا لم "يعشق" الفرنسيُون ولم يعبدُوا رئيساً للحد الذي يجتمعُ فيه البرلمان حينَ وفاة الرئيس –كما حدثَ مع حافظ الأسد- ويغيّروا الدستور الذي ينصّ على ألا يقلّ عمر الرئيس أثناء حكمهِ عن أربعين عاماً .. يجتمع البرلمان السوريّ ويسقط "10سنوَات" من عمر الرئيس .. يتغيّر الدستور ليصبح شرطُ الرئاسة ألا يقل الرئيس عن 30عاماً .. لماذا يجتمعُ البرلمان؟ لينصبُوا ابنَ الرئيس .. بشّار الأسد طبيب الأسنان الذي كانَ عمرهُ آنذاك 30عاماً رئيساً لسوريا خلفاً لأبيه! يا لهذهِ النسخَة المشوّهة "للديمقرَاطيّة" العربيّة!
      الرئيس الذي تتحوّل سلالتهُ إلى "سلالة رئاسيّة" فيحكم الأبُ "الجمهوريّة" ثمّ يحكم الابن! من أين نجدُ "جمهُوريّات ملكيّة" من هذا الطراز في فرنسَا!


      الرئيس الجمهُوريّ الذي يمسكُ ابنهُ وأخوهُ "قيادَة الجيش" في اليمن .. والرئيس الجمهوريّ الذي يمسكُ "أخوهُ" قيادة الجيش في سوريّا .. والرئيس الجمهوريّ الذي يتحوّل وأبناؤه وذريّته إلى "قادة ثورَة" في ليبيا! .. نسخ الديمقرَاطيّة هذهِ "لا تُوجد في فرنسا" ..


      كانَ ساركُوزي واحداً من أسوَأ حكام فرنسَا –خاصةً لنا نحنُ العرب والمسلمين- .. نحنُ العرب الذينَ استقبلَ ساركُوزي "ديكتاتوراتنا" في حفلاتهِ ومناسباته العسكريّة .. ساركُوزي الذي وقفَ موقفاً معيباً من الثورة التونسيّة والمصريّة اللتين كانَ ساركُوزي على علاقة "سمن وعسل" مع حسني وزين العابدين .. كانَ على علاقةٍ رائعة مع ديكتاتوراتِ العرب .. لكنّه احتفظ بديمقراطيّة فرنسَا لفرنسا ..
      وحينَ واصلَ موقفهُ المعيب من ثورة ليبيا .. جاءَ "العقابُ" من أبناء بلدهِ حينَ صفعه معلّمٌ فرنسيّ بكعكة على وجهه قائلاً: هذهِ تذكار من المدنيين الذينَ يقتلونَ في ليبيا!


      الفرنسيُون يعرفُون الديمقراطيّة التي كانَ على ساركُوزي أن يتبعها في فرنسَا .. ومع ذلك لم يمنحهُ الفرنسيُون ثقتهم لفترةٍ رئاسيّة ثانية .. هل لأنهُ كانَ "أعبطَ رئيس"؟ .. أم لأنهُ كانَ أكثرهم "جلافة ً وتحيزاً" ؟ أم لأنهُ كانَ الأكثر فشلاً على صعيد خطط الإنقاذ الاقتصاديّة لفرنسا ولدول الجوار .. اليونان وإيطاليا وإسبانيا!


      ربّما كانَ كل ذلك صحيحاً .. لكنّ ذلك لم ينفِ أنهُ كانَ رئيساً "ديمقراطياً" لشعبٍ "ديمقراطيّ" .. متى يستطيعُ العربُ استصدَار نسخَةٍ عربيةٍ "ديمقراطيةٍ" من ساركوزي كما أصبحُوا يستصدرون نسخاً معرّبة من برامجهم الفنيّة ..
      “Arab’s got talent” .. “Arabs Idol” .. وغيرها ..


      هل سنجدُ نسخة ً عربيّة من ساركُوزي في دهاليز قصورنا الرئاسيّة! إن كانَ هذا سيحدث .. فسأجهّزُ كعكتي من الآن .. وأزيّنها وأخبزها .. ربّما حينَ ترتفعُ معدّلات البطالة .. وينتشرُ الفسادُ وتمنحُ صكوك "أراضي أوطاننا" لمسؤولينا الحكوميين .. ويتصرّف الوزراء وكأنهُ ليسوا وزراءَ وزارات ولكنْ "مُلاّك وزارات" .. حينها سأحملُ كعكتي وأرميها في وجهِ أقربِ مسؤولٍ وأقولُ لهُ: "هذهِ الكعكة ، لكي تتذكّر من تكُون"!





      المصدر : عائشَة السيفي


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions